كان من المتوقع أن يشهد عام 2020 النسخة السادسة والعشرين من «مهرجان السينما الأوروبية» في لبنان، إلا أن تطورات محلية وعالمية وفي مقدمها الجائحة حالت دون ذلك.
اليوم قرر القيمون على المهرجان إطلاق النسخة من جديد عبر لبنان، ولكن هذه المرة افتراضياً. المهرجان الذي انطلق من 1 نوفمبر (تشرين الثاني) ويستمر لغاية 7 منه يتضمن مجموعة من الأفلام الأوروبية، بالإضافة إلى أفلام قصيرة لمخرجين لبنانيين. وهو من تنظيم بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان بالشراكة مع سينما «متروبوليس»، بالتعاون مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وتتألف العروض السينمائية الافتراضية من 12 فيلماً طويلاً من أوروبا، تسمح للجمهور بمشاهدة أشرطة حصدت جوائز، وعرضت في مهرجانات سينمائية دولية. كما تتاح للمتفرج رؤية أفلام لبنانية قصيرة تحت عنوان «نوافذ». وقد اختير أصحابها من مخرجين صاعدين وقدمت لهم منحة مالية رمزية لتصويرها وتنفيذها. وفي المقابل يتنافس 12 فيلماً قصيراً لمخرجين لبنانيين صاعدين للفوز بجوائز تقدمها الدول الأعضاء. وبفضل «معهد غوته» و«المعهد الفرنسي» في لبنان وسفارتي السويد وبولندا في بيروت، سيتيح المهرجان للفائزين فرصة المشاركة في مهرجان دولي رائد للأفلام أو سوق الأفلام في أوروبا في عام 2022.
ومن ناحية أخرى، يعرض المهرجان أفلاماً قصيرة من جولة الأفلام القصيرة لأكاديمية السينما الأوروبية، بما في ذلك الفيلم الفائز بجائزة الأفلام القصيرة الأوروبية لعام 2020. وفي إطار الأفلام الطويلة سيُعرض فيلم «المرأة هي امرأة» للمخرج جان لوك غودار، تكريماً للممثلة الدانماركية الفرنسية آنا كارينا والممثل الفرنسي جان بول بلموندو، اللذين توفيا في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019 وسبتمبر (أيلول) من عام 2021.
ويجري على هامش المهرجان مناقشة افتراضية تضم شركاء المهرجان الإقليميين وتتناول موضوع إدارة الأنشطة والمساحات الثقافية في الأزمات.
وفي قسم «نوافذ» يعالج المخرجون الصاعدون من لبنان، موضوعات استوحوها من الواقع. وصوروها لتكون بمثابة شبابيك يطلون منها على حكايات وقصص وتجارب مختلفة. ومن المشاركين فيها روان خليل في فيلم من نوع أنيميشن بعنوان «الهرة والنافذة» ويارا الضهر التي تشارك من خلال فيلمها «تنهد»، وإيلي سلامة مع فيلم «يوم صيفي آخر» وآدم جمال في فيلم «نيفرلاند»، وسابينا بطرس ضمن شريط قصير أيضاً بعنوان «العمود الفقري» وغيرهم.
وتقول ليلى بسمة، التي تشارك في مجموعة عروض «نوافذ» من خلال فيلمها «أشياء لا تقال»: «أهدي فيلمي القصير هذا إلى المرأة اللبنانية بشكل عام. وقد صورته داخل سيارة ونطل منه على مشاهد من بيروت وبينها المنارة». وتتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الأحاديث التي تدور بيني وبين صديقتي نادراً ما يتطرق إليها البعض. فسلطت الضوء عليها كي أبرز معاناة النساء عامة وكيف أنهن يدارونها ويفضلون عدم التحدث عنها».
في رأي ليلى بسمة إنّ الرجال يتمتعون بمساحات أكبر للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم في مجتمعاتهم. بينما النساء لا تؤمن لهن هذه المساحة. كما تشير في الفيلم الذي لا يتعدى عرضه الـ5 دقائق كيف ينظر الناس إلى الجنس اللطيف انطلاقاً من الشكل الخارجي. وتعلق لـ«الشرق الأوسط»: «حتى وسائل الميديا على أنواعها عادة ما تتناول المرأة من هذه الناحية وتستخدمها في إعلانات تجارية وفي برامج تلفزيونية وغيرها مركزة على جمالها الخارجي وكأنها مجرد أداة. كل ذلك تناولته في هذا الفيلم الذي ركزت فيه على الحياة الشخصية عند المرأة وما يمكن أن تبوح به».
وترتكز غالبية أفلام مجموعة «نوافذ» على فعل المراقبة، انطلاقاً من هذه الفتحات فنتفرج على المارة وعلى مناظر طبيعية وعلى مشاهد من بيروت وغيرها. وتختم ليلى بسمة: «الفيلم واقعي شبيه إلى حد كبير بالوثائقي، ويمكن التعريف عنه ضمن خانة الفن التجريبي (Experimental)».
ومن اللبنانيين المشاركين في هذه المجموعة أيضاً جوليان قبرصلي وذلك من خلال شريط قصير بعنوان «أصداء». ويطل من خلال إطار نافذة على تاريخ جيلين مختلفين. فتتفاعل الأسرتين بأسلوب مألوف جداً، مما يدفع المرء إلى التساؤل عما إذا سيعيدون التاريخ نفسه. ويشرح قبرصلي لـ«الشرق الأوسط»: «الفيلم من النوع الصامت، والأصوات التي تتخلله تعود إلى خلفيات أحياء وزحمة سير وانفجارات وغيرها من الأصوات التي نصادفها في حياتنا. وهو يطل على حقبات تاريخية مرّ بها لبنان منذ أحداث 1958 ولغاية (ثورة 17 تشرين) في عام 2019. ونرى خلاله كيف أنّ عائلة لبنانية أمضت فترة الحرب وصولاً إلى مرحلة التهجير. ومن ثم عاد ابنها إلى بيروت وهو متزوج من ممرضة وقد رزق بطفلتين ليعيشا أحداث انفجار بيروت. فهنا نشعر بأنّ التاريخ يعيد نفسه، سيما وأن هذه العائلة تدمر منزلها واضطرت إلى مغادرته وعيش تجربة التهجير بشكل جديد».
يشارك أصدقاء جوليان قبرصلي في تمثيل الفيلم وهم طلاب في الجامعة اللبنانية. الحوارات تغيب تماماً عن هذا الشريط ليستبدلها المخرج بأصوات حية ينبض بها الشارع. ويعلق قبرصلي: «كنت أنتظر فرصة مناسبة لأطل من خلالها بعمل تصويري خاص بي. وجاء الاتحاد الأوروبي ليحقق لي هذه الأمنية، سيما أنّنا كشباب لبنانيين نحتاج الدعم في مجالات عدة».
ومن الأفلام الطويلة التي يعرضها مهرجان السينما الأوروبية «أختي الصغيرة» لستيفاني شوا وفيرونيك ريمون. وكذلك فيلم «سويت» من إنتاج عام 2020 للهولندي ماغنوس فورهوم، إضافة إلى شرائط سينمائية أخرى بينها «الأبطال» و«مارتن إيدن» و«جولة أخرى» وغيرها.
«مهرجان السينما الأوروبية» صندوق الفرجة في «نوافذ»
يعرض افتراضياً نحو 40 فيلماً بين قصير وطويل
«مهرجان السينما الأوروبية» صندوق الفرجة في «نوافذ»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة