«الشرق الأوسط» في موسم الجوائز (1): احتمالات الساعات الأخيرة لجائزة «غولدن غلوبز»

منافسات صعبة حتى اللحظة الحاسمة

ليوناردو ديكابريو مرشح لجائزة عن دوره في فيلم «ذات مرة في هوليوود» (أ.ب)
ليوناردو ديكابريو مرشح لجائزة عن دوره في فيلم «ذات مرة في هوليوود» (أ.ب)
TT

«الشرق الأوسط» في موسم الجوائز (1): احتمالات الساعات الأخيرة لجائزة «غولدن غلوبز»

ليوناردو ديكابريو مرشح لجائزة عن دوره في فيلم «ذات مرة في هوليوود» (أ.ب)
ليوناردو ديكابريو مرشح لجائزة عن دوره في فيلم «ذات مرة في هوليوود» (أ.ب)

يتحلق مئات الملايين من المتابعين حول العالم مساء هذا اليوم لمتابعة نتائج جوائز «غولدن غلوبز» التي ستوزع الليلة (الأحد) في حفل هو الأول بين سلسلة الحفلات التي ستقام في هذا الموسم السينمائي الحافل بالأفلام المستحقة.
طريق سانتا مونيكا بوليفارد الممتد من البحر حتى فندق هيلتون وما بعد، كما طريق ولشير بوليفارد الموازي، سيشهدان بين الخامسة مساء والعاشرة ليلاً زحاماً شديداً، لا لكثرة الضيوف والإعلاميين الذين سيؤمّونه فقط، بل للاحتياطات الأمنية المتخذة كل عام.
ليس لأن بوليس لوس أنجيليس، وأجهزة الأمن الرسمية الأخرى، يخشون أن يقوم الإيرانيون بعملية انتقامية نتيجة الغارة الأميركية التي أدت إلى مقتل قاسم السليماني، بل يشعر الجميع (أجهزة وضيوف) بالأمان على نحو أفضل، إذا ما تم تطبيق مقولة «الاحتياط واجب» في مثل هذه الظروف العالمية الصعبة.
هذا كان شأن الحفلات كافة منذ حادثة سبتمبر (أيلول) 2001. ربما بعض الاحتياطات الإضافية، لكن لا أحد يتوقع أي حادث يخل بالمناسبة التي من بين أسباب نجاحها، عاماً بعد عام، قدرتها على عكس آراء واختيارات مجموعة من المراسلين السينمائيين الأجانب الذين استوطنوا هوليوود، والقادمين من بلدان شتّى تقع على امتداد معظم القارات الخمس.
- أكبر احتفال
جزء من المتعة في مثل هذه المناسبات ينطلق من حقيقة أن أحداً لا يعرف من سيفوز ومن سيكتفي بالتصفيق، من سيعتلي المنصة مبتسماً محيياً شاكراً ومن سيبقى في مكانه تتفاعل الخسارة في داخله على نحو أو آخر.
لكنه الوقت الصحيح لتضييق المسافة بين التوقعات التي أعربنا عنها في تحقيق سابق على هذه الصفحات وتوقعات واحتمالات الساعات القليلة التي تفصلنا عن رفع الستارة عن الحفل ذاته. وعلى عكس حفلات أخرى، بينها حفل الأوسكار ذاته، القاعة تمتلئ بطاولات مستديرة يتوزع عليها الضيوف من المرشّحين أو ذوي الصلة بالترشيحات (منتجين، وشخصيات سينمائية، ونجوم... إلخ). هؤلاء يشعرون بالراحة التامة، فيتحركون بين الفواصل التي تقع كل عشر دقائق أو نحوها. وهذا على عكس ما لا يتيحه الجلوس في صفوف من المقاعد التي لا تتحرك في قاعات العروض التقليدية، حيث على الجالس أن يبقى جالساً طوال الوقت، إلا إذا اضطرته الطبيعة للمغادرة.
أمر آخر يسر الناظرين إلى هذا الحفل، وهو حقيقة أنه أكبر احتفال سينمائي يسبق الأوسكار ذاته، وأن كثيراً من الأفلام التي تدخل أنبوب الاختبار هي ذاتها تلك التي ستعاود التسابق في الشهر المقبل، حين تقام جوائز الأوسكار ذاته، كذلك الشخصيات من مخرجين ومنتجين وفنانين وفنيين. البعض ما زال يصر على أن نتائج «غولدن غلوبز» هي نبوءة في مكانها لنتائج الأوسكار، والبعض يصر على العكس، لكن الواقع الذي تشهد به السنوات العشرون الأخيرة على الأقل هو أن كثيراً من الأفلام وسينمائييها يفوزون هنا ثم يفوزون هناك.
