آفة التحزبات تدمر المنتخب الإنجليزي... وعلى ساوثغيت البحث عن حل

غوارديولا نجح في القضاء على التكتلات بين أفراد فريقه بأسلوب مبتكر

ساوثغيت يواجه مشكلة تكتلات اللاعبين في المنتخب الإنجليزي (أ.ب)  -  يجلس اللاعبون تحت قيادة غوارديولا في شكل دائري بحيث يتمتعون بمكانة متساوية
ساوثغيت يواجه مشكلة تكتلات اللاعبين في المنتخب الإنجليزي (أ.ب) - يجلس اللاعبون تحت قيادة غوارديولا في شكل دائري بحيث يتمتعون بمكانة متساوية
TT

آفة التحزبات تدمر المنتخب الإنجليزي... وعلى ساوثغيت البحث عن حل

ساوثغيت يواجه مشكلة تكتلات اللاعبين في المنتخب الإنجليزي (أ.ب)  -  يجلس اللاعبون تحت قيادة غوارديولا في شكل دائري بحيث يتمتعون بمكانة متساوية
ساوثغيت يواجه مشكلة تكتلات اللاعبين في المنتخب الإنجليزي (أ.ب) - يجلس اللاعبون تحت قيادة غوارديولا في شكل دائري بحيث يتمتعون بمكانة متساوية

