المصريون في قلق دائم بسبب كأس العالم

خوفاً من {سوء الحظ} التاريخي الملازم لهم في المنافسات المرتبطة بالمونديال

منتخب مصر أهدر فوزاً غالياً على حساب البرتغال بعدما كان تقدم بهدف لمحمد صلاح («الشرق الأوسط»)
منتخب مصر أهدر فوزاً غالياً على حساب البرتغال بعدما كان تقدم بهدف لمحمد صلاح («الشرق الأوسط»)
TT

المصريون في قلق دائم بسبب كأس العالم

منتخب مصر أهدر فوزاً غالياً على حساب البرتغال بعدما كان تقدم بهدف لمحمد صلاح («الشرق الأوسط»)
منتخب مصر أهدر فوزاً غالياً على حساب البرتغال بعدما كان تقدم بهدف لمحمد صلاح («الشرق الأوسط»)

يمكن القول بأن التأهل لكأس العالم لكرة القدم يشبه أن يصبح الشخص أبا للمرة الأولى، فرغم السعادة التي يشعر بها الأب لقدوم مولوده الأول، فإن ذلك يفتح أمامه آفاقا جديدة وهائلة من المخاوف. ومنذ إحراز نجم ليفربول الإنجليزي محمد صلاح هدفين في مرمى منتخب الكونغو في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ليضمن تأهل المنتخب المصري لنهائيات كأس العالم للمرة الأولى منذ 28 عاما، والمصريون يحلمون بتحقيق المجد ويخشون من ألا تسير الأمور على ما يرام.
وعندما خرج صلاح مصابا في بداية الشوط الثاني للمباراة التي سحق فيها ليفربول مانشستر سيتي بثلاثية نظيفة في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا الأسبوع الماضي، وضعت أمة بأكملها يدها على قلبها خشية غياب نجمها الأبرز عن المونديال العالمي. ورغم أن المدير الفني لليفربول يورغن كلوب قد أكد على أن الإصابة لا تبدو بالغة، فلم يشعر المصريون بالراحة إلا عندما شاهدوا صلاح مرة أخرى يصول ويجول داخل المستطيل الأخضر في مباراة الإياب أمام ليفربول الثلاثاء الماضي. وما إن عاد صلاح للعب من جديد، حتى شعر المصريون بالقلق مرة أخرى من احتمال تعرضه للإصابة، وهكذا.
في الواقع، يمكن تفهم المخاوف التي يشعر بها المصريون، وخاصة في ظل حالة عدم التوفيق التي تلازمهم في المونديال. ومنذ تأهل مصر للمرة الأولى عام 1934 شكل كأس العالم تحديا كبيرا بالنسبة للمصريين. وفي أول بطولة لكأس العالم، قطع الفريق المصري رحلة لمدة أربعة أيام من أجل الوصول إلى إيطاليا وسجل هدفين خلال أربع دقائق في مرمى المجر، لكنه خسر المباراة بأربعة أهداف مقابل هدفين. أحرزت المجر الهدف الرابع بعد تدخل عنيف على حارس المرمى المصري، مصطفى منصور، أدى إلى كسر أنفه، في حين ألغي هدف لعبد الرحمن فوزي بداعي التسلل على الرغم من أنه - حسب تقارير مصرية - قد سجل الهدف بعد مراوغة على طريقة محمد صلاح بدأها من منتصف ملعب فريقه.
ولو كان هذا الهدف قد احتسب، فربما تمكنت مصر من العودة في نتيجة المباراة وربما أصبح فوزي، الذي أحرز هدفين في تلك المباراة، أول لاعب أفريقي يسجل ثلاثة أهداف في مباراة واحدة في كأس العالم، وهو الإنجاز الذي لم يحققه أي لاعب حتى الآن، رغم أننا قد نسمع اللاعب السنغالي السابق الحاج ضيوف يصرح يوما ما بأنه أحرز خمسة أهداف للسنغال في مرمى البرازيل في نهائي كأس العالم عام 2002!!!
وبعد المشاركة في كأس العالم عام 1934، انتظرت مصر 56 عاما كاملة من أجل أن تصل للمونديال مرة أخرى. وشاركت مصر في نهائيات كأس العالم بإيطاليا عام 1990 وبدأت مبارياتها بأداء قوي وتعادل مستحق مع المنتخب الهولندي حامل لقب كأس الأمم الأوروبية آنذاك وأحد المرشحين للحصول على لقب كأس العالم، قبل أن تتعادل مع جمهورية آيرلندا من دون أهداف وتخسر أمام إنجلترا بهدف وحيد من توقيع مارك رايت الذي لم يسجل في مسيرته الدولية مع المنتخب الإنجليزي سوى هذا الهدف! فأي حظ عثر هذا؟
وبعد ذلك، واجه المصريون سوء حظ غريب في التأهل لكأس العالم، رغم أن المنتخب المصري كان أفضل فريق في أفريقيا خلال معظم فترات القرن الحادي والعشرين. لكن الآن، وعلى الأقل، عادت مصر مرة أخرى للمشاركة في هذا العرس الكروي العالمي. ومع ذلك، ما زال المصريون يشعرون بالقلق، ليس فقط بسبب احتمال إصابة صلاح أو تشتت تفكير نجم خط الدفاع أحمد حجازي بسبب اقتراب فريقه وست بروميتش ألبيون من الهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن أيضا بسبب الحديث عن احتمال رحيل المدير الفني للفراعنة هيكتور كوبر إلى أحد منتخبات أميركا الجنوبية.
