توقع السفير البريطاني لدى اليمن ريتشارد أوبنهايم بدء مفاوضات يمنية جدية لتحقيق السلام في البلاد تحت رعاية الأمم المتحدة الصيف المقبل، مبيناً أن المبعوث الأممي سيضع إطاراً مكتوباً لهذه المفاوضات بدعم المجتمع الدولي. وأوضح أوبنهايم في حوار خاص مع «الشرق الأوسط »، أن نتائج المشاورات اليمنية – اليمنية التي تختتم اليوم في مقر مجلس التعاون الخليجي بالرياض، من الممكن الاستفادة منها في المحادثات المستقبلية تحت رعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة.
وقال السفير البريطاني، إن الهدنة المعلنة مازالت «هشة »، مطالباً الأطراف باتخاذ خطوات متقدمة لتثبيتها، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن نجاح الهدنة في أيدي الأطراف وليس المراقبين. وأكد ريتشارد أوبنهايم، أن بلاده تشجع
أي حوار يفضي إلى حل مشكلة اليمن، مشيراً إلى أن أي اتفاق ب ن السعودية والحوثيين سيكون أساس ا للحل السياسي النهائي، وتحدث السفير عن فرص لعقد مشاورات بمشاركة الحوثيين في المستقبل تحت رعاية مجلس التعاون في مكان آخر في المنطقة...
تحدث أوبنهايم كذلك عن الوضع الاقتصادي الصعب في اليمن، والدور السعودي – العماني في تحقيق الهدنة الأخيرة وغيرها من الملفات، فإلى تفاصيل الحوار...
> شاركتم في اليوم الأول للمشاورات اليمنية – اليمنية، كيف تتابعون هذه المشاورات وأهميتها؟
- بداية، رمضان كريم للجميع، أعتقد أن هذه المشاورات فرصة جيدة لجميع اليمنيين للحديث عن التحديات التي تواجه اليمن والحلول، ضمن المحاور المتعددة السياسية والاقتصادية والأمنية، وتعزيز دور النساء والشباب وغيرها، حتى الآن لم نسمع عن النتائج، ولكننا نعلم أن المشاورات جيدة وهناك بيئة إيجابية، وفي هذا المقام نشكر كثيراً مجلس التعاون الخليجي على هذه المبادرة، ونعتقد أن إعلان الهدنة أمر جيد لهذه المشاورات.
> خلال اليومين الماضيين التقيتَ رئيس الوزراء اليمني ووزير الخارجية، هل تطرقتم لنتائج المشاورات الحالية في الرياض؟
- لا شك أن المشاورات فرصة للحكومة والكثير من الأطراف في اليمن (وليس كلها)، أن يناقشوا التحديات التي تواجههم في المجالات المختلفة، وأن يقدموا أفكاراً للحل شريطة أن يكون يمنياً، ومن الممكن استخدام هذه الأفكار في المحادثات المستقبلية تحت رعاية المبعوث الخاص للأمم المتحدة.
> إعلان الهدنة كان خبراً جيداً لليمنيين، كيف ترون أهميتها في هذا التوقيت؟
- الهدنة فرصة حقيقية للأطراف، وهي اختراق هش، ولكن في أيدي الأطراف مسؤولية استمرارها، وتنفيذ ما اتُفق عليه، مع دعم المجتمع الدولي، بالنسبة لنا رحب رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية بها، ونهتم دائماً بكل ما هو في صالح الشعب اليمني.
> لكن البعض يتساءل، كيف تُعلن هدنة من دون آليات أو مراقبين للإشراف عليها، وأن ذلك قد يهدد نجاحها؟
- أعتقد أن في مرحلة قادمة سيكون هناك فرصة للمراقبة، لكن قبل ذلك يجب اتفاق على الهدنة، ويجب اتخاذ خطوات متقدمة تدريجياً مع كل الأطراف ونبني الثقة بينهم، المراقبة جزء من أي وقف لإطلاق النار طويل الأمد، ولكن في نهاية الأمر نجاح الهدنة في أيدي الأطراف وليس في أيدي المراقبين، حتى إذا تواجد المراقبون.
> كان هناك دور قيادي سعودي – عماني في تحقيق الهدنة الأخيرة، كيف ترون ذلك؟
- نعتقد أن هذا أمر ممتاز، نعلم أن السعوديين والعمانيين يعملون معاً، ونتوقع أن يستمر هذا التعاون للمرحلة المقبلة؛ لأن لدينا الآن هدنة هشة ويجب تثبيتها، ويجب على الأطراف أخذ خطوات متقدمة باتجاه وقف إطلاق النار.
> في موازاة الهدنة أُعلن عن صفقة كبيرة لتبادل الأسرى، وفتح المعابر ومطار صنعاء والمشتقات النفطية، هل أنتم متفائلون بتنفيذ كل هذه الالتزامات؟
- نأمل، ونتوقع أن يتم تنفيذ هذه الصفقة، تبادل الأسرى يمثل خطوة إيجابية ويساعد في بناء الثقة بين الأطراف، ومكتب المبعوث الخاص يعمل بجد ومن المهم على الأطراف أن يعملوا على هذا التبادل.
> اليوم (أمس) أعلن المبعوث الأممي، أن محادثاته مع الأطراف اليمنية سوف تستمر حتى مايو (أيار)، برأيك بعد المشاورات اليمنية في الرياض، وإعلان الهدنة، هل نحن أمام بدء عملية سياسية شاملة قادمة في اليمن؟
- أعتقد الحديث بين الأطراف اليمنية يمكن أن يكون في أي وقت، ولكن بالنسبة للمفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة من الممكن أن نرى ذلك، لكن بعد أن نعطي المبعوث وقتاً للحديث مع كل الأطراف، وهو سوف يستمر بعد نهاية مشاورات مجلس التعاون، وفي نهاية هذه العملية سيكون هناك إطار مكتوب من مكتب المبعوث مع كل الأطراف بدعم المجتمع الدولي، حينها يمكننا أن نرى المفاوضات السياسية الجدية تحت رعاية المبعوث الخاص، وربما نرى ذلك في الصيف.
> الحوثيون حتى الآن يصرّون على التفاوض مع السعودية مباشرة ويتجاهلون الشرعية، كيف ترون هذا الوضع؟
- نحن نشجع أي حوار يفضي إلى حل مشكلة اليمن، ونشجع أي دور سعودي بهذا الصدد، وأعتقد أن هذا مهم جداً، وممكن اتفاق السعودية والحوثيين يكون أساساً للحل السياسي النهائي.
كما أعتقد أن الحوثيين مرحبون بالاشتراك في المناقشات والمشاورات تحت رعاية مجلس التعاون وبأيديهم أن يأخذوا هذه الفرصة، وسيكون هناك فرص في المستقبل تحت رعاية مجلس التعاون في مكان آخر في المنطقة، وأيضاً تحت رعاية المبعوث الأممي الخاص الذي لديه الفرصة الآن أن يسافر إلى صنعاء، يجب أن يكون الحوثيون جزءاً من المفاوضات السياسية؛ لأنهم جزء مهم من النطاق السياسي اليمني.
> هل وافق الحوثيون على استقبال المبعوث الأممي في صنعاء؟
- أتوقع ذلك، وأعتقد أن هذا مهم، يجب أن يتحدث المبعوث مع الحوثيين بشكل مباشر كجزء من الحل وطرف سياسي مهم.
> ماذا عن الوضع الاقتصادي الصعب في اليمن، ما هي الجهود الحالية لتحسينه ووقف انهيار العملة؟
- بالفعل الوضع الاقتصادي في اليمن صعب جداً، وربما في حال أسوأ منذ بداية الصراع، لا بد للمجتمع دولي أن يدعم اليمن اقتصادياَ، كما أن لدى مجلس التعاون الخليجي دوراً تاريخياً في هذا المجال، وسوف نرى هذا الأسبوع أو في المستقبل القريب ماذا يفعل المجلس في هذا المجال.
> الحوثيون جزء من الشعب اليمني، لكنهم يعملون كأداة لصالح إيران، هل تعتقدون بإمكانية فصلهم عن التأثير الإيراني، وعودتهم للنسيج اليمني؟
- نحن نعلم العلاقات بين إيران والحوثيين، وأتوقع أن مستقبل اتجاه جماعة الحوثي في أيدي الحوثيين أنفسهم، وليس بأيدي الإيرانيين، سوف نرى ذلك في المستقبل من تصرف الحوثيين وإيران، وأنا سعيد أن الحكومة الإيرانية رحبت بهذا الاتفاق بين الأطراف، هذا أمر جيد، لكن يجب أن نرى تنفيذاً للاتفاق.
> هل المجتمع الدولي جاهز لإصدار قرار جديد في حال توصل اليمنيون لتسوية سياسية، هل ترى اليوم الحاجة إلى مثل هذا القرار لدفع الأطراف نحو السلام؟
- أعتقد بوجوب دعم جهود المبعوث الأممي الخاص الذي يملك الثقة من المجتمع الدولي ومن الأطراف ويمثل المجتمع الدولي بالنسبة لليمن، من المهم أن ندعمه ومكتبه وجهوده لتحقيق السلام في اليمن، أعتقد أن هذه فرصة حقيقية ونادرة للتقدم باتجاه السلام، ويجب أن نعمل خطوة بخطوة وتحت رعاية المبعوث الأممي.