باسم الجسر
كاتب لبناني

الوطنية حكمة واعتدال أيضًا

شئنا أم أبينا، فإن اتفاق الطائف أنهى الحرب الأهلية في لبنان. ووفر للبنانيين خمسة عشر عامًا من السلام والأمن، وإن كانا منقوصين بسبب الوصاية السورية التي أعقبته وتلاعبت في تنفيذه، وأيضًا بسبب النفوذ السياسي والعسكري الإيراني، عبر حزب الله ومقاتليه وصواريخه.

الإعلام الحديث ودوره في أحداث الشرق الأوسط

منذ مطلع شبابي إلى يومنا هذا، بليت بتتبع الأحداث السياسية والتعليق عليها، وأعترف اليوم بأن هذا العمل الذي كان يثيرني ويسرني ويكسبني في الماضي بات اليوم يتعبني ويعذبني. على الرغم مما توفره وسائل الإعلام الحديثة، من سعة اطلاع وسهولة في الحصول على المعلومات وما لم يكن متوفرا من قبل. لم يكن للمحللين والمعلقين العرب من مصادر للأخبار، في أواسط القرن العشرين، سوى نشرة أخبار وكالات أجنبية لا تزيد صفحاتها على العشر، وأجهزة الراديو والمراسلين (إذا كانت ميزانية الصحيفة أو المجلة تسمح). وكانت الأخبار المحلية هي التي تحتل عادة أعمدة الصحف، في غياب حدث دولي مهم.

2016: عام الخيارات الصعبة

هل ستكون 2016، سنة سلام في الشرق الأوسط أم سنة أخرى من التقاتل بين المتنازعين والمتدخلين في النزاعات؟ سؤال يُسأل لا من قبيل المضاربة الفكرية التي يقوم بها المعلقون والمراقبون عند بداية كل عام جديد، بل لأن تطور الأحداث في الأيام الأخيرة بلغ حدًا تصعب المراوحة حوله، ويفرض حسمًا ما، عسكريًا أو سياسيًا، عاجلاً أم آجلاً. لا داعي للدخول في تفاصيل الصراعات وأسبابها، والحديث عن مصالح وأهداف الدول المتدخلة فيها، فأي مواطن عادي يستطيع الإفاضة في الحديث عنها، إنما لا بد من التوقف عند بعض التطورات والأحداث المهمة الأخيرة التي استجدت، والتي باتت تضغط وبشدة على مجريات الصراع.

على أبواب الحلول السياسية

لوحة الصراعات الناشبة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، الدولية منها والإقليمية والوطنية المحلية، تغيرت ألوانًا وخطوطًا، في الأيام الأخيرة. أي بعد الاتفاق الأميركي - الروسي على تولي مجلس الأمن معالجة المحنة السورية، ودخول الأطراف في ليبيا واليمن، مبدئيًا، نوعًا من وقف إطلاق النار أو المفاوضات، ولا سيما بعد قيام التحالف الإسلامي لمقاومة الإرهاب بمبادرة من السعودية. هذا على صعيد الحلحلة.

سليمان فرنجية: امتحان أم حل؟

بروز اسم سليمان فرنجية كمرشح للرئاسة في لبنان، وببادرة من الرئيس الحريري، شكل حجرًا كبيرًا ألقي في مستنقع الأزمة الرئاسية اللبنانية، لم تقتصر مفاعيله على تمويج سطح المستنقع، بل حركت الرواسب الراقدة في قعره. فالتحالفات السياسية - الوطنية (14 آذار - 8 آذار)، والحسابات والرهانات الحزبية، اهتزت نوعًا ما.

الجبهات الأربع للحرب على الإرهاب

لماذا الاختباء وراء الأصابع؟ فما حدث للطائرة في النقب، والتفجيرات الدامية في ضاحية بيروت وفي باريس ومالي، مؤخرًا، ليست مجرد عمليات إرهابية، محلية أو إقليمية عادية، بل إنها صفحة جديدة من حرب باتت معلنة بين التنظيمات السياسو - دينية الإسلاموية المتطرفة، وأبرزها اليوم «داعش»، وكل الدول والشعوب التي تقف في وجه طموحها المجنون لتوحيد المسلمين في دولة يحكمها «خليفة»، وللسيطرة على العالم. هذه الحرب الجديدة من نوعها في التاريخ، مهما وضع لها من عناوين، ما زالت في بدايتها.

شلل دستوري على ركام نفايات

«كل ديك على مزبلته صياح»..

طوق جديد من العقد والتشابكات

تبادل الزيارات الرسمية بين رؤساء الدول له أصول، ويخضع لبروتوكولات معروفة. فهناك ما يسمى «زيارة الدولة»، وهي أعلى المستويات، ويشمل الإعداد لها تزيين الشوارع بأعلام الدولة المدعوة، وإقامة مآدب رسمية في قصر الحكم، وإنزال الرئيس المدعو في أحد القصور، وتبادل أعلى الأوسمة بين الرئيس المضيف والرئيس الضيف. وهناك زيارة «درجة ثانية» يحتفى فيها بالضيف، ولكن على مستوى أقل بهرجة وحفاوة من «زيارة الدولة». وهناك، ثالثا، ما يسمى زيارة عمل تقتصر على اجتماع أو اجتماعين، وتنتهي بعقد اتفاقية أو اتفاقيتين بين البلدين.

حرب باردة دولية جديدة

لو أن الغارات الأميركية والدولية على «داعش»، طوال سنة قضت عليها أو أضعفتها. ولو أن الجيشين السوري والعراقي لم يعجزا عن استرداد الأراضي التي احتلها هذا التنظيم. بل لو كانت فصائل المعارضة السورية المدنية والمقاتلة موحدة الصفوف والأهداف وكانت الدول الكبرى المنددة بنظام الأسد جادة في مد المعارضة بالأسلحة الممكنة من الانتصار عليه.. ترى كان بوتين أقدم على ما أقدم عليه مؤخرا ونعني النزول بطائراته وصواريخه وجنوده إلى ساحة الحرب في سوريا؟ صحيح أن روسيا وإيران لم ينتظرا أربع سنوات كي يسفرا عن دعمهما للنظام السوري. ولكنه كان دعما سياسيا دوليا ومساعدات عسكرية مكتومة.

من النهضة والإصلاح إلى.. التشرد والغرق

مشكلة المحن المصيرية التي تتعرض لها بعض الدول والشعوب العربية هي في وفرة الأسباب الكامنة وراءها أو المحركة لها وكثرة عدد المتدخلين فيها. ومن هنا صعوبة أو شبه استحالة التوصل إلى تفاهم سياسي وطني أو إقليمي أو دولي لتجاوزها. وليس أدل على هذه الصعوبة من غموض وحيرة واشنطن وموسكو إزاء الحرب الأهلية في سوريا، ولا سيما تصريحات وزيري خارجيتيهما الأخيرة. أي قول الوزير الأميركي بأن الحل في سوريا يقضي بذهاب الأسد ولكن ليس فورًا.