مصر تحتفل بمئوية مسرح سيد درويش بالإسكندرية

عبر فعاليات تشكيلية وموسيقية واستعراضية

TT

مصر تحتفل بمئوية مسرح سيد درويش بالإسكندرية

احتفلت مصر، مساء أول من أمس، بمئوية مسرح سيد درويش بالإسكندرية (شمال مصر)، أحد المسارح التابعة لدار الأوبرا المصرية، عبر فقرات استعراضية وموسيقية مبهرة، وسط حضور مسؤولي وزارة الثقافة المصرية، وعدد من القيادات الشعبية والمحلية بالإسكندرية.
وعدّت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، هذا المسرح التاريخي بأنّه «واحد من أجمل المباني وأحد كنوز الإسكندرية المعمارية»، وأضافت خلال كلمتها بالاحتفالية: «ساهم مسرح سيد درويش في إثراء الحركة الفنية في مدينة الثغر، حيث وقف على خشبته زعماء وملوك ورؤساء وكبار الفنانين في مصر والعالم، بجانب إتاحته الفرصة للواعدين ليعبِّروا عن أنفسهم».
مسرح سيد درويش، الذي افتتح في عام 1921، من تصميم المهندس الفرنسي جورج بارك، الذي استوحى تصميمه الفني من عناصر أوبرا فيينا ومسرح أوديون في باريس، وسُمي في البداية باسم مسرح محمد علي، ولكنّه سمي فيما بعد بمسرح سيد درويش نظراً لريادته في عالم الموسيقى العربية. وتعرض المبنى لأضرار بالغة جراء عمليات ترميمه في نهاية تسعينات القرن الماضي، وفي عام 2000 كان المبنى المهمل قد أدرج تحت قائمة التراث المصري، وبدأت العمليات المكثفة لتجديده، وبعد سنوات من العمل الدؤوب، عاد المبنى لسابق عهده وإلى رونقه وبهائه، ليعاد افتتاحه مجدداً في عام 2004، بحسب موقع دار الأوبرا المصرية.
وكان عرض «شهرزاد» أول عرض مسرحي قدم عليه في 30 يونيو (حزيران) عام 1921. وفي عام 1962 أُطلق اسم الموسيقار المصري الكبير سيد درويش، على المسرح، نظراً لريادته في عالم الموسيقى العربية، ويسع مسرحه الكبير 1000 مقعد، وتبلغ مساحته الكلية 4200 متر مربع، ويقع في طريق الحرية (شارع فؤاد) بمنطقة محطة الرمل (وسط الإسكندرية).
والموسيقار سيد درويش، المولود في عام 1892 باﻹسكندرية، يعد واحداً من أهم الموسيقيين العرب على مدار التاريخ، ومجدد الموسيقى العربية، حسب النقاد والموسيقيين، ورغم وفاته وهو في ريعان شبابه، في سبتمبر (أيلول) 1923، فإنه ترك إرثاً فنياً مهماً.
الدكتور أبو الحسن سلام، أستاذ المسرح بجامعة الإسكندرية، وأحد المكرمين في حفل مئوية مسرح سيد درويش لإسهاماته الفنية المميزة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «في نهايات القرن التاسع عشر، أنشأ الخواجة زيزينيا (القنصل العام لبلجيكا وفرنسا) بمدينة الإسكندرية وقتئذ، وأحد أكبر تجار المدينة مسرحين، الأول شتوي، يحتل مكانه حالياً مسرح سيد درويش، والثاني، صيفي كان يطل على البحر المتوسط، ووقف عليهما رواد المسرح في العالم العربي والغربي على غرار الفنانة سارة برنارد، لكن بعد تعرض المسرحين للحريق، قام المسرحي اللبناني سليمان قرداحي ببناء مسرح سيد درويش في نهاية العقد الثاني من القرن العشرين.
وبسبب أهمية مسرح سيد درويش وتميز جمهور الإسكندرية، كان يحرص الكثير من المسرحيين المصريين على عرض أعمالهم في البداية به، لاستشراف نجاح عروضهم من عدمه، بحسب أبو الحسن، الذي يتذكر بعض المواقف الغريبة التي وقعت على خشبة مسرح سيد درويش خلال العقود الماضية قائلاً: «الفنان المصري محمد صبحي اختار هذا المسرح لعرض مسرحيته (هاملت) في بداية مشواره الإخراجي، لكن الجمهور لم يتقبلها في البداية، وصاح لوقف العرض، وأُسدل الستار، لكن أستاذة الدراما الشكسبيرية الراحلة زينب رأفت، وقفت على خشبة المسرح، وقالت إن هذا العمل عمل مهم، وجيد ويجب مشاهدته، ووافق الجمهور وحقق العرض نجاحاً لافتاً عقب ذلك.
ويضيف أبو الحسن: «حدث موقف طريف آخر على خشبة هذا المسرح العريق، فبينما كان الفنان الراحل جورج أبيض الذي كان يتميز ببنيان جسدي ضخم، يواصل تقديم أحد عروضه لم يستطع فهم كلمات الملقن ألقابع بداخل الكمبوشة، فتوجه إليه ورفعه بيده من داخلها ووجه إليه كلمات كوميدية، وحدث موقف آخر مع جورج أبيض عندما كان يغني معه مطرب كفيف استرسل في الغناء على غير العادة، فنهره جورج بصوت عال، ما دعا المطرب إلى البحث عنه بعكازه لمهاجمته لخروجه عن النص».
وكرّمت وزيرة الثقافة ومحافظ الإسكندرية 21 شخصية قدمت إسهامات متميزة للمسرح، من بينهم عازف الفيولينة المايسترو ياسر الصيرفي، والفنان التشكيلي خالد هنو، واسم الموسيقار الراحل الدكتور جهاد داود، والدكتورة نيفين المحمودي، وأستاذ الفلكلور علي الجندي، والمايسترو عبد الحميد عبد الغفار، والدكتور أبو الحسن سلام.
حفل المئوية الذي أخرجه الفنان وليد عوني، بدأ بعرض للموسيقى العسكرية حول مبنى المسرح، قبل إزاحة الستار عن تمثال سيد درويش الذي أهداه المثّال الراحل جابر حجازي لدار الأوبرا المصرية، تلاه عرض إسقاط ضوئي مبهر على واجهة المسرح عبّر عن فكرة بناء المسرح وانتمائه إلى مدينة الثغر. كما افتتح معرض تشكيلي في البهو للفنان خالد هنو ضم 30 عملاً زيتياً بجانب معرض آخر لعدد من المستنسخات الوثائقية عن مسرح سيد درويش ومدينة الإسكندرية أعدته دار الكتب والوثائق القومية، فيما تناول فيلم «مسرح سيد درويش... 100 عام من الإبداع» تاريخ المسرح العريق، واختتم الحفل بفقرة غنائية بقيادة المايسترو إيهاب عبد الحميد ضمت باقة من الأعمال الغنائية لفارس الأغنية مرسي جميل عزيز الذي تتزامن مئوية المسرح مع الاحتفال بمرور 100 عام على ميلاده، منها «شباكنا ستایره حرير»، و«أما براوة»، و«أكدب عليك»، و«من حبي فيك يا جاري»، و«سيرة الحب»، و«ألف ليلة وليلة»، وغيرها من أغنياته الشهيرة.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.