موضوعات خارج حدود الجغرافيا والتاريخ

مسرحيات غير منشورة للروائي والكاتب المسرحي الراحل عارف علوان

عارف علوان
عارف علوان
TT

موضوعات خارج حدود الجغرافيا والتاريخ

عارف علوان
عارف علوان

صدر خلال معرض الشارقة للكتاب في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، كتاب «هلاك بابل ومسرحيات أخرى» للمسرحي والروائي العراقي عارف علوان الذي غادر هذه الحياة قبل أشهر. يضم الكتاب أربع مسرحيات، هي: «هلاك بابل، والشرخ، وعنصرية جذابة، وطرطوف».
يبدأ الكتاب بمقدمة طويلة (24 صفحة)، يمكن اعتبارها دراسة مكثفة وشاملة عن المسرح في المنطقة العربية، يبحث فيها عن الأدوات (أو المعاول كما يسميها علوان) التي استعملها «العقائديون» للوصول بالمسرح إلى أزمته الراهنة. يقول المؤلف: «بما أن المسرح، في رأي البعض، هو أقوى أداة للتعبير، بسبب تأثيره المباشر على أحاسيس الجمهور، ركّزت عليه جميع الأحزاب الشمولية والأنظمة الفردية والعسكرية، وحرمته الحرية التي يمكن أن ينمو في ظلها… وقد أراد كل حزب وكل مؤسسة حاكمة، تجنيد المسرح لخدمة وجهة نظره الدعائية فأُلقيت على عاتقه سياسة انقلابية لا طاقة له بها، منعته قسرا من حرية الكشف والتجريب»، ويسوق أمثلة من العراق ومصر ولبنان. ومنها تجربته الشخصية مع مسرحية «هلاك بابل». إذ عرضت عليه اللجنة الثقافية للحزب الشيوعي فكرة عرض المسرحية في بيروت، بعد أن رفضت دور النشر التقدمية نشرها، فاقترح تخصيص ريع العمل لأطفال إريتريا الذين كانت طائرات منغستو هيلي مريام ألميغ، روسية الصنع، تلاحقهم في كل مكان، لكن اللجنة رفضت ذلك باعتباره «شرطا سياسا» غير مناسب، فبدا وكأن أطفال فيتنام أبرياء، لأن النابالم الذي يتعرضون له «أميركي الصنع» بينما أطفال إريتريا خبثاء، لأن النابالم الذي يُحرقون به «روسي الصنع»، على حد تعبير الكاتب!
«هلاك بابل» هي المسرحية الوحيدة في هذه المجموعة التي سبق وأن نُشرت في كتاب، وكان ذلك عام 1974 عن دار الخليل في بيروت، وتم عرضها في بيروت ودمشق حينها. وقد أُعيد نشرها، لأن بابل على ما يبدو في «هلاك متجدد» مذ خُلقت. بينما يقول المؤلف إن «إعادة نشرها في هذه الفترة بالذات إنما هو لاسترجاع صور الماضي، الكاذب في كل ما طرحه من أفكار، والحاضر الذي لم يتعلم شيئا ذا قيمة من ذلك الخداع الذي تسبب في الهلاك».
الشخصيتان الرئيسيتان في المسرحية هما الحاوي، سليط اللسان، الذي يعتاش من بيع العيون التي يجمعها من حول المقاصل، والسلطان الذي يقرر فجأة أن يكون عادلا، ويعيّن الحاوي مستشارا له، لأنه الوحيد الذي لديه الجرأة لانتقاده وقول الحقيقة مجردة كما هي. الحوار بين شخصياتها يتميز بعمق فلسفي وجودي - إذا جاز لنا التعبير - خصوصا الحاوي، الذي قد يرى القارئ أن لغته البليغة لا تتناسب وطبيعة شخصيته، لكن في نهاية المسرحية تقريبا، نكتشف من هو فعلا هذا الحاوي، فيكون مستوى الحوار واللغة مبررين جدا. وعلى ذلك نسوق هنا مقطعا من حوار بينه وبين شاب بابلي غير مقتنع بالعدل الذي أعلنه السلطان:
الشاب: لا توجد في الإنسان غريزة اسمها الخوف. شرور الأرض هي التي أوجدت الخوف.
الحاوي: الخوف موجود في دم الإنسان يا بني. حيث تكون الحياة يكون الخوف عليها. كلاهما في الدم. وما شرور الأرض سوى جزء من الدفاع عن النفس. إن هؤلاء الذين يهيئون مؤخراتهم لا يستطيعون مقاومة الرغبة في العرش، وحين يستقرون عليه يبدأ دفاعهم المستميت عنه. لقد ربطوا حياتهم برغبة معينة ويصبح عليهم أن يدافعوا عنها. هكذا يبدأ الشر حين يبدأ الدفاع عن النفس وأهوائها.
الشاب: أنت تعترف بالأهواء.
الحاوي: الإنسان هو الأنانية ولا شيء آخر. (يذهب ليراقب الطريق من اليسار) ها هي الجماهير تعود، أسمع هتافاتهم تقترب، قبل قليل دعسوك والآن جاءوا ليأخذوك.
الشاب: لماذا يأخذونني؟
الحاوي: إنهم يجمعون حجر الأساس لصرح اسمه العدل (ساخرا)، أتمانع أن يُقام عدل بابل على جثتك؟
الشاب: ولماذا جثتي أنا؟
الحاوي: لأنك أول من استخف بفرحة الجماهير. هذا خطأ لا يُغتفر. الإمبراطور أعلن العدل، والجماهير سوف تتقاتل من أجله. هكذا حال شعب بابل.
الشاب: ألا تعتقد أن الإمبراطور من أجل أن ينام ليلة واحدة باطمئنان، ليلة واحدة من دون خوف، من دون كوابيس مزعجة، تآمر على مبادئه القديمة؟
الحاوي: لا.
الشاب: لا؟
الحاوي: الشخير، أبرز صفات القادة في هذا العصر، لأنهم في العادة لا يسمحون لفعاليات النهار بالتدخل في مسرات الليل. آثام النهار لا تؤرق إلا الحكام الهواة.
المسرحية الثانية، هي «الشرخ» بشخصيات ثلاث، الزوجة وصال، وزوجها منصور، والخادمة خديجة. في كل فصول المسرحية الثلاثة يلعب أثاث المنزل المبعثر بشكل فوضوي دورا أساسيا لا يمكن تجاهله. الحوار المليء بالتناقضات والمبالغات والمفاجآت - لطرفي الحوار كما للقارئ - يجعل من هذه الفوضى وقطع الأثاث المتكسرة مبررا غير متكلف لتصعيد التوتر والشك بل والحميمية أحيانا (بين الزوج والزوجة) إضافة إلى المبالغة في إيذاء الآخر، وكأنه توكيد لجملة سارتر الشهيرة «الجحيم هم الآخرون». في هذا المقطع تتضح معظم هذه المشاعر:
منصور: كنت أتمنى أن تموتي في ذاك الحريق، أن تتحولي إلى قطعة من الفحم. ما دام الأمر هكذا، خذي إذن… أنا الذي أشعلت النار في غرفة الفندق، أنا، أتعرفين كيف؟ وضعت شمعة قرب أسلاك الكهرباء في الحمام قبل أن نذهب للنوم.
وصال: كنت أعرف أن الحريق لم يحدث صدفة.
منصور: تمنيت أن تلتهمك النار.
وصال: كنت أعرف. وأنا التي أغلقت عليك باب الغرفة، لأني دائما أشك في نياتك. وفي تلك الليلة بالذات كنت أعرف أنك ستقوم بعمل خسيس، لذلك لم يغمض لي جفن، وعندما شممت رائحة غريبة نزلت من الفراش بهدوء حتى تبقى غارقا في أحلامك الوحشية، أقفلت عليك حتى تظل محاصرا بين الجدران. أقفلته ثلاث مرات (مع حركة من يدها) ترك، ترك، ترك... حتى تنشوي في النيران.
هذا الإمعان السادي بتعذيب الآخر في وسط فوضى عارمة من الذكريات والمشاعر كما هي فوضى الأثاث المبعثر، هو ما يركز عليه النص، وهو ذاته الواقع السريالي الذي يعيشه الإنسان اليوم، رغم أن هذه المسرحية كُتبت قبل ربع قرن تقريبا، أي قبل ظهور مصطلح «الفوضى الخلاقة» بمعناه الحديث جدا.
«عنصرية جذابة» هي المسرحية الثالثة في الكتاب. وهي عبارة عن مونولوج من فصل واحد، يتحدث به «روتشن» المواطن النرويجي، مع نفسه، مع النادل، أو مع الخليط متعدد الجنسيات من مرتادي المقهى (في النرويج) من أتراك، وصينيين، وعرب، وأفارقة وغيرهم. تم عرض هذه المسرحية في السويد خلال التسعينات، وأخرجها حينها المخرج فاضل الجاف.
«أكره الدخان لأنه يسبب السعال، وفي الليل يزيد حدّة الربو، ولكنه أسلوب ممتاز لطرد الذباب من حولي» يقول روتشن لنفسه بصوت عال. ثم يبدأ بمد مبسم سيجارته تدريجيا حتى يصل مترا ونصف المتر، ويظل يدخن، وينفخ جمرة السيجارة قريبا من رأس شاب صيني يجلس مع صديقته الأوروبية، فيتململ هذا ويبعد كرسيه قليلا، فيعيد روتشن الحركة ذاتها مع آخرين، فيتجاهلونه. ليقول بعد ذلك: «إذا لم ندافع عن تقاليدنا وعاداتنا العريقة، فإن هؤلاء الأغراب سيقضون علينا في غضون أيام معدودة. طبعا، هذه هي الخطة من وراء مجيئهم هنا، ليست الأسلحة الجرثومية ولا القمع ولا الحروب والمجاعات التي تحدث في بلدانهم. إنها خطة مرتبّة (ينهض ويتحرك في دائرة الفراغ من حوله ويفكر) خطة شيطانية جاءت بهم إلى هذه الأرض، يغزوننا من دون جيوش، هذه خطتهم، يفرضون عاداتهم وتقاليدهم علينا، لنصبح مثلهم فننتهي كشعب أبيض عظيم».
المسرحية الأخيرة في الكتاب هي «طرطوف» المأخوذة عن نص بالعنوان نفسه لموليير. وقد عُرضت باللغة الإنجليزية على مدى أسبوعين على المسرح في لندن عام 1997. هنا وبمستوى التركيز نفسه في الحوار الذي يتميز به أسلوب عارف علوان، سواء في الرواية أو المسرح، يتناول زيف بعض رجال الدين، المتمثل هنا بشخص «طرطوف» نفسه.



اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».