ترمب يتعهد الكشف عن وثائق اغتيال كيندي المتبقية

الملفات المعلنة أسهمت في توسيع بحر الفرضيات

صورة أرشيفية لسيارة الرئيس جون كيندي في دالاس قبل دقائق من مقتله في 22 نوفمبر 1963 (أ.ب)
صورة أرشيفية لسيارة الرئيس جون كيندي في دالاس قبل دقائق من مقتله في 22 نوفمبر 1963 (أ.ب)
TT

ترمب يتعهد الكشف عن وثائق اغتيال كيندي المتبقية

صورة أرشيفية لسيارة الرئيس جون كيندي في دالاس قبل دقائق من مقتله في 22 نوفمبر 1963 (أ.ب)
صورة أرشيفية لسيارة الرئيس جون كيندي في دالاس قبل دقائق من مقتله في 22 نوفمبر 1963 (أ.ب)

تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالإفراج عن بقية ملفات اغتيال جون كيندي التي لم تُنشَر، لكنه أوضح أن الوثائق التي تحمل أسماء وعناوين الأشخاص الذين ما زالوا على قيد الحياة لن يتم كشفها.
وكانت السلطات الأميركية قد أفرجت عن 2800 وثيقة سرية لم يسبق أن كشفت للعموم فيما يتعلق بحادثة اغتيال الرئيس جون كيندي، الذي قتل بالرصاص قبل 54 عاماً أثناء زيارته دالاس بتكساس عام 1963، وتعد حادثة اغتياله من أغرب وأشهر حوادث الاغتيالات في التاريخ الحديث.
وأصدر المركز الوطني للأرشيف الأميركي الوثائق السرية على الإنترنت بموجب قانون أصدره الكونغرس الأميركي بجمع سجلات اغتيال جون كيندي، في غضون إطار زمني مدته 25 عاماً، بيد أن بعض السجلات تبقى محجوبة بشكل آمن تأهباً لإمكانية تهديد الأمن القومي.
وبعد التشاور مع المخابرات الأميركية، قال الرئيس ترمب عبر حسابه على «تويتر»، أول من أمس، إنه مستعد لرفع السرية عن «جميع» ملفات أرشيف اغتيال كيندي، دون الإعلان عن أسماء الأشخاص الوارد ذكرهم في الوثائق، الذين ما زالوا على قيد الحياة. وكان البيت الأبيض قد أعلن، الخميس الماضي، أنّه سيتم الكشف عن بقية الوثائق التي لم تنشر في جولة جديدة، بحلول 26 أبريل (نيسان) 2018.
وفي الوقت نفسه، تحدّى موقع «ويكيليكس» (الشهير بالتسريبات الحكومية) الخميس الماضي قدرة الرئيس ترمب على نشر كل السجلات المتعلقة بحادثة اغتيال الرئيس كيندي، إذ عرض الموقع مكافأة مالية قدرها 100 ألف دولار إذا تم ذلك.
وعلى الرغم من أن حقبة الستينات حملت أحداثاً واغتيالات كثيرة في دول العالم، التي اعتبرها النقاد «موضة» العصر، شملت اغتيال مارتن لوثر كينغ، وتشي غيفارا، إلا أن اغتيال كيندي كان الأهم والأبرز حتى اليوم.
يقول مايكل بيشلوس، المؤرخ الأميركي المهتم بتاريخ الرؤساء الأميركيين، ومؤلف كتاب «Taking Charge» عن تاريخ الرئيس ليندون جونسون بعد اغتيال كيندي، إن المجتمع الأميركي والعالم أجمع متعطش لأن يعرف أكثر عن أغرب حادثة اغتيال في التاريخ الأميركي، إذ إن «نظرية المؤامرة» هي الأقوى والمنتشرة في الأوساط الأميركية.
ويرى بيشلوس عبر صفحته على موقع «تويتر»، أن من يعتقد أن هذه المستندات التي رفعت الإدارة الأميركية عنها السرية حول اغتيال الرئيس الـ35 الأميركي جون كيندي، ستحل اللغز المحيّر للاغتيال فإنه سيصاب بالإحباط، لأنه وبكل بساطة لن نحصل على شرح وإيضاح مُرضٍ للجميع عن حادثة الاغتيال.
وأضاف: «ماذا لو لم يتم اغتيال الرئيس كيندي وبقي على قيد الحياة؟ هل سيتمكن من الفوز بفترة رئاسية أخرى كخليفته ليندون جونسون؟ هل سيوقف حرب فيتنام؟ كيف سيكون التاريخ والمجتمع الأميركي؟ أسئلة عدة تدور في بال المجتمع الأميركي. ربما لن يحدث ما حدث بعد وفاته، وربما العكس».
ويروي المؤرخ مايكل بيشلوس ما حدث لزوجة الرئيس جون كيندي جاكلين بعد اغتياله في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 إذ عادت إلى البيت الأبيض مع أطفالها وبقيت فيه مدة 15يوماً حتى السابع من ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، ثم غادرت البيت الرئاسي إلى مكان آخر في نيويورك، ولم تستطع البقاء فيه أبداً، إلا أنها عادت إليه سراً بعد ثمانية أعوام خلال رئاسة الرئيس ريتشارد نيكسون، وتناولت مع أطفالها وعائلة الرئيس نيكسون العشاء والاحتفال بالبورتريه الخاص بها وبزوجها الرئيس كيندي. كما تعرّف أطفالها على المكتب البيضاوي وأتيح لهم الحديث مع الرئيس نيكسون، وشددت على الرئيس نيكسون بعدم التصريح للصحافة الأميركية عن هذه الزيارة.
بدوره، وصف شارلي سكودير الصحافي بـ«أخبار دالاس» خبر نشر الملفات السرية الخاصة باغتيال الرئيس كيندي بـيوم الكريسماس» بعد انتظار دام 25 عاماً منذ صدور قانون الكونغرس برفع السرية عن الملفات في عام 1992.
وقال سكودير عبر حسابه في «تويتر»، إن صحيفة «أخبار دالاس» عملت بكامل طاقتها وأعضائها خلال الـ24 ساعة طيلة اليومين الماضية لقراءة الملفات والوثائق، ومعرفة ما حدث خلال التحقيقات للوصول إلى معلومات جديدة في حادثة الاغتيال.
بيد أن الصحافي شارلي غرّد محبطاً بما آلوا إليه، وقال: «لم نجد دليلاً واحداً أو معلومة مؤكدة تفيد بوجود قاتل آخر غير لي هارفي أوزوالد، بل هو تصرف فردي. كثير من الأسئلة تنتظر الإجابة، كنتُ متحمساً في البداية عند إصدار الملفات، إلا أنني لم أعرف ماذا حدث خلال تلك الحقبة».

