تونس تواجه صعوبات في تنفيذ مشروعات حكومية بـ10 مليارات دولار

الحكومة قسمتها إلى ثلاث فئات لتيسير مهمة الإنجاز

صعوبات تواجه نحو 135 مشروعا حكوميا في تونس معظمها جاهزة للتنفيذ
صعوبات تواجه نحو 135 مشروعا حكوميا في تونس معظمها جاهزة للتنفيذ
TT

تونس تواجه صعوبات في تنفيذ مشروعات حكومية بـ10 مليارات دولار

صعوبات تواجه نحو 135 مشروعا حكوميا في تونس معظمها جاهزة للتنفيذ
صعوبات تواجه نحو 135 مشروعا حكوميا في تونس معظمها جاهزة للتنفيذ

كشفت وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي في تونس عن وجود صعوبات في المرور من مرحلة التصور إلى مرحلة الإنجاز لنحو 135 مشروعا حكوميا، معظمها جاهزة للتنفيذ. وقالت إنها تحتاج لنحو 25.5 مليار دينار تونسي (ما يعادل 10 مليارات دولار) لتنفيذها بالكامل، وأشارت إلى أنها في انتظار استكمال إيفاء المشاركين في المنتدى الدولي للاستثمار «تونس 2020» بوعودهم لضمان «الإقلاع الاقتصادي» خلال السنة الجديدة.
وأقرت وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي بوجود إشكال حقيقي في تفعيل المشروعات، وهي المشروعات التي تم الاتفاق بشأنها خلال منتدى الاستثمار المذكور، وهذا على الرغم من استكمال دراسات عدد كبير منها وتعبئة التمويلات اللازمة لتحقيقها حيث لم تعد تنتظر غير التنفيذ.
ولغرض تجاوز مشكلات التنفيذ، قسمت السلطات التونسية المشروعات الحكومية إلى ثلاث فئات، فالصنف الأول عبارة مشروعات مستوفية لكل الدراسات المطلوبة وجاهزة للتنفيذ الفوري وعددها 69 مشروعا بقيمة مالية لا تقل عن 11.7 مليار دينار تونسي (نحو 4.5 مليار دولار).
أما الصنف الثاني من المشروعات فهي غير قابلة للإنجاز الفوري رغم توفر التمويلات الضرورية، ويعود ذلك بالأساس إلى عدم استكمال الدراسات أو الحاجة إلى تحسينها، ويصل عددها إلى 29 مشروعا استثماريا بكلفة إجمالية في حدود 7.7 مليار دينار تونسي (نحو 3 مليارات دولار).
أما الصنف الثالث فهو يهم 37 مشروعا بقيمة 6 مليارات دينار تونسي (نحو 2.4 مليار دولار)، وما تزال هذه الفئة من المشروعات الحكومية في مرحلة التصور أو الفكرة.
وبشأن مآل تلك الوعود الاستثمارية، قال أيمن الرايس، مستشار بوزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، إن إنجاز المشروعات الاستثمارية العمومية في تونس يتطلب التسريع في التفعيل وليس التمويل فقط.
واعتبر طول الإجراءات الإدارية وتعقدها من بين أهم الأسباب المعيقة لتنفيذها، وأضاف: «إذا ما تواصل العمل على هذا المنوال، وزاد تأخر تنفيذ المشروعات، فقد نخسر عدة هبات تحصلنا على وعود بشأنها خلال المنتدى الدولي للاستثمار (تونس 2020) ونفقد ثقة الجهات المانحة».
وكمثال لصعوبة الانطلاق في تنفيذ بعض المشروعات الحكومية الكبرى، قال الرايس إن مشروع جسر كبير في مدينة بنزرت (60 كلم شمال العاصمة التونسية)، حصل على التمويلات المالية الضرورية المقدرة بنحو 600 مليون دينار تونسي، وهو ممول من قبل البنك الأفريقي والبنك الأوروبي للاستثمار، ولكنه لن يعرف طريقه إلى التنفيذ إلا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة المقبلة بسبب طول الإجراءات في قانون الصفقات العمومية.
ويفرض هذا القانون الإعلان عما لا يقل عن خمسة طلبات عروض كل على حدة، ونشر النتائج واحترام كل هذه المراحل، وهو ما يتطلب عدة أشهر لبداية التنفيذ الفعلي لتلك المشروعات.
ولحل مشكلات التعقيدات الإدارية، دعت الحكومة إلى التصديق السريع على قانون الطوارئ الاقتصادية والانطلاق في تنفيذ كل المشروعات المبرمجة ضمن مخطط التنمية 2016 – 2020، إلا أن عملية التصديق على هذا القانون المثير للجدل تتطلب المرور بمجلس نواب الشعب (البرلمان).
ويخول هذا القانون للحكومة التونسية تنفيذ المشروعات العمومية عن طريق الاتفاق المباشر بين الوزارات والشركات الممولة ومعظمها أجنبية، أو القيام باستشارات مضيقة ومحددة بين المعنيين لإنجاز المشروع في ظروف وجيزة، وهو ما كان محل انتقاد من قبل نواب البرلمان بسبب شبهة استغلاله للإثراء الشخصي في ظل غياب عناصر الشفافية وتكافؤ الفرص بين جميع رجال الأعمال.



الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
TT

الهند تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وسط تباطؤ النمو والتوترات العالمية

منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)
منظر عام للمنطقة المالية المركزية في مومباي (رويترز)

بعد النمو الاقتصادي العالمي في العام الماضي، يبذل صناع السياسات في الهند جهوداً حثيثة لتجنّب تباطؤ حاد مع تفاقم الظروف العالمية وتراجع الثقة المحلية؛ مما أدى إلى محو ارتفاع سوق الأسهم مؤخراً.

ويوم الثلاثاء، توقّع ثالث أكبر اقتصاد في آسيا نمواً سنوياً بنسبة 6.4 في المائة في السنة المالية المنتهية في مارس (آذار)، وهو الأبطأ في أربع سنوات وأقل من التوقعات الأولية للحكومة، مثقلاً بضعف الاستثمار والتصنيع، وفق «رويترز».

ويأتي خفض التصنيف بعد مؤشرات اقتصادية مخيّبة للآمال وتباطؤ في أرباح الشركات في النصف الثاني من عام 2024؛ مما أجبر المستثمرين على إعادة التفكير في الأداء المتفوّق للبلاد في وقت سابق، وألقى الشكوك حول الأهداف الاقتصادية الطموحة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتعمل المخاوف الجديدة على تكثيف الدعوات للسلطات إلى رفع المعنويات من خلال تخفيف الإعدادات النقدية وإبطاء وتيرة التشديد المالي، خصوصاً أن رئاسة دونالد ترمب الثانية الوشيكة تلقي مزيداً من عدم اليقين بشأن آفاق التجارة العالمية.

وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد في شركة «إمكاي غلوبال فاينانشيال سيرفيسز»، مادهافي أرورا: «عليك إحياء روح الثقة والتفاؤل، وعليك أيضاً التأكد من انتعاش الاستهلاك. الأمر ليس بهذه السهولة»، مضيفة أن الهند يمكنها توسيع موازنتها المالية أو خفض أسعار الفائدة.

وتأتي مثل هذه الدعوات وسط سلسلة من الاجتماعات التي عقدها صنّاع السياسات الهنود مع الشركات التي تشعر بقلق متزايد بشأن تعثر الطلب. وعقدت وزيرة المالية، نيرمالا سيتارامان، سلسلة من الاجتماعات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع الصناعة والاقتصاديين، وهو أمر معتاد قبل الموازنة السنوية للهند التي من المقرر أن تصدر في الأول من فبراير (شباط) المقبل.

وتشمل بعض التدابير المقترحة في تلك المحادثات لتعزيز النمو وضع مزيد من الأموال في أيدي المستهلكين وخفض الضرائب والتعريفات الجمركية، وفقاً لمطالب الجمعيات التجارية والصناعية.

مخاوف متزايدة

تسبّبت المخاوف بشأن اقتصاد الهند في انخفاض مؤشر «نيفتي 50» القياسي بنسبة 12 في المائة من أواخر سبتمبر (أيلول) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). وقد استعاد السهم تلك الخسائر لينهي عام 2024 مرتفعاً بنسبة 8.7 في المائة، وهي مكاسب جيدة؛ لكنها بعيدة عن مكاسب العام السابق البالغة 20 في المائة.

ومع تراجع الثقة، يبدو أن الجهود السياسية الرامية إلى تحفيز النمو تتسع. وذكر التقرير الاقتصادي الشهري للهند الذي نُشر الشهر الماضي، أن السياسة النقدية المتشددة للبنك المركزي كانت مسؤولة جزئياً عن الضربة التي تلقاها الطلب.

وأجرى مودي بعض التغييرات البارزة مؤخراً التي من المتوقع أن ترفع النمو الاقتصادي بصفته أولوية على استقرار الأسعار.

في خطوة مفاجئة في ديسمبر، عيّن مودي سانغاي مالهوترا محافظاً جديداً للبنك المركزي، ليحل محل شاكتيكانتا داس، البيروقراطي الموثوق به الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل على فترة ولاية أخرى لمدة عام إلى عامين رئيساً، بعد أن أكمل ست سنوات على رأس البنك.

وجاء تعيين مالهوترا الذي قال مؤخراً إن البنك المركزي سيسعى جاهداً لدعم مسار نمو أعلى، فوراً بعد أن أظهرت البيانات تباطؤ نمو الربع الثالث من سبتمبر أكثر بكثير من المتوقع إلى 5.4 في المائة.

مواجهة الأزمات

خلال الوباء، سعى مودي إلى الحفاظ على نمو الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق على البنية التحتية والحد من الإنفاق الباهظ للحفاظ على المالية العامة للحكومة في حالة جيدة. وقد أدى ذلك إلى رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي، لكنه لم يدعم الأجور أو يساعد الاستهلاك في الحفاظ على التوسع السنوي بأكثر من 7 في المائة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقال الزميل الزائر في مركز التقدم الاجتماعي والاقتصادي، سانجاي كاثوريا، إنه في حين أن اقتصاد الهند قد لا يزال يتفوّق على الاقتصاد العالمي، فإن السؤال هو ما إذا كان بإمكانه الحفاظ على نمو يتراوح بين 6.5 في المائة و7.5 في المائة، أو التباطؤ إلى 5 في المائة و6 في المائة.

وقالت أرورا إن البلاد تعيش حالياً «حالة من الغموض»؛ حيث لا ينفق الأفراد. وتتوقع أن يستمر هذا إذا لم يتحسّن التوظيف، وظل نمو الأجور ضعيفاً.

التخفيضات الجمركية وخطة لمواجهة حروب ترمب

أفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن الحكومة تخطّط لخفض الضرائب على بعض الأفراد، وتستعد لتقديم تخفيضات جمركية على بعض السلع الزراعية وغيرها من السلع المستوردة بشكل رئيسي من الولايات المتحدة، لإبرام صفقة مع ترمب.

ويقول خبراء الاقتصاد إن الحكومة ستضطر إلى إبطاء بعض تشديدها المالي لدعم النمو مع نجاح مثل هذه التدابير التي تعتمد على مدى التخفيضات.

وحول التجارة، يقول المحللون إن الهند بحاجة إلى خطة موثوقة لمحاربة حروب ترمب الجمركية. وقال خبراء اقتصاديون إنه إذا ظلّت الصين الهدف الرئيسي لرسوم ترمب الجمركية، فقد يمثّل ذلك فرصة للهند لتعزيز مكانتها التجارية، رغم أنها ستحتاج أيضاً إلى السماح للروبية بالهبوط أكثر لجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة.

ووصلت الروبية إلى مستويات منخفضة متعددة في الأسابيع القليلة الماضية، وكان 2024 هو عامها السابع على التوالي من الانخفاض، ويرجع ذلك في الغالب إلى ارتفاع قيمة الدولار. ويوم الأربعاء، وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق.

وقال كاثوريا، وهو أيضاً أستاذ مساعد في جامعة «جورج تاون»، إن الهند بحاجة إلى «تنفيذ ترشيد التعريفات الجمركية بجدية، للمساعدة في دمج نفسها بشكل أعمق في سلاسل القيمة العالمية».

وقد يشمل هذا تخفيضات التعريفات الجمركية، بهدف تجنّب الرسوم العقابية من البيت الأبيض في عهد ترمب بشكل استباقي.

وقال رئيس نظام الأبحاث والمعلومات للدول النامية ومقره نيودلهي، ساشين تشاتورفيدي: «يجب على الهند أن تعلن بعض التدابير الاستباقية للولايات المتحدة، لتقديم تنازلات لها، بدلاً من انتظار الإدارة الجديدة لإعلان خطواتها».