السيسي يبحث التطورات الليبية مع وزير الخارجية ورئيس الاستخبارات العامة السعوديين

الرئيس المصري التقى محمود عباس وبن علوي للتشاور حول الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط

الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى استقباله الأمير سعود الفيصل بمقر رئاسة الجمهورية أمس (صورة خاصة من الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى استقباله الأمير سعود الفيصل بمقر رئاسة الجمهورية أمس (صورة خاصة من الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يبحث التطورات الليبية مع وزير الخارجية ورئيس الاستخبارات العامة السعوديين

الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى استقباله الأمير سعود الفيصل بمقر رئاسة الجمهورية أمس (صورة خاصة من الرئاسة المصرية)
الرئيس عبد الفتاح السيسي لدى استقباله الأمير سعود الفيصل بمقر رئاسة الجمهورية أمس (صورة خاصة من الرئاسة المصرية)

استقبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بمقر رئاسة الجمهورية في مصر الجديدة، أمس، كلا من الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية، والأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز آل سعود رئيس الاستخبارات العامة السعودية، ويوسف بن علوي وزير خارجية سلطنة عمان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتوني بلير مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، وذلك في لقاءات منفصلة لبحث مجمل شؤون المنطقة.
وأشارت رئاسة الجمهورية إلى أن الرئيس السيسي التقى الأمير سعود الفيصل، والأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز آل سعود، وذلك بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، والوزير محمد التهامي رئيس المخابرات العامة المصرية، والسفير أحمد قطان سفير المملكة العربية السعودية في القاهرة، والسفير أسامة النقلي وكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون الإعلامية.
وصرح السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بأن اللقاء تناول مجمل القضايا والأوضاع الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، بدءا بالعلاقات العربية - العربية، ومرورا بالأوضاع في ليبيا، ارتباطا بضرورة دعم البرلمان الليبي المنتخب والمُعبر عن الإرادة الشعبية، ووصولا إلى التهديد الذي تمثله التنظيمات الإرهابية المتطرفة المنتشرة في العراق وسوريا.
من جانبه، أكد الرئيس السيسي حرص مصر على تحقيق الاستقرار السياسي والاستتباب الأمني في ليبيا، والحيلولة دون سقوطها في براثن الإرهاب، مستعرضا الجهود المصرية المبذولة في هذا الشأن. وحذر من مغبة التدخل الخارجي في ليبيا، مؤكدا أن مصر لن تتهاون في الحفاظ على أمنها القومي.
كما أكد الرئيس المصري أهمية تعزيز العمل العربي المشترك في المجالات كافة، ومن بينها مكافحة الإرهاب، وذلك تحقيقا لاستقرار المنطقة بوجه عام، وإسهاما في إعادة الاستقرار إلى كل من العراق وسوريا والحفاظ على سلامتهما الإقليمية وسيادتيهما، وصون مقدراتهما، بما يحقق صالح الشعبين الشقيقين العراقي والسوري. وفي لقاء ثان، استقبل الرئيس السيسي يوسف بن علوي، وزير خارجية سلطنة عمان، بحضور شكري والسفير خليفة بن علي بن عيسى الحارثي، سفير سلطنة عمان في القاهرة.
وأوضح السفير بدوي أن الوزير العماني نقل إلى الرئيس السيسي تحيات وتقدير السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، وكذا حرصه على التنسيق والتشاور بين البلدين، وتبادل الزيارات الثنائية. وأشار بن علوي إلى دعم بلاده عملية التنمية الاقتصادية التي تشهدها مصر في المرحلة الحالية، منوها إلى رغبة بلاده في المساهمة في هذه العملية التنموية، وخاصة مشروع تنمية محور قناة السويس.
كما نوه الوزير العُماني إلى تطلع بلاده للمشاركة في مؤتمر أصدقاء مصر الذي سيعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، للتعرف على فرص الاستثمار المتاحة في مصر، وتحديد القطاعات الاستثمارية التي يوليها المستثمرون العمانيون اهتمامهم. وأضاف بدوي أن الرئيس طلب نقل شكره وتقديره للسلطان قابوس، مستعرضا الجهود التي تبذلها مصر من أجل تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار، سواء على صعيد الحزمة التشريعية الجاري إعدادها لتيسير الاستثمار، أو على مستوى تيسير الإجراءات الإدارية ذات الصلة، مؤكدا حرص مصر على تعزيز التعاون مع سلطنة عُمان الشقيقة وتنشيط الزيارات من قِبل مسؤولي البلدين.
وفي سياق متصل، التقى الرئيس السيسي أمس نظيره الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بحضور وزير الخارجية المصري، ونظيره الفلسطيني رياض المالكي، ورئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، وصائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونبيل أبو ردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، ومجدي الخالدي المستشار الدبلوماسي للرئيس الفلسطيني، والسفير جمال الشوبكي سفير دولة فلسطين في القاهرة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس الفلسطيني استهل اللقاء بمعاودة تقديم الشكر لمصر على جهودها في التوصل لوقف إطلاق النار وتحقيق الهدنة في قطاع غزة، مستعرضا الأوضاع والتطورات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وسبل استئناف مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية. وتناول الرئيس الفلسطيني الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة للاستيلاء على 4 آلاف دونم من أراضي الضفة الغربية، مؤكدا أن هذه الإجراءات ليست في مصلحة السلام، ومن شأنها تعقيد أي فرص لاستئناف المسيرة التفاوضية مع الجانب الإسرائيلي، بكل ما يعنيه ذلك من تقييد للخيارات الفلسطينية.
وأضاف السفير بدوي، أن الرئيس السيسي أكد مجددا أن القضية الفلسطينية ستظل محتفظة بمكانتها التقليدية في السياسة الخارجية المصرية، مشددا على أهمية العمل بشتى السبل لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وكان توني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، غادر القاهرة عصر أمس، عقب زيارة سريعة لمصر استغرقت يوما واحد، التقى خلالها الرئيس السيسي وعددا من المسؤولين لبحث عملية السلام.



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن