المتحف المصري ينتهي من ترميم وتوثيق 626 تابوتاً نادراً

تعود إلى العصور الفرعونية واليونانية والرومانية

العمل في مشروع ترميم التوابيت الخشبية بالمتحف المصري (الشرق الأوسط)
العمل في مشروع ترميم التوابيت الخشبية بالمتحف المصري (الشرق الأوسط)
TT

المتحف المصري ينتهي من ترميم وتوثيق 626 تابوتاً نادراً

العمل في مشروع ترميم التوابيت الخشبية بالمتحف المصري (الشرق الأوسط)
العمل في مشروع ترميم التوابيت الخشبية بالمتحف المصري (الشرق الأوسط)

في مشروع يعد الأكبر من نوعه استغرق العمل عليه أكثر من عامين انتهى المتحف المصري بالتحرير مؤخراً، من ترميم وتوثيق مجموعة نادرة من التوابيت الخشبية، كانت محفوظة بمخازن البدروم والطابق الثالث، وصل عددها إلى 626 تابوتاً، يعود تاريخ بعضها إلى العصور الفرعونية واليونانية والرومانية، ويبلغ عمر بعض منها أكثر من 4500 سنة، وقد شملت أعمال الحصر والمسح الشامل والتوثيق الفوتوغرافي، من ثمّ الترميم وإصلاح مظاهر التلف، حيث يعتزم المتحف عرض مجموعات منها على الجمهور خلال الفترة المقبلة، بعضها يعرض للمرة الأولى، في حين نُقل عدد منها إلى متاحف أخرى.
شارك في المشروع فريق عمل من إدارة الترميم بالمتحف المصري في التحرير، وعدد من مختصي الآثار وأمناء المتحف، ومجموعة من الفنيين والعمال والمصورين، ممن تلقوا دورات وورشاً تدريبية ومحاضرات نظمها خبراء وعلماء آثار في طبيعة التوابيت وتاريخها وطرق الحفاظ عليها.
تعود مجموعة التوابيت الخشبية التي شملها المشروع إلى عصور مختلفة، بعضها ينتمي إلى عصر الأسرة الثالثة عام 2650 قبل الميلاد، والعصرين اليوناني والروماني، في حين يصل عمر أقدمها إلى أكثر من 4500 عام، اكتشفت في مواقع أثرية متنوعة، مثل مدينتي الأقصر والمنيا (جنوب مصر) وأخميم ومنطقة سقارة بالجيزة، ومن أبرز هذه المجموعات تلك التي اكتُشف عام 1891 في خبيئة الدير البحري بالأقصر وتعد أكبر مقبرة سليمة وجدت في مصر بالقرن الـ19، اكتشفها أوجين جريبو، مدير مصلحة الآثار المصرية ومتحف الجيزة في 31 يناير (كانون الثاني) 1891، وكانت تضم 254 تابوتاً لكهنة وكاهنات آمون من عصر الأسرة الـ21 (1070 - 945) قبل الميلاد.
ويستعد المتحف المصري لعرض مجموعات من التوابيت الخشبية التي شملها المشروع على الجمهور خلال الفترة المقبلة، في حين نُقلت مجموعة منها لعرضها بمتاحف أخرى، منها متاحف شرم الشيخ والغردقة والمطار وفق صباح عبد الرازق، مديرة المتحف المصري بالتحرير، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «المتحف سيعرض خلال الفترة المقبلة مجموعات من التوابيت الخشبية التي شملها المشروع، بعضها يعرض على الجمهور للمرة الأولى، غُلّفت وحُفظت بطريقة علمية عقب انتهاء الترميم والتوثيق الأثري والفوتوغرافي باستخدام كاميرات عالية الجودة، كما رقّمنا الملفات التي تتضمن المعلومات الأثرية والتاريخية والفنية عن كل تابوت وصوره الفوتوغرافية على أجهزة الكومبيوتر».
تجدر الإشارة إلى أنّ التابوت الخشبي عبارة عن صندوق من الخشب له غطاء، يأخذ أحياناً شكل آدمي لوجه المومياء التي كانت بداخله، أو يكون مجرد مستطيل وفق عزة فتحي، مديرة إدارة الترميم في المتحف المصري بالتحرير، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «تحوي بعض التوابيت على نقوش داخلية، أو تكون مطلية بطبقة مذهبة رقيقة من الخارج، ومعظمها مصنوع من الخشب عليه طبقة من الجسو الرقيقة، يشبه الجس أو الجبس».
ومن أبرز مظاهر التلف التي تم إصلاحها وترميمها بالتوابيت حسب فتحي، انفصال الخشب عن بعضه، بسبب التخزين لفترة طويلة والعوامل الطبيعية التي تسبب انكماش أو تمدد الأخشاب، حيث أجريت عمليات تجميع للأجزاء المتفسخة باستخدام «كويلة خشبية»، وهي وتد دقيق يشبه المسمار لكنّه مصنوع من الخشب، ويُدخل لربط أجزاء التابوت وإعادتها إلى وضعها الطبيعي. وقد لجأ خبراء الترميم إلى حشو بعض أجزاء التوابيت لعلاج الشروخ العميقة، باستخدام خليط من مادة «الميكروبالون» وهي مادة زجاجية عبارة عن بودرة ناعمة تذاب في مركب الأسيتون مع مادة كرستالية أخرى يطلق عليها «بارالويد»، وتُحشى فراغات الخشب بالخليط الذي يتميز بأنه مكون استرجاعي، بمعنى أنه يمكن إزالته في المستقبل أو استبداله بمواد أخرى أحدث.
وتشير فتحي إلى أنّ «ضعف طبقة الألوان أو تلفها كان إحدى مظاهر التلف البارزة التي عانت منها التوابيت؛ إذ أعدنا لونها الطبيعي باستخدام محلول (كلوسيل) مضافاً إليه الكحول، ويكون تركيز المحلول بنسبة 2 في المائة، ويستخدم لتقوية طبقة الألوان.
وقد تعاملنا مع جميع مظاهر التلف انطلاقاً من رؤية مدرسة الترميم بالمتحف المصري، ولم تُستبدل أي أجزاء إلّا للضرورة القصوى، بل يجب إعادة الأثر إلى حالته الأصلية عن طريق علاج وصيانة أجزائه».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.