ما هو «العقد غير المرئي» لوسائل الإعلام مع العائلة المالكة البريطانية؟

صحف يومية بريطانية تتناول مقابلة الأمير البريطاني هاري وميغان ماركل مع أوبرا وينفري (أ.ف.ب)
صحف يومية بريطانية تتناول مقابلة الأمير البريطاني هاري وميغان ماركل مع أوبرا وينفري (أ.ف.ب)
TT

ما هو «العقد غير المرئي» لوسائل الإعلام مع العائلة المالكة البريطانية؟

صحف يومية بريطانية تتناول مقابلة الأمير البريطاني هاري وميغان ماركل مع أوبرا وينفري (أ.ف.ب)
صحف يومية بريطانية تتناول مقابلة الأمير البريطاني هاري وميغان ماركل مع أوبرا وينفري (أ.ف.ب)

لعقود من الزمن، كان شعار «لا شرح ولا تذمر» أساس حياة العائلة الملكية البريطانية، بما في ذلك تعاملها مع الصحافة. لكن ما تم الكشف عنه في مقابلة دوق ودوقة ساسكس مع الإعلامية أوبرا وينفري أدى إلى التشكيك في علاقة العائلة المالكة مع وسائل الإعلام، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وتحدث الأمير هاري عن «عقد غير مرئي» بين العائلة المالكة والمراسلين -عالم يتم فيه عرض حقائق للرأي العام ويتم قبول مستوى معين من التدقيق، مقابل الخصوصية خلف أبواب القصر.
وأوضحت ميغان ماركل، زوجة الأمير: «هناك سبب يجعل هذه الصحف الشعبية تقيم حفلات في القصر».
لكن هذا العقد المزعوم لا يمكن أن يمنع ما وصفته ميغان بأنه «جنون إعلامي»، كان له تأثير كبير على الصحة العقلية للزوجين ولعب دوراً كبيراً في قرارهما التخلي عن مهامهما الملكية العام الماضي.
في غضون ذلك، كشف الأمير هاري أنه «يخشى أن يعيد التاريخ نفسه» -في إشارة إلى والدته ديانا، أميرة ويلز، التي لقيت حتفها في حادث سيارة في باريس في أثناء مطاردتها من الصحافة.

* إذن، كيف تم العمل بهذا العقد في الأصل؟
تقول الدكتورة لورا كلانسي، محاضرة في الإعلام في جامعة لانكستر، إن العلاقة بين النظام الملكي ووسائل الإعلام كانت تاريخياً مفيداً للطرفين.
بالنسبة لقصر باكنغهام، كانت الصحافة أداة للتواصل، بينما استخدمت وسائل الإعلام النظام الملكي منذ فترة طويلة لجذب القراء والمشاهدين.
وتقول كلانسي إنه في العقود الأخيرة، كان على أفراد العائلة المالكة العمل في «عصر التابلويد وعصر النميمة الملكية»، وكانت ميغان هي الأحدث في تذوق الحياة تحت المجهر الإعلامي.
وتشرح الدكتورة قائلة: «إن تكوين العائلة المالكة، كأفراد ذات قصص خاصة، يعني أن الحياة الملكية يمكن أن تستهلك من قبل الجماهير في عصر الاهتمام بحياة الشخصيات العامة».
وأظهرت أرقام الباحثين في محرك البحث «رايز آت سافين» أنه تم نشر 74 ألف مقالة حول ميغان في جميع أنحاء العالم منذ أن أكد الدوق والدوقة خطط إبعاد نفسيهما عن القصر.
علاوة على ذلك، قفز البحث عن الدوقة بنسبة 600% بعد الإعلان عن مقابلة الزوجين مع أوبرا وينفري.
ومع ذلك، على الرغم من هذا الاهتمام، فإن الجمهور البريطاني بشكل عام «لا يعرف إلا القليل عن الأعمال الداخلية» بين النظام الملكي ووسائل الإعلام، مثل النظام الذي يمنح «بعض الصحافيين وصولاً أكثر دقة إلى الأحداث الملكية»، كما تؤكد كلانسي.
ولطالما كانت هناك ترتيبات غير رسمية، مثل ما تسمى «اتفاقية براشير كوكير»، حيث ترك المصورون بعض الخصوصية للأميرين ويليام وهاري في أثناء متابعة تعليمهما، «في مقابل تحديد مناسبات متقطعة عندما تتم دعوتهم إلى تنظيم جلسات تصوير»، مثل عيد ميلاد الأمير ويليام الثامن عشر في كلية إيتون.
ويستمر ذلك على الإنترنت بشكل جديد مع منشورات عائلة الأمير عبر «إنستغرام»، والتي «يبدو أنها تمنح الجماهير وصولاً خاصاً لأفراد العائلة المالكة، لكنهم يشعرون بأن الأمر منظم بعناية»، وفقاً لكلانسي.

* العصر الرقمي
مع ذلك، فإن الهيمنة المتزايدة للأخبار الرقمية قد غيّرت هذه العلاقة، حيث تتدافع الصحافة لتحقيق الأرباح في مشهد إعلامي سريع التغير.
ويقول روب ويذرهيد، خبير الإعلانات الرقمية: «لا تزال الصحف تعمل في مجال بيع الجمهور للمعلنين والقراء وعدد مشاهدة الصفحة... لم يتغير ذلك بشكل أساسي مع الانتقال إلى العصر الرقمي، ولكن المقاييس والأرقام المعنية قد تغيرت».
ويوضح أن الناشرين الآن «يعطون الأولوية للعدد أكثر من الجودة». وبينما كان الأمر في السابق يعد صراعاً من أجل مركز الصدارة في منصة الأخبار، يتنافس الناشرون اليوم عالمياً على الأسبقية في محركات البحث.
ويبدو أن المصلحة العامة الدائمة في النظام الملكي تجعل أفراد العائلة المالكة «موضوعات ذات أهمية كبيرة للمنشورات، بغضّ النظر عن وجهات النظر الفردية».
وقد أوضح حجم التغطية المحيطة بميغان ومقابلة أوبرا هذا الأمر بشكل خاص.
خلال شهر فبراير (شباط)، عندما تم الإعلان عن المقابلة وحمْل ميغان لأول مرة، كان هناك 6080 مقالة مكتوبة. منذ ذلك الحين، ارتفع الاهتمام بشكل كبير.
في الأسبوع الأول من شهر مارس (آذار) وحده، تم نشر 25 ألفاً و894 قطعة تتحدث عن الدوقة -بزيادة أكثر من 600%. ومساء الاثنين، مع رد فعل العالم على مقابلة الزوجين، قفز هذا العدد إلى 448 مقالة في 24 ساعة، بزيادة يومية قدرها 348%.
وأثّر عدم الاستقرار بشكل مباشر على علاقة العائلة المالكة بالصحافة. لم يعد أي من الجانبين قادراً على التحكم بسهولة في الأخبار وتحديد العلاقة.
وأخبر الأمير هاري وينفري بأن وسائل الإعلام الشعبية البريطانية «متعصبة» وتخلق «بيئة سامة» من «السيطرة والخوف». لكنه أضاف: «أنا على دراية تامة بموقف أسرتي ومدى خوفها الشديد من انقلاب الصحف الشعبية عليها».


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
TT

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

نحو إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، والتكنولوجيا، والابتكار، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أبوابه رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، بوصفه أول مركز مخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، متخذاً من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي موقعاً له.

ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية في السعودية، في الوقت الذي انطلق ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة.

وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة السعودية إن «مركز الدرعية لفنون المستقبل يجسّد التزامنا بتطوير الإنتاج الفني المبتكر واحتضان أشكال جديدة من التعبير الإبداعي، فمن خلاله نسعى إلى تمكين الفنانين والباحثين ودعمهم لإنتاج أعمال بارزة والخروج بأصواتهم الإبداعية إلى الساحة العالمية».

وأشارت إلى أن المركز سيُوظّف مساحاته للتعاون والإبداع لترسيخ مكانة المملكة في ريادة المشهد الثقافي والتأكيد على رؤيتها في احتضان أشكال التعبير الفني محلياً وعالمياً.

من جانبه، بين الدكتور هيثم نوار مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل أن افتتاح المركز يمثّل منعطفاً في السردية القائمة حول فنون الوسائط الجديدة، لكونه يخرج بالمرئيات والتصوّرات الإقليمية إلى منابر الحوار العالمية.

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

وقال: «إن المركز سيتجاوز حدود الإبداع المتعارف عليها نحو آفاق جديدة، وسيقدّم للعالم مساحة للابتكار والنقد الفني البنّاء عند تقاطع الفن والعلوم والتكنولوجيا».

وتتزامن انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعياً... آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» خلال الفترة من 26 نوفمبر (تشرين ثاني) إلى 15 فبراير (شباط) المقبل، حيث يستكشف المعرض، الذي أشرف عليه القيّم الفني جيروم نوتر، تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة تحمل توقيع أكثر من 30 فناناً إقليمياً وعالمياً.

وسيحظى الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان).

وسيكون للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو وناصر بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث يعرّفون الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية.

وبالتزامن مع الافتتاح، يُطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الاستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا. ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازمين لإبداع أعمال متعددة التخصصات.

وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية، المخصص لفناني الوسائط الرقمية، في الفترة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) 2025، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز.

ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي.