«داعش» في العراق... خطر يتنامى

عناصره يقدرون بنحو 4 آلاف ينتشرون في 11 قاطع عمليات

آثار الدمار في مدينة الموصل بعد تحريرها من {داعش} (غيتي)
آثار الدمار في مدينة الموصل بعد تحريرها من {داعش} (غيتي)
TT

«داعش» في العراق... خطر يتنامى

آثار الدمار في مدينة الموصل بعد تحريرها من {داعش} (غيتي)
آثار الدمار في مدينة الموصل بعد تحريرها من {داعش} (غيتي)

في أواخر عام 2017، أعلن العراق دحر تنظيم «داعش»، عسكرياً، بعد معارك استمرت نحو 3 سنوات (احتل تنظيم «داعش» الموصل في التاسع من يونيو/ حزيران عام 2014)، وتمدد في محافظات صلاح الدين والأنبار وكركوك وديالى، ووقف عند تخوم بغداد. وعلى أثر معارك طاحنة، تمكنت القوات العراقية من دحر هذا التنظيم، وإنهاء ملف ما سماه «دولة الخلافة» التي أعلنها زعيمه السابق أبو بكر البغدادي، الذي قتل في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، في أول ظهور له بجامع النوري في الموصل.
ومع أن الهزيمة العسكرية لم تكن كافية لانهيار التنظيم، فإن السلطات العراقية لم تتعامل بما فيه الكفاية مع الحاضنة المجتمعية والفكرية لهذا التنظيم في تلك المناطق التي استوطنها طوال السنوات الثلاث قبل هزيمته. وبسبب إشكالات عديدة، رافقت عمليات القتال ضد التنظيم، منها عدم عودة النازحين في العديد من تلك المناطق، فضلاً عن عدم تخصيص الأموال الكافية لإعمارها، فقد عاد التنظيم، لينتعش من جديد إلى الحد الذي بدأت التقارير الغربية، خصوصاً الأميركية، تشير إلى أنه عاد ليشكل خطراً كبيراً.
الخبراء الاختصاصيون في العراق، وإن تفاوتت آراؤهم بشأن ما يمكن أن يشكله «داعش» من خطر، بعد نحو 3 سنوات على هزيمته، يتفقون على أن هذا التنظيم لا يزال يشكل خطراً تتوجب مواجهته. وبالفعل، فإن قيادة العمليات العراقية المشتركة كانت شنت العام الماضي (2019) ثماني عمليات عسكرية كبرى أطلقت عليها «إرادة النصر» لمواجهة تمدد التنظيم.
وحول ما بقي من «داعش» في العراق، يقول الدكتور هشام الهاشمي، الخبير المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة، لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم «لديه هيكلية متكاملة تشبه إمكانات التنظيم في مرحلة التأسيس عام 2013 - 2014»، مبيناً أن «لديه أموالاً كبيرة وقيادات لها خبرات وشبكة علاقات داخلية وجغرافية دفاعية واسعة في الجبال والصحراء والوديان والبوادي». ويضيف الهاشمي أن «لدى التنظيم تمدداً في أرياف المدن الحضرية ومضافات ومعسكرات وأنفاقاً وقوة بشرية ناشطة بين 3500 إلى 4000 عنصر قتالي منتشرين في نحو 11 قاطعاً عملياتياً في المحافظات الغربية والشمالية العراقية».
أما الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «بالإمكان القول إن تنظيم (داعش) يحاول إعادة تسويق نفسه في مناطق يعتقد أنها كانت بمثابة أرض التمكين له»، مبيناً أن التنظيم «خرج الآن من حرب المدن إلى حرب الحدود، ومن حرب القرى إلى حرب الموالين عن بعد، حيث بدأ يعتمد على أتباعه من أبناء المقتولين والهاربين والمعتقلين من عناصره».
وأضاف أبو رغيف أن «مناطق غرب نينوى تكاد تكون مناطق مشجعة جداً له مثل العياضية والحضر والقيروان وتلعفر وعند الحدود العراقية - السورية التي لا تبعد أكثر من 125 كم، بالإضافة إلى مناطق في تكريت وشرق تكريت، حيث يمكن أن تكون ملاذاً له». ويتابع أبو رغيف أن هناك مناطق في صحراء الأنبار مثل عكاشات ووادي حوران ومرتفعات بادوش في الموصل، تتيح للتنظيم بيئة مناسبة، موضحاً أن «مناطق شمال ديالى هي الأخطر في محاولات إعادة تسويق التنظيم، حيث إن التنظيم بدأ يستقطب بعض الذين كانوا يعارضون سياساته، لا سيما من النقشبندية ومن شباب البعثيين، حيث بدأ يستقطب هؤلاء تحت وحدة مفهوم العداء للعملية السياسية بصورة عامة».
وأكد أبو رغيف أنه «انطلاقاً من هذه المعطيات فإن التنظيم بدأ ينشط من جديد، وبدأ يحاول أن يستقطب أتباعه من خلال تكثيف ومضاعفة الكفالات (الرواتب)، وبالتالي فإنه الآن حيال مرحلة جديدة يمكن له من خلالها البدء بتنفيذ عمليات جديدة خلال الأشهر المقبلة، حيث باتت لديه مجسات حيال الوضع السياسي، وبالتالي فإننا حيال مرحلة ضبابية في سياق العلاقة مع هذا التنظيم».
في السياق نفسه، يرى رئيس المركز الجمهوري للدراسات الاستراتيجية الدكتور معتز محي الدين، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد مرور 5 أشهر من إخراج القوات المدعومة من قبل الولايات المتحدة (داعش) من آخر جيب له في سوريا، بدأ التنظيم بإعادة تجميع قواته وشن هجمات بأسلوب حرب العصابات في العراق وسوريا، كما قام بتجهيز شبكاته المالية، وتجنيد أشخاص جدد في المخيمات، وهذا ما كشفته تقارير للمخابرات الأميركية في الأيام الماضية عن عودة هؤلاء إلى المناطق التي يكونها نهر دجلة مثل مناطق الثرثار وغيرها غير المأهولة، التي يجري تهيئتها، لاستقبال هؤلاء، فضلاً عن مناطق أخرى جرى إعدادها لهم، خصوصاً في جبال حمرين».
وأضاف محي الدين أن «الجانب المالي مهم جداً للإمدادات، حيث يملك (داعش) الآن إمدادات مالية ضخمة جداً تقدر بنحو 400 مليون دولار تم إخفاؤها في كل من العراق وسوريا، كما تم استثمارها في مشاريع تجارية مثل تربية الأسماك وتجارة السيارات، فضلاً عن بعض أنواع الزراعة مثل القنب، وبعض أنواع المخدرات في شمال العراق، الأمر الذي يعطي دلالة مؤكدة على أن (الدواعش) موجودون، ويحاولون تنظيم أمورهم التدريبية في المعسكرات داخل العراق، وكذلك مخيم الهول في سوريا، الذي رفعت أميركا أيديها عنه».
وأشار محي الدين إلى أن تنظيم «داعش»، «يستخدم التكنولوجيا الحديثة في جس نبض قوات التحالف الدولي والقوات العراقية، ومراقبتهم مراقبة دقيقة، وحقق انتصارات في مسك الأرض مرة أخرى، لا سيما في المناطق التي تحررت، ولم يعد أهلها إليها، كما يحدث حالياً في قضاء الحضر بالموصل، حيث هناك نحو 100 قرية لا تزال غير مأهولة استأثر بها التنظيم».


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

TT

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

بعد 9 أشهر من الحرب التي شنها قائد «الجيش الوطني الليبي»، المشير خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس، في 4 أبريل (نيسان) 2019، مدعوماً بمقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية، دفعت أنقرة بمرتزقة ينتمون لمجموعات سورية معارضة، أبرزها فصيل «السلطان مراد»، الذي غالبية عناصره من تركمان سوريا، إلى ليبيا. وبعد اقتتال دام 14 شهراً، نجحت القوات التابعة لحكومة فايز السراج، في إجبار قوات «الجيش الوطني» على التراجع خارج الحدود الإدارية لطرابلس.

وفي تحقيق لـ«الشرق الأوسط» تجري أحداثه بين ليبيا وسوريا والسودان وتشاد ومصر، تكشف شهادات موثقة، كيف انخرط مقاتلون من تلك البلدان في حرب ليست حربهم، لأسباب تتراوح بين «آيديولوجية قتالية»، أو «ترغيب مالي»، وكيف انتهى بعضهم محتجزين في قواعد عسكرية بليبيا، وأضحوا الحلقة الأضعف بعدما كان دورهم محورياً في بداية الصراع.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد عناصر «المرتزقة السوريين» في طرابلس تجاوز 7 آلاف سابقاً، لكن فرّ منهم نحو 3 آلاف وتحولوا إلى لاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا.

مرتزقة الحرب الليبية.. وقود المعارك وعبء الانتصارات والهزائم