شادية تودع الأضواء إلى الأبد

الفنانة الراحلة قدمت للسينما 117 فيلماً ومسرحية «ريا وسكينة»

شادية مع عبد الحليم حافظ في «معبودة الجماهير»
شادية مع عبد الحليم حافظ في «معبودة الجماهير»
TT

شادية تودع الأضواء إلى الأبد

شادية مع عبد الحليم حافظ في «معبودة الجماهير»
شادية مع عبد الحليم حافظ في «معبودة الجماهير»

رغم ابتعادها عن الأضواء منذ ما يقرب من 3 عقود كاملة بكامل اختيارها، فإن الأضواء لم تبتعد عنها، وظلت تلاحقها خلال تلك المدة، من خلال أغانيها الوطنية الشهيرة، وأفلامها المهمة، التي يتم عرضها حتى الآن على شاشات القنوات الفضائية العربية، حتى رحلت عن عالمنا تاركة إرثا هائلا من الأعمال الفنية المتميزة، التي دخلت بها قلوب المشاهدين على مستوى العالم العربي.
عانت الفنانة المصرية الكبيرة شادية صراعا مع المرض، عشية وفاتها، وهو الصراع الذي دخلت على إثره أحد المستشفيات العسكرية بمدينة القاهرة، وهي في غيبوبة كاملة، نتيجة الجلطة المفاجئة التي أصابتها، وتم منع الزيارة نهائيا عنها حرصا على سلامتها، ولم يستثن من الزيارة إلا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والسيدة قرينته، اللذان قاما بزيارتها في المستشفى، في «لفتة» ثمّنها الوسط الفني في مصر.
«لأنني في عز مجدي أفكر في الاعتزال لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويدا رويدا... لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنوا بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها». بهذه المبررات فجرت الفنانة الراحلة في منتصف الثمانينات من القرن الماضي مفاجأة من العيار الثقيل لجمهورها الكبير الممتد بطول أقطار الوطن العربي باتخاذها قرار اعتزالها الفن والغناء بشكل نهائي بمحض إرادتها.
قررت الفنانة الراحلة التي تعتبر من أهم الفنانات في تاريخ السينما المصرية، أن تعتزل وهي في قمة مجدها في هدوء، وتبتعد عن الأضواء والشهرة، وأن تتحجب وتنطوي على نفسها، ولم تستسلم للعودة أبدا رغم كل الإغراءات والتكريم والتنصيب.
ورغم طول سنوات الاختفاء والتواري عن الأضواء، قبل رحيلها، فإنها ما زالت على الساحة الفنية بأعمالها، وتسكن في قلوب جماهيرها، الذين يرددون منذ ذلك التاريخ أنها «دلوعة الشاشة العربية»، و«قطعة السكر»، فهي «الحالة الفريدة الاستثنائية التي تدخل القلوب دون استئذان»، لتصبح «معبودة الجماهير».
117 فيلما هو رصيد الفنانة الراحلة شادية، من الأعمال الفنية، بدأت بفيلم «العقل في إجازة» عام 1947، واختتمت بفيلم «لا تسألني من أنا» عام 1984. وبينهما تألقت في عشرات الأفلام، فهي «فؤادة» القوية العنيدة، التي تتحدى الظلم وتقف أمام عتريس بكل جبروته في «شيء من الخوف»، وهي «عيشه» التي تبيع ابنتها الكبرى لتطعم صغارها في «لا تسألني من أنا»، وهي «سعاد شلبي» المطربة المغمورة التي تأتي من طنطا وتحلم بـ«أضواء المدينة»، وهي «حميدة» التي تتمرد في «زقاق المدق»، وهي «نور» فتاة الليل في «اللص والكلاب»، وهي أيضا المهندسة «عصمت» أشهر نموذج للمرأة العاملة في «مراتي مدير عام»، ومثلث أيضا شخصيات كثيرة مختلفة ولا ننسى دورها في «الزوجة الـ13» ولقبت بمعبودة الجماهير بعد مشاركتها في فيلم بالاسم نفسه أمام العندليب عبد الحليم حافظ.
إلى ذلك، تبقى بعض أعمال الفنانة شادية السينمائية، علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية، منها أفلام «حماتي قنبلة ذرية»، و«أولادي»، و«أشكي لمين»، و«الدنيا حلوة»، و«الصبر جميل»، و«قطر الندى»، و«بنات حواء»، و«شرف البنت»، و«الظلم حرام»، و«اوعى تفكر»، و«الحقوني بالمأذون»، و«الستات مايعرفوش يكدبوا»، «وليلة من عمري»، و«لحن الوفاء»، و«شاطئ الذكريات»، و«شباب امرأة».
كما تمتلك شادية رصيدا فنيا قوامه 10 مسلسلات إذاعية، ومسرحية واحدة شهيرة قدمتها عام 1982 هي «ريا وسكينة»، وما يتعدى 1500 أغنية، فيما كان آخر ظهور لها على الشاشة عام 1986 من خلال اشتراكها في حفل «الليلة المحمدية»، حيث غنت أغنيتها الشهيرة «خد بإيدي» لتقرر الاعتزال عقب هذه الحفلة.
تميزت «الدلوعة» بأداء الأغاني الخفيفة بل احتكرت أداءها، ولم تستطيع أي مطربة منافستها حتى وقتنا هذا، وفقا للخبراء، كما أنها قدمت أغاني وطنية يرددها المصريون في كل مناسبة وطنية، يعتبرها معظم المصريين نشيدا وطنيا، مثل أغنية «يا حبيبتي يا مصر».
وخلال أيام عرض «ريا وسكينة» تلقت خبر إصابتها بمرض سرطان الثدي، الذي كان بمثابة صدمة لها، ومع ذلك استكملت عملها باحترافية، وقررت أن تسافر للخارج من أجل تلقي العلاج، وخضعت الفنانة الراحلة لعملية استئصال لأحد ثدييها في فرنسا، وقررت بعد ذلك الاعتزال وأداء فريضة الحج مع التبرع ببيتها الخاص ليكون مركزا لأبحاث السرطان حتى يفيد المرضى. وبعد الاعتزال، ظلت سنوات لا تغادر منزلها، وتفرغت للعبادة والأعمال الخيرية. ورفضت إجراء أي مقابلات صحافية.
قال عنها أديب نوبل نجيب محفوظ: «شادية ممثلة عالية القدرة، استطاعت أن تعطي سطور رواياتي لحما ودما وشكلا مميزا، ولا أجد ما يفوقه في نقل الصورة من البنيان الأدبي إلى الشكل السينمائي». ووصفتها السيدة «أم كلثوم»، بأنها «صاحبة صوت جميل، وسليم متسق النسب والأبعاد، مشرق ولطيف الأداء، ويتميز بشحنة عالية من الإحساس وفيض سخي من الحنان».
كما اختارها النقاد والمحللون والجمهور، لتتوج سيدة الرومانسية الأولى، دون منازع على كل نجمات السينما، بعد أن وقف أمامها جيل من كبار الفنانين، أمثال أنور وجدي، وعماد حمدي الذي شاركته نحو 20 فيلما، وصلاح ذو الفقار، وفريد شوقي، ويحيى شاهين، وشكري سرحان، وعمر الشريف، ورشدي أباظة، وأحمد رمزي، ومن المطربين فريد الأطرش، وعبد الحليم حافظ، وكارم محمود، ومنير مراد.
وقال خالد شاكر، ابن شقيقة الفنانة شادية، لـ«الشرق الأوسط»: «الأطباء بذلوا أقصى جهدهم للاهتمام بحالتها التي تخطت أزمة الجلطة، حيث كانت تعاني من الالتهاب الرئوي، ومع الوقت تدهورت حالتها تدريجيا حتى صعدت روحها إلى بارئها».


مقالات ذات صلة

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.