السيسي: «المخربون الأشرار» لا يستطيعون هدم مصر

أكد أن الدول تتقدم بالبناء والتعليم لا بالقتل

TT

السيسي: «المخربون الأشرار» لا يستطيعون هدم مصر

في أول حديث له، وبعد يومين من واقعة «معهد الأورام» الإرهابية، هاجم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الجماعات المتطرفة وفهمها الخاطئ للدين، مؤكداً أن «الإصلاح لا يقام بالهدم»، وشدد على أن «الأشرار المخربين المدمرين لن يستطيعوا هدم مصر».
جاء حديث السيسي خلال كلمة ألقاها، أمس، على هامش افتتاح مجمع الأسمدة الفوسفاتية في العين السخنة (شرق القاهرة)، تناول فيه الحادث الإرهابي الذي وقع مساء الأحد الماضي بالقرب من المعهد القومي للأورام في القاهرة، وأسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة العشرات.
وسبق أن علق الرئيس المصري على الحادث فور وقوعه، مثنياً، في تغريدة له، على حالة التكاتف والتكافل من الأشقاء العرب والمصريين كافة في تقديم ما يستطيعونه لتجاوز ما خلّفه الإرهاب من دمار.
وفي خطابه، أمس، وجّه السيسي، رسالة إلى الجماعات الإرهابية قائلاً: «للأشرار المخربين المدمرين الذي يحاولون الهدم: لا، لن تستطيعوا... الله خلق الإنسان من أجل عمارة الأرض ولم يخلقه لتخريب الأرض ولا للإفساد ولا للهدم».
ولطالما دعا السيسي في أكثر من مناسبة إلى تجديد الخطاب الديني في بلاده، بهدف تنقيحه من الآراء والفتاوى المتطرفة، التي تتخذها الجماعات الإرهابية مبرراً لتنفيذ عملياتها.
وتقول المؤسسات الدينية المصرية الرسمية (الأزهر ووزارة الأوقاف) إنها تتبنى خطة شاملة لتحديث الخطاب الديني بما يواكب العصر، وتفنيد جميع المفاهيم الخاطئة للجماعات المتطرفة عن الدين الإسلامي.
وتساءل الرئيس المصري، أمس: «هل هناك دين يقام هكذا... هل هناك إصلاح يقام بالهدم؟»، وطالب الجميع لا الدولة فقط بالتصدي لذلك الهدم، قائلاً: «نحن كمجتمع لا بد أن نُفهم أولادنا ونوعيهم ونحصنهم ضد هذا الفكر، فلا توجد دولة تتقدم للأمام أبداً بالهدم، الدول تتقدم للأمام بالانضباط والخلق وبالتعليم وبالجهد وبالصبر وبالبناء، وليس بالقتل ولا بالتخريب والتدمير».
وأضاف: «أقول إن الله لا يرضي بهذا... نحن في طريقنا سنستمر في البناء والتعمير ما دمنا أحياء».
وتشهد مصر، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013، عدداً من العمليات الإرهابية، خصوصاً في شمال سيناء، تمتد في بعض الأحيان إلى العاصمة القاهرة ومدن أخرى، وتستهدف بشكل رئيسي قوات الأمن وتجمعات قبطية، قُتل خلالها المئات.
واتهمت وزارة الداخلية المصرية، حركة «حسم»، التي تقول إنها بمثابة الجناح المسلح لجماعة الإخوان المسلمين، بالوقوف وراء الانفجار بالقرب من معهد الأورام. وقالت في بيان رسمي، أول من أمس، إن الانفجار وقع «نتيجة انفجار إحدى السيارات وُجد بداخلها كمية من المتفجرات».
كان السيسي قد افتتح، أمس، مجمع الأسمدة الفوسفاتية والمركبة في العين السخنة (شرق القاهرة)، والذي يعد الأكبر والأضخم على مستوى الشرق الأوسط والقارة الأفريقية. وقال السيسي إنه «عبارة عن تنفيذ التوصيات الخاصة بتحويل ما لدينا من قدرات سواء كانت غازاً طبيعياً أو مواد خاماً إلى قيمة مضافة نستفيد منها في السوق المصرية».
وهنأ الرئيس السيسي المصريين بالافتتاح، مؤكداً أن «هذا المجمع للاستفادة من الخامات المصرية الموجودة وتكون هناك قيمة مضافة لها بدلاً من تصديرها للخارج خامات».
وأوضح السيسي أن «المصانع التسعة التي يضمها مجمع الأسمدة الفوسفاتية سيتم من خلالها تشغيل 1500 عامل وسيكون وضعهم ومستقبلهم أفضل»، وأكد: «نذلل دائماً أي إجراءات بيروقراطية أو إدارية يمكن أن تؤخّر أي مشروع».
وتابع الرئيس قائلاً: «الصناعة لا تقوم بها الدولة فقط، ولكن رجال الأعمال أيضاً، ونحن معهم سواء بالمناطق أو الأراضي الصناعية التي يحتاجون إليها، أو حتى من خلال التمويل من جانب البنوك، ونحن نيسّر ذلك».
وقال السيسي: «الخلاصة التي أريد أن أقولها هي أننا نتحرك بجدية وبمسؤولية لتغيير الواقع الذي نعيشه في مصر... وهذا يعد أقصى معدلات نستطيع عملها، ولكن المطلوب كثير».



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن