صور من حياة زويل تجدد أحزان المجتمع العلمي بذكرى وفاته

أصدقاؤه وتلاميذه يروون لـ«الشرق الأوسط» تفاصيلها

زويل وبجواره الباحث محمد حسن
زويل وبجواره الباحث محمد حسن
TT

صور من حياة زويل تجدد أحزان المجتمع العلمي بذكرى وفاته

زويل وبجواره الباحث محمد حسن
زويل وبجواره الباحث محمد حسن

ست سنوات مرت على وفاة العالم المصري أحمد زويل، الحائز على جائزة نوبل، في الكيمياء لسنة 1999. وما يزال كل من تعامل معه من الباحثين يتذكره في يوم رحيله بقصص وحكايات لا تنتهي، ولكن المقربين منه زادوا هذه المرة بنشر صور من حياته عبر حساباتهم على مواقع التواصل، جددت أحزان المجتمع العلمي.
وتوفي العالم الراحل في الثاني من أغسطس (آب) عام 2016، عن عمر يناهز الـ70 عاماً، وذلك بعد رحلة عمل وكفاح شاقة بدأت فصولها الأولى في 26 فبراير (شباط) من عام 1946 بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة (دلتا مصر)، وانتهت في معهد كاليفورنيا للتقنية «كالتك».
وما بين تاريخ الميلاد والوفاة، يوجد سجل حافل بصور العالم الراحل، وهو يحصد الجوائز والتكريمات، وابتسامته الشهيرة المفعمة بالحيوية والأمل والإصرار، ولكن الصور التي تذكرها بها أصدقاؤه وتلاميذه في ذكرى وفاته، بدت عينه في إحداها كعين «الأسد العجوز»، الذي يودع الحياة، بينما كانت الصورة الثانية أكثر قسوة رغم بساطتها، حيث كانت لمكتبه، وقد ظهرت به «شماعة» عليها «الجاكيت» الخاص به، ولكن بعد أن وَارَى الثَّرَى جثمان صاحب الجاكيت.

وظهر زويل بصحبة تلميذه الدكتور محمد ثروت حسن، الذي يعمل حالياً أستاذاً للفيزياء والعلوم البصرية في جامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأميركية، وكانت خلال احتفال معهد كالتك بعيد ميلاد زويل السبعين.
ويقول حسن في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «أخبرنا الدكتور زويل في اجتماع عقده مع فريقه البحثي بعد الاحتفال الذي أقيم يوم 26 فبراير من عام 2016، أن مرض السرطان الذي كان قد أصابه في 2012. وشفي منه في عام 2014. عاوده من جديد، وأنه سيدخل إلى المستشفى مجدداً، حيث سيخضع للعلاج باستخدام الخلايا الجذعية».
ويضيف: «كما يظهر في الصورة كان الدكتور زويل مجهداً جداً، واختفت لمعة عينه المميزة، وأصبحت نظرته مثل أسد عجوز يشعر بدنو أجله».
ويتذكر حسن حواراً قصيراً دار بينه وبين زويل في هذا اليوم، حيث أخبره، أنه لا يخشى الموت، لكنه يتمنى أن يمد الله في أجله حتى يكمل حلم إنشاء مدينة زويل.
ويستطرد حسن: «بعد تلقيه العلاج مجدداً، بدأ يسترد بعضاً من عافيته، ويمارس عمله، وأجرينا بحثاً مشتركاً، وكان سأسافر إلى مصر في إجازة أواخر شهر يوليو (تموز) 2016، واتفقنا على أن نتقابل في مدينة زويل يوم 2 أغسطس (آب)، حيث كان من المقرر أن يزور الدكتور زويل مصر في هذه الفترة، ولكن لم يكتب لنا اللقاء مجدداً».
ونشر البحث الذي شارك فيه حسن مع الدكتور زويل عام 2017 بدورية «ساينس»، وذلك بعد وفاة زويل بشهور، وكان يدور حول «التطبيقات البيولوجية للميكروسكوب رباعي الأبعاد، الذي يعتمد على زمن «الفيمتوثانية» الذي طوّره الدكتور زويل.

فيما يعلق الباحث بمعهد كالتك أحمد سليمان، الذي التقط صورة «جاكيت زويل» بعد رحيله، قائلاً عبر حسابه على «فيسبوك»: «في هذا اليوم مررت من أمام مكتب الدكتور زويل ولم أجده، ولم أسمع صوت أم كلثوم يخرج من غرفه مكتبه، طيب الله ذكراه بيننا وبين أهل العلم وتقبله الله من الصالحين».
تعليق سليمان الذي يكشف عن اعتزاز د. زويل بمصريته، هو ما يؤكد عليه أيضاً.
بدوره، يقول الدكتور صلاح عبية، الذي كان أحد المقربين من العالم المصري الراحل، ومن الذين شاركوه حلم إنشاء مدينة زويل، وهو أول رئيس للمدينة، والمدير الحالي لمركز الفوتونات والمواد الذكية بها، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كان الدكتور زويل من أشد المحبين والمخلصين لبلده مصر، وكان يحب كل ما يمت لهذا البلد بصلة، حتى إنه ورغم إجادته للإنجليزية وحديثه بها، كما المواطن المولود في أميركا، فإنه عندما يتحدث العربية لم يتخل عن لهجة أبناء البحيرة، حتى أنه سألني ذات مرة في أحد الاجتماعات الخاصة بالعمل بيننا: هل يوجد شخص آخر يسمعنا الآن؟، فقلت له لا، فرد ضاحكاً: جيد، لأن أي شخص سيسمعنا، سيقول فلاح من البحيرة (يقصد مسقط رأسه) يتحدث مع فلاح من المنصورة (يقصد مسقط رأس الدكتور عبية)».
ورغم ما يبدو على الدكتور زويل من الجدية والاعتزاز الشديد بالنفس، والذي قد يفهمه البعض خطئاً، فإنه كان بسيطاً للغاية مع البسطاء، ويذكر عبية، أنه كان يتناول العشاء مع الدكتور زويل في أحد المطاعم، فشعر برغبة أحد العاملين بالمطعم في التقاط صورة معه، وتردده في طلب ذلك، فاستدعاه الدكتور زويل، قائلاً له: «هل تريد التقاط صورة معي؟» فرد الرجل: هل هذا ممكناً؟... فترك زويل طعامه، ليلتقط صورة مع الرجل.
وكما يفسر الأحياء دوماً مواقف من فارقوا الحياة بأنها كانت تعكس شعوراً من جانبهم بدنو الأجل، يتذكر عبية اتصالاً هاتفياً تلقاه من دكتور زويل في توقيت غريب غير معتاد، وكان الدكتور عبية وقتها في زيارة لوالدته في المنصورة (دلتا مصر)، فلم يتحدث معه خلال المكالمة إلا في أمرين... أخذ يوصيه خيراً بالاهتمام بوالدته، ثم أوصاه خيراً بمدينة زويل قائلاً له، (إنها أمانة في عنقك)».
ويقول عبية: «لم أفهم مغزى اتصال الدكتور زويل، ولكن بعد وفاته أدركت، أنه ربما تكون الوصايا التي يقولها من يشعر بدنو الأجل».
وكما كان اتصاله بالدكتور عبية غريباً، كان البريد الإلكتروني الذي تلقاه الدكتور إبراهيم الشربيني، رئيس ومؤسس برنامج علوم النانو بمدينة زويل، غريباً أيضاً، وكان ذلك في شهر يونيو (حزيران) قبل وفاة الدكتور زويل بشهرين.

وفي البريد الإلكتروني الذي نشر الشربيني صورته، يبدي الدكتور زويل سعادته بحجم ومستوى النشر العلمي للدكتور الشربيني، مؤكداً أنه سعيد بذلك، لكنه لم يفاجأ، وأوصاه خيراً بالاستمرار على هذا المستوى من النجاح.
ويقول الشربيني لـ«الشرق الأوسط»: «ربما كان الدكتور زويل يرسل لي بوصيته الأخيرة قبل الوفاة، لأنني لم ألتقه، ولم أتحدث معه منذ تلقيت هذا البريد الإلكتروني».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 
TT

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم (الاثنين)، بحسب ما أعلنه مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والفيزياء الأرضية بالجزائر.

وأوضح المركز أن الزلزال «وقع اليوم الاثنين الساعة 09:01 بالتوقيت المحلي (0090 بتوقيت غرينتش) »، مشيراً إلى أن مركز الزلزال كان على بعد ثلاثة كيلومترات شمال الزبوجة بولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية على ساحل البحر المتوسط.

وأعلنت هيئة الدفاع المدني الجزائرية أنه لم ترد على الفور أي تقارير بشأن حدوث أي خسائر مادية أو بشرية في مختلف بلديات الولاية.