الاتحاد السوفياتي وصف القاتل بـ«المجنون والعصبي»
سلّطت إحدى الوثائق المنشورة في حادثة اغتيال الرئيس الـ35 الأميركي جون كيندي، الصادرة من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) عام 1966 الضوء على كيفية إدراك المخابرات الأميركية للردود السوفياتية على اغتيال كيندي؛ إذ نقلت الوثيقة عن مصادر عدة قولها إن الشعب السوفياتي وقياداته أصيبوا بـ«صدمة عظيمة (وتخوفوا) من أن وفاة جون كيندي قد تؤدي إلى حرب مع الولايات المتحدة».
ويبدو أن قادة الاتحاد السوفياتي كانوا مقتنعين بأن المتهم الرئيسي أوزوالد لم يكن المسلح الوحيد، ورجّحت أن يكون جزءاً من «انقلاب»، كما تشير إليه الوثيقة. وبحسب الوثيقة نفسها، فإن الاتحاد السوفياتي اعترف بانخفاض مهارات أوزوالد، الذي انضمّ إلى الاتحاد السوفياتي في عام 1959 بعدما عمل كعسكري مشاة سابق في منشآت عسكرية أميركية حساسة في اليابان، وكان ينظر إليه من قبل الاتحاد السوفياتي على أنه «مجنون عصبي كان غير مخلص لبلاده».
ولفتت الوثيقة إلى أن الاتحاد السوفياتي كان حريصاً على عدم اضطراب العلاقة بينه وبين أميركا، إذ تمت حماية السفارة الأميركية في موسكو بوضع حراس مخابرات (كي بي جي) خارج السفارة الأميركية، بعد حادثة الاغتيال مباشرة.

