أجور الموظفين في مصر «محلك سر» أمام ارتفاعات جنونية في الأسعار

الإصلاحات الاقتصادية مثلت عبئًا على محدودي الدخل

الدولار ما زال يشهد ارتفاعًا في مصر نتيجة زيادة الطلب ومحاولة كثير  من التجار تغطية حساباتهم المكشوفة بالعملة الأجنبية (رويترز)
الدولار ما زال يشهد ارتفاعًا في مصر نتيجة زيادة الطلب ومحاولة كثير من التجار تغطية حساباتهم المكشوفة بالعملة الأجنبية (رويترز)
TT

أجور الموظفين في مصر «محلك سر» أمام ارتفاعات جنونية في الأسعار

الدولار ما زال يشهد ارتفاعًا في مصر نتيجة زيادة الطلب ومحاولة كثير  من التجار تغطية حساباتهم المكشوفة بالعملة الأجنبية (رويترز)
الدولار ما زال يشهد ارتفاعًا في مصر نتيجة زيادة الطلب ومحاولة كثير من التجار تغطية حساباتهم المكشوفة بالعملة الأجنبية (رويترز)

يقف إيهاب من بعيد يشاهد شخصًا ذا ملابس منمقة يشتري سيارة حديثة من أحد المعارض الفخمة في منطقة مصر الجديدة، وقد خلا المعرض من الموظفين باستثناء اثنين لمعاونة صاحب المعرض، وبينما خرج البائع والمشتري لتجربة السيارة، طلب الأخير تخفيض السعر بنحو 15 ألف جنيه من نحو 430 ألف جنيه، للاستمتاع بالسيارة جيب رينيجيد 2017، إلا أن البائع تحدث بفضول عن أزمة الدولار وإمكانية ارتفاع السعر خلال الأيام المقبلة، قائلاً: «دي فرصة».
أثار الحوار بين المشتري والبائع دهشة المتفرج وهو يتذكر مصاريف دراسة ولدين وبنت، في مراحلهم الابتدائية والإعدادية، فضلاً عن أكلهم وشربهم وملبسهم ودوائهم.
«دا مش حقد... بس شوف ناس بتتكلم في إيه وناس تانية مش لاقية»، قال إيهاب ذو الأربعين عامًا، الموظف بإحدى شركات القطاع الخاص في مصر، مضيفًا لـ«الشرق الأوسط»: «الأزمة كلها بالنسبة لي مش في الـ15 ألف جنيه زي مشتري السيارة... ولكن في كيفية تدبر مصاريف الدواء والأكل لأسرتي... بعد زيادة كل شيء الضعف تقريبًا... إلا مرتباتنا».
بعد نحو شهرين من تعويم الجنيه في مصر، لم تتحسن الأحوال الاقتصادية للمواطنين على نحو ما يرام، إلا لمن يمتلك الدولار الذي بلغ متوسط تعاملاته أمس الثلاثاء 18 جنيها في البنوك، فمن يتحصل على 500 دولار شهريًا، يصل دخله في مصر إلى نحو 9000 جنيه، أما إذا كان يتحصل على ألفي جنيه شهريًا، فيكون دخله نحو 111 دولارا شهريًا.
ويصل الحد الأدنى للأجور في مصر إلى 1200 جنيه (66.7 دولار) شهريًا، أمام ارتفاع أغلبية السلع والخدمات بنحو مائة في المائة، الأمر الذي يجعل الحد الأدنى للأجور الفعلي هو 600 جنيه (33.3 دولار). وسط ارتفاع معدل التضخم لنحو 20 في المائة.
ورغم تأكيدات المسؤولين في مصر أن الحكومة اتخذت جميع الإجراءات التي تضمن عدم تأثر السواد الأعظم من المصريين بإجراءات تعويم الجنيه، فإن أغلبية المصريين تأثروا بنسب متفاوتة، كل على حسب أجره الشهري؛ وطلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حيال ذلك بمزيد من الصبر لمدة عامين، حتى تتحسن الأمور الاقتصادية.
واتخذت مصر قرارًا بتعويم العملة في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، الأمر الذي تراجع معه الجنيه نحو 43 في المائة مباشرة، في خطوة تهدف إلى جذب العملة الأجنبية عبر الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، فضلاً عن القضاء على السوق السوداء التي كانت سببا رئيسيا في اتخاذ قرار التعويم.
وقال محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، في تصريحات نقلتها مجلة «الأهرام الاقتصادي» يوم الأحد، إن السوق السوداء للعملة في البلاد لن «تختفي فورًا بمجرد استخدام عصا التعويم السحرية». مضيفًا أن الأمر يتطلب بعض الوقت للقضاء تمامًا على السوق السوداء.
إلا أن السوق السوداء للدولار لم تشغل كثيرًا المصريين، قدر أزمة الدواء التي ألقت بظلالها على صحة بعض القرارات الرسمية التي سرعان ما تتخذها الحكومة حتى تتراجع عنها، مثل قرار الإلغاء المؤقت للرسوم الجمركية على الدواجن المجمدة المستوردة من الخارج في آخر نوفمبر، التي قال وقتها المتحدث باسم مجلس الوزراء، أشرف سلطان، إن قرار الحكومة يأتي لدعم المواطن البسيط، وإن الحكومة حريصة على البعد الاجتماعي. إلا أن أسبوعًا واحدًا كان كفيلاً بتغيير مبدأ دعم المواطن والبعد الاجتماعي في البلاد، بعد التراجع عن القرار.
وبعد نفي رسمي لنقص أي دواء في مصر من قبل وزير الصحة في بداية الأزمة، اجتمعت الحكومة مؤخرًا لمناقشة أزمة الدواء وسط مطالب من منتجي الأدوية برفع الأسعار لبعض الأصناف بنسبة 15 إلى 20 في المائة، مع عدم وجود كثير من الأصناف.
وقال رئيس مجلس الوزراء، شريف إسماعيل، يوم الاثنين الماضي، إنه سيتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول الأسعار الجديدة للدواء خلال عشرة أيام، موضحًا في تصريح أوردته وكالة «أنباء الشرق الأوسط»، أن الزيادة ستشمل 15 في المائة فقط من الأدوية المنتجة محليًا و20 في المائة من الأدوية المستوردة وباقي الأدوية ستستمر بالأسعار نفسها. معتقدًا أن الأسواق ستستقر خلال 3 أشهر مع استقرار سعر الصرف.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد طالب الحكومة بتوفير الأدوية المستوردة التي ليس لها بدائل محلية.
وأكد السيسي في بيان لرئاسة الجمهورية، خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزير الصحة أحمد عماد الدين، يوم الأحد الماضي، ضرورة الاستمرار في تعزيز المعروض من الأدوية بالأسواق، وضمان توفر مختلف أنواع الأدوية بأسعار مناسبة مع توفير الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ ذلك.
وقال علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن السيسي اطلع خلال الاجتماع على جهود الحكومة في تطوير منظومة الصحة، وبخاصة توفير الدواء في ضوء تحريك أسعارها نتيجة تحرير سعر الصرف، بحسب البيان. وكانت الحكومة وافقت في اجتماعها الخميس الماضي على زيادة أسعار الأدوية.

التحسن على المدى المتوسط

ورغم ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج بنسبة 33.2 في المائة في شهر نوفمبر الماضي، التي سجلت 1.7 مليار دولار بزيادة 423 مليون دولار عن شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بحسب بيان للبنك المركزي، ورغم ارتفاع الحصيلة الدولارية للبنوك منذ تعويم الجنيه إلى نحو 7 مليارات دولار، فإن العملة الأميركية ما زالت تشهد ارتفاعًا نتيجة زيادة الطلب ومحاولة كثير من التجار تغطية حساباتهم المكشوفة بالدولار.
وفي هذا الشأن، قال رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل، إن البيئة الاقتصادية لمصر ستتحسن على المديين المتوسط والبعيد، مشيرًا إلى أن التصنيف الائتماني لمصر حاليًا مستقر: «وهو أمر إيجابي ونأمل في أن يتحسن الموقف في المرحلة المقبلة».
وحول تقييمه قرار تعويم الجنيه الذي اتخذه البنك المركزي، قال محافظ البنك المركزي طارق عامر، إن الفترة التي تلت إصدار قرار تحرير سعر الصرف قصيرة جدا لإعلان تقييم نهائي للتجربة، حيث لم تتجاوز شهرين بعد، مضيفا: «الحكم على تجربة التعويم يتطلب مزيدا من الوقت».
وقال عامر إن المؤشرات الأولية لتعويم الجنيه «تبشر بإمكانية تحقيق الأهداف المأمولة من وراء هذه الخطوة من القضاء تمامًا على السوق السوداء للدولار، والعمل على استقرار سعر الصرف وتوحيده والقضاء على ازدواجه، وكذلك تشجيع الاستثمار الأجنبي وزيادة حصيلة الصادرات». مضيفًا أن «التعويم أنقذ البلاد من كارثة محققة» وأنه لولاه لكانت الأوضاع الاقتصادية اتجهت إلى طريق «أكثر سوءا».
وتوقع محمد مكاوي، العضو المنتدب لمجموعة الفطيم العقارية الإماراتية مؤخرًا، أن تشهد أسعار العقارات في مصر خلال الفترة المقبلة ارتفاعًا يتراوح بين 20 إلى 30 في المائة، بعد قرار تعويم الجنيه.

المردود الاقتصادي

وكلما تأخر المردود الاقتصادي من القرارات الإصلاحية للحكومة المصرية، زادت معاناة المواطنين، وسط آمال بتحسن الأحوال المعيشية على المدى المتوسط، لكن أمام ارتفاع أسعار كل شيء في البلاد التي تستورد معظم احتياجاتها من الخارج، وصلت بعض القطاعات إلى حالة من الركود، دون بيع أو شراء.
حتى إن محافظ البنك المركزي طارق عامر قال في تصريحاته لمجلة «الأهرام الاقتصادي»، إن «الحل لمواجهة هذه المشكلة (أزمة الدولار وارتفاع الأسعار) يكمن بالطبع في تشجيع مصادر العملة الصعبة من سياحة وصادرات واستثمارات أجنبية».
ويفهم من كلام عامر أن الاقتصاد المصري يدور في دائرة مفرغة دون تنشيط السياحة وجذب استثمارات جديدة وتشجيع الصادرات، إذ إن أي حصيلة دولارية حاليًا ستستخدم في استيراد السلع الأساسية، وسداد عجز الموازنة (الديون الخارجية التي ارتفعت نتيجة لجوء مصر إلى الاقتراض الخارجي)، بينما يقف المواطن المصري متفرجًا بين البائع (المقرضين) والشاري (الحكومة المصرية) مبديًا تعجبه ودهشته من اتفاقات بمليارات الدولارات لا يصل إليه منها سوى «ارتفاع الأسعار».



إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)
إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)
TT

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)
إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، اليوم (الخميس)، إن «منظمة ترمب» تخطط لبناء برج ترمب في العاصمة السعودية الرياض في إطار توسع عقاري في المنطقة، بما في ذلك العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وفي معرض حديثه عن مشروعين جديدين في الرياض بالشراكة مع شركة «دار غلوبال» للتطوير العقاري الفاخر، ومقرها دبي، رفض نائب الرئيس التنفيذي لـ«منظمة ترمب» إعطاء تفاصيل، مكتفياً بالقول في مقابلة: «ما سأخبركم به هو أن أحدهما سيكون بالتأكيد برجاً»، مضيفاً أن شركته تخطط لتوسيع شراكتها مع «دار غلوبال» في جميع أنحاء منطقة الخليج، بما في ذلك مشروع جديد في أبوظبي.

وقال ترمب: «سنكون على الأرجح في أبوظبي خلال العام المقبل أو نحو ذلك»، وذلك بعد يوم من كشف الشركتين عن خططهما لبناء برج ترمب الذهبي المتلألئ في مدينة جدة الساحلية السعودية.

وقال زياد الشعار، الرئيس التنفيذي لشركة «دار غلوبال» المدرجة في لندن، إن المشروع المشترك الجديد الآخر المخطط له في الرياض هو مشروع «ترمب غولف» على غرار مشروع ترمب الذي تم إطلاقه في عُمان عام 2022، وأضاف في مقابلة مع «رويترز»: «نأمل في إنشاء برج واحد ومجتمع غولف واحد».

اتفقت شركة «دار غلوبال»، الذراع الدولية لشركة «دار الأركان» السعودية للتطوير العقاري، على عدد من الصفقات مع «منظمة ترمب»، بما في ذلك خطط لأبراج ترمب في جدة ودبي، إلى جانب مشروع عمان.

لم تشر المؤسستان إلى قيمة المشاريع، لكن الشعار قارن بين قيمة برج ترمب في جدة بقيمة 530 مليون دولار ومجمع ترمب للغولف في عُمان الذي قال إن تكلفته تبلغ نحو 2.66 مليار دولار.