تمتلك مناطق أقصى شمال وشمال شرقي روسيا إمكانات اقتصادية وموارد طبيعية ضخمة، لا سيما النفط والغاز، لم يتم الاستفادة منها بعدُ على أكمل وجه، وذلك لعدة أسباب، منها ما يعود إلى صعوبة العمل في تلك المنطقة، لا سيما الجرف القاري عند القطب الجنوبي، فضلاً عن قوانين روسية تحدّ من إمكانية الاستثمارات من جانب الشركات الخاصة في أعمال التنقيب والإنتاج هناك، ومنح الحق في ممارسة تلك الأعمال لشركات حكومية فقط، تحتكر عملياً إنتاج النفط والغاز في روسيا. لذلك تبقى إمكانية الاستفادة على نحو أوسع من الموارد والثروات الطبيعية في القطب الشمالي مسألةً أكثر تعقيداً، وتتطلب قرارات حكومية، وربما قراراً سياسياً يسمح باستثمار القطاع الخاص في أعمال التنقيب والإنتاج هناك.
وكان يوري تروتنيف، نائب رئيس الحكومة الروسية، عبّر أخيراً عن قلقه إزاء عدم توفُّر ما يكفي من الاستثمارات في منطقة القطب الشمالي، لا سيما المشروعات النفطية على الجرف القاري هناك، وقال في تصريحات لوكالة «إنترفاكس» إن الخطوة الضرورية الأولى الكفيلة بتغيير هذا الوضع، هي تعديل القانون الروسي حول الثروات الطبيعية، وبصورة خاصة الفقرات التي تمنح الحق في مشروعات التنقيب والإنتاج على الجرف في روسيا فقط للشركات بمساهمة حكومية بنسبة 50 في المائة. وبموجب هذا الجزء من قانون الثروات الطبيعية في صيغته الحالية، لا يحق للشركات الخاصة ممارسة أعمال التنقيب وإنتاج النفط والغاز في الجرف القاري بالقطب الشمالي، وتملك هذا الحق فقط الشركات الحكومية، وتحديداً «روسنفت» و«غاز بروم» والشركات التابعة لهما.
تروتنيف، الذي يترأس اللجنة الحكومية الخاصة بتطوير مناطق القطب الشمالي اشتكى في تصريحاته من تأخر أعمال التنقيب التي تنفذها الشركات الروسية في القطب، مقارنة بنشاط الدول الأخرى هناك، وقال إن روسيا لديها خلال السنوات الأخيرة أعمال حفر وتنقيب في خمس آبار فقط (للتنقيب عن النفط والغاز)، بينما لدى النرويج 345 بئراً، و99 بئراً لدى بريطانيا. وأثار هذا الأمر اهتمام الوزارة الفيدرالية لتنمية أقصى شرق روسيا، وهي وزارة تم تأسيسها خصيصاً لتنمية ذلك الكيان من الاتحاد الروسي بالقرب من اليابان، ويشرف تروتنيف على عملها، وقرر بوتين أخيراً توسيع صلاحياتها لتشمل القطب الشمالي. وقال تروتنيف إن الوزارة ستقوم حتى نهاية مارس (آذار) الحالي بطرح خطة تنمية وجذب الاستثمارات إلى منطقة القطب الشمالي.
ولم يوضح نائب رئيس الحكومة الروسية طبيعة وتفاصيل تلك الخطة، إلا أن مراقبين رجحوا أنها ستتضمن اقتراحات بتعديل قانون الموارد الطبيعية لفتح الأبواب أمام استثمارات القطاع الخاص في أعمال التنقيب عند الجرف القاري في القطب. وقال متحدث من وزارة الموارد الطبيعية إن الوزارة لم تتلق أي اقتراحات بشأن إلغاء القيود على التنقيب في القطب، ورفض التعليق على تصريحات تروتنيف، لكنه وعد أن تنفّذ الوزارة أي تعليمات، لافتاً إلى أن «التوجيهات مجمّدة منذ عام 2017، بشأن أعمال التنقيب في تلك المنطقة»، وعبر عن قناعته بأن «إلغاء القيود لا يشكل الدواء الشافي لتنمية موارد الجرف، لا سيما لزيادة الإنتاج والاستثمارات في الاقتصاد الوطني».
ويعود التشكيك بنجاعة خطة تحفيز الاستثمارات الخاصة في تلك المنطقة إلى تكلفة الإنتاج الباهظة، ويرى مسؤولون في الحكومة الروسية أن الشركات الخاصة قد تعجز عن تحمل تلك النفقات، إلا أن تروتنيف يرفض تلك المبررات، ويشير إلى أن إقرار تسهيلات للقطاع الخاص بينها «عطلة ضريبية» ستسهِم في دفع المستثمرين إلى المنطقة.
وحسب بيانات عام 2015 يُقدر الاحتياطي في الجرف عند القطب الشمالي بنحو 1.69 مليار طن نفط، و13.19 تريليون متر مكعب من الغاز. ومنحت الحكومة الروسية 138 ترخيصاً لأعمال التنقيب والإنتاج هناك، منها 53 لشركة «روسنفت» و41 ترخيصاً لشركة «غاز بروم». ولم تحصل أي من الشركات الخاصة على ترخيص عمل مماثل، على الرغم من اهتمامها بالعمل في تلك المنطقة. وكان فاغيت أليكبيروف، رئيس شركة «لوك أويل» النفطية الروسية الخاصة، عبر عن رغبة شركته في التنقيب هناك، وضرورة السماح للجميع بالعمل في الحقول على الجرف في القطب الشمالي.
وتنفذ «لوك أويل» حالياً أعمال تنقيب على الجرف لكن من جهة النرويج، وبالتعاون مع شركة نرويجية.
روسيا: جدل حول تقييد مشاركة القطاع الخاص في مشروعات نفط القطب الشمالي
الدولة تمنح الحق للقطاع العام فقط
روسيا: جدل حول تقييد مشاركة القطاع الخاص في مشروعات نفط القطب الشمالي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة