مصر: تحركات حكومية لمواجهة الغلاء

رغم الإعلان عن زيادة أسعار تذاكر القطارات والمترو

أحد قطارات مترو الأنفاق (وزارة النقل المصرية)
أحد قطارات مترو الأنفاق (وزارة النقل المصرية)
TT

مصر: تحركات حكومية لمواجهة الغلاء

أحد قطارات مترو الأنفاق (وزارة النقل المصرية)
أحد قطارات مترو الأنفاق (وزارة النقل المصرية)

فيما تواصل الحكومة المصرية جهودها للحد من تأثيرات موجة الغلاء على المواطنين، عبر سلسلة من الإجراءات تتضمن توفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة، فإن تداعيات الأزمة الروسية - الأوكرانية، وارتفاع أسعار الوقود عالمياً تدفعها إلى زيادة أسعار الوقود والتنقل، فقد أعلن وزير النقل والمواصلات المصري، الفريق كامل الوزير، مساء الأحد، عزم الوزارة على رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق والقطارات، بداية من مطلع أغسطس (آب) المقبل.، وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع برنامج «الحكاية» الذي يقدمه عمرو أديب على فضائية «إم بي سي»، إن «هذه الزيادة حتمية وربما جاءت خارجة عن رغبة الدولة، غير أنها لم تعد قادرة على تحمل الفارق بين تكلفة الخدمة والقيمة التي تتوفر بها للمواطن»، وأوضح أن «ثمة عجزاً كبيراً بين النفقات والإيرادات في السكة الحديد، فضلاً عن ديون تلاحق وزارة النقل المصرية وصلت إلى 83 مليار جنيه مصري».
يعد مترو الأنفاق وسيلة مواصلات شريانية في مصر، يمتد في ستة خطوط أو مسارات تربط أحياء القاهرة والجيزة، يرتاده آلاف المواطنين يومياً، ويتم تحديد التكلفة حسب عدد المحطات وتنقسم إلى ثلاث شرائح تبدأ بـ3 جنيهات مصرية (الدولار بـ18.93 جنيه)، والأعلى فئة الـ10 جنيهات. ومن جانبه، أوضح وزير النقل المصري أن «الزيادة الجديدة ما زالت محل بحث لكن من المتوقع ألا تزيد على جنيه واحد أو اثنين، حتى لا ترهق المواطن».
ارتفاع أسعار تذاكر مترو الأنفاق جاء ضمن حزمة قرارات اتخذتها الحكومة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع التضخم من تبعات الأزمة الأوكرانية - الروسية، ففي منتصف يوليو (تموز) الجاري، ارتفع سعر البنزين والسولار، كذلك، تشهد السلع زيادة في الأسعار لم تتوقف منذ بداية الأزمة.
بالتوازي، تسعى الحكومة المصرية إلى حماية المواطن محدود الدخل، من خلال قرارات موازية، بدأت برفع الحد الأدنى للأجور في أبريل (نيسان) 2021، ليصل إلى 2700 جنيه، فضلاً عن توفير السلع في معارض ومنافذ من شأنها ضبط السوق.
يقول عبد المنعم خليل، رئيس قطاع التجارة الداخلية في وزارة التموين المصرية، إن «مصر لم ترفع الأسعار، وما يعيشه المواطن من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية»، ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «تأثير الأزمة على المواطن المصري محدود، مقارنة بدول العالم، وذلك، لأن الحكومة تعهدت بتوفير السلع، كذلك، يأتي ملف الأمن الغذائي على رأس أولويات الدولة من خلال توفير مخزون وافٍ من السلع الاستراتيجية».
ويضيف خليل أن «ثمة إجراءات لضمان حماية المواطن ومن خلال توفير السلع بأسعار مناسبة عبر معارض ومنافذ تطلقها الدولة لضبط الأسواق، مثلاً شاهدنا ارتفاعاً في أسعار البيض، وعلى الفور تحركت وزارة الزراعة، ووفرت البيض في منافذ تابعة للوزارة بمختلف محافظات مصر، وبأسعار في متناول المواطن، لا تتعدى 62 جنيهاً مصرياً مقابل تخطي طبق البيض الـ70 جنيهاً في أسواق التجزئة».
وعن مسارات الحكومة المصرية لمواجهة الغلاء، يقول خليل إنه «رغم أن الأزمة الأوكرانية عصفت بحركة استيراد القمح، فإن مصر تمكنت من توفير مخزون يمتد إلى فبراير (شباط) من العام المقبل، كذلك انخفض سعر الأرز 4 جنيهات، هذه الإجراءات تشير إلى انخفاض متوقع لأسعار المنتجات خلال النصف الثاني من العام الجاري، وتعزز أهمية المنتج المحلي».
في الإطار عينه، كشف الدكتور إبراهيم عشماوي، مساعد وزير التموين ورئيس جهاز التجارة الداخلية، أن «الدولة المصرية تحملت 80 في المائة من زيادة أسعار السلع، وقال خلال حوار أجراه مع برنامج «مساء دي إم سي»، الأحد، إن «هناك دولاً عظمى وغنية اقتصادياً حمّلت المواطن كامل تبعات الأزمة الاقتصادية».
من جانبه، يرى الكاتب الصحافي محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» أن «الدولة حاولت ضبط السوق منذ بداية موجة الغلاء، من خلال شبكة المعارض ومنافذ البيع»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة ذهبت إلى استراتيجية تسمى (التاجر المرجح)، الذي يمكن أن يضبط السوق حال تخفيض أسعار البيع، كذلك، تتضافر جهودها مع المجتمع المدني لحماية المواطن من وطأة الضغوط الاقتصادية، غير أن الدولة تتسبب بشكل أو بآخر في موجة الغلاء من خلال رفع أسعار الوقود، استجابة لضغوط صندوق النقد الدولي، ما يثير القلق بشأن البعد الاجتماعي للإصلاحات الاقتصادية القاسية التي يدفع ثمنها المواطن المحدود الدخل»، معرباً عن أمله في أن «تتخذ الدولة مزيداً من الجهود نحو مواجهة الغلاء، بالاعتماد على الإنتاج».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
TT

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)
أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف حكومته مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار، في أعقاب جولة مباحثات أجراها في العاصمة أسمرة مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، الذي وصل إلى بلاده في زيارة رسمية.

وتأتي زيارة البرهان إلى إريتريا، بعد وقت قصير من إعلان أفورقي دعمه المباشر للجيش السوداني في حربه ضد قوات «الدعم السريع»، وعدّ أفورقي الحرب الدائرة بأنها حرب إقليمية تهدد أمن بلاده، وهدد بالتدخل بجيشه وإمكانياته لنصرة الجيش السوداني، حال اقتراب الحرب من ولايات «البحر الأحمر، وكسلا، والقضارف، والنيل الأزرق»، كونها امتداداً للأمن القومي لبلاده.

وأجرى البرهان جولة مباحثات مع أفورقي، تناولت علاقات البلدين، وتطور الأوضاع في السودان، وجهود إحلال الأمن والاستقرار، واستمع خلالها المضيف لتنوير من البرهان بشأن مستجدات الأوضاع في السودان، والانتهاكات التي «ارتكبتها الميليشيا الإرهابية المتمردة ضد المواطنين، والتدمير الممنهج للدولة السودانية ومؤسساتها»، وعزمه على «القضاء على الميليشيا ودحرها وهزيمتها»، وذلك وفقاً لنص إعلام مجلس السيادة.

أفورقي لدى استقباله البرهان في مطار أسمرة الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

ونقل إعلام السيادة عن الرئيس أفورقي، أن بلاده تقف بثبات ورسوخ إلى جانب السودان من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يعد امتداداً للعلاقات الأزلية بين شعبي البلدين: «سنعمل على تعزيز آفاق التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين والشعبين».

إريتريا لن تقف على الحياد

وكان الرئيس آسياس أفورقي قد هدد قبل أيام، بأن بلاده ستتدخل لصالح الجيش السوداني إذا اقتربت الحرب من أربع ولايات حدودية، هي: القضارف وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق، وأضاف في تصريحات نقلتها صحيفة «التيار» السودانية: «إذا وصلت الحرب إلى هذه الولايات، فإن إريتريا لن تقف مكتوفة الأيدي، وستصبح طرفاً في الحرب بكل ما تملك من جيوش وإمكانيات، لأن أمنها القومي سيصبح في المحك».

ووفق عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية، الذي زار أسمرة، ضمن وفد صحافي سوداني، الشهر الماضي، فإن الرئيس الإريتري أبلغهم بأن بلاده «تنظر إلى الحرب الدائرة بوصفها حرباً إقليمية تستهدف السودان»، داعياً للتعامل معها بالجدية الكافية، وقال أيضاً: «ما كان يجب السماح بقيامها (الحرب) ابتداءً، سواء كان ذلك سلماً أو حرباً، وعدم السماح باستمرارها لأكثر من عام ونصف العام، وكان يجب توجيه ضربة استباقية لـ(الدعم السريع)».

وأوضح ميرغني على «فيسبوك»، أن أفورقي أبلغهم بأهمية بلوغ الدولة السودانية ما سماه «بر الأمان»، عادّاً ذلك «أولوية الأولويات»، وقال أفورقي أيضاً: «الدولة السودانية تواجه تحدي البقاء أو الفناء، وإنقاذها من هذا المصير يتطلب اتحاد كلمة الشعب السوداني مع الجيش».

دعوة بوتين لزيارة بورتسودان

من جهة أخرى، سير مئات السودانيين في العاصمة الإدارية «بورتسودان» موكباً إلى السفارة الروسية، تأييداً وشكراً على «الفيتو» الروسي في مجلس الأمن، وإسقاط مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا وسيراليون، لوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، وحملوا لافتات كتب عليها: «شكراً روسيا، روسيا تدعم السلام والاستقرار في السودان».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان لدى لقائهما في منتجع سوتشي على البحر الأسود أكتوبر 2019 (أ.ب)

وقال السفير الروسي في بورتسودان، أندريه تشيرنوفول، لدى استقباله المسيرة، إن حكومته صديقة وستظل صديقة للشعب السوداني، وأضاف: «الكل يعرف الوضع الداخلي في السودان، وأن الشعب يقف مع الجيش ومع الحكومة الشرعية، وهذا واقع معروف في كل العالم».

وأوضح أن استخدام بلاده لحق النقض «فيتو» يأتي احتراماً لخيار الشعب السوداني، وأضاف: «نحترم خيار الشعب السوداني، ومن أجل ذلك رفعنا صوتنا في مجلس الأمن ضد الوجود الأجنبي على أراضي السودان». ووجهت «المبادرة السودانية الشعبية»، وهي الجهة التي نظمت الموكب الدعوة للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، لزيارة السودان لتكريمه من قبل الشعب، وكرّمت سفير بلاده في بورتسودان.