تساؤلات طبية حول بعض فوائد السمنة

«مفارقة السمنة» تكمن في خطورتها على شرايين القلب وحمايتها من تداعيات الإصابة بالجلطة

* استشارية في الباطنية
* استشارية في الباطنية
TT

تساؤلات طبية حول بعض فوائد السمنة

* استشارية في الباطنية
* استشارية في الباطنية

يُستخدم اليوم في أوساط البحث الطبي مصطلح «مفارقة السمنة» Obesity Paradox كتحدٍ حقيقي يجب على الباحثين إيجاد إجابات علمية حولها مدعومة بالبراهين، تفيد الأطباء وتفيد عموم الناس وذوي الوزن الزائد والبدينين منهم على وجه الخصوص. ذلك أن ظهور دراسات طبية خلال السنوات القليلة الماضية تفيد في نتائجها الظاهرة بأن ثمة فوائد صحية للسمنة ولزيادة الوزن يمثل بالفعل تحديا لجميع الإرشادات الطبية التي تعتبر أن السمنة أحد عوامل الخطورة للإصابة بكثير من الأمراض، والتي من أجلها هناك حميات خفض الوزن وهناك النوادي الرياضية للتخسيس، وهناك أدوية خفض الشهية ومعالجة السمنة، وهناك أخيرًا وليس آخرًا، عمليات تقليص وتحزيم المعدة التي تهدف إلى تحقيق خفض ملموس في وزن الجسم.
هذا، ولا تزال الأوساط الطبية العلمية، مثل المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية CDC، تربط فيما بين السمنة وارتفاع الإصابات بعشرة أنواع من الأمراض، وهي أمراض شرايين القلب، والنوع الثاني من السكري، وأنواع من الإصابات السرطانية، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكولسترول والدهون الثلاثية، والسكتة الدماغية، وأمراض الكبد والمرارة، وتوقف التنفس أثناء النوم، وروماتزم المفاصل، واضطرابات الإخصاب والدورة الشهرية لدى النساء.

* السمنة وزيادة الوزن

المقياس الأكثر قدرة عملية على تصنيف مقدار وزن جسم الإنسان هو «مؤشر كتلة الجسم» BMI، وهو وسيلة حسابية للتصنيف إلى وزن منخفض، ووزن طبيعي، وزيادة في الوزن، وسمنة، وإفراط في السمنة. والمعادلة المستخدمة هي قسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر، أي لو كان وزن شخص ما 95 كيلوغراما وطوله 1.6 متر، فإن مؤشر كتلة الجسم لديه هو حاصل قسمة 95 على مربع 1.6، أي 37. والطبيعي normal weight أن يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين نحو 20 إلى نحو 25. أما أقل من 20 فهو انخفاض في الوزن underweight، وما بين أعلى من 25 إلى 30 هو زيادة في الوزن overweight، وفوق 30 في المائة هو سمنة obesity.
وتصنف السمنة نفسها إلى ثلاث درجات، وفق تقسيم الفحص الإحصائي القومي الأميركي للتغذية والصحة NHANES في إصدارته منذ عام 2006، إلى درجة أولى سمنة obesity grade 1، وهي حينما يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين أعلى من 30 إلى 34 في المائة، ودرجة ثانية obesity grade 2 سمنة فيما بين 35 إلى 40، ودرجة ثالثة سمنة obesity grade 3 لما هو أعلى من 40 لمؤشر كتلة الجسم. وهذه التصنيفات مفيدة للاستخدام الطبي ولاستخدام عموم الناس في النظر إلى شأن وزن الجسم وتأثيراته الصحية المتوقعة طبيًا. وتحديدًا، أشارت نتائج تقارير المجلس القومي للإحصائيات الصحية NCHS التابع للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض إلى أن الدرجة الثالثة من السمنة هي الأشد تأثيرا سلبيًا على الصحة، وارتفاع التوقعات الطبية باحتمالات الإصابة بالأمراض المزمنة، وهي فئة تمثل نحو 5 في المائة من الناس مقارنة بنحو 34 في المائة لفئة الذين لديهم سمنة من بين جميع سكان الولايات المتحدة.

