دستور تونس الجديد يدخل حيز التطبيق وسط اعتراضات

دستور تونس الجديد يدخل حيز التطبيق وسط اعتراضات
TT

دستور تونس الجديد يدخل حيز التطبيق وسط اعتراضات

دستور تونس الجديد يدخل حيز التطبيق وسط اعتراضات

أصبح دستور تونس الجديد ساري المفعول بعد الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء الشعبي مساء أول من أمس، لكن أحزاب المعارضة ما تزال تصر على رفض نتائج الاستفتاء.
وقبلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية المعلنة، والتي أقرت بقبول الدستور في الاستفتاء الذي أجري يوم 25 يوليو (تموز) الماضي بنسبة 94.6 في المائة. وأعلنت النتائج النهائية بعد أن رفضت المحكمة الإدارية الطعون، التي تقدمت بها منظمة «أنا يقظ» وحزبان آخران معارضان للرئيس قيس سعيد.
وبحسب الأحكام الانتقالية التي تضمنها الدستور الجديد، فإنه يدخل حيز التطبيق ابتداءً من تاريخ الإعلان النهائي عن نتيجة الاستفتاء من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وبعد ذلك يقوم الرئيس بختمه، ومن ثم نشره بالجريدة الرسمية في أجل لا يتجاوز أسبوعاً واحداً.
وقال رئيس الهيئة، فاروق بوعسكر، في مؤتمر صحافي حضرته وكالة الأنباء الألمانية إن الهيئة «تصرح بقبول مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية». مبرزاً أن الدستور الجديد «يدخل حيز النفاذ ابتداء من تاريخ إعلان الهيئة النتائج النهائية وختمه من رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية».
وجاءت النتائج النهائية للاستفتاء مماثلة للنتائج الأولية، التي أعلنت في 27 من يوليو (تموز) الماضي، وقد حصلت الإجابة بنعم على 94.6 في المائة من الأصوات (2.8 مليون صوت)، وشارك في الاستفتاء نحو 30.5 في المائة من إجمالي الناخبين الذين يناهز عددهم تسعة ملايين.
واعتبر بوعسكر أن «القضاء الإداري أكد سلامة العملية برمتها، ونزاهتها وشفافيتها»، مبرزاً أن قرار المحكمة «خير دليل على سلامة كل مراحل الاستفتاء... وفند كل الاتهامات للهيئة التي لها غايات سياسية». وموضحاً أن هيئة الانتخابات «تعرضت لموجة غير مسبوقة من التشكيك والاتهامات الباطلة... من طرف بعض الأحزاب السياسية، وحتى منظمات المجتمع المدني».
وسيكرس الدستور الجديد نظاماً يعطي رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، على عكس دستور عام 2014. الذي أقام نظاماً برلمانياً معدَّلاً يعطي الرئيس أدواراً محدودة. كما أن الدستور الجديد لا ينصّ على آلية لعزل رئيس الجمهورية، الذي يمارس السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة، ووزراء يشرف هو على تعيينهم. كما ينشئ غرفة برلمانية ثانية باسم «المجلس الوطني للجهات والأقاليم، يهتم خصوصاً بالمسائل الاقتصادية.
وأضاف بوعسكر أن الهيئة العليا المستقلة ستنطلق في الإعداد للاستحقاقات القادمة، وأبرزها الانتخابات البرلمانية المقررة في 17 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك «في انتظار إصدار قانون انتخابي جديد، وتقسيم جديد للدوائر الانتخابية».
في المقابل، أعلنت المعارضة عن رفضها للاستفتاء وشكّكت في نتائجه، مندّدة باحتكار الرئيس سعيّد لكامل السلطتين التنفيذية والتشريعية منذ 25 يوليو 2021. علماً بأن أغلب أطياف المعارضة قاطعت الاستفتاء، واتهمت الرئيس سعيد بالتأسيس لحكم فردي. فيما حذّر ناشطون ومنظمات حقوقية الإنسان من خطر «عودة الديكتاتورية تدريجياً» بعد إقرار الدستور الجديد. غير أن عدداً من الخبراء يرون من جهتهم أن الناخبين، الذين صوتوا بـ«نعم» على مشروع الدستور الجديد، كانوا مدفوعين قبل كل شيء بالأمل في تحسين وضعهم الاقتصادي. في وقت تمر فيه تونس بأزمة خطيرة، أبرز ملامحها انخفاض النمو الاقتصادي (أقل من 3 في المائة)، وارتفاع معدلات البطالة (ما يقرب من 40 في المائة لدى الشباب)، وزيادة الفقر (نحو أربعة ملايين شخص). ولمواجهة كل هذه المشاكل، تتفاوض تونس المثقلة بالديون منذ أسابيع مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة أربعة مليارات دولار، يفتح إمكانيات للحصول على قروض أخرى من السوق الدولية بنسب فائدة منخفضة.
في سياق ذلك، أعربت مصر اليوم أمس عن خالص تهنئتها إلى تونس حكومة وشعباً، بمناسبة ما أعلنته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بشأن قبول مشروع نص الدستور الجديد للجمهورية التونسية، وفقاً لنتيجة التصويت المعلن عنها، وهو الأمر الذي يعكس إرادة الشعب التونسي، وتطلعه إلى استمرار مسيرة التقدم والازدهار بالبلاد.
وقالت مصر في بيان صحافي أصدرته وزارة الخارجية أمس إنها «إذ تأمل تحقيق كل ما فيه خير تونس الشقيقة، تؤكد على مواصلة دعمها وتضامنها معها من أجل الاستقرار والرخاء للأشقاء التونسيين، وفي إطار ما يربط البلدين والشعبين الشقيقين من علاقات تاريخية ممتدة وروابط أخوية تجمعهما».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.