«إف بي آي» حاولت تتبع أوزوالد قبل الاغتيال
كشفت وثيقة غامضة من مكتب «نيو أورلينز» التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) عن اهتمامها بتعقب لي هارفي أوزوالد المتهم باغتيال الرئيس كيندي في الأسابيع التي سبقت الاغتيال، إذ بدا أن المصلحة في أوزوالد تنبع من مشاركته في تنظيم يتبع لكوبا (اللعب العادل)، وهي مجموعة مؤيدة لكاسترو.
وتناقش الوثيقة، المؤرخة 25 أكتوبر (تشرين الأول) 1963، الاتصال مع المصادر الكوبية حول أوزوالد ودوره، لافتة إلى أن لجنة «اللعب العادل» في كوبا أوقفت نشاطها منذ مغادرته، وتلاحظ بالإضافة إلى أن التقرير أرسل إلى شرطة دالاس، حيث اشتبه مكتب التحقيقات الفيدرالي في أنه قد ينتقل إلى هناك لبدء فصل آخر من المجموعة المؤيدة لكاسترو. وقام أوزوالد باغتيال كيندي في دالاس يوم 22 نوفمبر.
ومن المثير للاهتمام أيضاً أن جاك روبي الذي قتل أوزوالد بالرصاص، وقُتِل في 24 نوفمبر 1963، كان أيضاً تحت مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي في عام 1962.
كما كشفت وثيقة أخرى، حذّرت فيها «إف بي آي» شرطة دالاس، بأخذ الحيطة والحذر من محاولات قد تصدر بقتل أوزوالد المتهم باغتيال كيندي، وتشديد الحراسة عليه، إلا أنه حدث ما كان متوقعاً من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية أن يحدث.

كوبا لم تقتل كيندي
تحدّثت مذكرة كتبت في عام 1964، ونشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي، عن أن منفيين كوبيين ناقشوا تحديد سعر اغتيال فيدل كاسترو، وراؤول كاسترو، وإرنستو (تشي) غيفارا.
وقالت المذكرة إن عدداً من المعارضين الكوبيين حددوا مبلغ 150 ألف دولار لاغتيال فيديل كاسترو، إلا أنهم استقرّوا في اجتماع لاحق على مبالغ أكثر تواضعا، وهي 100 ألف دولار لفيديل، و20 ألف دولار لراؤول، و20 ألف دولار لتشي غيفارا.
واستبعدت وثيقة أخرى صادرة عن لجنة التحقيقات في مجلس النواب الأميركي أن تكون كوبا خططت لاغتيال كيندي. وأضافت أن «اللجنة لا تعتقد أن كاسترو كان سيغتال الرئيس كيندي، لأن مثل هذا العمل كان سيتيح للولايات المتحدة ذريعة لتدمير كوبا، وهي لا تستطيع المخاطرة بذلك».


مقالات ذات صلة

نظريات المؤامرة عن اغتيال «جي إف كي» تعود إلى الواجهة

الولايات المتحدة​ روبرت كينيدي جونيور بين حراسه الشخصيين في نيويورك (أ.ف.ب)

نظريات المؤامرة عن اغتيال «جي إف كي» تعود إلى الواجهة

بعد أكثر من 60 عاماً لا تزال عملية اغتيال الرئيس الأميركي الأسبق جون فيتز جيرالد كينيدي تغذّي نظريات المؤامرة...

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

ينصح أولئك الذين فحصوا سجلات ملف اغتيال كينيدي التي تم الكشف عنها حتى الآن، بعدم توقع أي كشف صادم، حتى لو تم رفع السرية عن الملفات المتبقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري السابق روبرت ف. كينيدي جونيور يصافح المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ف.ب)

حال إعادة انتخابه... ترمب يتعهد بنشر وثائق عن اغتيال جون كينيدي

أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في تجمع انتخابي في ولاية أريزونا أمس أنه سينشئ لجنة رئاسية مستقلة للنظر في محاولات الاغتيال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً من البيت الأبيض بواشنطن في 20 نوفمبر 2023 (أ.ب)

بايدن يحيي الذكرى الـ60 لاغتيال جون كينيدي

أحيا الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، الذكرى الـ60 لاغتيال جون كينيدي، داعياً الأميركيين إلى التوحد ومواصلة الرؤية المتفائلة للرئيس الديمقراطي الراحل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم مسلح «داعشي» (رويترز - أرشيفية)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري استهدف الشرطة الباكستانية

أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي اليوم (الاثنين) مسؤوليته عن هجوم انتحاري استهدف أمس الأحد آلية تابعة للشرطة في باكستان، وأسفر عن مقتل تسعة شرطيين وجرح 16 آخرين. ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، جاء في بيان للتنظيم أوردته وكالته الدعائية «أعماق»، أن العناصر قتلوا في «هجوم استشهادي نفذه أحد مقاتلي (داعش) في باكستان».

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.