الولايات المتحدة تفكر في إصدار «دولار رقمي»

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (أرشيفية - رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (أرشيفية - رويترز)
TT

الولايات المتحدة تفكر في إصدار «دولار رقمي»

أوراق نقدية من الدولار الأميركي (أرشيفية - رويترز)
أوراق نقدية من الدولار الأميركي (أرشيفية - رويترز)

قالت الإذاعة الأميركية «إن بي آر» إن الولايات المتحدة تفكر بحذر في إصدار «نسخة رقمية من الدولار» ليكون أكثر ملاءمة لعالم اليوم غير النقدي. وأضافت أن هذه الخطوة يمكن أن تكون أحد التحولات الأساسية للدولار، الذي خضع منذ تأسيسه بصفته عملة وطنية للولايات المتحدة، لكثير من التحديثات والتغييرات، لكن لا شيء يضاهي هذا الاقتراح الذي يناقش اليوم. وأوضحت أن الولايات المتحدة لو طبقت اقتراح «الدولار الرقمي»، فلن تقوم بسك العملات المعدنية وطباعة الفواتير الورقية فحسب؛ بل ستقوم أيضاً بإصدار العملة الرقمية للبنك المركزي، التي ستخزَّن في التطبيقات أو «المحافظ الرقمية» على الهواتف الذكية، ويمكن بعد ذلك استخدامها لدفع ثمن الأشياء، ولكن لن تدخل أي تغيير على النقود.
ولفتت إلى أن «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» أصدر، في الشهر الماضي، ورقة طال انتظارها، تحدد مزايا وعيوب العملة الرقمية. وقال «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» إنها خطوة أولى؛ تهدف إلى بدء محادثة مهمة بين صانعي السياسة وجمع التعليقات من الأشخاص العاديين إلى بعض أكبر المؤسسات المالية في البلاد.
ويؤكد صانعو السياسة على أن هذه الخطوة ما زالت مبكرة، وأن هناك الكثير الذي يجب التوصل إليه.
ويقول العديد من الخبراء إن الأمر سيستغرق من 5 إلى 10 سنوات لإدخال عملة رقمية في الولايات المتحدة، لكنهم يجادلون بأن صانعي السياسة لا يمكنهم الوقوف مكتوفي الأيدي، خصوصاً أن هناك قلقاً من أن تحرك الولايات المتحدة ببطء سيسمح للدول الأخرى بوضع معايير للعملات الرقمية الوطنية، ويمكن أن تتضاءل شعبية الدولار؛ العملة الرئيسية في العالم.
لكن رئيس «مجلس الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، أوضح أنه ليس في عجلة من أمره، فعندما سأله أحد المراسلين في العام الماضي عما إذا كان يشعر بالقلق من أن الولايات المتحدة تتخلف عن دول مثل الصين، أجاب: «أعتقد أن القيام بذلك بشكل صحيح أهم من القيام به بسرعة».
وذكرت الإذاعة أنه بشكل عام قد لا تبدو المعاملات التي تُجرى بالدولار الرقمي مختلفة جداً عن البدائل الخاصة الحالية التي تسمح لنا بالدفع مقابل الأشياء من خلال هواتفنا الذكية. وقالت إن كثيراً من الدول أصدرت عملات رقمية مثل الصين التي كشفت النقاب عن «اليوان الرقمي» على أساس تجريبي، وكذلك قالت الهند هذا الأسبوع إنها ستنشئ «روبية رقمية».
وكانت الصين أعلنت أنها ستسمح بمدفوعات اليوان الرقمية في المدن التي تجرب فيها عملتها الرقمية، مما يسمح للمواطنين بإجراء المدفوعات عبر تطبيق أنشأته الحكومة.
وأوضحت الإذاعة الأميركية لماذا تسعي الدول إلى إنشاء عملة رقمية، حيث تعد تخفيض الرسوم أو إلغاءها خلال المعاملات المالية ميزة واضحة لتلك العملات. ولكنها أوضحت أن العملات الرقمية لن تقضي بالضرورة بشكل كامل على اللاعبين غير الحكوميين، ففي الصين، على سبيل المثال، يمكن للمستخدمين الذين يرغبون في استخدام اليوان الرقمي الذهاب إلى البنوك لإضافة أموال إلى محافظهم الرقمية.
ولكن مجرد تداول الدولارات الرقمية يمكن أن يضغط على شركات بطاقات الائتمان لخفض الرسوم حتى تكون قادرة على المنافسة؛ أي إذا بدأ عدد كافٍ من الأشخاص في استخدام «الدولار الرقمي».
وكذلك لفتت الإذاعة إلى سبب آخر يدفع إلى إنشاء «الدولار الرقمي»؛ هو فتح المعاملات الرقمية للأميركيين الذين ليست لديهم حسابات بنكية.
فوفقاً لـ«مجلس الاحتياطي الفيدرالي»، فإن أكثر من 5 في المائة من الأسر «لا تتعامل مع البنوك»، وتزويدهم بمحفظة رقمية سيسمح لهم بالمشاركة في النظام المالي غير النقدي بشكل متزايد، كما أنه سيسهل على الحكومة توزيع الفوائد، فعلى سبيل المثال، كان من الممكن أن يسمح وجود دولار رقمي أثناء الجائحة للحكومة بتحويل أموال الإغاثة مباشرة إلى محافظ رقمية.
وعن أبرز تحديات العملة الرقمية، أوضحت الإذاعة أن الخصوصية تعدّ من أكبر التحديات؛ نظراً إلى أن «بنك الاحتياطي الفيدرالي» سينفذ المشروع ويشرف عليه، ويمكن للبنك أن يجمع قدراً هائلاً من البيانات، وقد يكون ذلك مفيداً للذين يرغبون في مكافحة غسل الأموال، على سبيل المثال، ولكنه قد يثير أيضاً مخاوف خطيرة تتعلق بالخصوصية.
وقال راغورام راجان، أستاذ المالية في «كلية الأعمال» بجامعة شيكاغو، والمحافظ السابق لـ«بنك الاحتياطي الهندي»: «هذا يبرز أهمية فرز مقدار المعلومات التي سيحصل عليها (الاحتياطي الفيدرالي)».
وكذلك يعدّ الأمن السيبراني قضية مهمة أخرى، خصوصاً مع الزيادة الحادة في عمليات الاختراق والسرقة خلال عمليات تبادل العملات المشفرة، وستحتاج الحكومة الأميركية إلى تحديث البنية التحتية المالية للبلاد لمنع الهجمات الإلكترونية.