وخلال الثلاث سنوات التي تولى فيها قيادة المنتخب المصري، حقق المدير الفني الأرجنتيني الكثير من الإنجازات بالاعتماد على طريقة لعب تعتمد على الجماعية ونقل الكرة بأسرع طريقة ممكنة إلى أبرز لاعب بالفريق وهو محمد صلاح. ووفقا للاتحاد المصري لكرة القدم، فإن كوبر قريب من التوقيع على عقد جديد للاستمرار في قيادة الفراعنة. وقال ثروت سويلم، المدير التنفيذي للاتحاد المصري لكرة القدم: «كوبر ليس رجلا طماعا، ولا يستغل حقيقة أننا بحاجة إليه قبل كأس العالم. لقد صرح بأنه يحب مصر وأنه يريد البقاء. وقال أيضا إنه سيعطي أولوية لمصر على أي عروض أخرى لو لم تكن الفروق المادية كبيرة. ومن المرجح أن يجدد كوبر تعاقده قبل المعسكر التدريبي للمنتخب الوطني في مايو (أيار) المقبل». ومن شأن هذا أن يجعل المصريين يشعرون بالراحة، لكن لثوان معدودة قبل أن تنتابهم مشاعر القلق مرة أخرى.
جدير بالذكر أن كوبر تمسك بالفعل بالاستمرار في منصب المدير الفني للمنتخب المصري رغم تلقيه عدة عروض مغرية لتدريب منتخبات وفرق عالمية.
ونجح كوبر في أقل من ثلاث سنوات في تحقيق إنجازات رائعة مع منتخب الفراعنة بداية من التأهل لأمم أفريقيا بالغابون عام 2017 واحتلال مركز الوصيف بعد الغياب المصري عن المنافسة القارية لثلاث دورات متتالية ثم التأهل بالفريق إلى كأس العالم 2018 في روسيا وحصول كوبر ومنتخب مصر ونجمه محمد صلاح على جوائز أفضل مدرب ومنتخب ولاعب في حفل جوائز الاتحاد الأفريقي «كاف» عن عام 2017 مما جعل المدرب الأرجنتيني مطمعا للكثير من الفرق والمنتخبات.
ووردت لكوبر عروض مغرية من منتخبات الكاميرون والإكوادور ونيجيريا والولايات المتحدة الأميركية لتدريب منتخباتها كذلك فرق أرجنتينية وإسبانية لم يتم الإعلان عن أسمائها إلا أنه قابلها بالرفض متمسكا بالمنتخب المصري واستكمال الإنجازات العالمية مع الفراعنة. وأكد مجدي عبد الغني عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة صحة العروض التي تلقاها كوبر سواء لتدريب منتخبات الكاميرون والإكوادور وأميركا وغيرها موضحاً أن تلك العروض هي نتيجة طبيعية لنجاحه في قيادة منتخب مصر.
وشدد عبد الغني على أن كوبر يحترم تعاقده مع الفراعنة وأكد ذلك لمجلس اتحاد الكرة عقب التأهل لمونديال روسيا وعقب سيطرة مصر على جوائز الكاف حيث ينص عقده على استمراره حتى انتهاء المشاركة في المونديال، مشيراً إلى أن كوبر رفض تلك العروض متمسكا ببقائه مع الفراعنة. وأضاف عضو الاتحاد المصري لكرة القدم أنه لا صحة لما تردد عن اقتراب كوبر من الرحيل عن تدريب المنتخب المصري، مشددا على أنه يمتلك إصرارا وطموحات وأهدافا يرغب في تحقيقها مع الفراعنة في المونديال وبعدها سيتم فتح ملف تجديد تعاقده من عدمه لكن قبل انتهاء كأس العالم سيظل كوبر مديرا فنيا للفريق وسيستمر في تلقي العروض المغرية من الأندية والمنتخبات فتلك هي طبيعة الساحرة المستديرة التي تبحث عن خطف أصحاب النجاحات والإنجازات البارزة.
أما محمود فايز المدرب المساعد بجهاز الفراعنة والمترجم الشخصي لكوبر فكشف عن أن كوبر وردت إليه عروض لتدريب فرق أوروبية صغيرة وفرق أخرى في أميركا الجنوبية بعد انتهاء أمم أفريقيا الأخيرة ورفضها، موضحا أن العروض انهالت عليه بكثرة ومن قبل منتخبات عالمية بعد التأهل للمونديال لكنه رفضها جميعا وتمسك بالاستمرار مع الفراعنة.
وأكد فايز على أن كوبر يمتلك عقلية مميزة ولن يضيع نجاحه مع الفراعنة في بلوغ المونديال والعودة لسيادة القارة السمراء ويترك تلك الإنجازات لمدرب آخر وهو ما جعله يرفض عروضا مثل تدريب منتخبي أميركا والإكوادور وغيرهما. وأشار مساعد كوبر إلى أن المدير الفني للفراعنة أثناء حضوره لحفل جوائز الكاف شدد لمسؤولي اتحاد الكرة على تمسكه بقيادة الفراعنة في المونديال وتحقيق إنجاز يضع المنتخب المصري في المكانة التي يستحقها حاليا معلنا رفضه لكافة العروض التي تقدم إليه.
وشدد فايز في تصريحاته على أن كوبر مستمر في قيادة المنتخب المصري حتى انتهاء المونديال وهو التوقيت الذي سينتهي فيه تعاقده وهنا يمكن الحديث عن تجديده أو رحيله مشيرا إلى أن كوبر قد يكون لديه هدف شخصي يدركه ويقدر أهميته ويعلم أنه لن يتحقق إلا بتحقيق الفراعنة إنجاز غير مسبوق بالمونديال فالفائدة وقتها ستعم على الجميع وليس الجهاز الفني وحده.
ودخل منتخب مصر في معسكر إعداد بسويسرا ابتداء الشهر الماضي استعدادا للمونديال تخلله وديتان أمام البرتغال واليونان. ومن دون نجمها محمد صلاح وتشكيلتها الأساسية، خسرت مصر مباراتها الثانية أمام اليونان صفر - 1 في زيوريخ، بعد خسارتها بصعوبة أمام البرتغال 1 - 2، وقدمت مصر مباراة عادية تحت أمطار زيوريخ عجزت فيها عن التسجيل، ضمن سلسلة اختباراتها قبل مواجهة روسيا والأوروغواي والسعودية في المونديال في المجموعة الأولى.


