ركزت التكهنات في الأسابيع الأخيرة على ما إذا كانت تركيا باتت قريبة من تحقيق إعادة التعاون والتطبيع مع نظام بشار الأسد في سوريا.
وكانت القمة التي عقدت في موسكو في 28 ديسمبر (كانون الأول)، التي ضمت قادة الجيش والاستخبارات السوريين والأتراك، قد شكلت في حد ذاتها أكبر تطور في الاتصال عالي المستوى بين الحكومتين منذ عام 2011. ووُصفت تلك المحادثات بأنها «بناءة».
«الشعب يريد إسقاط النظام»... كانت تلك الكلمات التي ترددت على ألسنة مئات المتظاهرين الذين احتشدوا في «ساحة المشنقة» أمام مقر حزب البعث السوري في السويداء، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني).
ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تشتعل فيها احتجاجات في السويداء، المدينة ذات الأغلبية الدرزية الواقعة جنوب شرقي سوريا. بيد أن الأهم من ذلك كان ترديد هذه العبارة التي أصبحت «سيئة السمعة» بعد أن اشتهرت طوال فترة «الربيع العربي».
في الواقع، كان الأكثر أهمية ما حدث بعد ذلك، عندما اقتحم المتظاهرون المبنى، وأشعلوا النار في بعض أركانه، ومزقوا صورة ضخمة لبشار الأسد كانت معلقة على الواجهة الأمامية للمبنى.
رغم أن «الدولة» الإقليمية لـ«داعش» قد تلقت هزيمتها النهائية في قرية الباغوز، شرق سوريا، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف السنة، إلا أن التنظيم الإرهابي لا يزال على قيد الحياة.
فخلال الأسبوعين الماضيين فقط، كان التنظيم مسؤولاً عن 5 هجمات على الأقل في شمال شرقي سوريا، بينما جرى اعتراض 3 سيارات مفخخة وعدد من المهاجمين الانتحاريين التابعين لـ«داعش» في طريقهم لشن هجمات إضافية.
الآن، مر ما يقرب من أربعة أسابيع منذ مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، في غارة أميركية بطائرة من دون طيار، بينما كان على شرفة منزل في الحي الدبلوماسي بالعاصمة الأفغانية كابل. وكتبت هذه الضربة سطر النهاية لبحث استمر لعقود عن الظواهري، الشخصية المخضرمة في «القاعدة» الإرهابية، عبر منطقة الشرق الأوسط وما وراءها.
وخلق مقتل الظواهري بصاروخ أميركي إحساساً بالعدالة.
عندما اجتمع قادة روسيا وتركيا وإيران في طهران في 19 يوليو (تموز)، في ظل اهتمام وتوقعات دولية كبيرة، وفي حين أن الحرب في أوكرانيا ربما تكون قد شكلت الخلفية العامة لقمة طهران، فإن أحد الموضوعات التي جرى التركيز عليها بشدة هو موضوع سوريا. ومع ذلك، فإنه بعد يوم من الاجتماعات الثنائية والمتعددة الأطراف، انتهى الاجتماع الأخير لما يسمى «مجموعة أستانا» من دون أي جديد.
وبدلاً من ذلك، قدّم المشاركون للعالم إعادة تأكيد على نقاط الحوار الأساسية التي كانت قد نوقشت في تركيا وروسيا وإيران منذ سنوات.
في 12 يوليو (تموز)، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2642 الذي يمنح الأمم المتحدة تفويضاً جديداً لتقديم مساعدات إنسانية عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا لمدة ستة أشهر. ووُصف القرار بأنه حل وسط بين المجتمع الدولي وروسيا، لكنه في الحقيقة، جاء نتيجة الإذعان لحق النقض العدائي الروسي.
ولا يمنح الإطار الزمني البالغ ستة أشهر الحكومات المانحة والأمم المتحدة والهيئات المنفذة سوى نافذة زمنية موجزة للتركيز على توصيل المساعدات قبل أن يضطر الدبلوماسيون إلى الاستعداد لمعركة متجددة مع روسيا في أروقة الأمم المتحدة، لضمان وصول المساعدات مرة أخرى.
قبل أكثر من ثلاث سنوات، تعامل التحالف الدولي مع «داعش» الذي نصّب نفسه «دولة» مزعومة في سوريا والعراق بعد هزيمته الأخيرة، واستولى على آخر جيب متبقٍ للتنظيم الإرهابي في الباغوز في شرق سوريا.
في تقرير استقصائي حديث، خلص المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان في وزارة الدفاع الأميركية، إلى أن «العامل الوحيد الأكثر أهمية» وراء استيلاء «طالبان» السريع على البلاد في أغسطس (آب) 2021، هو «قرار الولايات المتحدة بسحب القوات العسكرية والمقاولين من أفغانستان». وبعد بضعة أيام، أصدرت لجنة الشؤون الخارجية في المملكة المتحدة تقريراً وصفت فيه الانسحاب من أفغانستان بأنه «كارثة» و«خيانة»، ونتيجة «إخفاقات منهجية» في التخطيط للمستقبل ومنع انتصار «طالبان».
وأولت هذه التقارير اهتماماً وسياقاً متجددين لأولئك الذين يولون اهتماماً لتدهور الوضع داخل أفغانستان، وذلك بعد 9 أشهر من تولي حركة «طالبان» السلطة.
رغم تركز الاهتمام الدولي بشكل مباشر على الحرب في أوكرانيا، اجتمع ما يزيد على 75 دولة ببروكسل في 10 مايو (أيار)، تعهدت بشكل جماعي بتقديم 6.7 مليار دولار لجهود المساعدات الإنسانية في سوريا.
وجاء هذا المبلغ الضخم أكبر بكثير مما كان متوقعاً، وسلط الضوء على أن المجتمع الدولي لا يزال مدركاً لمدى الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا.
والحقيقة أن الأزمة الإنسانية في سوريا لم تكن بالسوء ذاته الذي هي عليه اليوم، مع احتياج ما لا يقل عن 14.6 مليون سوري (أكثر من 70 في المائة من السكان بالبلاد) لمساعدات خارجية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
ومع استمرار الأزمة الاقتصادية في سوريا واستمرار التضخ
عندما لقي تنظيم داعش الإقليمي الهزيمة في سوريا قبل أكثر من ثلاث سنوات، احتفل العالم بإنجاز تاريخي. فعلى مدار خمس سنوات، حشد تحالف ضم أكثر من 80 دولة موارده المشتركة لدحر «داعش» في سوريا والعراق، والتصدي للجماعة الإرهابية على الإنترنت، ودحر شبكاتها المالية والشركات التابعة لها المكتشفة حديثاً في جميع أنحاء العالم.
وفي غضون أشهر من سقوط آخر جيب لـ«داعش» فعندما لقي تنظيم «داعش» الإقليمي الهزيمة في سوريا قبل أكثر من ثلاث سنوات، احتفل العالم بإنجاز تاريخي.