أسواق العالم تتنفس الصعداء مع انحسار مخاوف الحرب التجارية

واشنطن وبكين تلمحان إلى «طاولة المفاوضات»

متعامل في بورصة نيويورك يتابع مؤشرات الأسواق أمس (أ.ب)
متعامل في بورصة نيويورك يتابع مؤشرات الأسواق أمس (أ.ب)
TT

أسواق العالم تتنفس الصعداء مع انحسار مخاوف الحرب التجارية

متعامل في بورصة نيويورك يتابع مؤشرات الأسواق أمس (أ.ب)
متعامل في بورصة نيويورك يتابع مؤشرات الأسواق أمس (أ.ب)

في مؤشر واضح على تراجع حدة المخاوف من نشوب حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، تجاوزت أسواق الأسهم العالمية خسائرها أمس، وارتفع الدولار إلى أعلى مستوياته مقابل الين الياباني في ثلاثة أسابيع، خاصة في ظل التصريحات التي فهمت على أنها مساع للتهدئة من جانب الولايات المتحدة، ودعوة صريحة من الجانب الصيني إلى إجراء مزيد من المفاوضات.
وقال لاري كودلو المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، أمس الخميس، إن الإجراءات التجارية الأخيرة التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه الصين «لا تستهدف معاقبة أي قطاعات أو الأسواق»، متابعا للصحافيين في البيت الأبيض: «هدفنا ليس معاقبة أي أحد. هدفنا هو فتح الأسواق والاستثمارات وخفض الحواجز - تلك هي القضية... أي ضرر يلحق باقتصادنا مصدره الممارسات الصينية التقييدية... توجهوا باللوم إلى الصين لا ترمب».
لكن كودلو أكد أيضا أنه من المحتمل ألا يتم تطبيق التعريفات الجمركية على الصين. وقال إن ترمب «تاجر حر في نهاية المطاف... ويريد حل المشكلات بين الولايات المتحدة والصين بأكثر ما يمكن من دون ضرر». وفي حديثه على شبكة «فوكس نيوز»، قال كودلو إن ترمب «يضع أوراقه على الطاولة»، بينما يدعم البلاد، ويسعى إلى تحقيق تجارة عالمية أفضل. لكنه قال إن الطريق إلى تحرير التجارة يجب أن يشمل «إصلاحات هائلة» وينهي الممارسات التجارية غير المشروعة وغير العادلة. وعلى الجهة الأخرى، قال كوي تيانكاي، سفير الصين لدى الولايات المتحدة مساء الأربعاء عقب اجتماع مع جون سوليفان القائم بأعمال وزير الخارجية الأميركي، إن بكين تفضل حل النزاع التجاري مع واشنطن من خلال المفاوضات، لكن يجب على البلدين كليهما أن يتصرفا بروح المسؤولية... مؤكدا أن «التفاوض سيظل خيارنا المفضل، لكن التانغو رقصة ثنائية. سنرى ما الذي ستفعله الولايات المتحدة».
ارتفع الدولار إلى أعلى مستوياته في أسبوعين أمام سلة من العملات الرئيسية أمس بدعم من تعافي وول ستريت وبوادر على أن الولايات المتحدة ربما تتفاوض لحل لنزاعها التجاري مع الصين.
وبعد تلويح بكين يوم الأربعاء بالرسوم الجمركية على واردات أميركية ارتفع الين، الذي غالبا ما يحظى بإقبال المستثمرين في أوقات اضطراب السوق، وعزوف المستثمرين إلى حد كبير عن تكوين مراكز جديدة في الأصول العالية المخاطر مع هبوط الأسهم الأميركية.
لكن الدولار عوض خسائره أمس، وزاد مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية أمام سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.1 في المائة إلى 90.20. وارتفع الدولار 0.3 في المائة مقابل العملة اليابانية ليجري تداوله عند 107.08 ين، ثم سجل لاحقا أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع أمام العملة اليابانية عند 107.29 ين. بينما انخفض الدولار الأسترالي 0.3 في المائة إلى 0.7691 دولار أميركي رغم صدور بيانات محلية قوية. وتراجع اليورو 0.2 في المائة إلى 1.2258 دولار أميركي، معززا مكاسبه المحدودة التي سجلها الأربعاء. ومع انتعاش شهية المستثمرين للمخاطرة، تراجعت أسعار الذهب أمس. وبحلول الساعة 0701 بتوقيت غرينتش نزل الذهب في المعاملات الفورية 0.6 في المائة إلى 1324.96 دولار للأوقية (الأونصة)، بعدما لامست أعلى مستوى في أسبوع عند 1348.06 دولار للأوقية الأربعاء. وانخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.9 في المائة إلى 1328.50 دولار للأوقية. ومن بين المعادن النفيسة الأخرى، نزلت الفضة في المعاملات الفورية 0.2 في المائة إلى 16.24 دولار للأوقية. وانخفض البلاتين 0.5 في المائة إلى 907.20 دولار للأوقية بعدما تراجع إلى 901.50 دولار للأوقية وهو أدنى مستوى له منذ ديسمبر (كانون الأول). واستقر البلاديوم عند 924.55 دولار للأوقية بعدما لامس 913 دولارا يوم الأربعاء، وهو أدنى مستوى منذ مطلع أكتوبر .
وعصر أمس، فتحت الأسهم الأميركية على ارتفاع بدعم من مكاسب «أمازون» و«فيسبوك»، خاصة في ظل انحسار المخاوف من حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين. وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 109.7 نقطة أو 0.45 في المائة إلى 24374 نقطة.
وزاد المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 14.19 نقطة أو 0.54 في المائة إلى 2658.88 نقطة. وصعد المؤشر ناسداك المجمع 54.70 نقطة أو 0.78 في المائة إلى 7096.81 نقطة.
وكانت الأسهم اليابانية ارتفعت عند الإغلاق أمس بعد أن صعدت وول ستريت مع إغلاق الأربعاء، لتتعافى من موجة هبوط أطلقها تصاعد النزاع التجاري. وربح المؤشر نيكي القياسي للأسهم اليابانية 1.5 في المائة ليغلق عند 21645.42 نقطة، متجاوزا متوسطه المتحرك لمائتي يوم البالغ 21359.22 نقطة.
وزاد المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 1.1 في المائة إلى 1724.61 نقطة، مع ارتفاع 28 من بين 33 قطاعا فرعيا على المؤشر.
وبدروها، قفزت الأسهم الأوروبية في التعاملات المبكرة أمس مع عودة المستثمرين إلى شراء الأصول العالية المخاطر. وصعد المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 1.5 في المائة إلى أعلى مستوياته في أسبوعين خلال التعاملات الصباحية، بدعم من أسهم القطاعين المالي والصناعي، ليركب موجة المكاسب التي دفعت وول ستريت والأسهم الآسيوية للصعود.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.