مقالات ذات صلة

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

رياضة عالمية فابيو ليما (رويترز)

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

تحوّل فابيو ليما البرازيلي المولد رمزاً لحملة الإمارات لما يمكن أن يكون صعودها لكأس العالم لكرة القدم بعد غياب 36 عاماً، بتسجيله 4 أهداف بالفوز الساحق على قطر.

«الشرق الأوسط» (دبي)
رياضة عربية سون هيونغ مين (أ.ف.ب)

سون قائد كوريا الجنوبية: علينا التعلم من منتخب فلسطين

أشاد سون هيونغ مين، قائد كوريا الجنوبية، بصلابة الفريق الفلسطيني، بعدما منح مهاجم توتنهام هوتسبير فريقه نقطة بالتعادل 1 - 1.

«الشرق الأوسط» (عمان)
رياضة عالمية فرحة لاعبي الأرجنتين بهدف مارتينيز (أ.ف.ب)

تصفيات كأس العالم: الأرجنتين تبتعد في الصدارة... والبرازيل تتعثر بنقطة الأوروغواي

قاد المهاجم لاوتارو مارتينيز المنتخب الأرجنتيني إلى الفوز على ضيفه البيروفي بهدف دون رد، الثلاثاء، في الجولة الـ12 من تصفيات أميركا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (مونتيفيديو)
رياضة عربية فابيو ليما (رويترز)

ليما بعد الخماسية في قطر: الإمارات قدَّمت أفضل أداء في التصفيات

قال فابيو ليما مهاجم الإمارات، إن مباراة بلاده مع قطر في المرحلة الثالثة من التصفيات الآسيوية لكأس العالم لكرة القدم 2026 كانت الأفضل.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
رياضة عربية شين تاي-يونغ (أ.ف.ب)

مدرب إندونيسيا: الفوز على «الأخضر» يمنحنا الثقة في بلوغ كأس العالم

يثق شين تاي-يونغ مدرب إندونيسيا في أن الفوز المفاجئ 2-صفر على السعودية، في جاكرتا أمس (الثلاثاء) سيمنح فريقه فرصة حقيقية في بلوغ كأس العالم لكرة القدم 2026.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.