ولتسهيل مهام المتابعة، ضمن شروط لعبة التوقعات، من المثير ملاحظة ما يمكن أن يكون قد طرأ من تغيير بين الاحتمالات السابقة التي وردت قبل نحو شهر، واحتمالات اللحظات الأخيرة. هذا ربما يقرّب الصورة الفاحصة، أو يبقي على غشاوتها، لكنه بالتأكيد يتعامل مع آخر المستجدات.
- مسابقة الأفلام الدرامية
> «1917»، «الآيرلندي»، «جوكر»، «حكاية زواج»، «البابوان»
في تحقيقنا السابق، ذكرت أن هناك حصانين أسودين في سباق أفضل فيلم درامي، هما: «1917» لسام منديز، و«البابوان» لفرناندو ميريليس. بينما تتقدّم الأفلام الثلاثة الأخرى في هذه المسابقة في سباق حاد، وهي: «الآيرلندي» لمارتن سكورسيزي، و«جوكر» لتود فيليبس، و«حكاية زواج» لنوا بومباك. ويتبدّى الآن أن «البابوان» لن يكون حصاناً أسود على الإطلاق؛ الخامة الفنية التي يوفرها للمشاهدين لا تعلو عن تلك التي في «الآيرلندي» أو «1917»، وموضوعه (حول البابا التقليدي بنديكت والبابا الأكثر ليبرالية فرنسيس) بعيد عن اهتمام يعلو ذلك المنبعث من «حكاية زواج».
الاحتمال أن تندفع معظم الإناث المنتمية إلى «جمعية صحافة هوليوود الأجنبية» (موزعة جوائز غولدن غلوبز) صوب فيلم «حكاية زواج»، ومعهن رهط من الأعضاء الرجال، وهذا يرفع من نسبة احتمال فوزه. لكن «الآيرلندي» يحفل بتقدير عالٍ بين أعضاء كثيرين. وهذا ما يجعل «جوكر» يقف بين الفيلمين، والتقدير هنا أن تذهب الجائزة إليه.
- أفضل ممثل في فيلم درامي
‫> كرستيان بايل، أنطونيو بانديراس، آدام درايفر، واكين فينكس، جوناثان برايس‬
قبل نحو شهر، بدا أن واكين فينكس وأنطونيو بانديراس (الأول عن فيلم «جوكر»، والثاني عن فيلم «ألم ومجد») يتقدمان باقي الممثلين في هذا السباق الصعب.
والحال الآن أن التوقعات باتت أصعب؛ هذا لأن رصيد آدام درايفر منذ ذلك الحين ارتفع كممثل ساعدته قريحته وفرصه لإثبات حضوره بين ممثلي اليوم. فإلى جانب «حكاية زواج» الذي يضطلع ببطولته أمام سكارلت جوهانس، شوهد مؤخراً في «التقرير» و«ستار وورز: صعود سكايووكر»، حيث انهال المزيد من المديح الإعلامي عليه. لكن الكفة التي لا تزال راجحة تميل إلى واكين فينكس (نال الجائزة مرّة واحدة عن «Walk the Line»، وخسر خمس مرات في خمس مناسبات أخرى) بطل «جوكر» الأكثر إمعاناً وجهداً في تقديم شخصية صعبة بدنياً ودرامياً.
المنافس الثالث في هذه الحلبة هو أنطونيو بانديراس. فمن الصعب تحييده أو إغفاله، ولو أن ذلك ممكناً. وهذا ما يترك كرستيان بايل (عن «فورد ضد فيراري») وجوناثان برايس (عن «البابوان») طليقين.
- أفضل ممثلة في فيلم درامي
‫> ‬سينيثيا إريڤو، سكارلت جوهانسن، ساويريس رونان، تشارليز ثيرون، رنيه زيلويغر.
ما زال تفضيل هذا الناقد يتجه صوب الممثلة سينيثيا إريڤو عن دورها في «هارييت»، وما زال هناك احتمال لفوزها، إن لم يكن لبراعتها، فلربما -وهذا احتمال فقط- لكونها الممثلة الأفرو أميركية الوحيدة بين المشاركات في هذه المسابقة (وإحدى القلائل في المسابقات الأخرى).
لكن الحظ الأول ما زال من نصيب رنيه زيلويغر، عن دورها في «جودي». وأداء تشارليز ثيرون وسكارلت جوهانسن (الثانية عن «حكاية زواج»، والأولى عن «بومبشل») سيأخذ الطريق الخاسر على أكثر تقدير، وكذلك الحال مع الممثلة البريطانية ساويريس رونان، عن «نساء صغيرات». وإذ أقول ذلك، فإن نسبة الخطأ هنا عريضة، وقد تفوز بالفعل أي من هؤلاء الممثلات.
- أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي
‫> ‬«دولمايت هو اسمي»، «جوجو رابِت»، «سكاكين مسلولة»، «ذات مرة في هوليوود»، «روكتمان».
ما زال الوضع على حاله هنا أيضاً: «دولمايت هو اسمي» و«ذات مرّة في هوليوود» يتسابقان في حدة؛ الأول كوميديا تعيد الممثل إيدي مورفي إلى أصوله الناجحة، والثاني فيلم يتطرق إلى هوليوود الستينات وما بعد. لكن فيلم كونتِن تارنتينو هذا استنفد الإعجاب سريعاً، إذا ما قورن بارتفاع نسبة التقدير الذي يلاقيه فيلم كريغ برووَر «دولمايت هو اسمي».
ولا توقعات عالية لفيلم «سكاكين مسلولة» (على جودته)، ولا لفيلم «روكتمان» (على ضعفه). أما «جوجو رابِت» فهو عمل يحتاج لأكثر من اللمعة كي يفوز.
- أفضل ممثل في فيلم كوميدي
> ‬دانيال كريغ، رومان غريفين ديڤيز، ليوناردو ديكابريو، تارون إغرتون، إيدي مورفي.
آخر التوقعات تتوزع بين الممثلين ليوناردو ديكابريو (عن «ذات مرة في هوليوود») وإيدي مورفي (عن «دولمايت هو اسمي»)، وذلك لسببين مهمّين: الأول كلاهما جيد، والثاني كلاهما نجم أعلى رتبة من الممثلين الآخرين.
هل ثمة حصان أسود هنا؟ نعم، هو تارون إيغرتون الذي لعب شخصية المغني إلتون جون في «روكتمان». الفيلم بذاته لا يبلور توقعات عالية، كما تقدم، لكن ممثله قد يجد نفسه في الخطى ذاتها التي سار عليها رامي مالك قبل سنة واحدة، عندما فاز بالـ«غولدن غلوبز» عن الفيلم الموسيقي الآخر «بوهيميان رابسودي».
- أفضل ممثلة في فيلم كوميدي
‫> ‬أكوافينا، كايت بلانشت، آنا دي أرماس، بيني فلدستين، إيما تومسون.
توقعت سابقاً فوز آنا دي أرماس عن «سكاكين مسلولة»، وهذا ما زال وارداً. فمثل أدام درايفر، هذا العام هو عامها، وهي جديدة وجيدة. الباقيات لسن في أفضل حالاتهن: بلانشيت عن «أين تذهبين من هنا أنطوانيت؟»، وبيني فلدستين عن «بوكسمارت»، وإيما تومسون عن «لايت نايت»، يدورون في مدارات متقاربة، لكن خارج الواجهة الأمامية.
ما هو لافت وضع الممثلة أوكوافينا، كونها حظت بتقدير نقدي جيد، ما عزز احتمالات فوزها بـ«غولدن غلوبز»، لكن ترشيحات نقابة الممثلين لم تأتِ على ذكرها، ما قد يؤثر على فوزها هنا.
- توقعات المسابقات الأخرى
‫>‬ أفضل فيلم أجنبي:
- المرشحون: «الوداع» (The Farewell)، و«البائسون» (Les Misérables)، و«ألم ومجد» (Pain and Glory)، و«طفيلي» (Parasite)، و«صورة لسيدة على النار» (Portrait of a Lady on Fire).
- الاحتمال الأعلى: «طفيلي».
‫>‬ أفضل ممثلة مساندة:
- المرشحات: كاثي بايتس عن «رتشارد جووَلس»، وأنيت بانينغ عن «التقرير»، ولورا ديرن عن «حكاية زواج»، وجنيفر لوبيز عن «هسلرز»، ومارغوت روبي عن «بومبشل».
- الاحتمال الأعلى: جنيفر لوبيز.
‫> ‬أفضل ممثل مساند:
- المرشحون: توم هانكس عن «يوم جميل في الجوار»، وأنطوني هوبكنز عن «البابوان»، وآل باتشينو عن «الآيرلندي»، وجو بيشي عن «الآيرلندي»، وبراد بت عن «ذات مرة في هوليوود».
- الاحتمال الأعلى: براد بت.
>‬ أفضل مخرج:
- المرشحون: بونغ جون هو عن «طفيلي»، وسام مندز عن «1917»، وتود فيليبس عن «جوكر»، ومارتن سكورسيزي عن «الآيرلندي»، وكونتِن تارنتينو عن «ذات مرة في هوليوود».
- الاحتمال الأعلى: مارتن سكورسيزي.
>‬ أفضل سيناريو:
- الأفلام المرشحة: «حكاية زواج»، و«طفيلي»، و«البابوان»، و«ذات مرة في هوليوود»، و«الآيرلندي».
- الاحتمال الأعلى: «حكاية زواج».
>‬ أفضل فيلم أنيميشن:
- الأفلام المرشحة: «فروزن 2»، و«ذا ليون كينغ»، و«كيف تدرب تنينك: العالم الخفي»، و«ميسينغ لينك»، و«توي ستوري 4».
- الاحتمال الأعلى: «توي ستوري 4».
‫>‬ أفضل موسيقى:
- المرشحون: ألكسندر دسبلات عن «نساء صغيرات»، وهيلدور غوندادوتير عن «جوكر»، وراندي نيومان عن «حكاية زواج»، وتوماس نيومان عن «1917»، ودانيال بمبرتون عن «مذرلس بروكلين».
- الاحتمال الأعلى: هيلدور غوندادوتير.
-- لقطات
- مواجهات
مما سبق، نجد أن هناك مواجهات حاسمة تلعب لعبتها في هذه المنافسة، أبرزها تلك القائمة بين ممثلين اثنين كلاهما مرشح عن جائزة واحدة في مسابقة واحدة، وهما آل باتشينو وجو بيشي، عن دوريهما في فيلم «الآيرلندي».
والملاحظ هو أنه في حين أكد آل باتشينو نزعته الاستعراضية في الأداء، قدم بيشي (العائد بعد غياب) دوره بأقل قدر من الحركة، وعمد إلى التقليل من دور الانفعال، والتأكيد على الأداء الخافت بالطريقة التي أجادها في «ثور هائج» (فيلم سابق للمخرج سكورسيزي).
وهناك مواجهة مثيرة في سباق أفضل موسيقى بين فراندي نيومان كاتب موسيقى «حكاية زواج» وتوماس نيومان عن «1917»، وهما أولاد عم، وسيكون مثيراً دخولهما كل كندٍ للآخر، والأكثر إثارة لو أنهما خسرا معاً لصالح كاتب موسيقي آخر.
- بين وَڤر ودَڤر
وعلى صعيد الأعمال التلفزيونية التي تتضمن مسلسلات قصيرة وأخرى طويلة وبرامج كوميدية وأفلام مصنوعة خصيصاً للتلفزيون، ورهط كبير من الممثلين والممثلات، نجد مواجهة حتمية بين الممثلتين جنيفر أنيستن وريس وذرسبون، كونهما مرشحتين معاً عن حلقات «ذا مورنينغ شو».
كذلك الحال بين الممثلتين ميريت وَڤر وكاثلين دَڤر اللتين تؤديان بطولة مسلسل بوليسي؛ الأولى تلعب دور محققة بوليس تبحث في قضية اغتصاب لفتاة مراهقة (دَڤر) لم يكترث أحد لمتابعتها سواها.
- أرقام
‫> عمر «جمعية صحافة هوليوود الأجنبية» (Hollywood Foreign Press Association): 77 سنة.
‫> عمر جائزة «غولدن غلوبز»: 76 سنة.
‫> عدد الأعضاء: 90 عضواً.
> عدد الدول التي يمثلونها: 53 دولة.
‫> عدد المتابعين لموقعها على النت: نحو 250 مليوناً سنوياً.
> المبالغ التي تبرعت بها الجمعية لصالح مؤسسات خيرية سينمائية أو غير سينمائية في السنوات الـ27 الأخيرة تصل إلى: 27 مليوناً و500 ألف دولار.
‫> عدد الطلاب الذين تسلموا هبات الجمعية لمواصلة دراساتهم: 1500 طالب.
> عدد الأفلام الكلاسيكية التي تم ترميمها حتى الآن: 125 فيلماً.


مقالات ذات صلة

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

يوميات الشرق «الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر الحالي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

تؤكد المخرجة المصرية سارة جوهر أن قوة فيلمها تكمن في قدرته على التأثير في المشاهد، وهو ما التقطته «فارايتي» بضمّها لها إلى قائمتها المرموقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

رغم التحديات الأمنية واللوجيستية وعزلة القرية في غامبيا، فإن المخرج البلجيكي يشعر بالرضا عن التجربة التي خلّدت اسم «باتيه سابالي».

أحمد عدلي (الدوحة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».