الجزائر: تصاعد الأزمة بين رئيس البرلمان والمطالبين بتنحيته

نواب غاضبون أعلنوا عن «تجميد» كل أنشطة هياكله الإدارية

TT

الجزائر: تصاعد الأزمة بين رئيس البرلمان والمطالبين بتنحيته

بلغت، أمس، الأزمة ذروتها بين رئيس البرلمان الجزائري سعيد بوحجة، والنواب الذين يطالبونه بالتنحي، حيث أعلن الغاضبون عن «تجميد» أنشطة كل الأقسام والمصالح ولجان البرلمان، وجميع هياكله الإدارية. وفي غضون ذلك نقلت صحيفة إلكترونية عن أحد مستشاري الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنه «لم يطلب من أحد تنحية رئيس البرلمان».
ومارس النواب المحتجون ضغوطاً كبيرة على رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، بغرض دفعه إلى الاستقالة، وأحدثوا، أمس، فوضى كبيرة داخل «مبنى زيغود يوسف» (مقر البرلمان)، ونددوا بـ«تعنُّت رئيس المجلس»، وعابوا عليه «تشبثه بالمنصب على حساب مصلحة المؤسسة التشريعية».
وقاد حركة الاحتجاج معاذ بوشارب، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الأغلبية، «جبهة التحرير الوطني»، وهو حزب الرئيس، وبوحجة ينتمي إلى صفوفه.
ويوجد ضمن المحتجين أيضاً نواب «التجمع الوطني الديمقراطي» (حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى)، و«الحركة الشعبية الجزائرية»، و«تجمع أمل الجزائر»، والنواب المستقلون.
ويطلق على هذه المجموعة، التي تمثل أكثر من ثلثي أعضاء البرلمان (نحو 360 نائباً) «أغلبية رئاسية»، فيما يمثل «الإسلاميون» والعلمانيون أقلية.
ولاحظ مهتمون بالأزمة أنه لا يوجد في النظام الداخلي لـ«المجلس الوطني»، ولا في القانون الناظم للعلاقات بين الحكومة والبرلمان، شيء اسمه «تجميد نشاط البرلمان»، ما يجعل بحسبهم الحركة التي يقوم بها خصوم بوحجة خارج القانون. ويقاطع هؤلاء الاجتماع اليومي لـ«مكتب المجلس الشعبي الوطني»، منذ بدء الأزمة قبل 15 يوماً.
يُشار إلى أن المحتجين يعيبون على بوحجة «سوء تسيير المجلس و(ممارسات فساد)»، وهو ما ينفيه المعني بالأمر، الذي سبق أن صرح لـ«الشرق الأوسط» بأنه غير مقتنع بالأسباب التي يرددها معارضوه لعزله، وعلى هذا الأساس قال إنه باقٍ في مكانه إلا إذا طالبته رئاسة الجمهورية بشكل مباشر بالرحيل.
وتحاشى بوحجة أمس النزول من مكتبه بالطابق الخامس إلى النواب «المتمردين». ونقل عنه أن «عدم تحرك الرئاسة ضده يعني أن ما يقوله الخصوم غير صحيح»، في إشارة إلى تصريحات بعض النواب للصحافة، التي مفادها أن تصرفاتهم «تترجم إرادة الرئيس شخصياً» بخصوص رحيل بوحجة. ونشرت صحيفة «الجزائر وطنية»، الإلكترونية، التي يديرها نجل وزير الدفاع سابقاً اللواء خالد نزار، أمس، بأن مستشار الرئيس الطيب بلعيز (وزير العدل سابقاً)، اتصل هاتفياً، ببوحجة: «ليؤكد له أن الرئيس غريب عن احتجاج النواب»، موضحاً أنه لم يطلب من أحد تنحيته. وفهم من هذا الموقف المفترض من الرئيس أنه يقف محايداً في هذا الصراع. وإذا صح بأنّ الرئيس لا يدعم حركة النواب، فإن ذلك سينزع الغطاء السياسي عنها، وسينتهي الاحتجاج مع مرور الوقت لأنه سيفتقر لسند قوي».
وجرت العادة أن يتولى رئاسة البرلمان أحد نواب الأغلبية، لكن لن يتسلِّم مهامه رسمياً إلا إذا وافق عليه رئيس الجمهورية. ويُعدّ ذلك، بحسب خبراء قانونيين، مساساً بمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور.
في السياق نفسه، عبر الحزب الإسلامي المعارض «حركة مجتمع السلم»، الذي يملك نواباً في البرلمان، أمس، في بيان عن استنكاره للأزمة، وهاجم نواب الأغلبية التي قال عنها إنها «أغلبية مزيفة باتت تمثل الخطر الوحيد على استقرار البلد، والكابح الأساسي لتطوره وازدهاره».
وجاء في البيان، الذي وقعه رئيس الحزب عبد الرزاق مقري، أن النواب المحتجين «تسببوا (من خلال حركة الإطاحة ببوحجة) في إذلال الوطن و(بهدلته) أمام الأمم والدول»، مشيراً إلى أن «سبب الأوضاع المزرية التي تعرفها مختلف مؤسسات ومصالح الدولة، هو اهتزاز الشرعية وفقدان المصداقية، وغياب الحس الوطني، وعدم تقدير المصلحة العليا للشعب الجزائري».
وأضاف مقري أن التزوير المستدام «وضع مؤسسات الدولة في أيادٍ غير آمنة، وأنهى أي فرصة للرقابة على الشأن العام، وسمح بتجذر نظام خفي موازٍ للمؤسسات، يسيّر الدولة بالتعليمات الهاتفية والشفوية، ويعتمد على شراء الذمم وشبكات الانتهازية، والتشاركية في النهب، وعلى التخويف والترهيب والعقاب خارج الأطر القانونية باستعمال القانون ظلماً وتعسفاً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».