الهند والصين تعززان علاقاتهما التجارية مع أفغانستان

باكستان تخسر من وراء هذا التقارب

السلع الهندية والصينية تلقى رواجا في السوق الأفغانية (صورة أرشيفية لسوق في كابل)
السلع الهندية والصينية تلقى رواجا في السوق الأفغانية (صورة أرشيفية لسوق في كابل)
TT

الهند والصين تعززان علاقاتهما التجارية مع أفغانستان

السلع الهندية والصينية تلقى رواجا في السوق الأفغانية (صورة أرشيفية لسوق في كابل)
السلع الهندية والصينية تلقى رواجا في السوق الأفغانية (صورة أرشيفية لسوق في كابل)

تبدو العلاقات التجارية بين الشركات الهندية والأفغانية على قدم وساق، فقد قال السفير الأفغاني لدى الهند محمد العبدلي مصرحا للصحافيين في حوار إعلامي مؤخرا: «بلغ حجم التبادل التجاري بين الهند وأفغانستان مليار دولار حتى الآن. ولكن الطلب سيبلغ مستويات أكثر من هذا، لذلك فإننا نسعى إلى أن يصل حجم التبادل التجاري بيننا إلى ملياري دولار بحلول عام 2020».
وخلال الفترة بين 12 و15 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي شارك مئات من الممثلين التجاريين من أفغانستان، والهند، والشركات الدولية الأخرى في المعرض التجاري المنعقد في مدينة مومباي، العاصمة التجارية والاقتصادية في الهند.
وعرضت أفغانستان منتجاتها من المنسوجات، والسجاد، والأحجار الكريمة، والمجوهرات للمشترين الدوليين. وتمكن البائعون الأفغان كذلك من بيع عينات المنتجات إلى المستهلكين مباشرة.
وتُبنى فعاليات معرض مومباي على حدث تجاري سابق عُقد في عام 2017 وساعد على تعزيز الروابط التجارية بين البلدين. وجذب هذا الحدث التجاري أكثر من 1000 تاجر هندي كانوا يسعون إلى إبرام التعاقدات، والشراكات، والبحث عن فرص الاستثمار المختلفة مع أكثر من 240 شركة ومؤسسة من القطاع الخاص الأفغاني. وتم إبرام التعاقدات التجارية التي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 27 مليون دولار بين المشترين الهنود والبائعين الأفغان في ذلك العام فيما يخص المنتجات الزراعية الخام والمصنعة. وبالإضافة إلى ذلك، وقّع عدد من المشترين الهنود والبائعين الأفغان على مذكرات للتفاهم تُقدر قيمتها بنحو 214 مليون دولار خلال المعرض التجاري الذي استمر لمدة 4 أيام، حيث جرى بيع منتجات من السجاد والأحجار الكريمة والمجوهرات والرخام والمنتجات الغذائية بما يزيد قيمته على 10 ملايين دولار وقتذاك.
وأضاف السفير الأفغاني لدى الهند معلقا: «من شأن معرض مومباي التجاري أن يساعد في تنمية العلاقات الاقتصادية بين أفغانستان والأسواق الدولية، ويعزز التكامل التجاري بين البلدين. ونحن نسعى وراء الاستثمار والتعاون مع الهند في مجالات الزراعة، والتعدين، والصناعات الثقيلة، والتعليم، والزراعة، والرعاية الصحية، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، والنقل».
وفي وقت سابق من شهر يوليو (تموز) الماضي، وصل أكثر من 50 شركة تصدير أفغانية إلى نيودلهي للمشاركة في فعالية استغرقت يومين تحت عنوان «صُنع في أفغانستان، أفضل ما أنتجته الطبيعة»، في محاولة لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين. ووقّع التجار الأفغان، خلال هذه الفعالية، على صفقات تجارية بلغت قيمتها نحو 68 مليون دولار من المنتجات الزراعية عالية القيمة، مثل الرمان، والزعفران، والتفاح، والمشمش، والبطيخ، والعنب، والمكسرات، والكرز، إثر مشاركتهم في البعثة التجارية الأخيرة في الهند.
وخلال العام الماضي، بدأت خدمات الشحن الجوي في العمل بين أفغانستان والهند، وأسفرت عن شحنات جوية مباشرة من المنتجات الأفغانية إلى مطاري نيودلهي ومومباي.
ونما التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 30 في المائة نظرا لافتتاح ممر الشحن الجوي المخصص. ومن بين أهم الصادرات الهندية لأفغانستان المنسوجات، والأدوية، والتبغ، والحديد، والصلب، والآلات الكهربائية، في حين تستورد نيودلهي من أفغانستان الفاكهة، والمسكرات، والصمغ، والراتنجات، والقهوة، والشاي، والتوابل. وهناك رحلات جوية أخرى تنطلق من أفغانستان إلى مدن هندية مختلفة مثل تشيناي، وحيدر آباد.
وفي الأثناء ذاتها، وتعزيزا للروابط التجارية مع الهند يقدم الجانب الأفغاني خصومات على الرسوم الجمركية، الأمر الذي يشكل حافزا كبيرا لتنمية سوق التصدير في الهند. كما تحاول الهند أيضا تخفيض الضرائب في المطارات على السلع التي يتم تصديرها إلى الجانب الأفغاني.
وأعربت كل من الهند وأفغانستان في وقت سابق عن رغبتهما المشتركة في أن تفتح باكستان طريقها البري أمام نيودلهي. ولقد رفضت إسلام آباد الطلب. ويعتقد المحللون أن إسلام آباد تخشى من تفوق الهند على الهيمنة الباكستانية في مجال التجارة مع الجانب الأفغاني. ولكن هذا بالضبط ما حدث في نهاية المطاف. فلقد نجحت الهند في تجاوز الهيمنة التجارية الباكستانية بشكل لافت للنظر عندما توجهت للتجارة مع أفغانستان عبر ميناء تشابهار في إيران. ولقد وصلت الشحنة الأولى من القمح الهندي إلى مدينة زارانج الأفغانية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، وأشاد بها المسؤولون من كلا الجانبين على اعتبارها بداية موفقة على طريق مزيد من التعاون بين البلدين. ومنذ ذلك الحين، تمكنت الهند من تصدير 170 ألف طن من القمح، و2000 طن من البقول عبر ميناء تشابهار الإيراني.
ومن المتوقع التخطيط لترتيبات ثلاثية تتعلق بالنقل بين الهند وأفغانستان وإيران بهدف صياغة الإطار القانوني الموثوق لضمان التدفق السلس للسلع والمركبات بين ميناء تشابهار الإيراني وأفغانستان عبر إيران.
- الخسائر الباكستانية
أفضت التجارة الهندية المزدهرة مع أفغانستان إلى انخفاض واضح في حصة باكستان التجارية من السوق الأفغانية حتى أقل من 50 في المائة، وهي التي كانت تهيمن في وقت سابق على سوق التجارة الأفغاني.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة «الفجر» الباكستانية، فإن خسائر البلاد تتزايد على هذا الصعيد لصالح كل من الهند والصين أيضا، من حيث البلدان التي تملك أكبر حصة من التجارة مع أفغانستان.
وقال زبير موتيوالا، رئيس غرفة التجارة والصناعة الباكستانية الأفغانية المشتركة، إن الهند على وجه الخصوص قد نجحت في اختراق السوق الأفغانية عن طريق دعم صادراتها إلى كابل. وأضاف زبير موتيوالا، الذي كان في زيارة إلى كابل مؤخرا، أن الاختراق التجاري من جانب الهند والصين قد أسفر عن الحد من الخيارات المتاحة أمام باكستان للمحافظة على نصيبها من السوق الأفغانية، في حين تواصل الهند وبشدة دعم الصادرات المحلية إلى أفغانستان. وصرح بأن التجارة البينية الباكستانية الأفغانية قد تراجعت إلى مستوى 1.2 مليار دولار من أصل 2.7 مليار دولار خلال العامين الماضيين، وأن إسلام آباد أصبحت تفقد حتى الأسواق التقليدية من الطحين، والملابس للجنسين، واللحوم الحمراء.
وقال موتيوالا إن الهند تواصل تقديم السلع والبضائع إلى الجانب الأفغاني بأسعار مدعومة بهدف الاستحواذ على السوق، كما أنها توفر خصما على تذاكر الطيران يصل إلى 75 في المائة، وأضاف أن الأفغان يجدون سهولة بالغة في السفر إلى الهند بتذاكر طيران رخيصة وتأشيرات متعددة لدخول البلاد من دون المرور على تفتيش الشرطة في المطارات.
وكانت كابل لسنوات طويلة سوقا للصادرات والسلع الباكستانية، ولكن هذا الواقع بات في تغير مستمر، إذ إن المنتجات الرخيصة القادمة من الصين والهند صارت في كل مكان من البلاد. وقد أوضح موتيوالا أنه في ذروة التجارة الثنائية بين كابل وإسلام آباد كان نقل 70 ألف حاوية من البضائع والسلع إلى أفغانستان هو الرقم المعتاد، ولقد انخفض الآن إلى 7 آلاف حاوية فقط.
