للمرة الثانية بعد طرح مسودة الاتحاد الأوروبي لإنجاز محادثات إحياء الاتفاق النووي، بعثت إيران رداً إلى الأطراف الغربية، ودافع مسؤولون إيرانيون عن فحوى الرسالة، فيما تزداد مخاوف المؤيدين للاتفاق بشأن إغلاق النافذة المفتوحة منذ أبريل (نيسان) 2021، في أصعب أشواط الجهود الدبلوماسية لردع طموحات طهران النووية.
وأرسلت طهران رداً ثانياً عبر المنسق الأوروبي للمحادثات النووية، إنريكي مورا، على رد الولايات المتحدة. وقالت وسائل إعلام حكومية إيرانية إن الرد كان «خطياً». وقالت إن «النص المرسل كان بمقاربة إيجابية بهدف إنجاز المفاوضات».
وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان، الجمعة، إن وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان أطلع نظيره العماني بدر البوسعيدي على آخر مستجدات المفاوضات بما في ذلك فحوى الرد الإيراني. وكرر عبد اللهيان عباراته السابقة حول «عزم إيران الحصول على الاتفاق الجيد والمستدام والقوي». وقال إن «عملية الرد الإيراني أخذت تسريع وتسهيل استخلاص النتائج بعين الاعتبار»، وذلك أول تعليق له بعد إرسال رد إيران إلى واشنطن.
وكانت وكالة «إيسنا» الحكومية قد نقلت العبارة الأخيرة التي وردت على لسان عبد اللهيان، قبل ذلك بساعات، خلال تعليق مقتضب على رد طهران على واشنطن، موضحة أنه «أعلن صراحة أن إيران مستعدة لعقد اجتماع وزاري لإعلان الاتفاق النهائي في الأسبوع المقبل، إذا ما توفرت المطالب القليلة المطروحة من إيران».
وتعليقاً على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أعرب فيها عن أمله في التوصل إلى اتفاق في غضون الأيام المقبلة، قالت «إيسنا» إن أقوال ماكرون «تأتي استمراراً لجهود الدول الغربية في زيادة الضغط على الرأي العام ضد إيران للقبول باتفاق في مفاوضات فيينا، دون تقديم ضمانات موثوقة من جانب هذه الدول».
وكتب مستشار الفريق المفاوض النووي محمد مرندي في تغريدة على «تويتر»، أن «إيران ردت مثلما وعدت، حان اتخاذ قرار جدي من فريق بايدن في هذا المجال». وفي إشارة ضمنية إلى تعليق المتحدث باسم الخارجية الأميركية الذي وصف الرد الإيراني بـ«غير البناء»، قال مرندي إن «البناء لأميركا يعني قبول الشروط الأميركية لكن البناء لإيران يعني التوصل إلى اتفاق متوازن بضمانات» وأضاف: «إذا أميركا اتخذت القرار الصحيح يمكنها التوصل إلى نتيجة بسرعة».
لكن رسول موسوي، مساعد وزير الخارجية الإيراني، انتقد المواقف التي حذرت من ضياع فرصة عودة طهران إلى أسواق النفط، بينما تبحث الدول الأوروبية عن بديل للنفط والغاز الروسيين. وكتب موسوي على «تويتر»: «لماذا بينما لم ترد أميركا على إيران، تصدر أحكام بشأن ضياع فرصة صادرات النفط إلى أوروبا؟». وأضاف: «لماذا عندما يقول متحدث أميركي إن رئيس الجمهورية يرد فقط في إطار الأمن القومي، تتجاهل إيران أمنها القومي في ردها؟»، وذهب أبعد من ذلك، عندما قال: «لماذا نقلق على شتاء أوروبا، بينما تحرم أطفالنا من الأدوية بذريعة العقوبات؟».
وكان لافتاً أن الأوساط المؤيدة للحكومة الحالية تتحدث عن رهان طهران على شتاء أوروبا وسط أزمة الطاقة التي تواجه القارة بسبب الحرب الأوكرانية ووقف صادرات الغاز الروسية.
بدوره، وجّه علي حاجي أكبري، ممثل المرشد الإيراني بخطبة الجمعة في طهران أمس، رسالة إلى الأطراف الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي، حذر فيها من «ضياع فرصة التعاون مع إيران». وقال: «ما دامت هناك فرصة عليهم تعويض المعاناة وحقوق شعبنا التي انتهكوها». وقال: «على أوروبا ألا تسقط في حفرة الإذلال بالحبل المهترئ لأميركا والكيان الصهيوني».
أتى الرد الإيراني، غداة مباحثات جرت بين عبد اللهيان ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو. وقبل ساعات من إرسال الرد الإيراني، قال عضو لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني مهدي سعادتي لوكالة «إرنا» الرسمية، إن عبد اللهيان «أجرى مفاوضات مهمة مع المسؤولين الروس». وإلى جانب وثيقة التعاون الشامل، والقضايا الثنائية، أشار النائب إلى أن المحادثات تناولت بشكل مفصل ما يجري في المفاوضات النووية. وزاد: «روسيا والصين تتفقان في كثير من القضايا الدولية مع إيران، لهذا تعتقدان أن بقاء المفاوضات في حالة معلقة ليس في صالح الطرفين، ويجب حسم مصير المفاوضات على وجه السرعة».
وقال سعادتي في هذا الصدد، إن «الرد الأميركي والأوروبي في موضوعات التحقيق وسريان العقوبات والضمانات الموثوقة، لم يكن مقنعاً» وأضاف: «كالعادة حاولت أميركا تهيئة ظروف في إطار فشل المفاوضات وإطالتها». وقال إن سياسة بلاده «في مجال المفاوضات، لا يمكن أن تكون معلقة وتقتصر على بعض المفاوضات والصور، يجب أن تتخذ خطوات عملية في رفع العقوبات».
وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد حدّد أربعة شروط لقبول طهران بإحياء الاتفاق النووي، على رأسها إنهاء تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخاص بآثار اليورانيوم في مواقع إيرانية غير معلنة. وقال الاثنين في مؤتمر صحافي: «نحن نؤكد في الاتفاق النووي؛ أولاً على الضمانات الموثوق بها، وثانياً التحقيق الموضوعي والعملي، وثالثاً رفع جميع العقوبات بشكل ملموس ومستدام، ورابعاً إغلاق جميع المزاعم السياسية حول قضية الضمانات (تحقيق الوكالة الدولية) التي نعتبرها بلا أساس».
تراقب وكالة الطاقة الذرية المنشآت الإيرانية المعلنة التي تضم أنشطة نووية أساسية ولها سلطة الدخول المنتظم إليها بمقتضى اتفاق «الضمانات الشاملة»، الذي يحدد التزامات الدول الموقعة على «معاهدة حظر الانتشار النووي».
وقال سعادتي إن « المنظمة الذرية الإيرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية توصلتا إلى تفاهم في القضايا الخاصة بقضية اتفاق الضمانات، لكن بعد زيارة المدير العام للوكالة رافائيل غروسي إلى إسرائيل وتدخل إسرائيل، أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية قراراً ضد إيران». وقال: «استراتيجية إيران واضحة يجب حل القضية في المفاوضات»، مشيراً إلى أن الجانبين «الأميركي والأوروبي طلبا من إيران توقيع الوثيقة الحالية لحل القضايا الأخرى لاحقاً، لكن إيران أعلنت أنه يجب تحديد مصير جميع القضايا في المفاوضات كما يجب رفع جميع العقوبات.
وأضاف النائب: «نعتقد أنه يجب أن تمتد العقوبات المتعلقة بالحرس الثوري على المجموعات الاقتصادية الأخرى ويجب إغلاق هذا الملف». وأشار إلى «تفهم» روسي للموقف الإيراني، ونقل عن مسؤولين روس قولهم إن «مواقف ومقترحات إيران مقنعة وقابلة للدفاع، وأن «رفع العقوبات والتجارة الحرة حق قانوني لإيران».
طهران تدافع عن ردها الثاني على مسوّدة إنجاز مفاوضات فيينا
طهران تدافع عن ردها الثاني على مسوّدة إنجاز مفاوضات فيينا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة