أحمد محمود عجاج

الاحتجاجات في إيران ومآلاتها

تحولتْ إيرانُ في خضم الاحتجاجات إلى أحجية لا أحد بوسعه أن يتنبأ بما ستتكشف عنه، لكنَّ الجميعَ بلا شك يحبس أنفاسَه في إيران أو خارجها، سواء على مستوى الشارع أو أصحاب القرار. ويبقى السؤال: كيف تتعامل السلطة مع الاحتجاجات المستمرة لنحو ثلاثة أشهر؟

الديمقراطية الليبرالية والنموذج الصيني: هل سيكون الغد واعداً؟

بعد انهيار المنظومة الشيوعية سادت فكرة انتصار الديمقراطية الليبرالية وحتمية تطبيقها في دول العالم قاطبة؛ الفكرة لم يُكتب لها النجاح رغم تفاؤل الكثيرين من سياسيين ومفكرين، بدءاً بالرئيس كلينتون الذي تحدث عن عيش أكبر عدد من البشر في ظل الديمقراطية وليس الاستبداد، وانتهاء بالمفكر فوكوياما الذي قال بنهاية التاريخ، بمعنى سيادة نظم الديمقراطية الليبرالية الرأسمالية. هذا التفاؤل سرعان ما تبين خطله مع بروز الصين كقوة عظمى، وانبعاث روسيا، ومع توجه كثير من دول العالم إلى نظم غير ديمقراطية ليبرالية، وبروز نظرية جديدة تناقض تماماً مفهوم الديمقراطية في ميدان الحقوق الفردية، بينما تتجانس معها في الاقتصاد.

الميزانية المالية البريطانية: انتصار دولة الديون على دولة الضريبة

أعلن وزير المالية البريطاني جيريمي هنت، يوم الخميس الماضي، ميزانيته وكانت، كما هو متوقع، منسجمة تماماً مع تمنيات السوق، ومتناقضة تماماً مع تمنيات المواطن؛ وسوّق وزير المال، ورئيس الوزراء ريشي سوناك، الميزانية بأنها ضرورية لتخليص البلاد من أزمتها الاقتصادية، وأنها استجابة فعلية لكسب ثقة السوق. لم تنفعل سلباً السوق، كما حدث مع ميزانية حكومة ليز تراس، بل تلقت الخبر بحبور، ولم تهبط السندات، ولم يتراجع الجنيه، إنما ازدادت بالمقابل الضرائب على المواطنين، وتقلّصت النفقات على الخدمات العامة لتغطية عجز يبلغ خمسين مليار جنيه إسترليني.

أزمة بريطانيا: انتصار النيوليبرالية على الديمقراطية

عندما أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي ميزانيتها المصغرة المضمرة لمنطق الحرية الاقتصادية المطلق، لم يتوقع أحد نتائجها؛ هبوطاً في الجنيه، وارتفاعاً لفوائد سندات الخزينة، واهتزاز صناديق التقاعد، وصعوداً كبيراً للتضخم. كان السبب وراء غضب السوق، أن الميزانية انطوت على زيادة كبيرة للديْن العام، ومن دون تبيان كيفية تسديد هذا الدين؛ بهذا ظهر أن السوق لا تحبذ الاستدانة لتخفيف أعباء المواطنين، وبالتالي لا ترضخ للديمقراطية ومطالبها.

السياسة الخارجية الاستقلالية لإردوغان: حقيقة أم مناورة؟

في عشاء ضم 44 من قادة دول أوروبا اجتمعوا مؤخراً في مدينة براغ الأوروبية، وأثناء إلقاء رئيس وزراء اليونان ميتسوتاكيس كلمة بالمجتمعين، قاطعه الرئيس إردوغان قائلاً: «أنت لست جاداً في حل الخلاف في شرق بحر إيجه»، والتفت إلى قادة أوروبا واتهمهم بالانحياز لليونان وقبرص؛ ثم خرج من الاجتماع غاضباً وسط ذهول قادة أوروبا.

التهديد الروسي النووي وخيارات حلف الناتو

من يستمع للرئيس الأميركي بايدن وهو يحذر الرئيس الروسي بوتين من استخدام السلاح النووي وتهديده بتبِعات كارثية، ومن يسترجع كذلك ما قاله بوتين من أنه سيستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية أراضي بلاده، يدرك أننا على أبواب حرب نووية. هذا الاحتمال يستدعي سؤالاً مهماً: هل تردّ أميركا بسلاح نووي إذا استخدم بوتين هذا السلاح؟! وإن ردّت هل يضاعف بوتين رده النووي، وتضاعف أميركا ردها، في سُلم تدريجي يؤدي إلى تدمير الكرة الأرضية؟

هل تسعف الصين والهند بوتين في أزمة أوكرانيا؟

لم تطابق حسابات الحقل عند الرئيس بوتين حسابات البيدر، فوجد نفسه، بعد دخوله الأراضي الأوكرانية في معضلة عسكرية وسياسية ودبلوماسية واقتصادية؛ ولعل المعضلة الكبرى أنه غير قادر على التراجع، ولا على التقدم؛ وبالتالي فإن الخشية من خيار من جانبه، دفعت مناصريه من الدول الكبرى إلى تنبيهه بأن المخاطر كبيرة على العالم، وعليه أن ينتبه، وإلا فإنه قد يجد نفسه خاسراً. في اجتماع أوزبكستان الأخير نصح رئيس وزراء الهند مودي، بوتين، بأن الوقت ليس مناسباً الآن للحرب، لأن التحديات كبيرة جداً، ومنها أزمتا الغذاء والطاقة اللتان تضربان بقسوة البلدان النامية، وأشار عليه بأهمية البحث عن وسيلة للتقدم لتحقيق السلام.

الاتفاق النووي الإيراني ومستقبل العرب

كثيرون يعتقدون أنَّ توقيع اتفاق نووي مع إيران سيؤدي إلى انفراج كبير في المنطقة، وإلى حل معظم أزماتها بدءاً بلبنان ومروراً بسوريا والعراق وانتهاء باليمن، وهذا التفاؤل يتجاهل سؤالاً مهماً: كيف ستُحل تلك الأزمات؟! هل سيعود لبنان إلى حضن الدولة؟ وهل سيقرر السوريون مستقبلهم بحرية؟ وهل يُسمح للعراق بأن يكون دولة قوية، وذات سيادة؟ وأخيراً هل سيقبل الحوثيون منطق الدولة؟ جواب هذه الأسئلة هو لا.

بريطانيا: ماذا يعني فوز ليز تراس؟

كل المؤشرات تدل على أن وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، ستكون رئيسة الوزراء المقبلة لبريطانيا، لتتوج بذلك حلماً راودها منذ دخولها معترك السياسة. هذا الفوز يعود بالدرجة الأولى لزئبقيتها الواقعية، حيث إنها تحولت من ليبرالية في حزب الديمقراطيين إلى محافظة بنكهة ليبرالية في حزب المحافظين، ثم إلى محافظة يمينية متشددة. وكما نعرف، فإن السياسي يدخل السياسة إما لأنه يؤمن بأفكار يراها الأمثل للمجتمع، أو يدخلها لأجل السلطة، وليز تراس في سبيل السلطة تحولت إلى داعية متحمسة لأفكار اليمين المتشدد المطالب بسيادة منطق السوق.

من يفوز في المواجهة بين الصين وأميركا؟

الملاسنة الكلامية مؤخراً بين الصين وأميركا حول زيارة رئيسة البرلمان الأميركي نانسي بلوسي، لتايوان، تجاوزت النطاق المعهود، ووصلت لدرجة أن صرح وزير الخارجية الصيني بأنه إذا ما أصرت أميركا على زيارة بلوسي متجاوزة الخط الأدنى الذي رسمته الصين، فإننا «سنجابهها بالقوة، وستتحمل أميركا كل التبعات»؛ الرد الأميركي كان عسكرياً بإعلان مارك ميلي، رئيس الأركان، أنه إذا ما طلب منه الدعم العسكري لضمان وصول بلوسي الآمن، فإنه قادر على ضمان ذلك؛ هذه التصريحات المتبادلة تحمل عنوانين: الصين تريد من خلال التصعيد إجبار أميركا على الاستسلام في تايوان من دون حرب (وهذه قمة البراعة)، وأميركا تريد أن تقنع الصين أنها لا ت