* «فوائد» السمنة

وبالتتبع البحثي، فإن واحدة من بين الدراسات الطبية الأولى التي تحدثت بلغة الإحصائيات عن فوائد السمنة كانت للدكتور بول إرنسبيرغر في عام 1987 وصدرت ضمن مجلة السمنة وتنظيم الوزن J Obes Weight Regulation تحت عنوان «تأثيرات السمنة الصحية، مراجعة مختلفة»، إلا أن البداية الفعلية للنظر إلى التأثيرات الإيجابية المحتملة للسمنة وبدء ظهور مصطلح «مفارقة السمنة»، كانت مع صدور دراسة فليغال Flegal Study في عام 2005 والتي تبين في نتائجها أن مجموعة فئة زيادة في الوزن overweight group لديهم أدنى مستويات وفيات مقارنة بمن لديهم سمنة بدرجاتها الثلاث، وأيضا مقارنة بذوي الوزن الطبيعي. ولاحظت الدراسة كذلك في نتائجها أن مجموعة فئة انخفاض الوزن underweight أو النحافة leanness وبين مجموعة السمنة من الدرجة الثالثة لديهم نسبة أعلى في معدل الوفيات.
وفي ذلك الحين كانت ثمة ملاحظات بحثية إحصائية حول ظهور هذه النتائج بهذه الصفة نتيجة لاعتبار الوزن الطبيعي هو المرجعية أو مستوى الصفر الذي يُقارن معه مستويات الوفيات في المجموعات الأخرى، وهو ما يطول شرح توضيحه. كما أن هذه الدراسة ونتائجها لم تنل العناية والاهتمام في الأوساط الصحافية بخلاف الأوساط العلمية التي رأت فيها تأكيدا لعدد من الدراسات السابقة والمرافقة والتالية، ومنها على سبيل المثال دراسة NHLBI في عام 1998 والتي راجعت نحو 240 دراسة حول السمنة وزيادة الوزن والتي لاحظت في نتائجها أن أقل الوفيات بالعموم كانت حينما يكون مؤشر كتلة الجسم فيما بين 24 و30 في المائة.
وفي عام 2007 أفادت الدكتورة كاثرين فليغال في نتائج دراسة أخرى أن السمنة ترفع معدل الوفيات من أمراض القلب والسكري والكلى، وهذا التأثير السلبي يتلاشى مع تجاوز عمر سبعين سنة، وأن انخفاض الوزن مرتبط بارتفاع معدل الوفيات بسبب أمراض غير أمراض القلب وغير السرطان، بل بأمراض الجهاز التنفسي والأمراض الميكروبية والإصابات وحوادث الانتحار وألزهايمر وأمراض الكبد. وبالنسبة للأمراض السرطانية، كانت الوفيات أعلى في السمنة بالإصابات بأنواع السرطان ذات العلاقة بالسمنة، مثل سرطان القولون والثدي والرحم والمبايض والكلى والبنكرياس، بينما السمنة لم تكن ذات علاقة قوية بالإصابات بسرطان الرئة أو الأنواع الأخرى من السرطان، ولكن بالجملة وبالنظر إلى مجموع الأمراض السرطانية وعموم الإصابات بها كانت السمنة ذات علاقة بارتفاع الوفيات نتيجة للإصابات السرطانية.
وهذه التفصيلات الطبية مهمة لفهم النتائج العلمية للدراسات الطبية ودلالاتها وترجمتها إلى لغة مفهومة من قبل عموم الناس، مثل القول إن السمنة تحمي من الإصابة بسرطان الرئة، وهي جملة صحيحة نسبيًا وضمن سياق عبارات طبية تذكر المقارنة وتفاصيلها، ومثل القول إن السمنة لا علاقة لها بالجملة في الوفيات بسبب السرطان باعتبار مدى انتشار الإصابات بأنواع السرطان التي لا علاقة لها بالسمنة والعوامل التي ترفع من احتمالات الوفاة عند تشخيص الإصابة السرطانية.

