مبادرة صحية في السعودية: «لنتحرك ضد الصداع النصفي»

إصابات النساء بالمرض تصل إلى ثلاثة أضعافها لدى الرجال

مبادرة صحية في السعودية: «لنتحرك ضد الصداع النصفي»
TT

مبادرة صحية في السعودية: «لنتحرك ضد الصداع النصفي»

مبادرة صحية في السعودية: «لنتحرك ضد الصداع النصفي»

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن واحداً من كل 20 شخصاً بالغاً يشكو من الصداع على أساس يومي أو شبه يومي. وتُشير الدراسات الحديثة إلى انتشار الصداع في البلدان النامية وفي البلدان المتقدمة على حد سواء، فيصيب الصداع أكثر من نصف النساء بينما يصيب الثلث من الرجال، وأن هناك شخصاً واحداً على الأقل من بين كل سبعة أشخاص بالغين في العالم يشكو من الصداع النصفي (الشقيقة).

- الصداع النصفي
لقد بات الصداع النصفي (الشقيقة) مرضاً شائعاً جداً، ويعاني منه كل الناس في جميع قارات العالم، حيث تصل الإصابة به إلى ثلاثة أضعاف في صفوف النساء مقارنة بالرجال، ويعزى هذا الاختلاف إلى أسباب هرمونية. وقد خضع الصداع النصفي للدراسات على نحو أفضل مقارنة بغيره من اضطرابات الصداع. وغالباً ما يبدأ الصداع النصفي في سن البلوغ، ولكنه قد يصيب من هم أصغر سناً بكثير بمن فيهم الأطفال، ويصيب في المقام الأول من تتراوح أعمارهم بين 35 و45 عاماً، متسبباً في معاناة شديدة لدى المصاب تصل إلى أن تنغص على المريض حياته، فنوبات الصداع المتكررة، فضلاً عن الخوف الدائم من النوبة القادمة، يمكن أن تضر بالحياة العائلية والاجتماعية والوظيفية، إضافة إلى التكاليف المالية.
> مرضى الصداع النصفي في السعودية. أوردت شركة «نوفارتس»، ضمن تدشينها مبادرة «لنتحرك ضد الصداع النصفي أو الشقيقة» وحملات التثقيف التي تهدف إلى نشر الوعي الصحي لدعم مرضى الصداع النصفي، التي انطلقت في إقامتها بالمملكة العربية السعودية، بالتعاون مع جمعية «المخ والأعصاب» السعودية، انطلاقاً من اهتماماتها بأبحاث مرض الصداع النصفي، آخر التقديرات التي تشير إلى أن عدد الذين يعانون من داء الصداع النصفي أو «الشقيقة» في المملكة العربية السعودية قد وصل إلى نحو 10 في المائة من السكان، أي نحو 3 ملايين مريض، وأن هذا المرض يصيب واحدة من بين كل خمس نساء، وبمعدل ثلاثة أضعاف الرجال، متوافقاً مع الإحصاءات العالمية، وأن معظم المرضى من النساء هن في الأعمار ما بين 20 إلى 45 سنة.
> أعباء المرض الاقتصادية، تشير الدراسة التي أجراها البروفسور محمد بن علي الجمعة، استشاري المخ والأعصاب في «مدينة الملك عبد العزيز الطبية» بالشؤون الصحية للحرس الوطني بالرياض، والمدير التنفيذي لـ«مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية»، إلى أن إجمالي متوسط عدد الأيام التي يتغيبها الموظف الواحد من مرضى الصداع في المملكة العربية السعودية يقدر بنحو 24 يوماً في السنة، ولو قمنا بضرب هذا المعدل في عدد المرضي، الذي يقدر بـ3 ملايين مريض، فسيكون العبء الاقتصادي عظيماً.
ووفقاً لما سبق نشره في «ملحق صحتك» بالعدد 14402 من جريدة «الشرق الأوسط»، فإن الدراسة العالمية عن العبء العالمي للأمراض، التي شملت 195 دولة، انتهت إلى أن الصداع النصفي يُعتبر الثالث في ترتيب الأمراض الأعلى شيوعاً في العالم، وأن نوبات الصداع النصفي تحتل المرتبة الثانية بين الأمراض التي تعيق المرضى عن ممارسة أنشطتهم اليومية المعتادة قياساً بعدد السنوات المعادلة حسب الإعاقة أو العجز.
وتتسبب نوبات الصداع النصفي في تأثيرات سلبية على اقتصاد الدول، وفي معاناة العاملين المصابين بهذا المرض من انخفاض مستوى إنتاجيتهم، إما بسبب الغياب عن الحضور للعمل (Absenteeism)، أو بسبب تدني مستوى الإنتاجية عند الحضور إلى العمل، على الرغم من المعاناة المرضية (Presentism).

- تأثيرات صحية ونفسية
> صحياً، يُمكن أن يُسبب الصداع النصفي ألماً نبضياً شديداً أو إحساساً على شكل ضربات عادة ما تكون على جانب واحد من الرأس، وغالباً ما تترافق بالغثيان والتقيؤ. وقد يستمر ألم الشقيقة عند ثلثي المرضى المصابين، ويتواصل على مدار أكثر من 4 ساعات إلى بضعة أيام، كما يصيب ثلث المرضى بأكثر من 3 أيام من الصداع في الشهر الواحد. ويميل الشخص المصاب، عادة، إلى الجلوس في مكان مظلم قليل الضوضاء حتى تمر نوبة الصداع، التي قد تستمر من 4 إلى 72 ساعة. ويُمكن أن يكون الألم شديداً جداً وعنيفاً يمزق الرأس، وأحياناً يكون من الشدة، بحيث يوهن المريض ويعيقه عن ممارسة أنشطته اليومية المعتادة، ويجعله يفضل البقاء في الظلام لفترات طويلة تفادياً للضوء فيُسبب إعاقة للمريض، وتأثيراً كبيراً على حياة العائلة بالكامل.
> نفسياً، تؤكد دراسات كثيرة وجود علاقة بين الصداع النصفي ومجموعة من الاضطرابات النفسية. وقد خلُصَ استعراض مجموعة من الدراسات التي أجريت بهذا الخصوص في عام 2016 إلى أن أغلب المصابين بالاضطراب ثنائي القطب يعانون من الصداع النصفي، وأن المصابين باضطراب الصداع النصفي هم أكثر عرضة بمقدار مرتين ونصف المرة للإصابة باضطراب القلق العام، كما أن المصابين بالاكتئاب هم أيضاً أكثر عرضة من غيرهم بثلاثة أضعاف أمثالهم للإصابة بنوبات الصداع النصفي بسبب الشعور بالعجز والوهن المصاحبين للمرض.
من جانب آخر، قد تشعر الأم بالإحساس بالذنب لتقصيرها في الواجبات الأسرية نحو زوجها وأطفالها، كما ينتابها شعور بالخوف من مهاجمة الصداع النصفي لها وهي خارج البيت بعيداً عن أسرتها، وتزيد مستويات القلق لديها كونها لا تعلم متى ستداهمها نوبة الصداع النصفي وهل ستتداخل مع أعباء الأسرة والعمل. يضاف إلى ذلك أن هناك البعض من الناس يسخرون من النساء اللاتي يصبن بنوبات الصداع الحادة أمامهم، ومن هنا بدأت وصمة الأمراض النفسية والعصبية تلاحق المرضى، واضطراب الصداع يرتبط بالصحة النفسية.
وخلصت دراسة أخرى إلى أن نحو واحد من بين كل ستة تقريباً من المصابين باضطراب الصداع النصفي قد هموا بالانتحار في مرحلة ما من حياتهم.
> اجتماعياً. في استطلاع للرأي، وُجد أن نحو 25 - 40 في المائة من المرضى النساء يعتقدن أن شريك الحياة (الزوج) لا يصدق أن درجة وشدة هذا المرض لها مثل هذا التأثير السلبي على نشاط الزوجة والوفاء بمهام البيت. وفي الحقيقة، فإن الأسرة هي من أكثر من يتأثر بمرض الصداع النصفي، فالأم وهي ربة البيت لا تستطيع القيام بالمهام اليومية المناطة بها، وقد يظن البعض أنها تتهرب من تلك المهام مدعية ألم الصداع.
> التحصيل الدراسي، إن الإصابة بالصداع النصفي في سن مبكرة، سوف تؤثر قطعاً على مستوى التعليم والتحصيل الدراسي مثلما تؤثر على العمل والإنتاجية، خصوصاً إذا علمنا أن أغلبية أوقات حدوث الصداع تكون بين الساعة التاسعة صباحاً والخامسة مساءً، أي في أكثر فترات اليوم إنتاجية، سواء للطالب أو الموظف، وأن 90 في المائة من المرضى لا يستطيعون القيام بأعمالهم خلال فترة حدوث الصداع النصفي، وأن أكثر من نصف المرضي يضطرون إلى العمل بدوام جزئي ما يوثر على قدراتهم المادية ومستوى معيشتهم.
وأخيراً فإنه وبالرغم مما يسببه الصداع النصفي من أعباء ثقيلة ومتعددة تلحق بالمريض وأسرته واقتصاد بلده، فإنه لا يزال واحداً من أقل الأمراض التي يتم دعم مرضاها في العالم، والكثيرون لا يعترفون بأنه مرض عصبي حقيقي، بل ويعتبره البعض أنه مجرد صداع شديد. وهذا ما يدعو المختصين والمهتمين بهذا المرض إلى تكثيف برامج التوعية وتثقيف المرضى، لما لها من أهمية كبيرة في تقليل عدد أيام الصداع النصفي وتقليل تأثيراته على حياة المريض وأسرته.

- استشاري في طب المجتمع


مقالات ذات صلة

التوتر قد يؤثر على الذاكرة

صحتك التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)

التوتر قد يؤثر على الذاكرة

توصّل باحثون في كندا إلى أن التوتر يغير الطريقة التي يجري بها تخزين واسترجاع الذكريات السلبية بالدماغ.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك دماء المرضى يمكن أن تستخدم للمساعدة في إصلاح عظامهم المكسورة (رويترز)

دماء المرضى قد تستخدم لإصلاح عظامهم المكسورة

كشفت دراسة بحثية جديدة عن أن دماء المرضى يمكن أن تستخدم للمساعدة في إصلاح عظامهم المكسورة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل مريض بالسرطان (رويترز)

هل يقلل التعافي من السرطان احتمالات الإصابة بألزهايمر؟

منذ سنوات، بدأ الباحثون وخبراء الصحة في دراسة العلاقة بين السرطان وألزهايمر، وما إذا كان التعافي من المرض الخبيث يقلل فرص الإصابة بألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك النشاط البدني يمكن أن يطيل العمر خمس سنوات على الأقل (أ.ف.ب)

حياة أطول بصحة أفضل... النشاط البدني يضيف 5 سنوات لعمرك

أكدت دراسة جديدة أن النشاط البدني يمكن أن يطيل العمر خمس سنوات على الأقل.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك حبات من التفاح (أرشيفية - أ.ب)

بدائل طبيعية ورخيصة الثمن لعقار «أوزمبيك» السحري لكبح الشهية

ترشح خبيرة تغذية أطعمة طبيعية ورخيصة الثمن لها تأثير مقارب من عقار «أوزمبيك» السحري لإنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

التوتر قد يؤثر على الذاكرة

التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
TT

التوتر قد يؤثر على الذاكرة

التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)

توصّل باحثون في كندا إلى أن التوتر يغير الطريقة التي يجري بها تخزين واسترجاع الذكريات السلبية في الدماغ.

وأوضح الباحثون، في مستشفى الأطفال بتورنتو، أن هذا التغيير يؤدي إلى تعميم الذكريات المؤلمة على مواقف غير مرتبطة بالحادث الأصلي، وهو ما قد يفاقم اضطراب ما بعد الصدمة. ونُشرت النتائج، الجمعة الماضي، في دورية «Cell». والتوتر هو استجابة فسيولوجية وعاطفية تحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية.

ورغم أن هذه الاستجابة قد تكون مفيدة في بعض المواقف، مثل مواجهة اختبار أو تقديم عرض، فإن التوتر المزمن أو الشديد يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية، مثل القلق والاكتئاب، ويؤثر على القدرة على التفكير والتركيز.

وخلال الدراسة، استكشف الباحثون العمليات البيولوجية التي تكمن وراء تعميم الذكريات السلبية بسبب التوتر لدى عدد من الأشخاص، وركزوا على كيفية التدخل لتحسين استعادة خصوصية الذاكرة لدى الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، وهو حالة نفسية تحدث بعد التعرض لتجربة مؤلمة أو مرعبة، مثل الحروب أو الحوادث أو الاعتداءات.

ووجدوا أن التوتر الناتج عن أحداث مؤلمة، مثل العنف أو اضطراب القلق العام، يمكن أن يتجاوز الحدث الأصلي، ما يؤدي إلى تعميم الذكريات السلبية على مواقف غير ذات صلة بالحادث الأصلي.

وعلى سبيل المثال، قد تؤدي أصوات الألعاب النارية أو انفجارات السيارات إلى تفعيل ذكريات خوف غير مرتبطة بالحدث الحالي، ما يعطل يوم الشخص بالكامل.

وبالنسبة للمصابين باضطراب ما بعد الصدمة، قد تكون لهذه الظاهرة عواقب أكبر، مثل زيادة الاستجابة للخوف في مواقف آمنة وغير مهددة، ما يؤدي إلى شعور دائم بالقلق والتوتر، ويؤثر سلباً على جودة الحياة اليومية. ونتيجة لذلك، قد يواجه الشخص صعوبة في التفاعل مع بيئته بشكل طبيعي، مما يزيد معاناته النفسية ويسهم في تفاقم الأعراض.

وفي خطوة نحو العلاج، اكتشف الباحثون طريقة لتقييد هذه الظاهرة، من خلال منع مستقبِلات معينة في خلايا الدماغ، ما قد يساعد في استعادة الخصوصية المناسبة للذكريات، وتقليل الأعراض السلبية لاضطراب ما بعد الصدمة.

وأشار الفريق إلى أن نتائج هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو تحسين جودة حياة الأشخاص، الذين يعانون اضطرابات نفسية مرتبطة بالتوتر، وقد تؤدي إلى تطوير تقنيات علاجية جديدة تستهدف تنظيم استجابة الدماغ للتوتر، ما يساعد في تقليل تفاعلات الذاكرة السلبية المُبالغ فيها لدى الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة أو اضطرابات القلق الأخرى.