موازنة إيطاليا واستفتاؤها يثيران مخاوف من أزمة مالية جديدة في «اليورو»

تصاعد الجدل بين روما والمفوضية الأوروبية

موازنة إيطاليا واستفتاؤها يثيران مخاوف من أزمة مالية جديدة في «اليورو»
TT

موازنة إيطاليا واستفتاؤها يثيران مخاوف من أزمة مالية جديدة في «اليورو»

موازنة إيطاليا واستفتاؤها يثيران مخاوف من أزمة مالية جديدة في «اليورو»

تزداد المخاوف في الأوساط الأوروبية من تداعيات احتمالية التصويت بـ«لا» في الاستفتاء المزمع في إيطاليا في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل على الإصلاحات الدستورية، وذهب البعض إلى الخوف من تعرض منطقة اليورو لأزمة مالية جديدة.
ولم يقتصر الأمر على المخاوف داخل أوروبا، خصوصا في إيطاليا، بل انتقلت المخاوف إلى مناطق أخرى من العالم، وحذرت صحيفتان عالميتان تهتمان بالشأن الاقتصادي، من عواقب سياسية واقتصادية محتملة على منطقة اليورو في حال التصويت بـ«لا» على إصلاحات دستورية في استفتاء شعبي إيطالي يجري في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر المقبل.
وأفردت كل من صحيفتي «فايننشيال تايمز» البريطانية، و«وول ستريت جورنال» الأميركية، مقالين حول استفتاء الرابع من الشهر المقبل، ومخاطر نشوء أزمة مالية جديدة في منطقة اليورو بأسرها في حال رفض الناخبون في إيطاليا التعديلات الدستورية، التي يراها الجهاز التنفيذي بقيادة الحزب الديمقراطي أساسية للاستقرار السياسي والاقتصادي، ويربط إقرارها شعبيا بمصير الحكومة، التي من المفترض أن تظل على سدة السلطة إلى نهاية الدورة التشريعية الحالية في عام 2018.
وفي حال التصويت بـ«لا»، توقعت «فايننشيال تايمز» البريطانية «سلسلة أحداث من شأنها التشكيك في بقاء إيطاليا عضوا بمنطقة العملة الأوروبية الموحدة»، وهي «فرضية مزعجة لا علاقة لها بالاستفتاء في حد ذاته، بل بمسببات أخرى».
وحددت الصحيفة «المسببات الأخرى» في «ضعف أداء إيطاليا الاقتصادي، حيث تراجعت الإنتاجية بنسبة 5 في المائة منذ اعتماد عملة اليورو في عام 1999، بينما ارتفعت الإنتاجية في كل من ألمانيا وفرنسا بنسبة 10 في المائة». العامل الثاني، حسب الصحيفة، هو «فشل الاتحاد الأوروبي في بناء اتحاد اقتصادي ومصرفي حقيقي بعد أزمة 2010 - 2012، واللجوء بدلا من ذلك إلى فرض سياسات التقشف على الدول الأعضاء».
وفي الأسبوع الماضي، أبدت المفوضية الأوروبية قلقا حيال أوضاع ميزانيتي بلجيكا وإيطاليا. وتحدث بيار موسكوفيسي، المفوض الأوروبي للشؤون المالية، عن الوضع المالي الإيطالي وفق الميزانية المقدمة، فقال إن «نسبة العجز خُفِّضت.. لكنه ما زال قائما. وهذا ما يفسِّر وضع إيطاليا في خانة الدول التي لا تتطابق ميزانيتها مع القواعد المرعية الإجراء، ورددنا ذلك في السابق، والحوار سيستمر».
السلطات الإيطالية تنسب العجز في ميزانيتها إلى الزلازل التي ضربت وسط إيطاليا وإلى أزمة اللجوء ورعاية اللاجئين على أراضيها.
من جهة ثانية، صدر عن المفوضية الأوروبية قرار يقضي بعدم إخضاع كل من إسبانيا والبرتغال لأي تدابير بفعل العجز في ميزانيتهما، وأن المساعدات المالية الخاصة بالبنى والمنشآت التحتية سوف تمنح للبرتغال وإسبانيا؛ الدولتين اللتين قامتا بجهود كبيرة لإنقاذ اقتصاديهما.
وفي الأيام القليلة الماضية، ركزت الصحف الإيطالية على موضوع نشر مشروع الموازنة لعام 2017 في إيطاليا من قبل المفوضية الأوروبية، التي «قد تخرق مبادئ ميثاق الاتحاد الأوروبي».
وتحت عنوان «الاتحاد الأوروبي: المرونة بالنسبة لإيطاليا»، كتبت صحيفة «لا ريبوبليكا» أنه بعد شهر من المفاوضات المكثفة، أعطت المفوضية الأوروبية رأيها في مشروع الموازنة الإيطالية لعام 2017، عادّة أن هذه الميزانية قد «تمثل خرقا» لميثاق الاستقرار والنمو الأوروبي، لكنها لم ترفضها.
ووفقا للصحيفة، فهناك عدة عوامل تفسر موقف بروكسل؛ منها أزمة المهاجرين، وإعادة الإعمار بعد سلسلة من الزلازل التي ضربت البلاد. كما أن القادة الأوروبيين لا يرغبون في وضع صعوبات أمام رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي قبيل تنظيم الاستفتاء على الدستور في 4 ديسمبر المقبل، على اعتبار أن إيطاليا إذا صارت غير مستقرة سياسيا وماليا، فيمكن أن تشكل خطورة بالنسبة لأوروبا، بحسب الصحيفة.
في الموضوع نفسه، كتبت صحيفة «كورييري ديلا سيرا» أن المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيير موسكوفيتش عدّ في مؤتمر صحافي عقده في بروكسل أنه بالنسبة لقبرص وإيطاليا، فإن الهوة واسعة بين الواقع والأهداف المسطرة. وأضافت الصحيفة أن الهوة ترجع إلى التكاليف المتعلقة بالنشاط الزلزالي في البلاد، ولتدفق المهاجرين، مشيرة إلى أن موسكوفيتش قال: «سنأخذ ذلك بعين الاعتبار».
يأتي ذلك بعد أن هدد رئيس الوزراء الإيطالي باستخدام الفيتو ضد ميزانية الاتحاد الأوروبي بسبب التدفق الكبير للمهاجرين إلى بلاده التي تشعر بأن شركاءها الأوروبيين تخلوا عنها في هذا الملف.
وقال رينزي أثناء برنامج على قناة «راي أونو» العامة: «نحن ندفع 20 مليار يورو لأوروبا، التي تعيد لنا منهم 12 مليارا. وإذا كانت المجر وتشيكيا وسلوفاكيا تقدم لنا المواعظ حول المهاجرين، إذن فاسمحوا لإيطاليا بأن تقول: (الآلية لم تعد تعمل)». وحين سئل: هل يعني ذلك أن إيطاليا مستعدة لاستخدام الفيتو ضد موازنة الاتحاد الأوروبي، قال رينزي: «نعم بالتأكيد»، دون أن يخوض في التفاصيل.
وواصل رئيس الحكومة الإيطالية هجومه على دول الاتحاد الأوروبي التي ترفض استقبال مهاجرين على أراضيها، وأضاف: «إذا أقمت جدرانا ضد المهاجرين، فيمكنك أن تنسى الأموال الإيطالية. وإذا لم يعبر المهاجرون، فإن الأموال أيضا لن تعبر». وتابع: «إذا أراد الاتحاد الأوروبي أن يخفض النفقات المرتبطة بالمهاجرين في إيطاليا، فسنخفضها.. ليفتحوا أبوابهم وسنخفض النفقات».
وفي وقت سابق، أكد وزير الاقتصاد والمالية الإيطالي بير كارلو بادوان وصول رسالة من المفوضية الأوروبية تطلب «توضيحات» من إيطاليا بشأن مشروع موازنتها لعام 2017. وتوقعت إيطاليا عجزا عاما نسبته 2.3 في المائة من الناتج الإجمالي في 2017، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات بروكسل، وذلك بسبب نفقات على صلة باستقبال مهاجرين وآثار زلزال أغسطس (آب) 2016.
وأوضح الوزير أن «التوضيحات المطلوبة تتعلق بنفقات استثنائية تخص الزلزال والهجرة». ويتعين على إيطاليا، التي وصل إليها نحو 155 ألف مهاجر هذا العام، أن تؤوي آلاف الواصلين الجدد في الأيام الأخيرة، في وقت تعاني فيه شبكة الاستقبال لديها من ضغط. وتم إيواء 168 ألف شخص في 2016، مقابل 103 آلاف في نهاية 2015.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».