* مفارقة السمنة

الفكرة في «مفارقة السمنة» هي أن للسمنة آثارًا صحية ضارة وفي نفس الوقت لها فوائد، وبدايات استخدام هذا المصطلح ترافق مع صدور دراسة فليغال وصدور دراسة «أدهير» ADHERE التي نشرت في عام 2007 ضمن المجلة الأميركية للقلب Am Heart J، والتي تابعت معدل الوفيات لدى نحو 110 ألف شخص ممنْ تم إدخالهم إلى المستشفى نتيجة الإصابة بالفشل الحاد في عمل القلب acute heart failure. والتي لاحظ الباحثون فيها أن معدلات البقاء على قيد الحياة خلال وما بعد الدخول إلى المستشفى نتيجة الضعف المفاجئ في عمل القلب، مثل نتيجة نوبة الجلطة القلبية، هي أعلى لدى ذوي الوزن المنخفض مقارنة بالأشخاص السمينين. ومن بعد ذلك توالت الدراسات التي لاحظت في نتائجها أن للسمنة تأثير حماية ضد عدد من الأمراض والحالات الصحية، والتي ملخصها أن السمنة صحيح ترفع من معدلات الإصابة بأنواع شتى من الأمراض، ولكن عند الإصابة بها يستطيع السمينون البقاء لفترة أطول على قيد الحياة مقارنة بذوي الوزن المنخفض. ولذا يبقى السؤال التالي مطروحًا: متى هذه المفارقة لا تبقى مفارقة؟ أي متى يزول تأثير الحماية النسبي للسمنة، وهو موضوع تم طرحه لأول مرة في مقالة تحريرية لمجموعة من أطباء القلب في عام 2007 ضمن مجلة الدورة الدموية Circulation الصادرة عن رابطة القلب الأميركية (AHA) تحت عنوان «فشل القلب، مؤشر كتلة الجسم والمستقبل المتوقع».
وفي عدد مايو (أيار) 2009 لمجلة كلية طب القلب الأميركية Journal of the American College of Cardiology، نشر الباحثون من مركز أوكشنر الطبي في نيو أورلينز نتائج دراستهم حول السمنة ومعدلات البقاء على قيد الحياة والاستجابة للمعالجة الطبية لدى مرضى فشل القلب، ولاحظوا أن السمينين أقل إصابة بالسكتة الدماغية ونوبات الجلطات القلبية مقارنة بذوي الوزن الطبيعي والوزن المنخفض من بين مرضى القلب، وليس من بين عموم الناس بالجملة.
وفي حينه علق الدكتور كارل ليفي، الباحث الرئيس في الدراسة، بالقول: «وحتى الآن فإن كثيرا من أطباء القلب لم يسمعوا بهذا الأمر ولن يُصدقوا هذه النتائج. ولكن الواضح أن مجموعة البدينين هم أكثر استفادة من المعالجة مقارنة بمرضى آخرين لديهم نفس المشكلة الصحية وأوزانهم طبيعية. ولنكن واضحين لا أحد يقول إن كون الإنسان سمينا هو أمر صحي للقلب، إنه ليس كذلك».
وقريبًا منها نتائج عدد من الدراسات البريطانية التي لاحظت أن من بين مرضى السكري، يُعاني ذوو الوزن الزائد بنسبة أقل من الإصابات بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وذلك بالمتابعة لمدة عشر سنوات. وآخرها صدر عن مؤسسة القلب البريطانية هذا الشهر حول ارتفاع احتمالات البقاء على قيد الحياة بين السمينين بعد الإصابة بنوبة الجلطة القلبية وإجراء عملية القلب المفتوح لتخطي الشرايين مقارنة بذوي الوزن الطبيعي أو الوزن المنخفض.
والواقع أن السمنة لا شك أنها عامل خطورة يرفع من احتمالات الإصابة بأمراض الشرايين القلبية، ونسبة المُصابين بأمراض شرايين أعلى فيما بين السمينين مقارنة بذوي الوزن الطبيعي أو المنخفض، ولكن عند الإصابة بتلك الأمراض يُلاحظ أن السمينين يستطيعون مقاومة تأثيرات تلك الإصابات المرضية القلبية بقوة أكبر مما يمتلكها ذوو الوزن الطبيعي أو الوزن المنخفض. ولذا فإن السمنة شيء يجب الاهتمام بتعديله وصولاً بوزن الجسم إلى المعدلات الطبيعية للوقاية من الإصابة بالأمراض القلبية، وأن على ذوي الوزن الطبيعي أو الوزن المنخفض الاهتمام بمعالجة حالتهم الصحية واتباع إرشادات الأطباء لتخطي المراحل الحرجة في إصاباتهم القلبية وعدم الاعتماد على الوزن كعامل حماية مؤكدة من تبعات ومضاعفات وتداعيات أمراض القلب.



