صوم رمضان... رحلة لتجديد الجسم بتغذية صحية

نصائح غذائية لحماية الجسم والحفاظ على حيويته

صوم رمضان... رحلة لتجديد الجسم بتغذية صحية
TT

صوم رمضان... رحلة لتجديد الجسم بتغذية صحية

صوم رمضان... رحلة لتجديد الجسم بتغذية صحية

يحل الشهر الفضيل هذا العام وقلوب المؤمنين مفعمة بالفرحة لاستقباله، والعيش في أجواء من الروحانية العالية والتواصل الأسري. وبالنسبة للجسم، تعتبر الأوساط الطبية شهر الصوم فرصة ذهبية لاستعادة العافية والصحة في الأبدان لمن أراد أن يجعل من أيام هذا الشهر فترة للتصالح مع صحة جسمه. ومع مرافقة صوم هذا العام لفصل الصيف، واشتمال شهر رمضان في أواخره على أطول أيام السنة، يوم 21 يونيو (حزيران)، في نصف الكرة الأرضية الشمالي، تكتسب النصائح الطبية في شأن التغذية الرمضانية أهمية متميزة؛ لجعل الصوم أكثر راحة وأقل تسبباً بالإرهاق والتعب البدني.
* تغذية رمضانية
خلال فترة الصوم بنهار أيام رمضان، يمتنع الصائم عن تناول الطعام وعن شرب الماء من بعد طلوع الفجر إلى مغيب الشمس، وهي الفترة التي تعوّد الجسم على تناول الطعام فيها ضمن وجبتين من وجبات طعام الجسم الرئيسية الثلاث المعتادة، أي وجبة الإفطار الصباحية ووجبة الغداء. ولإتمام أداء هذه الفريضة، يبكّر الصائم ساعتين تقريباً في تناوله وجبة الإفطار الصباحية المعتادة، ويتناولها قبل طلوع الفجر تحت اسم وجبة السحور.
ويحرص الصائم المهتم بصحته وبتوفير الراحة لجسمه طوال ساعات النهار، على أمرين صحيين في شأن وجبة السحور، الأمر الأول: تأخير تلك الوجبة إلى قبيل آذان الفجر ما أمكنه ذلك؛ كي يعطي جسمه أطول مدة ممكنة في إشباع حاجة الجسم من الشعور بتناول الطعام، وأيضاً تقليل عدد ساعات النهار التي يشعر فيها بالجوع. والأمر الآخر: يحرص أيضاً أن يضمّن وجبة السحور، أو وجبة الإفطار الصباحية المبكرة، عناصر غذائية وأطعمة تمتاز ببطء هضمها وبطء امتصاص الأمعاء لمكوناتها من العناصر الغذائية، وبخاصة النشويات؛ كي يضمن تخفيف الشعور بالجوع طوال ساعات النهار، ويضمن كذلك تواصل إمداد الجسم بالعناصر الغذائية أطول فترة ممكنة خلال ساعات الصوم بالنهار.
* وجبة الإفطار
كما يحرص الصائم المهتم بصحته وبتوفير الراحة لجسمه طوال ساعات الليل، على أمرين في جانب تناوله وجبة إفطار الصائم، الوجبة الرئيسية الثانية في يوم شهر رمضان، والوجبة الأولى بعد حل تناول الطعام وشرب الماء للصائم بغروب الشمس. والأمر الأول هو «تعجيل الإفطار» للبدء في تزويد الجسم بحاجته من الماء والطعام، والأمر الآخر شرب الماء لإزالة الظمأ وتروية الأوعية الدموية بالجسم، وتناول غذاء يحتوي على السكريات السهلة الهضم التي يسهل على الأمعاء امتصاصها في هيئة غذاء صحي، كالرطب أو التمر، أو ما يشبههما من أطعمة شعوب العالم المختلفة في أرجاء المعمورة. ثم يعطي جسمه وجهاز هضمه شيئا من الراحة؛ كي يقوى بنشاط على هضم الأطعمة الأخرى التي يتناولها الصائم بعد ذلك، وبعد الفراغ من إتمام الصوم طوال النهار.
وخلال فترة الصوم في ساعات النهار والتوقف عن تناول الطعام والشراب خلالها، يتعامل الجسم مع هذا الوضع وفق آليات مريحة له، ويستطيع الجسم التكيف وبسهولة مع هذا الظرف الفريد هذا في التغذية بطريقة تجعل الجسم لا يتأثر بدرجة شديدة، بل تبقى المعاناة لديه مقتصرة على الشعور بالجوع والعطش، أي دون أن تتأثر آليات إمداد الجسم بالطاقة، ودون الوصول إلى حالة الجفاف في خلايا الجسم.
* الجسم والصوم
وللتوضيح، عند حرص الصائم على تناول وجبة السحور بطريقة ومكونات صحية، لا يشعر الجسم بأي اضطراب في التغذية لساعات تمتد إلى منتصف النهار تقريباً، وهي عدد الساعات نفسها التي تفصل في الحالات الطبيعية بين وجبتي الإفطار الصباحي المعتادة ووجبة الغداء المعتادة. ثم من بعد منتصف النهار، مع الحرص على عدم إجهاد الجسم بشكل قوي، ومع الحرص على تحاشي التعرض لحرارة أشعة الشمس والأجواء الخارجية الحارة، تتناقص كمية الطاقة التي وفرتها العناصر الغذائية لوجبة السحور، وهنا يبدأ الجسم في استخدام سكريات الكاربوهيدرات المختزنة، الموجودة في عضو الكبد وفيما بين ثنايا العضلات، ويبدأ أيضاً في استخدام الطاقة المختزنة في الشحوم بالجسم. ولأن الجسم لا يستطيع تخزين الماء، فإن الكليتين تبدآن في مساعدة الجسم على التكيف بحالة الصوم والامتناع عن شرب الماء، وذلك عبر تقليل كمية الماء التي يخرجها الجسم مع سائل البول ما أمكن، كما يسهم عدم التعرض غير الضروري لأشعة الشمس وللأجواء الحارة في تقليل كمية الماء التي يفقدها آنذاك الجسم مع هواء التنفس الخارج من الرئة، ومع إفرازات العرق على سطح الجلد.
ومع هذا، وحسب عدد ساعات الصوم بالنهار ومدى حرارة الأجواء، فإن غالبية الصائمين يعانون درجة بسيطة من الجفاف؛ وهو ما يتسبب في جفاف الفم والشعور بالعطش والصداع والشعور بالإعياء وصعوبات في التركيز، لكن لا يوجد انخفاض في ضغط الدم أو ارتفاع في نبض القلب أو ارتفاع في حرارة الجسم. وهذه الحالة البسيطة من الجفاف لا أضرار صحية لها طالما حرص المرء على شرب الماء بعد حلول وقت الإفطار. ولكن عند الشعور بالدوار والدوخة وعدم القدرة على الوقوف بسبب ذلك، أو حصل تشويش ذهني أو إغماء، فإن حالة الجفاف تكون شديدة وتتطلب سرعة شرب الماء والعرض على الطبيب.
إن البدء في شرب الماء مباشرة بعد غروب الشمس يعمل بشكل سريع على إعادة التوازن في درجة تروية الجسم. والحرص على وفرة شرب الماء يساهم في تلك السرعة للجسم في إزالة الظمأ، وفي تروية الأوعية الدموية وفي دخول الماء إلى خلايا الجسم المختلفة في الدماغ والعضلات وغيرها من أعضاء الجسم. وتزويد الجسم بالماء له أشكال مختلفة، مثل شرب الماء الصافي وتناول الشوربة وشرب عصير الفواكه، وتناول الفواكه الطازجة كرطب البلح وغيره والخضراوات الطازجة، كما في السلطات.
وتجدر ملاحظة أن ما يعيق تعويض الجسم بالسوائل، أثناء تناول وجبة إفطار الصائم، هو الخلط الذي يكون على هيئة تناول المشروبات المحتوية على الكافيين، وتناول الأطعمة المقلية، أو حلويات المعجنات الدسمة خلال المراحل الأولى لتناول وجبة الإفطار.
* مقترحات لتناول الطعام والشراب في وجبة الإفطار
الإفطار عملية تمتزج بالفرح والحمد على إتمام صوم نهار يوم رمضان، كما تمتزج بلقاء أفراد الأسرة، ومن الضروري صحياً التنبه إلى حصول ذلك بطريقة تعوض الجسم احتياجاته من الغذاء دون التسبب بإجهاد الجسم.
وعند البدء في الإفطار والخروج من حالة الصوم، احرص على تناول الكثير من السوائل والأطعمة المحتوية على السكريات الطبيعية البسيطة وغير المعقدة، كرطب البلح والتمر، واحرص أيضاً على تناول الأطعمة قليلة المحتوى من الدسم والدهون والشحوم، وتحاشَ تناول كمية كبيرة من الأطعمة آنذاك، بل وفّر لمعدتك شيئا من الراحة. ومن أمثلة ذلك:
- المشروبات: الماء، الحليب قليل الدسم، عصائر الفواكه الطازجة الطبيعية غير المضاف إليها السكر الأبيض. وهي مجموعة مفيدة في تزويد الجسم بالسوائل والسكريات السهلة الهضم والامتصاص.
- رطب البلح أو التمر: وهي أطعمة يحث وينصح الصائم على تناولها؛ نظراً لمحتوياتها الرائعة من العناصر الغذائية اللازمة لتلك الفترة بالذات عند البدء بتناول الطعام بعد صوم ساعات النهار الطويلة. ويوفر رطب البلح، وكذا التمر نوعية فريدة من السكريات الطبيعية السهلة الهضم والامتصاص، كما يوفر تشكيلة منوعة من المعادن والفيتامينات والألياف النباتية. ومثلها كذلك عدد من الفواكه المجففة الأخرى، كالتين والمشمش والزبيب والخوخ. وفي مناطق عدة من العالم يتناول الناس فيها عند إفطار الصائم أنواعاً من الفواكه التي توفر للجسم سكريات طبيعية مع السوائل والمعادن والفيتامينات والألياف.
- حساء الشوربة: من الخطوات الصحية بعد شرب الماء وتناول التمر، تناول حساء الشوربة المحتوي على مرق اللحم أو الدجاج، وعلى أنواع مختلفة من البقول أو الحبوب والأطعمة النشوية كالبطاطا أو الخضراوات، أو قليل من قطع المعكرونة.
- طبق رئيسي: ثم بعد إعطاء الجسم شيئاً من الراحة، يمكنك تناول وجبة الطعام المحتوية على طبق رئيسي يحتوي على قطع اللحم مع الأرز أو الخضراوات أو البقول، كالفول والحمص، أو أنواع من المأكولات البحرية، وغيرها من الأطباق المختلفة الخالية من الأطعمة المقلية.

* استشارية في الباطنية



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال