الهدنة اليمنية مهددة بخروقات الحوثيين وتعثّر فتح الطرقات

الميليشيات استغلت التهدئة لتجنيد مئات الأطفال

أطفال من اليمن خلال حضورهم دورات تدريبية عسكرية لجماعة الحوثي ( إ ب أ)
أطفال من اليمن خلال حضورهم دورات تدريبية عسكرية لجماعة الحوثي ( إ ب أ)
TT

الهدنة اليمنية مهددة بخروقات الحوثيين وتعثّر فتح الطرقات

أطفال من اليمن خلال حضورهم دورات تدريبية عسكرية لجماعة الحوثي ( إ ب أ)
أطفال من اليمن خلال حضورهم دورات تدريبية عسكرية لجماعة الحوثي ( إ ب أ)

بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على تمديد الهدنة الإنسانية في اليمن بين الحكومة والميليشيات الحوثية لمدة شهرين إضافيين، تتعاظم المخاوف من انهيارها بسبب استمرار تعثر فك الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات بين المحافظات، إلى جانب التصعيد الميداني للميليشيات المصحوب بتكثيف الاستعداد القتالي وحملات تجنيد الأطفال.
ففي الوقت الذي وافق فيه مجلس القيادة الرئاسي اليمني على تمديد الهدنة لشهرين إضافيين، استناداً إلى الضغوط الأممية والدولية ولاعتبارات إنسانية، كان الشرط الأهم لهذه الموافقة إلزام الحوثيين بفك الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات في مناطق التماس وهي الخطوة التي لا تزال متعثرة بسبب تعنت الحوثيين.
ومع شيوع الاعتقاد في الشارع اليمني بأن الميليشيات الحوثية هي المستفيد الأول من الهدنة الإنسانية لجهة تمكنها من تهريب عناصرها عبر مطار صنعاء وتحصيل موارد ميناء الحديدة من عائدات شحنات الوقود، يرى العديد من المراقبين أن أهم المكاسب التي حصلت عليها جراء التهدئة هو إعادة ترتيب صفوفها واستعدادها للقتال مع تجنيد المئات من الأطفال وزرع المزيد من الألغام على خطوط التماس.
وفي ظل اعتراف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ ومعه المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ بهشاشة الهدنة القائمة، يتوقع المراقبون للحال اليمنية أن تشهد الأيام المقبلة ضغوطاً شعبية أكبر على مجلس القيادة الرئاسي بسبب بقاء حصار تعز بالدرجة الأساس وعدم تسخير موارد الحديدة لصرف رواتب الموظفين الحكوميين الخاضعين لمناطق سيطرة الميليشيات.
وكان المبعوث الأممي أعلن، في أحدث تصريحاته، أنه في انتظار موافقة الحوثيين على مقترح حمله إليهم إلى صنعاء هذا الشهر بخصوص فتح المعابر في تعز وغيرها من المحافظات، غير أن قادة الميليشيات أطلقوا بدورهم تصريحات أكدوا فيها أنهم متمسكون بفتح طرق فرعية فقط، وأنهم «سيفتحون المقابر وليس المعابر»، إذا أصر الجانب الحكومي على فتح الطرق الرئيسية.
الاستياء في الشارع اليمني من الجمود الحاصل في فك الحصار عن تعز، رافقه كذلك شعور طاغٍ بأن الميليشيات الحوثية تستعد لجولة جديدة من القتال بعد أن تستكمل ترتيب صفوفها وتعيد تعزيز خطوطها الأمامية بالمقاتلين والآليات الثقيلة، إضافة إلى حشد جموع جديدة من الأطفال للزج بهم في الجبهات.
وتعليقاً على مسألة استمرار التجنيد الحوثي للأطفال، وصف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، المشاهد المتداولة التي وثقت هذه الأعمال بالصادمة، حيث تقوم الجماعة باستقطاب وتدريب قاصرين دون سن العاشرة، فضلاً عن المراهقين دون سن الثامنة عشرة. وقال الوزير اليمني إن الميليشيات الحوثية تواصل تجنيد الأطفال تحت غطاء ما تسميها «المراكز الصيفية» تحضيراً للزج بهم في مختلف جبهات القتال في ظل الهدنة الأممية، ورداً على مساعي التهدئة وإنهاء الحرب وإحلال السلام.
وأوضح الوزير الإرياني أن الميليشيات عملت على تجنيد الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها والدفع بهم لخطوط النار «في ظل صمت دولي مستغرب وغير مبرر، وتقاعس من منظمات وهيئات حقوق الإنسان وحماية الطفل عن القيام بدورها في التنديد بهذه الجريمة النكراء، ووقف عمليات القتل الجماعي لأطفال اليمن».
وطالب الإرياني في تصريحات رسمية، المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي بـ«مواقف واضحة من تصعيد ميليشيا الحوثي الإرهابية لعمليات تجنيد الأطفال، وممارسة ضغوط حقيقية لوقفها فورا، وملاحقة المسؤولين عنها من قيادات وعناصر الميليشيا وتقديمهم للمحاكمة باعتبارهم مجرمي حرب»، وفق تعبيره.
على صعيد آخر، تواصل الميليشيات الحوثية خرق الهدنة عسكرياً، وفق تقارير الجيش اليمني، بالتزامن مع إحصائيات قدرت مقتل أكثر من 100 شخص في عمليات هجومية حوثية في مختلف الجبهات منذ بدء الهدنة، إضافة إلى جرح عشرات آخرين.
وفي أحدث هذه التقارير، قال الجيش اليمني إن الميليشيات ارتكبت، الأحد الماضي، 111 خرقاً للهدنة الأممية في جبهات محافظات الحديدة وتعز والضالع وحجّة والجوف ومأرب.
وتوزّعت الخروق بين 32 خرقاً في محور حيس جنوب الحديدة، و25 خرقاً في جبهات محافظة حجة، و18 خرقاً في محور البرح غربي تعز، و16 خرقاً جنوب وغرب وشمال غرب مأرب، و16 خرقاً في جبهات محور تعز، إضافة إلى خروق أخرى في الجوف، وفي جبهة مريس بمحور الضالع.
ويقول الجيش اليمني إن الخروق الحوثية تنوّعت بين إطلاق النار على مواقع الجيش بصواريخ الكاتيوشا وبالمدفعية والعيارات المختلفة وبالطائرات المسيّرة المفخخة، ما نجم عنه سقوط قتلى وجرحى. وتتهم تقارير الجيش اليمني الميليشيات الحوثية بأنها تواصل استحداث مواقع قتالية، وشق طرقات فرعية، ونشر آليات عسكرية ثقيلة في مختلف الجبهات، حيث تركّزت هذه الأعمال بشكل أساسي في الجبهات الجنوبية والغربية بمحافظة مأرب.
وفي أحدث إحاطة للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ أمام مجلس الأمن الدولي، كشف عن أنه سيسعى خلال الأسابيع المتبقية من الهدنة الممددة إلى العمل على تثبيتها وإطلاق نقاشات في الملفين الاقتصادي والأمني، بحسب تعبيره، ضمن المسارات المتعددة التي ينوي إطلاقها للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة، إلا أن مراقبين يمنيين يعتقدون أن مساعيه لن يكتب لها النجاح قبل التوصل إلى إنهاء الحصار الحوثي عن تعز تنفيذاً لبنود الهدنة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.