ثارت موجة سخرية واسعة عندما رصدت كاميرات قناة «سكاي» مجموعة من الأشخاص يدخلون إلى «نادي النفق» داخل مانشستر سيتي، مؤخرا. ويعتبر النادي أطرف ملامح جهود تجديد استاد الاتحاد التي جرت بعد انتهاء الموسم الماضي من بطولة الدوري الممتاز، إلا أنه ليس بالضرورة أكثرها إثارة للاهتمام، فقد منحتنا الكاميرات أيضاً لمحة سريعة لغرفة داخلية أشبه بغرفة سرية والتي ما تزال، حتى هذه اللحظة على الأقل، مغلقة أمام العيون المتلصصة في أيام المباريات.
بالنسبة لغرفة تبديل الملابس داخل الاستاد، فإنها على المستوى الفاخر الذي يليق بناد يتمتع بهذا الثراء البالغ، لكن العنصر اللافت فيها بشدة تصميمها الدائري، والذي يرى خبراء الـ«فينغ شوي» أنه يمد الإنسان بطاقة إيجابية وحيوية كبيرة. ومع ذلك، ربما لم تكن فكرة تحقيق تناغم بين اللاعبين والتصميم المحيط بهم الأولوية الأولى المسيطرة على ذهن غوارديولا عندما وافق على مخطط إعادة تصميم غرفة تبديل الملابس في الصيف. في الواقع، من الواضح أن قرار تعديل تصميم الغرفة ليصبح دائرياً كان مقصوداً تماماً، ذلك أنه مثلما كان الحال مع الفرسان الذين كانوا يجتمعون حول الطاولة الدائرية الشهيرة المرتبطة بأسطورة آرثر، يجلس اللاعبون تحت قيادة غوارديولا في شكل دائري بحيث يتمتعون بمكانة متساوية. ومن المعتقد أن المدرب الإسباني شجع على هذا التصميم كوسيلة لتثبيط واحد من أكثر العوامل سلبية التأثير على الروح المعنوية للاعبي أي فريق: التحزبات داخل غرفة تبديل الملابس.
جدير بالذكر أن الفينغ شوي هي فلسفة صينية نشأت منذ نحو 4000 سنة مضت وهي فن التناغم مع الفضاء المحيط وتدفقات الطاقة من خلال البيئة والتصالح مع النفس ومع الطبيعة المحيطة بالإنسان وبذلك يستطيع التعايش بشكل إيجابي من دون توتر.
ولا يقتصر هذا الأمر بأي حال على كرة القدم، وإنما تجري الإشارة إليه باستمرار على نطاق واسع باعتباره أحد الأسباب الجذرية وراء تدني أداء الفرق في الرياضات الجماعية التي تخفق في تقديم أداء يتناسب مع مستوى العناصر الفردية المؤلفة لها. في الواقع، تشكل مثل هذه المجموعات الصغيرة الوثيقة والحصرية داخل المجموعات الأكبر مصدر قلق وألم مستمر للمديرين الذين يسعون بدأب للقضاء عليها من أجل ضمان مصلحة الفريق ككل وتناغم عناصره. وفي بعض الأحيان، يستبد القلق بالمسؤولين لدرجة تدفعهم إلى تعديل ترتيبات الجلوس أثناء فترات تناول الطعام للبالغين على نحو أشبه بعريس وعروسه يخططان بدقة لتفاصيل حفل زفافهما بما يضمن تقليص بأقصى درجة ممكنة احتمالات اندلاع شجار أو مشاحنات بين الأطراف المختلفة.
تجدر الإشارة إلى أن المنتخب الإنجليزي لطالما اشتهر بتفشي ظاهرة التحزبات داخله. ومع تجمع اللاعبين معاً خلال العطلة الدولية الأولى لهذا الموسم، ربما من المفيد محاولة رصد الآثار المدمرة التي خلفتها الانقسامات الداخلية في صفوف الفريق على الروح المعنوية له في وقت اتسم أداءه بوهن مستمر منذ عام 1990.
وفي الوقت ذاته، يبدو من قبيل السذاجة افتراض أن النسخ الأكثر شمولاً من المنتخب الإنجليزي ربما كانت لتحقق نجاحاً أكبر في البطولات الدولية، أو الاعتقاد بأن المنتخبات الأكثر نجاحاً - مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا - لم تتأثر سلباً بوجود انقسامات داخلية في صفوفها. ومع هذا، فإنه بالنظر إلى السهولة التي تتأهل بها إنجلترا للبطولات الكبرى ومقارنتها بحالة الفزع التي تسيطر على أداء اللاعبين بمجرد أن يبقوا محصورين داخل معسكر واحد معاً لمدة خمسة أو ستة أسابيع، لا يملك المرء سوى الميل نحو الاعتقاد بأنه كلما طال أمد الفترة التي يقضيها اللاعبون معاً، يتراجع تناغم أداء الفريق.
من جانبه، أشار مدافع إنجلترا السابق ريو فيرديناند في مقال صحافي له قبل بطولة «يورو 2016» التي قدم خلالها المنتخب الإنجليزي أداءً مروعاً، إلى التحزبات والتكتلات الصغيرة داخل صفوف المنتخب التي عاينها بمجرد انضمامه إلى صفوفه بينما كان مراهقاً. وعن ذلك، قال: «كانت هناك طاولة آلان شيرار وجميع رفاقه، وطاولة ليفربول وبقايا أخرى مثل لاعبين من آرسنال وآخرين من وستهام يونايتد مثلي. وكانت هناك أيضاً طاولة مانشستر يونايتد».
وأكد على هذا الوصف لتشتت وانقسام صفوف لاعبي المنتخب زميله سابقاً في وستهام يونايتد، دين آشتون، والذي بدا مصدوماً للغاية إزاء تلك الترتيبات داخل المنتخب عندما انضم إليه للمرة الأولى بناءً على استدعاء من جانب ستيف مكلارين عام 2006، وعن تجربته، قال آشتون: «تلقيت تحذيرات مسبقة من أن المنتخب ربما تسيطر عليه ظاهرة التحزب بعض الشيء - مع التزام لاعبي ليفربول جانب بعضهم البعض، وكذلك لاعبي مانشستر يونايتد وتشيلسي - ووجدت الحال كذلك بالفعل. لقد كان الأمر أشبه بدخولك إلى فصل مدرسي للمرة الأولى وشعورك بأن أحداً لا يود الحديث إليك. في الواقع، استمر هذا الحال بضعة أيام، وكان هناك عدد من اللاعبين الكبار الذين لم يتحدثوا إلى طيلة فترة وجودي مع المنتخب، الأمر الذي وجدته غريباً للغاية».
وخلال مقابلة نشرتها «الغارديان» العام الماضي، أشار الطبيب النفسي السابق للمنتخب الإنجليزي للرغبي، جيرمي سنيب، إلى أن مسيرة ليستر سيتي غير المحتملة نحو اقتناص بطولة الدوري الممتاز تعد تجسيداً للصورة المناقضة تماماً لفريق يعاني التداعيات السلبية للتحزبات والانقسامات داخل صفوفه. وشرح أن: «مشاعر الإثارة القائمة وراء الاضطلاع بإنجاز خاص تغطي على الاختلافات الفردية وتبقي أذهان اللاعبين وتركيزهم منصباً على الاستراتيجيات والأدوار الموكلة إليهم والالتزام بالتدريب البدني حتى آخر يوم بالموسم». وحذر سنيب من صعوبات مستقبلية كامنة وراء «الحفاظ على هذا التعطش نحو الإنجاز والإيثار عندما تطرأ تغييرات هائلة على حياة اللاعبين». وبالفعل، في غضون فترة قصيرة من انطلاق الموسم التالي، بدأت الانشقاقات في الظهور في صفوف ليستر سيتي.
وبالنظر لكونه رجل ومدرب حصيف، من المتوقع أن يكون غاريث ساوثغيت مدركاً بالفعل للحاجة إلى التخلص من التحزبات والتكتلات داخل فريقه، مع الحرص في الوقت ذاته على التعامل مع لاعبيه باعتبارهم رجالا بالغين وراشدين. جدير بالذكر أنه عام 2015 عندما كان مدرباً للمنتخب الإنجليزي للناشئين، وجد ساوثغيت نفسه مضطراً لنفي مزاعم بوجود انقسامات عنصرية في صفوف اللاعبين الذين تقل أعمارهم عن 20 عاماً في وجود أدلة دامغة تشير إلى العكس تماماً. وفي صور نشرتها صحف عدة، بدا عن طريق الصدفة أو ربما عن قصد الصبية محل التساؤل يتناولون الطعام أثناء جلوسهم حول طاولتين مستديرتين. وبدا اللاعبون حول الطاولتين متساويين تماماً في العدد كما لو كانوا فريقين منفصلين، وبينما جلس اللاعبون البيض معاً حول طاولة، جلس اللاعبون أصحاب البشرة الداكنة حول الأخرى.


مقالات ذات صلة

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان (أ.ب)

فونسيكا: أبحث عن استعادة توازن ميلان

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، الجمعة، إن فريقه أظهر كثيراً من نقاط الضعف في آخر مباراتين، ويجب أن يجد التوازن الصحيح بين الدفاع والهجوم.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي (أ.ب)

غوارديولا: أتحمل عبء إثبات نفسي

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إنه يتحمل عبء إثبات أنه يستطيع تصحيح مسار الفريق.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (أ.ف.ب)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على لقب البريميرليغ

قال إنزو ماريسكا، مدرب تشيلسي، إن فريقه الشاب لا ينافس على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: ما زال بإمكاننا التحسن

تلقى أتلتيكو مدريد دفعة معنوية هائلة بعد الفوز في ست مباريات متتالية، لكن المدرب دييغو سيميوني قال إن فريقه لا يزال لديه مجال كبير للتحسن.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية محمد صلاح سينتهي عقده مع ليفربول بنهاية الموسم (إ.ب.أ)

صلاح ودي بروين... متى نقول وداعاً؟

لمدة عقد تقريباً، كان أحد ألمع النجوم في سماء الدوري الإنجليزي، ويُصنف على أنه ربما يكون أفضل لاعب في جيله.

The Athletic (لندن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.