غل بعد صمت طويل: تركيا تدار بالمؤامرات والتخويف كدولة حزبية

حكومة إردوغان تفتقد الشفافية وأفقدت البلاد الثقة بسبب انتهاك الحريات

TT

غل بعد صمت طويل: تركيا تدار بالمؤامرات والتخويف كدولة حزبية

قال الرئيس التركي السابق عبد الله غل إن تركيا أصبحت دولة تدار بالمؤامرات وتعديل الدستور المتكرر والانتخابات المبكرة والتخويف من محاولة الانقلاب التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، ما أفقدها استقرارها، مشدداً على أن أكبر خطأ تقع فيه حكومة العدالة والتنمية برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان هو اعتمادها على سياسة الاقتراض.
وبعد فترة صمت طويلة، نأى فيها غل عن إقحام نفسه في المناقشات السياسية اليومية، خرج بتصريحات شن فيها هجوماً على سياسات حزبه السابق، لافتاً إلى أن تركيا أصبحت تحكم الآن بمنطق «دولة الحزب»، التي يعمل بها قادتها الحاليون. وشهدت السنوات الست الماضية خلافات كبيرة بين غل ورفيقه السابق (إردوغان) بسبب محاولته الانفراد بالسلطة والسيطرة على جميع مقاليد الحكم عبر إقرار النظام الرئاسي، الذي رفضه غل من البداية. وكان إردوغان حذف اسم غل من قائمة مؤسسي حزب العدالة والتنمية بعد انتهاء فترة رئاسته لتركيا عام 2014، وابتعد غل عن الانخراط في نقاشات السياسة، إلا عندما يرى أن هناك أمراً يقتضي إعلان رأيه، كما حدث عند طرح الاستفتاء على تعديل الدستور لإقرار النظام الرئاسي في أبريل (نيسان) 2017، وتعديل قانون مكافحة الإرهاب، ثم عندما أصر إردوغان على إعادة الانتخابات المحلية في إسطنبول بعد فوز أكرم إمام اوغلو مرشح المعارضة في جولتها الأولى في 31 مارس (آذار)، معتبراً أن ذلك ضد الديمقراطية.
ويدعم غل نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، الذي أسس مؤخراً حزب «التقدم والديمقراطية»، دون أن يكون له دور تنفيذي في الحزب. وأكد باباجان ذلك عندما قال: «الرئيس السابق عبد الله غل يدعمنا كأخ أكبر نستفيد من آرائه ونستشيره في كثير من الأمور».
ودافع غل، في مقابلة مع صحيفة «قرار» التركية أمس (الاثنين)، عن موقفه الرافض للنظام الرئاسي. وأكد أن «الحكم في تركيا يجب أن يقوم على مبدأ فصل السلطات ومنحها الاستقلالية المطلوبة، دون فرض الوصاية عليها من أي جهة كانت... النظام البرلماني القوي مناسب أكثر لحكم تركيا... قلت ذلك من قبل وأكرره الآن».
وتابع غل: «دولة القانون والديمقراطية المثالية في بلدنا لا تتحقق إلا بالنظام البرلماني... هذا هو المعيار الأساسي للتنمية الاقتصادية المستدامة»، لافتاً إلى أنه في ظل الأوضاع الحالية، لا يمكن رؤية استراتيجيات قائمة على التحليل والخبرة، وهو ما يمثل تدهوراً خطيراً في المؤشرات المالية والاقتصادية. وغل هو الرئيس الحادي عشر لتركيا وأسهم في تأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، وسبق له أن شغل منصب رئيس الحكومة، قبل أن يتخلى عنه لصالح إردوغان عام 2002، ليشغل بعدها منصب وزير الخارجية حتى عام 2007، حيث تولى منصب رئيس الجمهورية حتى عام 2014.
وأكد غل أن تركيا تتراجع بشكل كبير إلى الوراء، والأصول الموجودة في البنوك بدأت تفقد قيمتها بسبب ركودها منذ سنوات، واصفاً الوضع الحالي لتركيا بـ«المقلق»، مضيفاً أن إدارة تركيا بتعديل الدستور والانتخابات المتكررة والمؤامرات والتخويف بمحاولة الانقلاب، كل ذلك شكل تغييراً جذرياً وهز تركيا وأفسد الاستقرار السياسي والاقتصادي.
وقال غل: «إذا كنا نستطيع الوقوف والصمود حتى يومنا، فذلك بفضل التحول الذي حدث في الاقتصاد التركي في أول 5 سنوات من حكم العدالة والتنمية بفضل الإصلاحات التي قمنا بها في ذلك الوقت... تأكدنا وقتها أن بلدنا لديها اقتصاد متين ومقاوم للصدمات الداخلية والخارجية. وكانت تلك المسألة هي فخرنا في كل مكان. لكن السياسات التي بدأت في عام 2002 باتت تفسد في السنوات التالية».
وأضاف: «لقد ذهبت الرؤية الأصلية مع مرور الوقت. انخفضت الضمانات القانونية واحترام الملكية الشخصية والضمانات التي تحمي حقوق الإنسان وانعدمت الشفافية. لسوء الحظ النفقات العامة ليست شفافة اليوم. وأصبحت الثقة في المؤشرات الاقتصادية موضع شك. الإنفاق العام خارج نطاق السيطرة من خلال آليات متنوعة، وهذا لا يجعل من الممكن التنبؤ بوضع تركيا، وبالتالي يجعلها دولة لا يمكن الثقة بها».
وانتقد الرئيس التركي السابق حكومة إردوغان، مشيراً إلى أن أكبر خطأ اقترفته هو سياسة الاقتراض والاستدانة، مضيفاً: «أرى أن الخطأ الأكبر هو الاقتراض. ذلك يمهد لحدوث مشكلة كبيرة في المستقبل؛ لأن حكومة العدالة والتنمية ستحتاج لمصدر متكرر للديون الداخلية بالعملة الأجنبية. تقترض البلد اليوم بتكاليف عالية». وأكد غل أن المجتمع التركي يستشعر منذ فترة غياب الرؤية في الاقتصاد، ويلاحظ كذلك غياب الشفافية واعتماد الدولة على سياسات عشوائية غير قائمة على التخطيط، «لقد تآكلت وغابت الرؤية التي انطلقنا منها في البداية بمرور الوقت». وأوضح غل أن «ما يتوجب تحقيقه على المدى القصير هو تبني عقلية سياسية تضمن توسيع نطاق الحريات والحقوق وتحسين البيئة الاستثمارية وتطبيق سياسات تخلق الثقة في البلاد. أما فيما يخص المدى البعيد فإنه يتوجب تأسيس دولة قانون ديمقراطية بمعايير عالية، انطلاقاً من المبادئ الأوروبية المعروفة وخلق اقتصاد السوق الحر الذي يُدار في إطار القواعد المحددة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».