صندوق النقد الدولي: السعودية تجني ثمار شفافية السياسات الاقتصادية والمالية

رئيس البعثة لدى المملكة أمين ماطي لـ «الشرق الأوسط» : دعم استراتيجيات الاستثمار سيدفع بالابتكار ويرفع الإنتاجية الوطنية

السعودية مرشحة لأعلى معدلات نمو الاقتصاد عالمياً بحسب توقعات صندوق النقد  وفي الإطار أمين ماطي رئيس بعثة الصندوق لدى المملكة (أ.ف.ب)
السعودية مرشحة لأعلى معدلات نمو الاقتصاد عالمياً بحسب توقعات صندوق النقد وفي الإطار أمين ماطي رئيس بعثة الصندوق لدى المملكة (أ.ف.ب)
TT

صندوق النقد الدولي: السعودية تجني ثمار شفافية السياسات الاقتصادية والمالية

السعودية مرشحة لأعلى معدلات نمو الاقتصاد عالمياً بحسب توقعات صندوق النقد  وفي الإطار أمين ماطي رئيس بعثة الصندوق لدى المملكة (أ.ف.ب)
السعودية مرشحة لأعلى معدلات نمو الاقتصاد عالمياً بحسب توقعات صندوق النقد وفي الإطار أمين ماطي رئيس بعثة الصندوق لدى المملكة (أ.ف.ب)

مع توقعات صندوق النقد الدولي الذي أفصح عن أن الاقتصاد السعودي يعد أحد أعلى معدلات النمو بين أكبر الاقتصادات بنسبة 7.6 في المائة، أكد أمين ماطي، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية، أن المملكة تجني ثمار شفافية السياسات الاقتصادية والمالية والإدارة الجيدة لـ«أزمة كوفيد-19» ونجاعة الإصلاحات الاقتصادية التي أدت لزيادة الوظائف ومواصلة تحسين مستويات المعيشة فضلا عن النمو المتصاعد.
وقال ماطي في حوار لـ«الشرق الأوسط» إن رؤية المملكة التي تدعمها استراتيجية الاستثمار الوطني وصندوق الاستثمار العام تعزز تحويل الاقتصاد، بما في ذلك زيادة مساهمة القطاع غير النفطي، مدفوعة بالرقمنة وسرعة نمو قطاع السياحة مع الدور المتنامي للرقمنة والحكومة والتجارة الإلكترونية، مشيرا إلى أن الرقمنة بجانب مشاريع المدن الذكية، والاتصال الفائق والذكاء الصناعي والروبوتات المتقدمة والتحليلات الذكية والأنظمة القابلة للتطوير، تعدّ أولويات تعزز الابتكار وترفع الإنتاجية.
وتوقع ماطي، أن يحقق الاقتصاد السعودي، معدل نمو 3.7 لعام 2023، بينما تواجه العالم أسباب مبطئة لنمو الاقتصاد، مع عوامل الخطر التي تكون متوازنة على نطاق واسع في المرحلة الحالية، مشيرا إلى أن التنفيذ الكامل للجهات الحكومية المعنية باستراتيجية الاستثمار الوطنية، ستعزز النمو بدرجة أعلى مما يتوقعه صندوق النقد الدولي.
وتابع «السعودية أخذت تتعافى بقوة في أعقاب الركود العميق الناجم عن الوباء، بينما تعمل سياسات الاقتصاد الكلي السليمة، والإصلاحات الهيكلية التحويلية المؤيدة للأعمال التجارية، وزيادات أسعار النفط والإنتاج، على تعزيز تعافي المملكة»، متوقعا نموا أبطأ للاقتصاد العالمي، في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي مايلي نص الحوار:

> كيف تنظرون إلى تصنيف السعودية كأسرع اقتصاد نام لعام 2022 عالميا؟
- السعودية تتمتع باقتصاد ناشئ كبير، وهي عضو بمجموعة العشرين. تعافت بشكل جيد من وباء كورونا ونتوقع أن يسجل اقتصادها أحد أعلى معدلات النمو بين أكبر الاقتصادات، بنسبة 7.6 في المائة وفقا لتقديراتنا. تشير بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول والربع الثاني لهذا العام أيضا، إلى هذا الاتجاه للنمو المرتفع لعام 2022. وسيكون هذا أعلى معدل نمو للمملكة منذ 11 عاما. هذا أمر مشجع لأنه يسمح للاقتصاد، بخلق المزيد من الوظائف ومواصلة تحسين مستويات المعيشة.
> برأيك ما الأسباب التي جعلت السعودية تحقق أكبر نمو اقتصادي في عام 2022؟
- السعودية أخذت تتعافى بقوة في أعقاب الركود العميق الناجم عن الوباء، بينما تعمل سياسات الاقتصاد الكلي السليمة، والإصلاحات الهيكلية التحويلية المؤيدة للأعمال التجارية، والزيادات الحادة في أسعار النفط والإنتاج، على تعزيز تعافي السعودية. أضف إلى ذلك، كان النمو الإجمالي قويا عند 3.2 في المائة في عام 2021، مدفوعا على وجه الخصوص بانتعاش القطاع غير النفطي، مدعوما بزيادة فرص العمل للمواطنين السعوديين، وخاصة النساء. كما أكدت الأرقام الأخيرة من الربع الثاني هذا النمو القوي مدعوما بإنتاج النفط وأسعاره، ولكن ترافق أيضا مع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
هذه هي ثمرة الإدارة الجيدة لأزمة كوفيد والإدارة الثابتة للإصلاحات الاقتصادية. نتوقع أن يظهر هذا الاتجاه في الناتج المحلي الإجمالي الذي بدأ في نهاية عام 2021 بالكامل لعام 2022، وبالتالي شرح أرقام النمو المرتفعة التي نتوقعها لعام 2022.

> ما توقعاتك للنمو الاقتصادي العالمي المستقبلية بشكل عام والمملكة بشكل خاص عام 2023؟
- من المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي العالمي أبطأ، مما كان متوقعا في السابق. أعقب الانتعاش المؤقت في عام 2021 تطورات قاتمة على نحو متزايد في عام 2022 مع انكماش الإنتاج العالمي في الربع الثاني من هذا العام بسبب عدة عوامل، بما في ذلك تباطؤ الصين الذي كان أسوأ مما كان متوقعا وسط تفشي وإغلاق كورونا، والتداعيات السلبية من الحرب في أوكرانيا، والإنفاق الاستهلاكي الأميركي دون التوقعات وتضخم أعلى من المتوقع، خاصة في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الكبرى، ما أدى إلى تشديد الأوضاع المالية العالمية.
توقعات فريق العمل بالصندوق، تتنبأ بأن يتباطأ النمو العالمي من 6.1 في المائة العام الماضي إلى 3.2 في المائة في عام 2022، أي أقل بمقدار 0.4 نقطة مئوية عن تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في أبريل (نيسان) 2022. في العام المقبل، من المتوقع أن تنعكس السياسة النقدية المضادة للتضخم، حيث ينمو الناتج العالمي بنسبة 2.9 في المائة فقط، وتتجه المخاطر بشكل كبير إلى الاتجاه الهبوطي.
سيكون لهذا بالطبع تداعيات دولية، بما في ذلك السعودية. ومن المتوقع أن يرتفع النمو في المملكة بشكل كبير إلى 7.6 في المائة في عام 2022 على الرغم من تشديد السياسة النقدية والضبط المالي، والتداعيات المحدودة حتى الآن من الحرب في أوكرانيا. بالنسبة لعام 2023، ونتوقع كذلك أن يصل النمو في المملكة إلى 3.7 في المائة، ويعزى ذلك في الغالب إلى النمو المستمر في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، على الرغم من انخفاض نمو إجمالي الناتج المحلي النفطي.
على المدى المتوسط، من المتوقع أن يتسارع النمو، حيث إن استمرار تنفيذ أجندة الإصلاح يؤتي ثماره. المخاطر على التوقعات متوازنة. على الجانب الإيجابي، يمكن أن يؤدي التنفيذ الناجح لاستراتيجية الاستثمار الوطني وإصلاحات سوق العمل، أو زيادة إنتاج النفط إلى تحسين التوقعات. على الجانب السلبي، تنبع المخاطر الرئيسية من الضغوط لإنفاق مكاسب النفط غير المتوقعة والانحراف عن أجندة الإصلاح، والضغوط التضخمية، وطفرة COVID الأخرى (المحلية أو الخارجية)، وانخفاض أسعار النفط بسبب انخفاض النشاط العالمي، إذا كان للحرب في أوكرانيا آثار دائمة، و تباطؤ مفاجئ في الصين.
> إلى أي مدى ستنعكس مشاريع المدن الذكية التي يمثلها «ذا لاين» و«نيوم» على زيادة وتيرة النمو في آفاق التحول الرقمي في القطاعين العام والخاص السعوديين؟
رؤية 2030، التي تدعم استراتيجية الاستثمار الوطني وصندوق الاستثمار العام ستقومان بتعزيز التحول الاقتصادي، بما في ذلك زيادة مساهمة القطاع غير النفطي، مدفوعة بالرقمنة وسرعة نمو قطاع السياحة.
إن الدور المتنامي للرقمنة والحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية، لديه القدرة على تعزيز الإنتاجية، بالنظر إلى الشباب والسكان المتمرسين في مجال التكنولوجيا والجهة التنظيمية الوطنية المنشأة حديثًا لقطاع الحكومة الرقمية. أضف إلى ذلك تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، حيث تسارعت الرقمنة خلال الوباء بما في ذلك من خلال الخدمات الصحية عبر الإنترنت والمحاكم الافتراضية والتعلم عن بعد والمنصة المالية عبر الإنترنت للمشتريات العامة تُعرف باسم «اعتماد».
تتميز العديد من مشاريع المدن الذكية أيضًا بالرقمنة كركيزة أساسية، بما في ذلك من خلال اتصال ( الجيل الخامس 5G) الفائق والذكاء الصناعي والروبوتات المتقدمة والتحليلات الذكية والأنظمة القابلة للتطوير - كلها أولويات يمكن أن تعزز الابتكار وترفع الإنتاجية.
يعكس قطاعا الضيافة والترفيه أيضًا التحول الملحوظ للمملكة، خلال الأعوام الـ5 الماضية مع افتتاح المطاعم والمقاهي. ما سيتطلب جذب السياحة واستدامتها مزيدا من الاستثمارات التي تخطط السلطات للقيام بها.
ستعتمد مكاسب التحول الرقمي على تنفيذ أجندة الإصلاح الهيكلي، التي ينبغي أن تستمر في التركيز على النمو الذي يقوده القطاع الخاص، والذي يدعمه صندوق الاستثمارات العامة، ويتم تنفيذه مع التركيز على الكفاءة وتحفيز الاستثمار الخاص.
فيما يتعلق بالنمو، فإنه بالنسبة لدينا فإن التوقعات بناء على المشاريع الأساسية، بأن يتحقق معدل نمو 3.7 لعام 2023، على المدى المتوسط، ستظل قوية، حيث تتوقف على عوامل الخطر التي تكون متوازنة على نطاق واسع في المرحلة الحالية. يمكن أن يؤدي التنفيذ الكامل للجهات الحكومية المعنية باستراتيجية الاستثمار الوطنية، إلى تعزيز النمو بدرجة أعلى مما هو بين يدي فريق العمل ذي الصلة بصندوق النقد الدولي.
> ما أثر ذلك في تعزيز اقتصاد المعرفة وتنويع الاقتصاد وتنافسية المنتجات السعودية غير النفطية في الأسواق العالمية؟
- التنويع الاقتصادي هو أمر أساسي للتنمية الاقتصادية، لا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد في الغالب على الهيدروكربونات. وهذا يستلزم تحركًا نحو هيكل إنتاجي وتجاري أكثر تنوعا، وبالتالي أيضا قاعدة إيرادات متنوعة.
من الظواهر ذات الصلة التحول الهيكلي، أي إعادة تخصيص عوامل الإنتاج نحو قطاعات أكثر إنتاجية. إلى جانب التنويع، يمكن أن يعزز ذلك الإنتاجية ويخلق فرص عمل ويوفر أساسا للنمو المستدام والشامل.
تميل الاقتصادات، إلى النمو من خلال ترقية سلال صادراتها للتركيز على الصناعات المتطورة، أي الصناعات التي تؤدي إلى مكاسب الإنتاجية والتداعيات وزيادة تعقيدها، مما يمثل المعرفة الإنتاجية للاقتصاد. على أساس البلدان المختلفة، هناك ارتباط ديناميكي بين تطور منتجات التصدير والنمو الاقتصادي.
في العقدين الماضيين، عززت السعودية مكانتها كلاعب عالمي في تصدير النفط والكيماويات، وهذه الأخيرة كانت نتيجة ثانوية لقطاعها النفطي القوي. كما تمكنت المملكة من التنويع في بعض المنتجات المتطورة، وقادت مقارنات دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال تطوير ميزة نسبية في السلع المتطورة مثل البتروكيماويات.
سيتوقف التنويع الناجح على استمرار تنفيذ أجندة الإصلاح الطموح، مع تقليل أوجه القصور التي تصاحب السياسات الصناعية وضمان توافر العمالة الماهرة.
> كيف تنظرون إلى التعاون بين صندوق النقد الدولي والسعودية، وما هو تقييمك للإصلاحات المالية السعودية؟
- كان التعاون بين صندوق النقد الدولي والسعودية ممتازا بل ويتحسن باستمرار على مر السنين، حيث سعت المملكة إلى الإصلاح على نطاق واسع مع تحسين شفافية سياستها الاقتصادية والمالية، من خلال المشاركة الكبيرة في قضايا السياسة الاقتصادية. السعودية شريك مهم لصندوق النقد الدولي، الذي يقدر قوة مساهمة المملكة في التعاون الدولي. على وجه الخصوص، تلعب المملكة دورا مهما في سوق النفط العالمية وهي مساهم رئيسي في المناقشات في مجموعة العشرين ودول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تقدم أيضا دعما كبيرا.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.


الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق، مدفوعاً بارتفاع الاستثمارات وتحسن الاستهلاك المحلي، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن هيئة الإحصاء اليونانية يوم الجمعة.

وجرى تعديل نمو الربع الثاني بالخفض إلى 0.4 في المائة، إلا أن الربع الثالث أظهر ديناميكية أقوى في القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية، في مؤشر على استمرار زخم النمو رغم الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأوروبي عموماً.

وأظهرت البيانات المعدلة موسمياً ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي النهائي بنسبة 0.6 في المائة، حيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 1.2 في المائة، وزاد إنفاق القطاع الحكومي بنسبة 2.3 في المائة. ويعكس هذا الاتجاه تحسناً في ثقة المستهلكين، وتوسّعاً في الطلب المحلي، وهو عامل أساسي في اقتصاد يعتمد على الاستهلاك والسياحة.

وسجّل إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مؤشر رئيسي لقياس الاستثمار في الأصول طويلة الأجل، مثل المنشآت والبنية التحتية، ارتفاعاً لافتاً بلغ 3.5 في المائة، مقارنة بالربع السابق. ويأتي هذا التحسن في إطار سعي أثينا إلى جذب مزيد من الاستثمارات المدعومة بإصلاحات هيكلية وبرامج تمويل أوروبية ضمن خطة التعافي من آثار الجائحة.

كما سجّلت الصادرات، وخدمات السياحة التي تُعد ركيزة مهمة للدخل القومي، ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة. وفي حين تراجعت الواردات إجمالاً بنسبة 1.6 في المائة، وكانت الواردات السلعية الأكثر تأثراً بتراجع بلغ 2.3 في المائة، فقد ارتفعت واردات الخدمات 1 في المائة. وساهم تراجع الواردات في تخفيف الضغط على الميزان التجاري خلال الربع الثالث.

