الاقتصاد الإيراني يعاني من ضعف الإيرادات وشح الاستثمارات

طهران لم تجن كل ما توقعته من ثمار رفع العقوبات

الاقتصاد الإيراني يعاني من ضعف الإيرادات وشح الاستثمارات
TT

الاقتصاد الإيراني يعاني من ضعف الإيرادات وشح الاستثمارات

الاقتصاد الإيراني يعاني من ضعف الإيرادات وشح الاستثمارات

تجري الانتخابات الرئاسية الإيرانية، اليوم، وسط تراشق سياسي بين المتشددين والأقل تشدداً، لكن الاقتصاد حاضر بقوة في السجالات بعد أن هيمن الإحباط على شريحة من الإيرانيين علقوا آمالاً واسعة على الاتفاق النووي الذي لم يجنِ الثمار الاقتصادية المرجوَّة، رغم مضي نحو سنتين على توقيعه.
ويرى اقتصاديون مدافعون عن فترة حكم الرئيس حسن روحاني أن المؤشرات اختلفت كثيراً عن مرحلة سلفه أحمدي نجاد. فبعد انكماش الناتج نحو 12 في المائة في 2012 و2013، عاد النمو وسجل في السنة المالية 2016 - 2017 المنتهية في مارس (آذار) الماضي نحو 6.6 في المائة بحسب صندوق النقد الدولي.
كما تراجع معدل التضخم من 35 في المائة في 2013 إلى نحو 10 في المائة حالياً، وهو أدنى معدل منذ 30 سنة. واستقر سعر صرف الريال الإيراني نسبياً بعدما كان فقد نحو ثلثي قيمته، وارتفعت صادرات النفط أكثر من 100 في المائة من 1.3 مليون برميل إلى 2.8 مليون برميل يومياً.
في المقابل، يرى محللون أن تلك المؤشرات لم تنعكس كما يجب على حياة طبقات واسعة من الإيرانيين، ومن غير المعروف بالنسبة للاقتصاديين إمكان ثبات هذه المؤشرات واستمراريتها في التحسن بعد وصول دونالد ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية، وهو المتشكك في وفاء إيران بتعهدات الاتفاق النووي، والواعد بمزيد من العقوبات التي تطال مؤسسات وأفراداً في سدة السلطة والقرار السياسي والعسكري والأمني وحتى الاقتصادي.
إلى ذلك، يرى المتشائمون أن الاقتصاد لا يخلق فرص عمل جديدة، بل ارتفع معدل البطالة خلال فترة حكم روحاني إلى نحو 12 في المائة عموماً، وإلى 27 في المائة بين صفوف الشباب على وجه الخصوص.
ويتكرر السؤال عن أسباب عدم خروج الاقتصاد من أزمته رغم رفع 90 في المائة من العقوبات التي كانت مفروضة. للرد على هذا السؤال تتقاطع أجوبة المحللين عند جملة عوامل كالآتي:
أول تلك العوامل أن النمو الذي تحقق يعود إلى زيادة تصدير النفط بالدرجة الأولى وليس إلى انتعاش مبني على التنويع الاقتصادي. فمن أصل نمو نسبته 6.6 في المائة خلال السنة المالية المنصرمة لم يسهم الاستثمار والاستهلاك إلا بنسبة تقل عن 1 في المائة من هذا النمو. فالاستثمار الحكومي في الأصول الثابتة يبقى رغم زيادته دون المعدل الذي يخلق فرص عمل. أما استثمارات القطاع الخاص فظلت ضعيفة لأسباب أبرزها:
أولًا أن أسعار الفوائد المصرفية وصلت إلى 20 في المائة للحفاظ على استقرار سعر الصرف، وبالتالي اتجهت الأموال إلى الادخار وليس إلى التوظيف الاستثماري والإنفاق الاستهلاكي.
ثانياً لم تحصل الطفرة الاستثمارية الأجنبية التي وعد بها الرئيس روحاني غداة توقيع الاتفاق النووي. فمن أصل 11 مليار دولار سجلتها وزارة الاقتصاد لم يتحقق على أرض الواقع إلا نحو ملياري دولار فقط حتى الآن، أي أقل من خُمْس التعهدات الأجنبية.
ثالثاً ساءت أوضاع عدد كبير من البنوك الإيرانية خلال السنوات الماضية بفعل تراكم الأصول المتعثرة والديون المعدومة الموروثة من حقبة أحمدي نجاد التي تخللها فرض تمويل لمشروعات شعبوية قليلة الجدوى الاقتصادية.
رابعاً تعدد مراكز القرار في طهران مما يجعل الاستثمار رحلة صعبة قد تتخللها مفاجآت غير سارة. ويضرب البعض مثالاً على ذلك بإلغاء مشروع شركة «بويغ» الفرنسية لبناء مطار جديد في طهران مع منطقة حرة جاذبة للاستثمار الأجنبي. فمن أسباب إلغاء بعض المشاريع عدم القدرة على تحديد الجهة الإيرانية المعنية بالموافقات اللازمة، لدرجة أن مشاريع معينة لا تحظى بالقبول إذا لم يكن المرشد الأعلى موافقاً عليها.
خامساً يبقى القطاع العام مهيمناً على قطاعات واسعة من المرافق الاقتصادية مع حجم لا يُستهان به للحرس الثوري في أنشطة معينة. وتصل نسبة تلك الهيمنة إلى بين 70 و80 في المائة. هذا الواقع يدفع مستثمرين للتريث كثيراً قبل الخوض في أي مشروع لأن القطاع الحكومي مترهِّل بإنتاجية ضعيفة وفعالية قليلة وبيروقراطية معقدة. أما الحرس الثوري فمدرج على قوائم سوداء أميركية وأوروبية، وهذا يخيف أي مستثمر.
سادساً تحتاج الموازنة الإيرانية لبرميل سعره يفوق المائة دولار لمواجهة الإنفاق العام الاستثماري والحالي بينما السعر السوقي حالياً يدور حول 50 دولاراً للبرميل.
وفي الموازنة الجديدة أيضاً زيادة في معدلات الضرائب بنسبة 9 في المائة مقابل زيادة في الرواتب نسبتها 10 في المائة. وبالتالي سيبقى الطلب الداخلي ضعيف، لا سيما بعدما رفعت الحكومة العام الماضي أسعار الطاقة ورَشَّدَت الدعم الحكومي للمواطنين.
سابعًا خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الإيراني من 6.6 في المائة العام الماضي إلى 3.3 في المائة للسنة المالية الحالية بسبب انخفاض أسعار النفط وبطء الإصلاحات فضلاً عن المناخ السلبي المحيط بعلاقة طهران مع الولايات المتحدة الأميركية، وما قد ينتح عن ذلك من توتر مؤثر اقتصادياً.



النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)
سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)
TT

النفط يرتفع بدعم تراجع المخزونات الأميركية

سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)
سفن الشحن راسية قبالة الساحل وتتقاسم المساحة مع منصات النفط قبل التوجه إلى ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

ارتفعت أسعار النفط، يوم الأربعاء، مع تقلص الإمدادات من روسيا وأعضاء منظمة «أوبك»، وبعد أن أشار تقرير إلى انخفاض آخر في مخزونات النفط الأميركية، في حين أشارت بيانات تُظهر زيادة غير متوقعة في فرص العمل بالولايات المتحدة، إلى توسع النشاط الاقتصادي والنمو اللاحق في الطلب على النفط. وصعد خام برنت 32 سنتاً أو 0.42 في المائة إلى 77.37 دولار للبرميل، بحلول الساعة 01:35 بتوقيت غرينتش. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي42 سنتاً أو 0.57 في المائة إلى 74.67 دولار. وأظهر مسحٌ أجرته «رويترز» أن إنتاج «أوبك» النفطي انخفض في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد زيادة لشهرين. وبددت أعمال صيانة الحقول في الإمارات زيادة إنتاج نيجيريا ودول أخرى في المجموعة. وفي روسيا، بلغ متوسط إنتاج النفط 8.971 مليون برميل يومياً في ديسمبر، وهو أقل من هدف موسكو، وفق ما ذكرت «بلومبرغ». وعلى الصعيد الاقتصادي، أظهر مسح فرص العمل ودوران العمالة أن فرص العمل في الولايات المتحدة ارتفعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في حين انخفض عدد حالات التسريح، وكان العمال مترددين في الاستقالة. وترتفع أسعار النفط مع النمو الاقتصادي. وقالت «كابيتال إيكونوميكس»، في مذكرة للعملاء: «تُظهر بيانات مسح فرص العمل ودوران العمالة لشهر نوفمبر، عند إقرانها بتقارير التوظيف الأخيرة، عودة سوق العمل إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا». وفي الولايات المتحدة أيضاً، ذكرت مصادر بالسوق، الثلاثاء، أن مخزونات النفط الخام انخفضت، الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت مخزونات الوقود، وذلك استشهاداً ببيانات معهد البترول الأميركي. وفي المستقبل، يتوقع المحللون أن تنخفض أسعار النفط في المتوسط، ​​هذا العام، مقارنة بعام 2024؛ بسبب زيادات الإنتاج من دول غير أعضاء في «أوبك».