الفيلم الوثائقي المصري «العودة»... عن محنة «كورونا» والعائلة والفن

المخرجة المصرية سارة الشاذلي (أ.ف.ب)
المخرجة المصرية سارة الشاذلي (أ.ف.ب)
TT

الفيلم الوثائقي المصري «العودة»... عن محنة «كورونا» والعائلة والفن

المخرجة المصرية سارة الشاذلي (أ.ف.ب)
المخرجة المصرية سارة الشاذلي (أ.ف.ب)

لم تكن المخرجة المصرية سارة الشاذلي التي تدرس السينما بالخارج تخطط لأي شيء لدى عودتها إلى القاهرة في مارس (آذار) 2020، سوى قضاء بعض الوقت مع العائلة لكن تفشي جائحة «كورونا» فرض عليها إقامة امتدت لبضعة أشهر كانت أحداثها هي محور فيلمها الوثائقي الطويل «العودة».
الفيلم مدته 76 دقيقة وهو الوثائقي الطويل الأول بعد نحو عشرة أفلام قصيرة حصل بعضها على جوائز دولية مثل فيلم «إيزابيل» الفائز بجائزة أفضل فيلم قصير بمهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.
ينطلق الفيلم من تجربة شديدة الخصوصية لعائلة سارة الشاذلي في فترة صعبة عاشها العالم وسط تخبط وقلق بسبب غموض الفيروس الجديد ليتحول إلى تجربة إنسانية عامة يمكن أن يجد كل مشاهد نفسه وعائلته مكان هذه الأسرة على الشاشة.
ورغم ثقل الوقت وتجمد مظاهر الحياة في تلك الفترة بسبب فرض حظر تجول طوال الليل في مصر يأتي الفيلم مفعماً بالحيوية والمرح الذي يضفيه بشكل خاص الأب نبيل الشاذلي بحبه الكبير للموسيقى والرقص والطبخ وابنته سارة.
وبعدما دار معظم الأحداث في بيت العائلة بالقاهرة ينطلق الفيلم إلى آفاق أرحب فتنطلق الأحداث إلى بيت آخر في منطقة دهشور بالجيزة حيث تقضي سارة مع أبيها وأمها وشقيقها يوسف بعض الوقت ثم يذهبون إلى شرم الشيخ للاستمتاع بالشمس والبحر ومنها إلى الساحل الشمالي.
ومن خلف الجدران الصامتة إلى الأماكن الرحبة المشمسة تنساب الأحاديث تلقائية بين أفراد العائلة عن ذكرياتهم وحبهم للسينما والموسيقى وأمنياتهم للمستقبل بل حتى عن حقيقة الموت وما بعده.
وقالت سارة في مقابلة مع وكالة «رويترز» بعد عرض الفيلم بمهرجان الجونة السينمائي: «نحن عائلة محبة للفن بشكل عام والكاميرا في يدنا طوال الوقت، لذلك في البداية كان هدفي تسجيل لقطات للذكرى لأن ما حدث في تلك الفترة شيء استثنائي لم نشهده من قبل».
وأضافت: «بعد وقت اكتشفت أن المادة التي سجلتها على مدى أشهر يمكن أن تتحول إلى فيلم، فيلم يحكي عني وعن هذه التجربة، وبدأت في مرحلة المونتاج حتى خرج الفيلم للنور».
وتنتمي سارة إلى عائلة فنية كبيرة؛ فوالدتها هي المنتجة والمخرجة ماريان خوري وخالها هو المنتج جابي خوري اللذان تجمعها صلة قرابة وثيقة بالمخرج الراحل يوسف شاهين.
وعن جرأتها في عرض أدق التفاصيل العائلية على الشاشة قالت: «نحن عائلة متفتحة ولا يوجد ما نخجل منه لكن رغم ذلك شعرت بتوتر كبير في أثناء العرض الأول في مهرجان الجونة أمام هذا الجمهور الكبير».
وأضافت: «لا أعرف كيف يمكن أن يستقبل كل مُشاهد الفيلم لكن بالنسبة لي تحقق ما كنت أتمناه، عندي فيلم مليء بالذكريات الجميلة والوقت الرائع مع عائلتي ووالدي أستطيع أن أشاهده مرات ومرات لسنين قادمة».
وتابعت قائلة: «كانت تجربة ممتعة إنسانياً ومهنياً لأنني جرّبت الكثير من الحيل والألعاب، فليس من السهل أن تكون أنت المصور والمخرج والمونتير في ذات الوقت وأيضاً تظهر في بعض اللقطات».
وبينما تنتظر سارة نتيجة جوائز مهرجان الجونة السينمائي غداً (الجمعة) يستعد الفيلم للانطلاق إلى محطته القادمة في مدينة براغ بجمهورية التشيك حيث سيشارك هناك في مهرجان سينمائي آخر.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».