مقالات ذات صلة

الدولار يرتفع قرب أعلى مستوياته في 4 أشهر بعد فوز ترمب

الاقتصاد موظف يعدّ أوراق الدولار الأميركي في فرع البنك لدى هانوي بفيتنام (رويترز)

الدولار يرتفع قرب أعلى مستوياته في 4 أشهر بعد فوز ترمب

ارتفع الدولار الأميركي يوم الخميس، قرب أعلى مستوياته في أربعة أشهر، مسجلاً أكبر زيادة يومية له منذ عامين، بعد فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

ارتفعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسية إلى مستويات قياسية جديدة يوم الأربعاء، بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد دونالد ترمب خلال تجمع في هيندرسون بنيفادا يوم 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

«ترمب» يدفع بالدولار لأكبر قفزة في يوم واحد منذ 2016

دفع التأكيد السريع على فوز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة بالدولار نحو الصعود الحاد، وضغط على اليورو؛ إذ يراهن المستثمرون على تداعيات سياسات ترمب التجارية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول عملات أمام شاشات تعرض صور المرشحَين ترمب وهاريس بغرفة تداول العملات الأجنبية في سيول (أ.ب)

رهانات فوز ترمب تُهبط العملات الآسيوية مع صعود الدولار

هبط الدولار السنغافوري والبات التايلندي بشدة بين العملات الآسيوية يوم الأربعاء، بينما بلغ البيزو المكسيكي أدنى مستوى في عامين، بفعل رهانات فوز دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
شمال افريقيا مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

تنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري بصورة مباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات، في ظل اعتماد مصر على مواد مستورَدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

باول بعد قرار خفض الفائدة: جاهزون للتعامل مع المخاطر

باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)
باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)
TT

باول بعد قرار خفض الفائدة: جاهزون للتعامل مع المخاطر

باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)
باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعاً نوعاً ما، موضحاً أن «سوق العمل ليست مصدراً للضغوط التضخمية».

كلام باول جاء في مؤتمر صحافي عقده عقب قرار اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خفض سعر الفائدة الرئيسي بواقع 25 نقطة أساس إلى 4.50 في المائة - 4.75 في المائة.

وقال باول: «جاهزون للتعامل مع المخاطر»، مضيفاً أنه «من الممكن أن يكون لأي إدارة أو سياسات في الكونغرس تأثير مهم، وسيتم أخذ هذه التأثيرات في الاعتبار بين أمور أخرى».

وإذ أوضح أن خفض الفائدة سوف يساعد في الحفاظ على قوة الاقتصاد، قال: «إذا ظل الاقتصاد قوياً، ولم يتحرك التضخم إلى 2 في المائة، فعندها يمكننا تقليص السياسة بشكل أبطأ».