«أوميكرون»: الانتشار وشدة العدوى وفاعلية اللقاحات المضادة

خطر الإصابة به مرة أخرى أكبر بـ5.4 مرة من متغير «دلتا»

«أوميكرون»: الانتشار وشدة العدوى وفاعلية اللقاحات المضادة
TT

«أوميكرون»: الانتشار وشدة العدوى وفاعلية اللقاحات المضادة

«أوميكرون»: الانتشار وشدة العدوى وفاعلية اللقاحات المضادة

مع اقتراب دخولها العام الثالث، تظل جائحة «كوفيد - 19» الحدث الأكبر والأخطر والأكثر غموضاً على مدى التاريخ، على الرغم من كل المعلومات التي توصل إليها العلماء، التي هزت العالم بأسره وأثرت تأثيراً سلبياً كبيراً على حياة الناس في جميع دول العالم، ولا تزال تشكل تحدياً كبيراً للعلماء والخبراء المتخصصين في مجال علم الفيروسات وعلم الأحياء الدقيقة والأمراض المعدية.
ويرجع هذا التحدي إلى الحيرة التي تعتري هؤلاء العلماء عند محاولتهم التنبؤ بكيفية تطور الوباء في ظل ظهور مجموعة من السلاسل المتحورة للفيروس وبسبب المتغيرات والتحولات التي حدثت للفيروس أيضاً منذ بداية الجائحة وحتى الآن.

مؤتمر طبي
نظم مستشفى الموسى بالأحساء، لمدة يومين، خلال الأسبوع الماضي، مؤتمراً طبياً بعنوان «المؤتمر الطبي الدولي للمستجدات في علاج كورونا». وصرح الدكتور مصطفى سعد استشاري الطب الباطني والأمراض المعدية ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، بأن انعقاد المؤتمر في هذا الوقت الحرج من استمرار الجائحة يهدف إلى تقديم مراجعة شاملة وتحديث للمعرفة الطبية الحالية مع التركيز على استشراف الآفاق المستقبلية لهذا الوباء، حيث عملت اللجنة العلمية للمؤتمر على وضع برنامج ثري اهتم بتعريف الحضور من الأطباء والمتخصصين وجمهور المتابعين والمهتمين بحالات التطور الحالية لوباء «كوفيد - 19»، والتأهب للأوبئة الجديدة المحتملة، وغيرها من التدابير المتعلقة بكيفية التعامل مع الأوبئة في المستقبل، مستفيدين من الدروس التي حصلت منذ بداية الجائحة في الاستجابة للوباء في ووهان الصينية مروراً بالتطور السريع لوضع الوباء، إلى أن تم البدء في إنتاج وإطلاق اللقاحات. كما تم تسليط الضوء على تأثير الوباء على أنظمة الرعاية الصحية وتحديد طرق التعامل مع الوباء على المستويين المحلي والدولي، وتم توجيه الانتباه إلى طرق تحسين طرح اللقاح على نطاق واسع الحجم.
وفيما يلي نورد أهم ما خرج به هذا المؤتمر:
> الأعراض السريرية لعدوى «كوفيد - 19»: غالبية المرضى لديهم أعراض خفيفة فقط. ومع ذلك، فإن النسبة المئوية للمرضى الذين يصابون بمرض حاد أو حرج، أكبر بكثير من معظم فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى.
> الأعراض طويلة المدى بعد الإصابة بكوفيد: وهي التي غالباً ما تسمى «Long-COVID» في وسائل الإعلام المتداولة، ولها تعريفات مختلفة أخرى، على الرغم من أنها تشير بشكل متزايد إلى الأعراض التي تحدث بعد 4 أسابيع من الإصابة بفيروس كورونا، دون نشاط فيروسي كبير أو عدوى مرة أخرى. وأهم الأعراض الشائعة التي تم الإبلاغ عنها هي: التعب وضيق التنفس وآلام المفاصل وآلام الصدر. ولا تزال أسباب هذه المشكلة غير معروفة حتى هذا الوقت، وهي مجال للبحث النشط. وهي تشمل التغيرات الفيزيولوجية المرضية الخاصة بالفيروس، والأضرار المناعية والالتهابية والعواقب المرضية المتوقعة اللاحقة للحالات الحرجة.
> المتحورات (Variants): قد تحمل الفيروسات طفرات يمكن أن ترتبط بالاختلافات في التغيرات في وبائيات المرض والنتائج السريرية واللقاحات الفعالة. ففي أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، حددت منظمة الصحة العالمية متغير «أوميكرون» (Omicron) على أنه «متغير مثير للقلق»، وأنه يختلف عن المتغيرات السابقة لسارس «كوفي - 2» (SARS-CoV-2) في العدد المتزايد من الطفرات الموجودة في بروتين سبايك. وتشير البيانات الوبائية من جنوب أفريقيا إلى ارتفاع معدلات الإصابة مرة أخرى واستبدال متحور «أوميكرون» بمتحور «دلتا»، باعتباره (أوميكرون) المتغير المنتشر السائد.

خطورة «أوميكرون»
في 26 نوفمبر 2021، صنفت منظمة الصحة العالمية متغير «أوميكرون» (Omicron) المعروف علمياً بـ«B.1.1.529» كمتغير مثير للقلق بناء على توصية الفريق الاستشاري التقني للمنظمة المعني بتطور الفيروس. واستند هذا القرار إلى البيّانات التي حصل عليها الفريق الاستشاري بشأن تعرض متحور متحور «أوميكرون» لطفرات عديدة قد تؤثر على سلوكه، كسهولة انتشاره أو شدة المرض الذي يسببه. وتعد مقاطعة جوتنج بجنوب أفريقيا مركز تفشي متحور «أوميكرون» لما يزيد على 77 دولة في العالم، حتى هذه اللحظة.
يقول رئيس فريق البحث في إمبريال كوليدج بلندن البروفسور نيل فيرغسون، وهو مصمم نماذج الأمراض المعدية والمستشار العلمي الحكومي، إنه لا يوجد دليل في الوقت الحالي على أن فيروس متحور «أوميكرون التاجي» (Omicron coronavirus variant) أقل خطورة من سلالة «دلتا» (Delta strain)، وفقاً للنتائج المبكرة للباحثين في إمبريال كوليدج لندن (Imperial College London)، التي سلطت الضوء أيضاً على ارتفاع خطر الإصابة مرة أخرى الذي يشكله «أوميكرون» والحاجة إلى جرعات معززة لمكافحته.
من جانب آخر، يقدر التقرير الجديد (رقم 49 الصادر في 17 ديسمبر/ كانون الأول الحالي 2021) عن فريق الاستجابة لفيروس كورونا في إمبريال كوليدج لندن، أن خطر الإصابة مرة أخرى بمتغير «أوميكرون» أكبر بـ5.4 مرة من متغير «دلتا». هذا يعني أن الحماية من الإصابة مرة أخرى بـ«أوميكرون»التي توفرها العدوى السابقة قد تكون ضئيلة لحد 19 في المائة، ما يشير إلى أن متغير «أوميكرون» يتجنب ويتهرب إلى حد كبير، من المناعة المكتسبة من العدوى السابقة أو من أخذ جرعتين من اللقاح، وفقاً لأحدث النمذجة لإمبريال كوليدج. وهذا المستوى من التهرب المناعي يعني أن «أوميكرون» يشكل تهديداً رئيسياً وشيكاً على الصحة العامة، وفقاً للبروفسور نيل فيرجسون.
وقد استخدم الباحثون، في تقدير النمو والهروب المناعي لمتغير «أوميكرون» في إنجلترا، بيانات من وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة (UKHSA) وخدمة الصحة الوطنية (NHS) لجميع حالات «سارس - كوفي - 2» (SARS-CoV-2) المؤكدة بواسطة تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) والذين خضعوا لاختبار كوفيد بين 29 نوفمبر و11 ديسمبر (كانون الأول) 2021.
شملت الدراسة الأشخاص الذين تم تحديدهم على أنهم مصابون بعدوى «أوميكرون» بسبب فشل هدف الجين S (SGTF)، وكذلك الأشخاص الذين لديهم بيانات النمط الجيني (genotype data) التي أكدت الإصابة بـ«أوميكرون». وبشكل عام، تم تضمين 196463 شخصاً من دون فشل الهدف الجيني S (من المحتمل أن يكونوا مصابين بمتغير آخر)، و11.329 حالة (من المحتمل أن يكونوا مصابين بـ«أوميكرون») في تحليل SGTF، بالإضافة إلى 122.063 حالة «دلتا» و1.846 «أوميكرون» في تحليلات النمط الجيني.

عوامل الانتشار
> تشخيص «أوميكرون». أولاً، يتم النظر في العوامل المرتبطة باختبار إيجابي لـ«أوميكرون» مقارنة بالحالات من غير «أوميكرون» (ويكون معظمها من «دلتا» Delta). تشير النتائج إلى أن نسبة «أوميكرون» بين جميع حالات كوفيد كانت تتضاعف كل يومين حتى 11 ديسمبر، مقدّرة من كل من فشل هدف الجين S (S-gene Target Failure) وبيانات النمط الجيني (genotype data). بناءً على هذه النتائج، تم تقدير أن رقم التكاثر (R) لـ«أوميكرون» كان أعلى من 3 خلال الفترة المدروسة.
> عوامل تؤثر على توزيع «أوميكرون». يختلف توزيع نسبة العدوى بهذا المتغير حسب العمر والمنطقة والعرق، حالياً، بشكل ملحوظ عن «دلتا»، فمع الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، والمقيمين في منطقة لندن، وأولئك الذين ينتمون إلى العرق الأفريقي، لديهم معدلات أعلى بكثير من الإصابة بـ«أوميكرون» بالنسبة إلى دلتا. وتتقدم لندن بشكل كبير على المناطق الإنجليزية الأخرى في تردد الإصابة بالعدوى.
لم يرصد توزيع انتقال «أوميكرون» بشكل موحد عبر السكان. ومع ذلك، لاحظ الباحثون أنه نظراً لتهربه المناعي، فإن التوزيع العمري لعدوى «أوميكرون» في الأسابيع المقبلة قد يستمر في الاختلاف عن «دلتا».
لم تجد الدراسة أي دليل على أن «أوميكرون» أقل خطورة من «دلتا»، إذ يتم الحكم عليها إما من خلال نسبة الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالأعراض، أو من خلال نسبة الحالات التي تسعى للحصول على رعاية المستشفى بعد الإصابة. ومع ذلك، لا تزال بيانات الاستشفاء محدودة للغاية في هذا الوقت.
> معدلات إعادة الإصابة بعدوى «أوميكرون». لتقييم تأثير «أوميكرون» على معدلات إعادة الإصابة، استخدم الباحثون بيانات النمط الجيني (genotype data)، لأنه حتى قبل «أوميكرون»، كانت الإصابة مرة أخرى مرتبطة ببيانات فشل الهدف الجيني S السلبية، على الأرجح بسبب فشل هدف PCR العشوائي الناجم عن انخفاض الأحمال الفيروسية المرتبطة بإعادة العدوى.
من خلال التحكم في حالة اللقاح والعمر والجنس والعرق والحالة من دون أعراض والمنطقة وتاريخ العينة، ارتبط «أوميكرون» بخطر أعلى بنسبة 5.4 (4.38-6.63) ضعف خطر الإصابة مرة أخرى مقارنة بـ«دلتا». ولوضع هذا في السياق، ففي حقبة ما قبل «أوميكرون»، قدرت دراسة سيرين (SIREN) لعدوى كوفيد في العاملين بمجال الرعاية الصحية أن العدوى السابقة وفرت حماية بنسبة 85 في المائة ضد عدوى كورونا الثانية على مدى 6 أشهر. وتشير تقديرات خطر الإصابة مرة أخرى في الدراسة الحالية إلى أن هذه الحماية قد انخفضت إلى 19 في المائة (0-27 في المائة) ضد عدوى «أوميكرون».

اللقاحات والعلاجات
يقول ليندماير من منظمة الصحة العالمية: «قد تكون هناك قابلية أعلى لانتقال المتغير الجديد، وفقاً للتقارير الأولية. ومن ثمّ فإننا نسبر غور الأمر، ولا نزال بحاجة إلى وقت للحصول على تفاصيل لمعرفة كيف نتعامل معه بالضبط».
وأضاف أن «غرف الطوارئ... مليئة بأشخاص - النسبة الأعلى منهم غير مطعمة. وأشد الأمراض وأكثرها خطورة حتى الموت يكون في أغلب الأحيان بين أولئك غير المحصنين، وهذا أمر بالغ الأهمية».
وتقول البروفسورة عزرا غاني (Azra Ghani) أستاذة كرسي في وبائيات الأمراض المعدية والصحة العامة كلية الطب إمبريال كوليدج لندن، إن تحديد مخاطر الإصابة مرة أخرى وفاعلية اللقاح ضد «أوميكرون» أمر ضروري لنمذجة المسار المستقبلي المحتمل لموجة «أوميكرون» والتأثير المحتمل للتطعيم وتدخلات الصحة العامة الأخرى.
ووجد الباحثون ارتفاعاً ملحوظاً في خطر الإصابة بأعراض «أوميكرون» مقارنةً بـ«دلتا» بالنسبة لأولئك الذين تجاوزوا جرعة اللقاح الثانية بأسبوعين أو أكثر، وأسبوعين أو أكثر بعد الجرعة التعزيزية (لقاحات أسترازينيكا وفايزر).
> فاعلية اللقاحات: اعتماداً على التقديرات المستخدمة لفاعلية اللقاح ضد العدوى العرضية من متغير «دلتا»، يترجم هذا إلى تقديرات فاعلية اللقاح ضد عدوى «أوميكرون» العرضية بين 0 في المائة و20 في المائة بعد جرعتين، وبين 55 في المائة و80 في المائة بعد الجرعة المعززة. تم، أيضاً، الحصول على تقديرات مماثلة باستخدام بيانات التركيب الجيني.
منذ ظهور فيروس كورونا الجديد (كوفيد - 19) في ديسمبر 2019، تبنى فريق الاستجابة لفيروس كورونا في إمبريال كوليدج سياسة تبادل نتائج الأبحاث على الفور حول الوباء المتطور.
وهذه الدراسة تقدم دليلاً آخر على المدى الكبير للغاية الذي يمكن أن يتفادى فيه «أوميكرون» المناعة السابقة الناتجة عن العدوى أو التطعيم.
> فاعلية الفحوصات. تستمر اختبارات فحص «كوفيد - 19» (PCR) المستخدمة على نطاق واسع في الكشف عن العدوى، بما في ذلك الإصابة بـ«أوميكرون»، كما شهدنا مع غيره من المتغيرات. والدراسات جارية لتحديد ما إذا كان هناك أي تأثير على أنواع الاختبارات الأخرى، بما في ذلك اختبارات الكشف السريع عن المضادات.
> العلاجات، ستظل الكورتيكوسترويدات وحاصرات مستقبلات إنترلوكين6 (6-IL) فعّالة في إدارة المصابين بشدة بفيروس «كوفيد - 19». وسيتم تقييم العلاجات الأخرى الفعالة بالنظر إلى التغييرات التي تطرأ على أجزاء من الفيروس بمتغير «أوميكرون».
> إجراءات وقائية. توصي منظمة الصحة العالمية بـ:
- التمسك بإجراءات الصحة العامة في الحفاظ على مسافة متر واحد على الأقل مع الآخرين، وارتداء الكمامات، وفتح النوافذ لتحسين التهوية، وتجنب المناطق المغلقة أو المكتظة، والحفاظ على نظافة اليدين، واتباع آداب العطس والسعال.
- ضرورة الحصول على اللقاحات.
- إظهار التضامن العالمي مع نقل المعلومات بسرعة وشفافية لتعزيز الفهم العلمي.
- تعزيز رصد وتسلسل الحالات.
* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
TT

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)

سلطت الأبحاث الضوء على التأثيرات السلبية لشرب الكحول على جسم الإنسان، بما يشمل الصحة الجسدية والنفسية. وكشفت دراسة أميركية حديثة عن تأثيرات إضافية لشرب الكحول؛ إذ أظهرت أنه يعزز السلوك العدواني، ويؤثر على إدراك الألم، إلى جانب تأثيراته السلبية الأخرى.

وأوضح الباحثون من جامعة ولاية أوهايو، أن هذه النتائج تقدم رؤى جديدة حول العلاقة بين الكحول والعدوانية، ما قد يسهم في تطوير استراتيجيات للحد من العنف المرتبط بالكحول، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «Journal of Studies on Alcohol and Drugs».

وأُجريت الدراسة الجديدة على مرحلتين: شملت المرحلة الأولى 543 مشاركاً، والثانية 327 مشاركاً، جميعهم يستهلكون 3- 4 مشروبات كحولية على الأقل مرة شهرياً. وتم تقديم مشروبات كحولية وأخرى وهمية تحتوي على عصير برتقال مع كمية ضئيلة للغاية من الكحول لتقليد طعم المشروب، لضمان عدم معرفة المشاركين بنوع المشروب.

وبعد شرب المشروب، خضع المشاركون لاختبار يقيس عتبة الألم باستخدام صدمات كهربائية قصيرة على أصابعهم. ثم شاركوا في اختبار تنافسي عبر الإنترنت؛ حيث كان بإمكان «الفائز» توجيه صدمة كهربائية إلى «الخاسر».

في الواقع، لم يكن هناك خِصم حقيقي، وتم اختيار «الفائز» عشوائياً لمعرفة مدى استعداد المشاركين لإلحاق الألم بالآخرين.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شربوا الكحول أظهروا قدرة أكبر على تحمل الألم؛ حيث كانت مستويات الصدمات التي وصفوها بأنها «مؤلمة» أعلى، مقارنة بمن تناولوا المشروبات الوهمية.

كما وجد الباحثون أن المشاركين الذين تناولوا الكحول كانوا أكثر ميلاً لإلحاق الألم بالآخرين. وكلما زادت قدرتهم على تحمل الألم، زادت شدة وطول الصدمات التي اختاروا توجيهها للآخرين، ما يفسر جانباً من السلوك العدواني المرتبط بتناول المشروبات الكحولية.

في المقابل، كان المشاركون الذين شربوا المشروبات الوهمية أقل عدوانية؛ حيث كانوا أكثر شعوراً بألمهم الخاص، ولم يرغبوا في إلحاق الألم بالآخرين.

الوصول إلى الدم

ووفق وزارة الصحة الأسترالية، فإن الكحول يصل إلى الدم عبر جدران المعدة والأمعاء الدقيقة، وينتقل عبر الدورة الدموية ليصل إلى جميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الدماغ؛ حيث يبطئ نشاط الدماغ، مما يؤثر على التفكير، والمشاعر، والسلوك. بينما يتولى الكبد مهمة تكسير معظم الكحول وتحويله إلى مواد أقل سمية.

وتوضح الوزارة عبر موقعها الإلكتروني أن الشرب المفرط للكحول يؤدي إلى تداعيات طويلة الأجل، تشمل الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى الإدمان، وزيادة خطر الإصابة بالسكري والسمنة، وضعف الخصوبة، والضعف الجنسي، وأمراض الكبد، مثل التليف والفشل الكبدي، وأمراض القلب والجهاز الدوري، مثل ارتفاع ضغط الدم، واعتلال عضلة القلب، والسكتات الدماغية. كما يتسبب الكحول في سلوكيات غير لائقة تؤثر على العلاقات الأسرية والاجتماعية، وقد يؤدي إلى أعباء مالية كبيرة؛ خصوصاً في حالات الإدمان.

ويشير «المعهد الوطني لإساءة استخدام الكحوليات وإدمانها» في الولايات المتحدة، إلى أن الكحول يعطل مسارات التواصل في الدماغ، مما يضعف التفكير والمزاج. كما يتسبب في مشاكل القلب، مثل اضطراب النبض والسكتة الدماغية، بالإضافة إلى التهاب البنكرياس المزمن، ما يؤثر على الهضم، كما أنه يضعف المناعة، ما يزيد خطر الإصابة بالعدوى، مثل الالتهاب الرئوي. ووفق المعهد، فإن الكحول مرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطانات، مثل الثدي، والقولون، والكبد.