أمن «حماس» يعتقل أحد أبرز قادة المتشددين ويلاحق آخرين

TT

أمن «حماس» يعتقل أحد أبرز قادة المتشددين ويلاحق آخرين

اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة «حماس» أحد أبرز وأهم قادة التيار المتشدد في قطاع غزة، بعد ما يزيد على عام من الملاحقة المستمرة المكثفة، في وقت تواصل مطاردة متشددين آخرين ينشطون في القطاع.
وقال إياد البزم، الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة، إن أجهزة الأمن تمكنت من اعتقال نور عيسى، أحد أهم المطلوبين في القطاع المعروف بولائه لتنظيم داعش، وأكد نقله للتحقيق واستكمال الإجراءات القانونية بحقه، من دون أن يكشف مزيداً من التفاصيل.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن عيسى (27 عاماً) اعتقل في منزل بحي السلام، شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بالقرب من الحدود مع مصر، وقد يكون خطط لمغادرة القطاع بعد هذه الفترة الطويلة من الملاحقة إلى شبه جزيرة سيناء، حيث يتمركز مسلحون من تنظيم داعش (ولاية سيناء). ووفق المصادر ذاتها، فإن قوة أمنية كبيرة مكونة من أكثر من 70 عنصراً شاركت في عملية تطويق المنزل ودهمه، وتابعت: «تم اعتقاله إلى جانب 3 أشخاص آخرين، منهم صاحب المنزل، إضافة إلى اثنين من العناصر المتشددة. وصادر أمن حماس 7 قطع أسلحة خفيفة، و3 شخصية (مسدسات)، بالإضافة إلى بعض الأموال وحزام ناسف واحد كان بحوزة عيسى».
ويُعد عيسى، وهو من سكان مخيم البريج، وسط قطاع غزة، من أبرز قيادات جماعة تطلق على نفسها «أحفاد الصحابة»، وقد اعتقل عدد كبير من عناصرها منذ نحو عام، وما زال غالبيتهم يقبعون في السجون لدى جهاز الأمن الداخلي الذي شكلته حركة «حماس» بعد سيطرتها على القطاع في يونيو (حزيران) 2007.
كانت «حماس» قد بدأت حملة ضخمة ضد هذه الجماعة، وضد أشخاص آخرين يُشتبه في موالاتهم تنظيم داعش، وذلك ضمن اتفاق مع مصر يتعلق بتكثيف الجهود ضد «الدواعش»، ومنع تنقلهم من سيناء وإليها. وتتهم أجهزة أمن «حماس» عيسى بالمسؤولية عن إطلاق عدد كبير من الصواريخ تجاه أهداف إسرائيلية محاذية لقطاع غزة، وبأنه على علاقة مع «دواعش» في سيناء، إضافة إلى إشرافه على تمويل جماعة «أحفاد الصحابة». وظهر عيسى الذي يطلق على نفسه اسم «أبو أنس الغزي / المقدسي» في تسجيل صوتي قبل شهور، هاجم فيه حركة «حماس»، واتهمها بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية، والانجرار في متاهات السياسة، والعمل لصالح بعض الأنظمة في المنطقة، وخدمة إسرائيل أمنياً بالحفاظ على الهدنة الدائمة في قطاع غزة، رغم الحصار المشدد عليه. ومعروف عن عيسى أنه تنقل مرات عدة بين قطاع غزة وسيناء وليبيا. وقد اعتقل لدى الأجهزة الأمنية المصرية قبل 3 سنوات لمدة 6 أشهر، خلال عودته من ليبيا إلى غزة، ثم أفرج عنه قبل أن تعتقله «حماس» لاحقاً، وتضبط معه نحو 30 ألف دولار، ومن ثم تفرج عنه. وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن أجهزة الأمن في غزة لا تزال تلاحق نحو 4 من قادة المتشددين، أبرزهم محمود طالب وطلعت أبو جزر، وهما عنصران سابقان في «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة حماس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».