وفي تطور لافت يعزز صورة التعافي الاقتصادي، انخفض معدل البطالة في اليونان خلال الربع الثالث إلى 8.2 في المائة، مقارنة بـ8.6 في المائة في الربع الثاني، وفق بيانات هيئة الإحصاء الصادرة يوم الخميس. وحسب الأرقام، فقد بلغت البطالة بين النساء 10.6 في المائة مقابل 6.2 في المائة للرجال. وكان ما يقرب من 59 في المائة من العاطلين عن العمل هم من العاطلين لفترات طويلة (12 شهراً فأكثر). ويمثل هذا المعدل الأدنى للبطالة منذ أكثر من عقد، في بلد كان قد سجّل معدلات بطالة تجاوزت 27 في المائة خلال الأزمة الاقتصادية التي ضربته قبل سنوات.

وتعتمد اليونان في نموها على مزيج من نشاط السياحة القوي وارتفاع الاستهلاك المحلي وتحسّن الاستثمارات المرتبطة بخطة التعافي الأوروبية، إضافة إلى إصلاحات مالية وهيكلية دعمت ثقة المستثمرين. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، وتكاليف الاقتراض الأوروبية، واستمرار حساسية الاقتصاد تجاه أي تباطؤ في قطاع السياحة... لكن بيانات الربع الثالث تعطي انطباعاً بأن اليونان تسير بثبات نحو تعزيز نموها الاقتصادي بعد سنوات من التقشف والأزمات.


سوق الإسكان البريطاني يواصل التباطؤ في نوفمبر قبل إعلان الموازنة

صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)
صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)
TT

سوق الإسكان البريطاني يواصل التباطؤ في نوفمبر قبل إعلان الموازنة

صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)
صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)

أظهرت بيانات صادرة عن «بنك هاليفاكس» للتمويل العقاري، يوم الجمعة، أن سوق الإسكان في المملكة المتحدة شهد تباطؤاً في نوفمبر (تشرين الثاني)، سواء على أساس شهري أو سنوي، في فترة ما قبل إعلان موازنة الحكومة.

وأشار «بنك هاليفاكس» إلى أن أسعار المنازل ظلت مستقرة في نوفمبر، منخفضة عن نمو نسبته 0.5 في المائة سجل في أكتوبر (تشرين الأول). وعلى أساس سنوي، تباطأ نمو أسعار المنازل إلى 0.7 في المائة مقارنةً بزيادة 1.9 في المائة في أكتوبر، وهو أضعف معدل منذ مارس (آذار) 2024. ولفت البنك إلى أن هذا التباطؤ السنوي يعكس إلى حد كبير تأثير ارتفاع الأسعار القوي خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق «رويترز».

وقالت أماندا برايدن، رئيسة قسم الرهن العقاري في «هاليفاكس»: «تباطأ النمو السنوي إلى 0.7 في المائة، وهو أضعف معدل منذ مارس 2024، على الرغم من أن هذا يعكس إلى حد كبير التأثير الأساسي لنمو الأسعار الأقوى بكثير في العام الماضي». وأضافت: «حتى مع التغييرات التي طرأت على ضريبة الدمغة في الربيع، وبعض الشكوك المحيطة بموازنة الخريف، ظلت قيم العقارات ثابتة نسبياً».

وأظهرت مؤشرات أخرى في سوق الإسكان البريطاني تباطؤاً مماثلاً، يُعزى إلى حذر مشتري المنازل قبل إعلان موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز في 26 نوفمبر.

وأظهرت بيانات من شركة الإقراض المنافسة «نايشن وايد»، يوم الثلاثاء، أن أسعار المنازل ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في نوفمبر، وأن النمو السنوي تباطأ إلى 1.8 في المائة.

وأوضحت برايدن أن القدرة على تحمل تكاليف الإسكان كانت عند أعلى مستوياتها منذ عام 2015، وتوقعت نمواً تدريجياً في أسعار العقارات خلال العام المقبل، مدعوماً بنشاط مطرد وخفض محتمل لأسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا.

ويتوقع على نطاق واسع أن يقوم بنك إنجلترا بخفض تكلفة الاقتراض بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.75 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول).