يقضي غالبية الناس حوالي ثُلث عمرهم في غرفة النوم، ما يجعلها أحد أهم الأماكن بالمنزل من ناحية الاهتمام بظروفها الصحية. وعندما لا تكون غرفة النوم بحالة ومواصفات صحية، فإن ذلك له عدد من التداعيات الصحية السلبية.
- غرفة النوم
إن اضطرابات النوم بأنواعها المختلفة، لا تطال فقط كلا من الحالة النفسية للمرء، وقدراته الإنتاجية في العمل أثناء النهار، ونوعية علاقته الاجتماعية بأفراد الأسرة حوله، بل إن ثمة مؤشرات طبية على علاقتها بأمراض القلب والإصابات بالسكري وزيادة الوزن وضغط الدم وغيره.
كما تشير المصادر الطبية إلى دور الحرارة والرطوبة والتهوية ونوعية الأثاث ومستوى النظافة في غرفة النوم، في حالات حساسية الجلد والجهاز التنفسي.
وتؤكد كذلك أن لنوعية الوسائد ومراتب السرير دورا في احتمالات المعاناة من حالات الشخير، وانقطاع التنفس أثناء النوم، وآلام الرقبة والظهر، وغيرها من التأثيرات الصحية السلبية على أجزاء متفرقة من الجسم.
وتفيد الإحصائيات الطبية بأنه بالإضافة إلى الحمام، فإن غرفة النوم هي أحد الأماكن التي ترتفع فيها احتمالات التعثر والسقوط، وإصابات الكسور الناجمة عنهما، ليس لدى كبار السن فقط، بل لدى البالغين أيضا، خاصة عند الاستيقاظ أثناء الليل دون وعي كامل، ومع عدم توفر عناصر السلامة في الإضاءة وأثاث غرفة النوم.
وعند حديثها عن وسائل الحماية لجعل المنزل خاليا من مسببات السقوط والتعثر، تذكر المؤسسة القومية للشيخوخة بالولايات المتحدة NIA قائلة: «لتجنب السقوط وضمان سلامتك، هناك العديد من التغييرات التي يمكنك إجراؤها في غرفة النوم الخاصة بك: ضع مفاتيح الإضاءة بالقرب من سريرك، واحتفظ بمصباح يدوي بجوار سريرك في حالة انقطاع التيار الكهربائي وتحتاج إلى النهوض، واحتفظ بهاتفك بالقرب من سريرك».
وعند حديثها عن النوم الصحي، تذكر المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC عدداً من النصائح لنوم أفضل بقولها: «بعض الأمور يمكنها أن تحسن صحة نومك، ومنها أن تتأكد من أن غرفة نومك هادئة ومظلمة وبدرجة حرارة مريحة. وقم بإزالة الأجهزة الإلكترونية، مثل أجهزة التلفاز وأجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية، من غرفة النوم».
- ظروف صحية
* شدة الإضاءة. يجدر أن يتم التوازن في الإضاءة في غرفة النوم بين تحقيق قدرة جيدة على الإبصار، وعدم التسبب في صعوبة الخلود إلى النوم.
ومعلوم أن خفض التعرض للإضاءة أول الليل، يساعد في النوم، والعكس صحيح. والسبب أن الإضاءة الخافتة تُحفز الدماغ على إنتاج الميلاتونين، وفق الإيقاع الطبيعي للساعة البيولوجية. والميلاتونين هو هرمون يفرزه الدماغ بشكل يومي من بعد مغيب الشمس كي يساعدنا على النوم الطبيعي في الليل، ويصل إلى الذروة عند الساعة الحادية عشرة ليلاً. وأنوار الإضاءة الليلية القوية تحرم الجسم من الشعور بحلول الظلام، وتُعيق الدماغ عن إنتاج هذا الهرمون المنوم الطبيعي.
* درجة الحرارة. التغيرات في درجة حرارة غرفة النوم، حتى لو كانت طفيفة، لها تأثير على إيقاع الساعة البيولوجية، ويمكن أن تؤثر بشكل كبير على جودة النوم. وعلى الرغم من أن بعض الباحثين في مجال النوم يحددون درجة حرارة الغرفة المثلى على أنها تقع بين 21 و22 درجة مئوية، فإن حرارة النوم المثالية قد تكون أعلى قليلاً للبعض، وخاصة للأطفال وكبار السن ومنْ لديهم بعض الأمراض المزمنة في القلب والأوعية الدموية أو اضطرابات الغدة الدرقية.
وارتفاع حرارة غرفة النوم يُقصّر الوقت الذي يقضيه المرء في مراحل مهمة من النوم، مثل مرحلة نوم الموجة البطيئة Slow-Wave Sleep ومرحلة نوم حركة العين السريعة REM Sleep. وهما يُعتبران من مراحل النوم الضرورية للجسم حتى يرتاح بشكل كافٍ طوال الليل.
كما أظهرت بعض الدراسات الطبية أن درجات الحرارة المنخفضة أثناء النوم تُحفّز نشاط خلايا الدهون البنية Brown Fat Cells ، التي تزيد حرق الدهون وتزيد من عمليات التمثيل الغذائي لإنتاج الطاقة.
* التهوية. وحول الاهتمام بتهوية غرفة النوم، تُفيد رابطة الرئة الأميركية ALA بضرورة إبعاد مصادر التلوث عنها. وأولى خطوات ذلك جعلها منطقة خالية من التدخين.
والأشخاص الأكثر عرضة للتأثيرات الضارة للتلوث في هواء غرفة النوم هم صغار السن وكبار السن والأشخاص المصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية أو أمراض الجهاز التنفسي، وهؤلاء عادة ما يقضون وقتاً أطول في غرفة النوم. ولذا يمكن لتهوية غرفة النوم بشكل صحي أن تُسهم في الوقاية من نوبات الربو وأعراض الحساسية والحفاظ على سهولة التنفس.
وأول خطوة هي فتح النوافذ لمدة نصف ساعة، لمرة واحدة على أقل تقدير كل يوم. وعند الاعتماد على مُكيف الهواء لتنقية هواء غرفة النوم، يجدر الحرص على صيانة مرشحات تصفية الهواء بالمكيفات. وربما استخدام أحد الأنواع الجيدة والعملية من أجهزة تنقية الهواء.
كما يُساهم تنظيف السجاد والأرضيات والفراش والستائر، في منع تراكم مسببات الحساسية. وكذلك فإن ترتيب أماكن وضع أثاث غرفة النوم، وجعل ديكوراتها بسيطة كي لا يتراكم الغبار وتتكاثر الحشرات خلفها وفي ثناياها.
- وسائد مريحة
ولاختيار أفضل وسادة للنوم، يفيد الدكتور أندرو بانج، المتخصص في تقويم العمود الفقري بكليفلاند كلينك، بأن: «كل وسادة لها مزاياها وعيوبها. لا يوجد نوع واحد من الوسائد يلبي احتياجات الجميع. ولكن اختيار وسادة تدعم رقبتك بشكل صحيح في الليل، من المفترض أن يساعدك على النوم بشكل سليم وخال من الألم».
ويُوضح بانج أن الميزة الأساسية للوسادة المناسبة هي أن تحافظ على رقبتك موازية للمرتبة، دون الانحناء إلى أسفل أو لأعلى. والمطلوب هو وسادة تتكيف مع وضعية جسمك، الرأس والرقبة والكتفين. ويقترح نوعية الوسائد المتأقلمة مع هيئة الرقبة Cervical Contour Pillows بأنها الأفضل. وبها يسترخي الرأس في المنطقة المنخفضة بوسط الوسادة، ويرتاح العنق على المنطقة الجانبية الأعلى قليلاً (من منخفض وسط الوسادة).
وإليها وسائد الرغوة، التي تُشكل هيئتها وفق التأقلم مع ارتخاء الرأس والرقبة عليها Foam Contour Pillows. ومنها رغوة اللاتكس (إن لم يكن لدى المرء حساسية من هذه المادة)، أو وسائد الرغوة المرنة Memory Foam Pillows. وهي وسائد تحتوي على «رغوة مُستذكرة» تُكّون (بفعل تأثير حرارة الرأس والرقبة عليها) شكلاً مريحاً للوسادة.
أما بالنسبة للوسائد المصنوعة من الريش، فإنها تسبب آلام الرقبة أكثر لأنها لا توفر الكثير من ثبات الرقبة. ويُضيف: «قد تشعر براحة فائقة عندما تستقر في البداية عليها برأسك. لكن الريش يتحرك، وينتهي بك الأمر دون دعم بعد ساعات من النوم، مما يسبب لك الألم».
- 5 أماكن تحتاج للنظافة الصحية في غرفة النوم
> هناك مناطق في غرفة النوم تمثل مصادر محتملة لمشاكل الغبار والجراثيم والحشرات، وتستحق المعالجة بالنظافة الصحيحة. وتوضح الدكتورة إيمي زاك، استشارية طب الأسرة في كليفلاند كلينك، قائلة: «الوسائد والمفروشات يمكن أن تحمل الجراثيم من جميع الأنواع، والخطر الأكبر في الواقع هو الحشرات، مثل عث الغبار وبق الفراش والبراغيث».
وهناك 5 أماكن تحتاج إلى عناية أكثر بالنظافة في غرفة النوم، وهي:
* مرتبة السرير: هي مكان من المحتمل أن يؤوي تراكم كثير من البكتيريا. وكذلك فإنها مكان مثالي لحشرات عث الغبار، لأنها حشرات تتغذى على فتات خلايا الجلد الميتة. ولذا فإن الخطوة الأولى في العناية بمرتبة السرير هو تغطيتها بغطاء واق. والنوعيات الجيدة من أغطية المراتب تسمح للمرتبة بالتهوية، وتحافظ على خلوها من بقع السوائل التي قد تنسكب عليها، والأهم عدم تكاثر الجراثيم والحشرات فيها. وتنظيف أغطية السرير يكون مرة في الأسبوع على الأقل، في درجة حرارة 60 درجة مئوية.
* الوسائد: تحتاج الوسائد إلى أن تكون نظيفة، لأنها تكون قريبة جداً من العينين والفم والأنف والأذن وفروة الرأس، خلال النوم. وتشير بعض المصادر العلمية إلى أن الوسائد المستخدمة، تحتوي بالمتوسط على 16 نوعاً من الجراثيم والفطريات. والخطوة الأولى في العناية بالوسائد، استخدام أغطية وسائد من نوعيات جيدة، والاهتمام بتغييرها وغسلها كل بضعة أيام.
* أرضية غرفة النوم: السجاد قد يحتوي على حوالي 100 ألف من البكتيريا في كل سنتيمتر مربع تقريبا. كما يميل الغبار والأوساخ إلى الانغماس والتصاق في السجاد، ما يجعل من الضروري استخدام المكنسة الكهربائية ما بين مرة إلى مرتين في الأسبوع. وإذا كان المرء يعاني من الحساسية، فإن السجاد ليس الخيار الأفضل بالنسبة له، بل ربما تكون أنواع الأرضيات الصلبة هو الأفضل، كالخشب الصلب أو البلاط، الذي قد يتطلب المسح مرة في الأسبوع، أو ربما أكثر في البيئات التي يكثر الغبار فيها.
* الستائر والنوافذ: ستائر غرفة النوم مكان أخر لتراكم الغبار واختباء الحشرات، وخاصة في الأجزاء العلوية منها. وهو ما يتطلب تنظيفها بالغسل بضعة مرات خلال العام. والنوافذ تحتاج إلى نظافة أسبوعية، خاصة عند الاهتمام بالتهوية عبر فتح النوافذ.
* الأجهزة الكهربائية: إزالة الغبار عن المصابيح الكهربائية المتدلية خطوة ضرورية، لأنها مناطق محتملة لتراكم الغبار والحشرات. ويجدر تنظيفها مع تنظيف الستائر. وأغطية الإضاءات الجانبية مكان محتمل جداً للجراثيم، بسبب لمس اليد المتكرر، ويجدر كل بضعة أيام تنظيف مقابض الأبواب والنوافذ والمفاتيح الجدارية لإضاءة المصابيح.
- 8 عناصر لسلامة كبار السن في غرفة النوم
> لجعل غرفة النوم آمنة ومريحة قدر الإمكان لكبار السن، فيما يلي العناصر التالية لتتحقق منها:
* تجنب الفوضى والعوائق في توزيع أثاث غرفة النوم. ستزيد المساحات المزدحمة من خطر السقوط. تأكد من خلو غرفة نوم كبير السن من أي أثاث غير ضروري أو أشياء ضخمة.
* قم بإزالة أي أسلاك أو توصيلات أو حبال عن أماكن المشي في غرفة النوم، وأبقها بالقرب من الحائط وخلف الأثاث.
* تأكد من أن مساحة الأرضية آمنة للمشي حتى في حال عدم وجود إضاءة، وتجنب وضع قطع السجاد أو أي شيء يمكن أن ينزلق أو يتسبب في أن تكون الأرضية فضفاضة أو غير مستوية.
* تأكد من أن كبير السن يمكنه الوصول والدخول إلى السرير والنهوض منه بشكل مريح. قم بتقييم احتياجاته من أجهزة أمان غرفة النوم مثل قضيب إمساك Grab Rail لضمان حصوله على الدعم المناسب خلال المشي.
* تأكد من أنه مرتاح في سريره. قم بتقييم احتياجاته لدرابزين الأمان الجانبي Safety Rail إذا كان عرضة للانحراف والسقوط أثناء نومه. وإذا كان لديه أي مشاكل في الحركة أو التنفس، فيمكن أيضًا التفكير في سرير كهربائي قابل للتعديل، كي يوفر له مزيدًا من الراحة والدعم.
* اجعل هاتفه قريبًا منه، وجاهزًا بالشحن الكهربائي بالكامل، وعلى منضدة في متناول اليد، قبل الخلود إلى النوم.
* احتفظ بأرقام الطوارئ المحفوظة كأرقام مفضلة على هاتفه. وذلك يتضمن خدمات الطوارئ المعتادة، بالإضافة إلى الجيران أو أفراد العائلة الذين يمكنهم أيضًا مساعدته في حالات الطوارئ.
* احتفظ بمصباح يدوي على منضدة في متناول اليد. وهذا سوف يساعده على الإبصار عند انقطاع التيار الكهربائي. وتأكد أيضًا من وجود بطاريات احتياطية في مكان قريب منه للمصباح اليدوي.