وكان الجانب الآخر من الرفض الرسمي الباكستاني لفتح الطريق البري أمام التجارة الهندية والأفغانية قد دفع الحكومة الأفغانية إلى اتخاذ موقف صارم مماثل عبر منع وصول باكستان إلى آسيا الوسطى مرورا بالأراضي الأفغانية. في حين أن الهند صارت قادرة على الوصول الفعال إلى آسيا الوسطى عبر ميناء تشابهار الإيراني وعبر الأراضي الأفغانية.
- أفغانستان والصين
تزامنا مع ذلك، تعمل أفغانستان أيضا على صعيد بدء طريق الشحن الجوي لنقل المنتجات الأفغانية مباشرة إلى الأسواق الصينية. وبدأ خط الصادرات المباشر إلى أفغانستان عبر السكك الحديدية قبل عامين من الصين مرورا بأوزبكستان وصولا إلى أفغانستان. وفي الأثناء ذاتها، كانت السلع والبضائع تصل من الصين إلى أفغانستان في حاويات السكك الحديدية وتعاود الحاويات رحلتها إلى الصين خاوية تماما.
ومع ذلك، في يونيو (حزيران) من العام الماضي، توقفت تلك الخدمات تماما. وفي الوقت الذي أشارت فيه غرفة التجارة الصناعة الأفغانية إلى الافتقار للبنية التحتية اللازمة في ميناء هيراتان الواقع بين أفغانستان وأوزبكستان، على اعتبار أنه أحد الأسباب الرئيسية في توقف عمليات شركة السكك الحديدية الصينية.
ويستورد التجار الأفغان في الآونة الراهنة السلع والبضائع من الصين عبر ميناء بندر عباس الإيراني وميناء كراتشي الباكستاني. وتعتبر الصين من الأسواق الجيدة لمنتجات الزعفران، والصنوبر، والأحجار الكريمة الواردة من أفغانستان.
ووفق الأرقام الصادرة عن مجلس التجارة الأفغاني، فإن أفغانستان تستورد من الصين بضائع بقيمة أكثر من مليار دولار سنويا، في حين أن حجم الصادرات الأفغانية إلى الصين لا يتجاوز 5 ملايين دولار في كل عام.
وتعهدت أوزبكستان بتوفير 500 مليون دولار من التمويل الجزئي المخصص لإنشاء خط السكك الحديدية بطول 657 كيلومترا من مدينة مزار شريف حتى محافظة هيرات الأفغانيتين. ومن شأن الخط المقترح أن يكون امتدادا لمسار بطول 75 كيلومترا من الحدود الأوزبكية حتى مزار شريف الأفغانية، وسوف يتصل في محافظة هيرات بخط سكك حديدية آخر قيد الإنشاء حاليا من إيران. ومن شأن هذه الخطط أن توفر طريق العبور من آسيا الوسطى، وربما الصين، حتى إيران ثم إلى أوروبا.
وقال سيام بيسارلي، المتحدث الرسمي باسم غرفة التجارة الصناعة الأفغانية: «من خلال توسيع علاقات التجارة والعبور مع الصين، سنصير جزءا من المشروعات الكبرى التي تنفذها الصين في المنطقة. والصين تعد واحدة من أهم البلدان في المنطقة من حيث الروابط التجارية القائمة مع أفغانستان، وسوف تستفيد أفغانستان كثيرا من توسيع العلاقات التجارية بين البلدين».
ومن المقرر عقد اجتماع يضم كلا من المسؤولين والمستثمرين والخبراء الأفغان والصينيين خلال الشهرين المقبلين في كابل لمناقشة سبل تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.
وفي الأثناء ذاتها، تعمل الصين على مسار إضافة أفغانستان إلى قائمة طموحاتها الإقليمية ضمن «مبادرة الحزام والطريق» الشهيرة.
ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الرئيس الأفغاني أشرف غني قد صرح بأن بلاده لن تكون جزءا من الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني ما لم تملك حق الوصول إلى حدود واغاه وأتاري الباكستانية مع الهند. كما قال الرئيس الأفغاني أيضا إن كابل سوف تواصل تقييد الوصول الباكستاني إلى آسيا الوسطى ما لم تحصل على حق الوصول إلى الهند من خلال مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.