السمنة... تحديات صحية وحلول مبتكرة

السمنة... تحديات صحية وحلول مبتكرة
TT

السمنة... تحديات صحية وحلول مبتكرة

السمنة... تحديات صحية وحلول مبتكرة

تُعد السمنة من أبرز التحديات الصحية في العصر الحديث، حيث تتزايد معدلاتها بشكل ملحوظ في جميع أنحاء العالم، وتلقي بتأثيراتها السلبية على الصحة العامة.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 650 مليون شخص بالغ من السمنة، وهو ما يمثل نحو 13 في المائة من سكان العالم البالغين. تتسبب السمنة في زيادة مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل داء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع السرطان. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر السمنة على جودة الحياة بشكل عام، حيث يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في الحركة والنوم، وتزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق. من هنا، تبرز أهمية التوعية بمخاطر السمنة وضرورة اتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية للحد من انتشارها وتحسين صحة الأفراد والمجتمعات.

معرض الصحة والجمال

نظمت مجموعة مستشفيات المانع، أكبر شركة طبية ومزود خدمات رعاية صحية في المنطقة الشرقية، «معرض الصحة والجمال» الأول في مجمع المانع الطبي بفرع الراكة، حيث قدم المعرض معلومات شاملة حول الصحة وأبرز الإجراءات التجميلية الحديثة، وآخر التطورات في عالم العلاجات المتعلقة بالجمال.

عن معرض الصحة والجمال الأول، قال مانع المانع، الرئيس التنفيذي لمجموعة مستشفيات المانع: «يسرّنا استضافة أول معرض للصحة والجمال في الراكة. وإنّ تركيزنا على تقديم حلول متطورة لمرضانا ومشاركة المعرفة المبنية على الأدلة بمساعدة وإشراف خبرائنا يُعد خطوة أساسية في تعزيز خدماتنا للمجتمع، إذ يعكس تنظيم هذا المعرض التزامنا بتحقيق التميز في مجال الصحة والرفاهية، ويؤكد حرصنا على تلبية احتياجات مرضانا بما يتماشى مع (رؤية السعودية 2030)».

لقاء طبي

تحدث إلى «صحتك» الدكتور أسامة الخطيب كبير استشاريي الغدد والسكري والسمنة في مستشفى المانع بالخبر. وعرف السمنة بأنها هي زيادة في وزن الإنسان، وتقاس بمؤشر كتلة الجسم (BMI)، وهو عبارة عن تقسيم الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر. فإذا كان المؤشر 18 - 25، فهو يعني الوزن المثالي، أما إذا كان المؤشر ما بين 25 و27 فإنه يعني زيادة في الوزن، وما بعد 30 تعتبر سمنة. والسمنة أيضاً تقسم إلى ثلاثة أنواع: سمنة بسيطة يكون فيها المؤشر ما بين «30 و35»، وسمنة متوسطة (35 - 40)، وسمنة مَرَضية (يزيد فيها المؤشر على 45).

الدكتور أسامة الخطيب

وأضاف أن السمنة أو زيادة الوزن تختلف من عصر إلى عصر، فقبل 500 سنة، كانت السمنة رمزاً للجمال والصحة والثروة. أما الآن فقد تغير ذلك المفهوم بسبب التبعات والمضاعفات التي تنجم عنها، حيث أصبحت السمنة هي المصدر الرئيسي لمعظم الأمراض في العصر الحالي، مثل أمراض القلب، وأمراض السكري، وأمراض الكلى، وأمراض الضغط. حتى عند النساء اللائي يعانين من السمنة، فباتت الأمراض أكثر شيوعاً، ومنها مشاكل الحمل الناتجة عن الاعتلالات في المبايض.

السمنة في أرقام

يقول الدكتور أسامة الخطيب إن أنماط الحياة، في العصر الحالي، قد تغيرت كثيراً وابتعدنا عن تطبيق واتباع النظم الصحية كما يجب، وانتشر الاعتماد على الوجبات السريعة المشبعة بالدهون، إضافة إلى قلة الحركة والاعتماد على السيارة حتى للمسافات القصيرة.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لم تعد السمنة ظاهرة كما كانت قبل عقد وأكثر من الزمان، بل صنفت بأنها مرض حقيقي يؤدي إلى أمراض أخرى متعددة.

* السمنة والأمراض. إذ إن زيادة الوزن والسمنة هما أهم سبب لمرض السكري من النوع الثاني (90 في المائة)، ولمرض ارتفاع ضغط الدم (70 - 90 في المائة). وتزداد نسبة أمراض التنفس (أكثر من 50 في المائة) عند الأشخاص الذين يعانون من السمنة، وتتسبب السمنة في مرض السرطان بنسبة 10 - 15 في المائة.

* السمنة في العالم. ويضيف الدكتور الخطيب أن هناك دراسة حديثة نشرتها مجلة «لانسيت»، وساهمت فيها منظمة الصحة العالمية، أظهرت أن أكثر من مليار شخص في العالم كانوا يعانون من السمنة في عام 2022، وأن معدلات السمنة بين البالغين زادت في جميع أنحاء العالم أكثر من الضعف منذ عام 1990، وأربع مرات بين الأطفال والمراهقين بين سن 5 و19 سنة.

* السمنة في دول الخليج. لو قارنا نسبة السمنة بدول العالم نجد أن دول الخليج تكاد تكون من أكثر الدول في السمنة. وقد وُجد أن الكويت والبحرين هما الأعلى في نسبة زيادة الوزن والسمنة، تليهما المملكة العربية السعودية ثم الإمارات ثم عُمان.

ولو قارنا السمنة على مستوى دول الخليج، نجد أن نسبة زيادة الوزن والسمنة في السعودية قد وصلت إلى 52 في المائة. منها 27 في المائة عبارة عن زيادة الوزن، وأكثر من 25 في المائة هي السمنة المفرطة.

كما أشار الدكتور الخطيب إلى دراسة حديثة أخرى أظهرت أن في السعودية هناك 18 في المائة من الأطفال ما دون السنوات الخمس يعانون من زيادة الوزن والسمنة. وهذه النسبة العالية هي بسبب الاعتقاد الخاطئ لدى الآباء والأمهات بأن السمنة عند الأطفال هي ظاهرة صحية.

الوقاية من السمنة

حقيقة علمية، مفادها بأن السمنة هي حالة طبية خطيرة يمكن أن تؤدي إلى العديد من المشاكل الصحية، والوقاية منها تتطلب اتباع نمط حياة صحي يشمل النظام الغذائي المتوازن والنشاط البدني المنتظم. وهذه أهم خطوات الوقاية:

* أولاً: اتباع نظام غذائي صحي، يتضمن:

- تقليل السعرات الحرارية، بالتأكد من أنها تتناسب مع مستوى النشاط البدني. وتوصي منظمة الصحة العالمية بالنظام الغذائي المعتمد 30 - 40 في المائة على الخضراوات والفاكهة، و10 - 15 في المائة نشويات، و20 في المائة بروتينات.

- تناول الأطعمة الغنية بالألياف، فهي تساعد في الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل من كمية الطعام المتناولة.

* تجنب الدهون غير الصحية. وأهمها المتحولة والمشبعة، واستبدالها بزيت الزيتون، والأفوكادو، والمكسرات.

* ثانياً: ممارسة النشاط البدني، يتضمن:

- التمارين الرياضية المنتظمة: مثل المشي، والجري، والسباحة لحرق السعرات الحرارية. وعمل ممشى صحي في الأحياء السكنية.

- زيادة النشاط اليومي: من خلال القيام بالأعمال المنزلية.

* ثالثاً: النوم الجيد: النوم الكافي ذو الجودة العالية يساعد في تنظيم الهرمونات التي تتحكم في الشهية والوزن. قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن.

آخر المستجدات في علاج السمنة

يقول الدكتور أسامة الخطيب إن الأبحاث الطبية شهدت في السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في مجال علاج السمنة، من أهمها:

* أولاً: العلاجات الدوائية. تم تطوير أدوية جديدة تساعد في تقليل الشهية وزيادة حرق السعرات الحرارية والوقاية من مضاعفات السكري والسمنة على القلب والكلى. ومن أحدثها ما يعمل عن طريق محاكاة هرمون (GLP - 1) الذي يخفض نسبة السكر في الدم ويبطئ عملية الهضم فيشعر الشخص بالشبع فترة أطول.

لقد مرت هذه العقاقير بثلاثة أجيال، الجيل الأول اسمه «ساكسندا Saxenda»، والثاني «أوزمبك Ozempic»، والثالث «مُنجارو Mounjaro» وهذا الأخير يعتمد على نوعين من الهرمونات (GIP and GLP - 1). وجميعها أثبتت فعاليتها في إنقاص الوزن إلى نحو 20 في المائة خلال سنة، ولكن جميع هذه العقاقير لا يتم صرفها إلا بعد استشارة الطبيب للتأكد من سلامتها وأنها موصوفة للشخص المناسب طبياً، كما يتم التأكد من صحة الغدة الدرقية، وعدم وجود أي سرطان أو مرض آخر.

* ثانياً: التدخلات الجراحية التنظيرية. شهد العقد الماضي تطوراً في الجراحات التنظيرية التي تستخدم أنبوباً مرناً مزوداً بكاميرا، مما يجعلها أقل تدخلاً وأكثر أماناً للمرضى، ومنها عمليات قص المعدة أو تحويل مسار المعدة.

وبالمقارنة مع الإبر الحديثة، نجد أن العمليات تؤدي إلى تنقيص الوزن بنحو 20 إلى 30 في المائة كبداية، بينما العقاقير الحديثة ربما تصل في تنزيل الوزن لأكثر من 22 في المائة، وفقاً لإحدى الدراسات الحديثة. والأمر الجيد في هذه الإبر أن ليس لها مضاعفات مقارنة بالعمليات التي تحمل مضاعفات كثيرة وما يتسبب عنها من هشاشة العظم ونقص الفيتامينات وغيرهما، في حين أن الإبر بالعكس تقي من أمراض القلب والكلى وتحمي كثافة العظم.

معدلات السمنة بين البالغين زادت في العالم أكثر من الضعف منذ عام 1990 وأربع مرات بين الأطفال والمراهقين

* ثالثاً: وسائل أخرى تحت الدراسة:

- التدخل الجيني: أظهرت دراسة حديثة (Davidson، Weizmann 2020) أن إزالة جين معين من الأنسجة الدهنية باستخدام تقنية كريسبر (CRISPR) يمكن أن يزيد من حرق السعرات الحرارية دون الحاجة إلى اتباع نظام غذائي صارم.

- العلاجات الحيوية الاصطناعية: كشفت دراسة جديدة عن علاجات حيوية واعدة يمكن أن تساعد في علاج الأمراض المرتبطة بالسمنة مثل السرطان وحساسية الأنسولين (مؤسسة مايوكلينيك).

يختتم الدكتور أسامة الخطيب حديثه بالتأكيد على أن الوقاية من السمنة تظل هي الخطوة الأولى والأهم، وهي متاحة للجميع من خلال اتباع نمط حياة صحي، وأن التطورات الحديثة في العلاج تقدم أملاً جديداً للمرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة. والمهم في موضوع إنقاص الوزن هو أن نغير من أنماط حياتنا، وأن نتبع أنماطاً صحية تقينا من السمنة، وأن نبدأ في تطبيقها مع جميع أفراد العائلة وخصوصاً الأطفال الصغار. علينا ملاحظة الصغار وإبعادهم عن تناول الأكل المحتوي على كثير من النشويات كالبطاطا والخبز والرز، وأن نستبدلها بالأكل الصحي الغني بالبروتينات والخضراوات والفواكه، وأن نشجعهم على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام ولمدة 1/2 ساعة أو ساعة يومياً، وخاصة بعد توفر المماشي الصحية في معظم المدن، وأن نعودهم على عدم الاعتماد على السيارة في المشاوير القصيرة.

وبعدما يتم تحقيق خفض كبير في الوزن للأشخاص الذين يعانون من السمنة وينتقلون إلى وزن أكثر صحة، تبدأ شكواهم من الجلد الزائد المترهل والأنسجة الرخوة الضعيفة، وتبدأ معاناتهم من عدم الراحة الجسدية والنفسية والتحديات العاطفية. تتطلب هذه الحالة نحت الجسم وإجراء جراحة ترميمية. تعتبر هذه الإجراءات ضرورية لأنها تساعد على إزالة الجلد الزائد والدهون، وشد الأنسجة، وفي النهاية تحسين وظيفة الجسم ومظهره. هذا ما قد نتناوله لاحقاً مع أحد المتخصصين في جراحة التجميل ونحت القوام.

*استشاري طب المجتمع.