تفاؤل دولي واسع مع انطلاق منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي

المشاركون يتبنون شعار «نعمل معاً بدلاً من التنافس»

جانب من المشاركين في النسخة الأولى لمنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي
جانب من المشاركين في النسخة الأولى لمنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي
TT

تفاؤل دولي واسع مع انطلاق منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي

جانب من المشاركين في النسخة الأولى لمنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي
جانب من المشاركين في النسخة الأولى لمنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي

وسط تفاؤل دولي واسع المجال بما يمكن أن يتحقق، انطلق صباح أمس منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي (ICF Egypt 2021) في نسخته الأولى، تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبمشاركة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التعاون الدولي، وعدد من الوزراء، بالإضافة إلى مشاركة رفيعة المستوى من ممثلي الحكومات من قارة أفريقيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، ورؤساء مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية، وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأكدت أمينة محمد، نائب الأمين العام للأمم المتحدة رئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، أهمية التعاون الدولي في تقديم حلول للدول من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتقليل التفاوت الاجتماعي، ودعم جهود حماية حقوق الإنسان.
وأشارت في الكلمة التي ألقتها افتراضياً، عبر الاتصال المرئي، خلال فعاليات الجلسة الأولى، إلى أهمية المنتدى في نقل المعارف، واستكشاف فرص أكبر من أجل مزيد من التعاون الدولي في تحقيق الأهداف المشتركة للدول.
ومن جانبها، عبرت غوتا أوروبيلينين، مفوضة الاتحاد الأوروبي للشراكات الدولية، عن تفاؤلها بما سيتوصل إليه المنتدى من برنامج عمل وتوصيات من خلال مناقشاته، مشيرة إلى أهمية القضايا والموضوعات في إطار ما يطرحه من شراكات لتحقيق التنمية المستدامة.
وقالت أوروبيلينين في كلمتها إن جائحة كورونا أودت بحياة نحو 4.5 مليون شخص، وإن خطورة تداعيات تلك الجائحة تتزايد في ضوء غياب المساواة الاقتصادية، مشددة على ضرورة معالجة الأزمة بجهود دولية متواصلة، وخلق الفرص الواعدة المناسبة لإعادة ترميم البناء الدولي، وزيادة التبادل، وتحقيق الأهداف الأممية. وأضافت: «نستطيع معاً الترويج للنمو المستدام، وزيادة تعليم السيدات والشباب»، مؤكدة استعداد الاتحاد الأوروبي للتعاون المستمر مع الأطراف كافة لدعم جهود التنمية.
وعبرت مفوضة الاتحاد الأوروبي عن تطلعها للتعاون المستمر لإنجاح قمة الاتحادين الأوروبي والأفريقي التي ستعقد في 2022، وضرورة تحويل التحديات إلى فرص ونمو تاريخي.
وبدوره، قال جيفري شلاغينهوف، نائب الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن التمويلات التي حصلت عليها أفريقيا غير كافية لتحقيق التنمية المستدامة في دول القارة التي تعاني من كثير من المشكلات. وأضاف أن أفريقيا حصلت على منح تقدر بنحو 41.4 مليار دولار خلال عام 2018 - 2019، وهو تمويل غير كافٍ، قياساً باحتياجات القارة، مؤكداً ضرورة حشد التمويلات الدولية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحفيز وتشجيع القطاع الخاص.
وأشار شلاغينهوف إلى أن النظام متعدد الأطراف أثبت نجاحه خلال جائحة كورونا، وأن مواصلة هذا التعاون سيكون ضرورياً من أجل تحقيق التعافي الكامل من الجائحة.
وعقد المنتدى نسخته الأولى تحت شعار «شراكات لتحقيق التنمية المستدامة»، وجمع الأطراف ذات الصلة لتعزيز العمل المشترك من أجل دعم أجندة الأمم المتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وحشد الجهود الدولية لمواجهة التحديات التي تواجه العالم عقب جائحة كورونا، وتحول دون تحقيق التنمية.
وعلى هامش المنتدى، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، ضرورة سعي دول العالم للبحث عن أدوات مبتكرة لتوفير التمويلات، وتحقيق التكامل بين شركاء التنمية، مشيرة إلى أن محفظة التعاون الدولي الجارية في مصر تبلغ حالياً نحو 25 مليار دولار، وتسهم في تنفيذ عدد كبير من المشروعات التنموية بمختلف المحافظات. وخلال تصريحات إعلامية، أكدت المشاط أن جميع الدول واجهت تحديات مشتركة منذ بداية عام 2020 بسبب جائحة كورونا، مشيرة إلى أنه على الرغم من التداعيات السلبية، فإنها دفعت العالم للتكاتف واستكشاف الأهداف المشتركة. وأوضحت أنه من أكثر الإيجابيات التي أظهرتها جائحة كورونا التأكيد على ضرورة التركيز على التعاون متعدد الأطراف لتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما دفع مصر لجمع الأطراف المعنية من الحكومات والقطاع الخاص والجهات الدولية من أجل مشاركة تجارب الدول المختلفة، بما يدفع العمل متعدد الأطراف.
وبيّنت الوزيرة أن الحكومة المصرية تستهدف من خلال مشروعاتها تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأن وزارة التعاون الدولي قامت بإعداد خريطة لمطابقة التمويلات الإنمائية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة. وعبرت المشاط عن تقديرها للمشاركة الكبيرة في المنتدى الذي تريد مصر أن تعرض فيه تجربتها ومشاركة خبراتها من أجل مزيد من التعاون مع مؤسسات التمويل الدولية والحكومات.
وبدوره، أشاد بورغي براندي، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بما حققته مصر من نجاحات وإصلاحات على صعيد مختلف القطاعات الاقتصادية، مشيراً إلى أن مصر تعد من الدول الناشئة القليلة التي حققت نمواً اقتصادياً فاق 3 في المائة، على الرغم من تداعيات أزمة تفشي كورونا.
وقال براندي: «إننا نعمل ونتشارك مع مصر في الجهود من أجل تقليل الفجوة بين الجنسين، وزيادة مشاركة النساء في القوى العاملة، وتقليل الفجوة في الأجور وتحسينها... ولدينا حاجة ملحة لبناء شراكات على مستوى التصدي لتداعيات تزايد الإصابة بـ(كوفيد - 19)، وما ينتج عن ذلك من آثار سلبية على اقتصاديات العالم»، مشيراً إلى أن الانتشار السريع الواسع للقاحات التي تقلل من الإصابة بالمرض، وتحمي المواطنين ضد العدوى بالفيروس، لم يكن له أن يتحقق إلا بالشراكات العالمية، وأنه لا بد من تعزيز التعاون متعدد الأطراف، مرجعاً ذلك إلى أن «أمر مواجهة كورونا يصعب على حكومة واحدة».
وأضاف: «كنا نعمل ونتعاون من أجل هدف بناء نظم اقتصادية واجتماعية، ووضع نظم للأمن الغذائي، ونحن بحاجة للابتكار في التعاون بما يتوافق مع الثورة الصناعية والذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن يضيف 5 تريليونات دولار للاقتصاد العالمي خلال هذا العقد، وأيضاً أن نعمل معاً، بدلاً من التنافس»، مشيراً إلى إنشاء مراكز للذكاء الاصطناعي لمساعدة البلدان، موضحاً أنه يوجد وديان للسيليكون عبر 3 مراكز في الشرق الأوسط، منها 2 في أفريقيا، والثالث في الإمارات.
وأشار براندي إلى أن «العقد الماضي كان الأكثر دفئاً وارتفاعاً في درجة الحرارة، وعلينا أن ندرك أن المناخ من أكثر التحديات خلال المرحلة المقبلة، وأنه لا بد من مزيد من التعاون مع مصر، وتحسين مناخ الاستثمار، وتقديم دور متميز للمنظمات متعددة الأطراف حتى لا تتهاوى الاستثمارات الناشئة، وأن يكون هناك تعويض عن نقص التعاون في المجال الدولي».
وناقش المشاركون في المنتدى، على مدار 5 جلسات أمس، عدداً من القضايا والموضوعات، انصبت حول دور الشراكات متعددة الأطراف في جهود إعادة البناء ما بعد «كوفيد - 19»، وتعزيز آليات التمويل الدولي للتوافق مع أهداف التنمية المستدامة 2030، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية من خلال التعاون الدولي، والتحول الأخضر: الفرص والتحديات التي تواجه الدول النامية، بالإضافة إلى جلسة حوارية مع القطاع الخاص في ظل الدور الرئيسي الذي يقوم به لتحقيق التنمية. كما تشمل فعاليات المنتدى، اليوم (الخميس)، 6 ورش عمل تنظمها وزارة التعاون الدولي مع المؤسسات الدولية.
ويختتم المنتدى أعماله اليوم بإصدار بيان ختامي حول «الاستثمار في رأس المال البشري»، وتوصيات من المشاركين من الدول والمنظمات الدولية والأمم المتحدة كافة. كما يشهد إطلاق مبادرات دولية وإقليمية نوعية، بين وزارة التعاون الدولي وشركائها، ويستعرض التجارب الدولية في مجال التعاون الإنمائي، من بينها التجربة المصرية لمطابقة التمويل الإنمائي مع أهداف التنمية المستدامة، ووضع إطار للدبلوماسية الاقتصادية.


مقالات ذات صلة

القطاع الخاص غير النفطي المصري يشهد أقوى نمو في 5 سنوات بنوفمبر

الاقتصاد محطة في ميدان السيدة عائشة في القاهرة تزدحم بعدد كبير من سيارات الميكروباص (إ.ب.أ)

القطاع الخاص غير النفطي المصري يشهد أقوى نمو في 5 سنوات بنوفمبر

أظهر مسحٌ للأعمال نُشر يوم الأربعاء أن القطاع الخاص غير النفطي في مصر سجَّل أسرع نمو له في خمس سنوات في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد شعار «إيني» أمام مقرها الرئيسي في سان دوناتو ميلانيزي بالقرب من ميلانو بإيطاليا (رويترز)

«إيني» تخطط لضخ استثمارات بـ8 مليارات دولار في مصر

أعلنت شركة «إيني» الإيطالية عزمها ضخ استثمارات إضافية في السوق المصرية بإجمالي قيمة 8 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المصريون يترقبون زيادة في أسعار الاتصالات (تصوير عبد الفتاح فرج)

المصريون يترقبون زيادةً في أسعار الاتصالات وسط مخاوف من التأثيرات

يترقب المصريون زيادةً جديدةً في أسعار الاتصالات وسط مخاوف من تأثيراتها على خدمات أخرى.

عصام فضل (القاهرة )
الاقتصاد مقر «ستاندرد بنك» في جنوب أفريقيا (موقع البنك)

«ستاندرد بنك» تعلن رسمياً افتتاح مكتبها التمثيلي في مصر

أعلنت مجموعة «ستاندرد بنك»، أكبر مؤسسة مالية في أفريقيا من حيث الأصول، الأربعاء، عن الافتتاح الرسمي لمكتبها التمثيلي في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس مجلس الوزراء المصري يجلس بجانب وزراء من الدول العربية خلال فعاليات منتدى التجارة والاستثمار المصري - الخليجي بالقاهرة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تدعو المستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي إلى ضخ مزيد من الاستثمارات

قال رئيس مجلس الوزراء المصري إن دول مجلس التعاون الخليجي من أهم شركاء مصر على الصعيدين التجاري والاستثماري داعياً إلى زيادة الاستثمارات العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.