تقنيات متطورة لعلاج اضطرابات القلب

منظم لاسلكي صغير لمراقبة حالات الإغماء المفاجئة

منظم القلب اللاسلكي المزروع
منظم القلب اللاسلكي المزروع
TT

تقنيات متطورة لعلاج اضطرابات القلب

منظم القلب اللاسلكي المزروع
منظم القلب اللاسلكي المزروع

عقد أخيرًا في مدينة الرياض وتحديدًا في يومي 13 و14 يناير (كانون الثاني) الحالي مؤتمر اضطرابات كهربائية القلب الخليجي الثاني الذي نظمته كل من جمعية نظم القلب السعودية وجمعية القلب الخليجية. ووفقًا لرئيس المؤتمر د. عبد المحسن المساعد، رئيس جمعية نظم القلب السعودية، فقد طرح المؤتمر هذا العام أحدث الحلول الطبية والابتكارات العلمية في التعامل مع اضطرابات كهربائية القلب، من خلال خبراء مختصين في هذا المجال. وأضاف أن مؤتمر اضطرابات كهربائية القلب الخليجي، هو الأكبر من نوعه في منطقة الخليج، حيث يوفر فرصة رائعة لمختصي الرعاية الصحية الراغبين في إدارة اضطرابات كهربائية القلب للمشاركة عمليًا، وعرض أحدث الابتكارات، والتعرف على آخر التطورات. وركز المؤتمر، من خلال المعرض الطبي المصاحب، على أهمية تحسين نتائج المرضى عبر توحيد جهود المعنيين بالرعاية الصحية، ومن خلال توفير المعلومات الوافية عن اضطرابات كهربائية القلب للجمهور، وإظهار النماذج الابتكارية والاطلاع على المستجدات.
والجدير بالذكر أن مجال كهربائية القلب شهد في السنوات العشر الأخيرة كثيرًا من التطورات في التشخيص والعلاج لأمراض كهربائية القلب بكل أنواعها. وأدت هذه التطورات إلى نجاح العمليات المعالجة لاضطراب كهربائية القلب بنسب عالية. كما استحدثت تقنيات في الأجهزة المستخدمة في المعالجة والتشخيص.

مراقبة لاسلكية للقلب

وقد يستحدث مثلاً منظم لمعالجة هبوط ضربات القلب دون وضع أسلاك. وفي حديثه إلى «صحتك»، أوضح الدكتور عبد المحسن المساعد، استشاري ورئيس قسم فسيولوجيا كهرباء القلب بمركز الملك عبد العزيز للقلب في مدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض - أنه إذا شك الطبيب بأن الإغماء الذي تعرض له المريض ناتج عن مشكلة مرتبطة بالقلب فقد يقوم بعمل مزيد من الاختبارات لمراقبة نبضات القلب والتقييم والكشف عن السبب.
ويمكن أن يساعد جهاز مراقبة نبضات القلب (Implantable Loop Recorder)، وهو جهاز صغير يستخدم في تسجيل نشاط القلب لأشهر متواصلة، الطبيب في تحديد إذا ما كانت نوبات الإغماء ناتجة عن عدم انتظام نبضات القلب. وبعد ذلك، توجهنا إليه بمجموعة من الأسئلة:
عن عمل جهاز مراقبة نبضات القلب القابل للزرع، قال د. المساعد إن الجهاز هو جهاز رفيع يُزرع تحت الجلد في منطقة الصدر، وحديثًا، أصبح صغيرًا جدًا بنسبة 87 في المائة أصغر ما كان عليه عند اختراعه. وتتم برمجته مسبقًا ليراقب نشاط القلب بشكل مستمر. وعندما تحصل نوبة الإغماء، يجب على المريض أو على من يعتني به الإسراع بوضع المشغّل الصغير اليدوي على جهاز المراقبة المزروع لتشغيله وتسجيل نبضات القلب خلال نوبة الإغماء، ثم الذهاب إلى المستشفى ليتم تنزيل النتائج.
كما يمكن برمجة الجهاز مسبقًا لتسجيل عدم انتظام نبضات القلب تلقائيًّا، مما يعني أن المريض يستطيع إرسال أي معلومة مسجلة لطبيبه عبر خط هاتفي من المنزل ومن دون أن يُضطر للذهاب إلى المستشفى. ويستطيع الطبيب أن يوصي بعلاج ملائم إذا أظهر جهاز المراقبة مشكلة في نمط نبضات القلب.
وكيف يعرف المريض أنه بحاجة إلى جهاز مراقبة نبضات القلب القابل للزرع؟ ومتى؟ أجاب د. المساعد أن على المريض أن يتحدث إلى طبيبه ليحيله إلى اختصاصي أمراض القلب الذي سيحدد إن كان بحاجة لهذا الجهاز أم لا، وذلك إذا شعر بأي من العوارض المرضية التالية:
* نوبات إغماء متكررة من دون سبب معروف.
* نوبات إغماء غير متوقعة وغير منتظمة.
* تسارع دقات القلب أو أي مشكلات في القلب تحصل قبل نوبات الإغماء.
* سوابق عائلية من الإغماء غير المشخص أو توقف القلب المفاجئ.
* الخضوع لاختبارات تشخيصية عدة لتحديد سبب الإغماء، لكن من دون جواب واضح.
* العلاج الحالي لحالات الإغماء ليس فعالاً.

زرع الجهاز

وقال د. المساعد إن الجهاز رفيع، ويتم زرعه تحت الجلد في منطقة الصدر، وإن عملية الزرع بسيطة وتُجرى في المستشفى نهارًا ولا تستغرق أكثر من 15 إلى 20 دقيقة. ويُستخدم خلالها مخدّر موضعي لمنطقة صغيرة من الجلد، وبعد وضع الجهاز تحت الجلد تتم خياطة الجرح. يتم تضميد الجرح بضمادة صغيرة ويتم إبلاغ المريض بموعد نزعها. وقد يُعطى بعض المضادات الحيوية لتجنب الالتهابات ويجب أن يبقى الجرح نظيفًا جافًا حتى يلتئم نهائيًّا، إلا أن الاستحمام آمن.
وقد تم تصميم جهاز مراقبة نبضات القلب القابل للزرع للاستخدام طويل الأمد ولمراقبة نشاط القلب بشكل متواصل. ويمكن إبقاء الجهاز مزروعًا حتى 3 سنوات لضمان الحصول على نمط دقات القلب خلال نوبات الإغماء غير المنتظمة.
عندما يتم تسجيل نشاط القلب خلال نوبات الإغماء ويكون الطبيب قد حدد الأسباب المرتبطة بالقلب أو استثناءها، فيتم نزع الجهاز. وعملية نزع الجهاز شبيهة بعملية الزرع ويمكن إجراؤها في المستشفى نهارًا.

حالات الإغماء

الإغماء هو التعبير الطبي لفقدان الوعي لفترة قصيرة، وهو ينتج عن نقص مفاجئ بتغذية الدماغ بالدم. ترتبط هذه الحالة المؤقتة بهبوط في ضغط الدم أو تباطؤ نمط دقات القلب أو تغيرات في كمية الدم. يتعرض نحو 50 في المائة من الناس للإغماء في حياتهم وغالبًا ما تكون نتيجة حالة طبية قد تكون مرتبطة بالقلب أو الجهاز العصبي أو تدفق الدم إلى الدماغ.
في كثير من الأحيان يكون سبب الإغماء غير معروف، فإذا تكررت المسألة في فترة زمنية متباعدة (عدة أشهر) ولم يتم تشخيص الحالة بسهولة، قد يلجأ طبيب كهرباء القلب، إذا شك بأن سبب الإغماء هو اختلال ضربات القلب، إلى زراعة جهاز صغير يقوم بمراقبة النبضات، وقد تستمر هذه المراقبة لسنوات.
وتُعرف حالة الإغماء الأكثر شيوعًا بإغماء العصب العاشر (الحائر vagus) وتنتج عن انقطاع مؤقت في النظام العصبي المستقل الذي ينظم ضغط الدم ونبضات القلب. وفي هذه الحالة، تتوقف الأعصاب التي تقلص الأوعية الدموية وتحافظ على ضغط الدم عن عملها مما ينتج عنه هبوط في ضغط الدم. بالإضافة إلى ذلك، قد يزداد نشاط العصب الذي يتحكم بنبضات القلب ويسبب تدنيًا بنبضات القلب. وقد يهبط ضغط الدم ومعدل دقات القلب كلاهما (أو الواحد من دون الآخر) إلى مستويات متدنية جدًّا مما يخفض من التغذية بالدم والأكسجين والمغذيات الأساسية للدماغ والأعضاء الحيوية الأخرى، مما يؤدي إلى الإغماء بنهاية المطاف.
وتختلف العوارض من مريض لآخر، ومن حالة إغماء لأخرى، وتشمل أبرز الإشارات ما يلي:
* شعور بالخفة في الرأس.
* دوار وغثيان.
* تسارع في نبضات القلب.
* تعرق وسخونة الكفين.
* ضعف البصر أو السمع.
* الشعور بالضعف أو بعدم التوازن عند الوقوف.

تشخيص وعلاج الإغماء

يمكن التوصل إلى تشخيص صحيح من خلال وصف جيد من شخص شاهد النوبة، والاحتفاظ بسجل الأحداث، واستشارة طبيب يدرك الحالة بالكامل ويطلع على التاريخ المرضي بتفصيله. وإذا شك الطبيب بمشكلة في القلب أو الدماغ كمسبب للإغماء، يقوم بعمل اختبارات تشخيصية لجمع معلومات إضافية، مثل:
* تخطيط كهربائية القلب في المستشفى: لتسجيل نشاط القلب الكهربائي خلال فترة معينة.
* جهاز مراقبة نبضات القلب: لتسجيل نمط النبضات خارج المستشفى.
* جهاز مراقبة القلب القابل للزرع: يُستخدم لمراقبة نمط دقات القلب لأشهر متواصلة ويمكن الاحتفاظ به مدة 3 سنوات.
* اختبار الطاولة المائلة: لافتعال نوبة إغماء فيما يكون المريض متصلاً بأجهزة مراقبة ضغط الدم والقلب.
أما المعالجة فمن الممكن تجنب الإغماء بالأدوية وتغييرات بسيطة بنمط العيش. لكن إن كان السبب مشكلة أكثر تعقيدًا في القلب فيمكن اللجوء إلى جهاز قابل للزرع أو لعملية جراحية. سيعطي الطبيب توصيات مناسبة للعلاج وفقًا لحالة كل مريض.



جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
TT

جهاز لتحفيز الأعصاب يفتح آفاقاً لعلاج انقطاع التنفس أثناء النوم

لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم أحياناً رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لأول مرة في المملكة المتحدة، صُمّم جهاز طبي مبتكَر يُعرَف باسم «Genio» يهدف إلى تحفيز الأعصاب في اللسان لتحسين التنفس أثناء النوم، ما يُعدّ إنجازاً طبياً بارزاً لمرضى انقطاع التنفس أثناء النوم، الذي يؤثر على نحو 8 ملايين شخص في البلاد، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

الجهاز، الذي طوّرته شركة «Nyxoah»، يُدار بالكامل عبر تطبيق على الهاتف الذكي، ويُعدّ خياراً حديثاً للمصابين بانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، وهو النوع الأكثر شيوعاً من الاضطراب، حيث يتسبب استرخاء جدران الحلق في انسداد مجرى الهواء، ما يؤدي إلى أعراض مثل الشخير العالي، وأصوات الاختناق، والاستيقاظ المتكرر.

وفي عملية استغرقت ثلاث ساعات بمستشفيات كلية لندن الجامعية (UCLH)، قام الأطباء بتركيب الجهاز للمريضة ناتالي بولر (63 عاماً) التي وُصفت تجربتها بأنها تحسن ملحوظ خلال أيام قليلة، مضيفة أنها تتطلع إلى استعادة نشاطها اليومي بعد سنوات من الإرهاق المزمن.

* تقنية متقدمة لعلاج مريح وفعال

يعمل جهاز «Genio» من خلال تحفيز العصب تحت اللسان، المسؤول عن تحريك عضلات اللسان، لمنع انسداد مجرى الهواء أثناء النوم. يجري التحكم في الجهاز بواسطة شريحة تُلصق أسفل الذقن قبل النوم، وتُزال في النهار لإعادة الشحن.

وعبر تطبيق الهاتف الذكي، يمكن للمرضى ضبط مستويات التحفيز، ومتابعة بيانات نومهم، مما يتيح لهم تجربة علاج شخصية ومتكاملة.

الجهاز يُعدّ بديلاً لأجهزة ضغط الهواء الإيجابي المستمر (Cpap)، التي تُعدّ العلاج الأول لانقطاع التنفس أثناء النوم، لكنها غالباً ما تُواجَه بالرفض من المرضى بسبب عدم الراحة المرتبطة باستخدام الأقنعة.