بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

وفيات الأجنة والمواليد الرضع
* تعتبر زيادة الوزن والبدانة عند المرأة الحامل من عوامل الخطر للإملاص (وفاة الجنين stillbirth)، ووفاة الرضيع في الشهور الأولى بعد الولادة (infant mortality). وقد لوحظت زيادة نسبة وفيات الأجنة ووفيات المواليد الرضع لأمهات بدينات أكثر من أطفال الأمهات ذوات الأوزان المعتدلة، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت التغيرات في وزن الأم تؤثر على هذه الظاهرة، وتعتبر من عوامل الخطر.
وأجريت دراسة بهدف تقييم ما إذا كان التغير في مؤشر كتلة الجسم BMI للمرأة الحامل بين الحمل الأول والحمل الثاني يؤثر على مخاطر ولادة جنين ميت، أو وفاة الرضيع في الحمل الثاني.
وتم اختيار مجموعة من النساء السويديات، يمثلن السكان في السويد، اللاتي أنجبن طفلهن الأول والثاني بين 1 يناير (كانون الثاني) 1992، و31 ديسمبر (كانون الأول) 2012. وتم التحقق من العلاقة بين التغير في مؤشر كتلة الجسم للأمهات من بداية الحمل، خلال الحمل الأول ونهاية الحمل الثاني مع مخاطر: ولادة جنين ميت stillbirth، ووفاة حديث الولادة neonatal، والوفاة ما بعد الولادة postneonatal، ووفيات الرضع infant mortality بعد الحمل الثاني. وتم حساب المخاطر النسبية (RRs) لكل فئة وفقا لتغيير مؤشر كتلة الجسم باستخدام الانحدار ذي الحدين إحصائيا.
واستطاع الباحثون الحصول على معلومات كاملة لعدد 456711 امرأة (78 في المائة) من مجموع المشاركات 587710 نساء مشاركات في هذه الدراسة، وهن النساء الحوامل اللاتي حصلن على حملهن وولادتهن الأولى والثانية خلال فترة الدراسة، مقارنة مع النساء اللواتي لديهن مؤشر كتلة الجسم مستقر بين الحملين. وكان عامل الخطر النسبي RRs للأمهات اللاتي اكتسبن ما لا يقل عن 4 وحدات في مؤشر كتلة الجسم بين الحملين «1.55» و«1.29» لكل من موت الأجنة ووفيات الرضع على التوالي.
وقد وجد في هذه الدراسة أن مخاطر الإملاص (الجنين الميت) تزداد مع زيادة مؤشر كتلة الجسم للحامل، وأن مخاطر وفيات الرضع في الحمل الثاني تزداد فقط مع زيادة مؤشر كتلة الجسم لدى النساء اللاتي كان لديهن مؤشر كتلة الجسم طبيعيا خلال فترة الحمل الأول.
وفي النساء البدينات (أصحاب مؤشر كتلة الجسم ≥25 كلغم / متر مربع)، وجد أن فقدانهن الوزن قبل الحمل قد صاحبه انخفاض في خطر وفيات حديثي الولادة.
وهكذا توصي نتائج هذه الدراسة وتؤكد على ضرورة إنقاص الوزن الزائد قبل مشروع الحمل عند النساء السليمات، ناهيك عند ذوات الأوزان الزائدة جدا، وأنه ينبغي تعزيز فقدان الوزن لدى النساء البدينات قبل الحمل من أجل سلامة مواليدهن.

«التململ».. ظاهرة صحية

* يقال عن التحرك أو «التململ» وهو تحريك أطراف الجسم، اليدين أو الساقين، من دون معنى أو هدف، أو أن يبدو الشخص وكأنه قلق يجثو على ركبتيه، أو يجنح إلى أحد شقيه تارةً، وإلى الشق الآخر تارة أخرى.. أنها ظاهرة غير مستحبة، وقد تكون مزعجة ولافتة للنظر. في حين أن البعض من العلماء والباحثين يعتبرون التململ من الشخص الجالس سلوكا صحيا ومفيدا بدرجة كبيرة. وهذا ما أشارت إليه دراسة بريطانية نشرت العام الماضي في «الدورية الأميركية للطب الوقائي American Journal of Preventive Medicine»، مرجحة أن تكون الحركات التي يؤديها الشخص دون قصد منه في التململ مفيدة، حيث تقاوم الآثار الصحية الضارة للجلوس لفترات طويلة، وهو سلوك سلبي اعتاد عليه غالبية الناس في الوقت الحالي بالجلوس أمام شاشات التلفاز أو الحاسوب والألعاب الإلكترونية.
ونشر الموقع الطبي «يونيفاديز» univadis تفاصيل ونتائج التحليل الذي قام به الباحثون في جامعة ليدز University of Leeds لبيانات من 14 ألف امرأة تتراوح أعمارهن ما بين 35 - 69 سنة. وتضمنت البيانات التي شملها المسح على أسئلة تدور حول السلوكيات الصحية، والأمراض المزمنة، ومستويات النشاط البدني والتململ. وتمت متابعة المشاركات مدة 12 سنة.
وأظهرت البيانات أن نسبة خطر الوفاة الناجمة عن الجلوس لفترات طويلة هي في تزايد مطرد ومستمر، إذ إن الجلوس لأكثر من 7 ساعات / يوم (مقابل أقل من 5 ساعات / يوم) كان مرتبطا مع 30 في المائة زيادة في خطر الوفاة، وقد سجل ذلك فقط بين النساء في مجموعة التململ المنخفض. بينما النساء في مجموعة التململ العالي والنشط، كان جلوسهن لمدة 5 - 6 ساعات / يوم (مقابل أقل من 5 ساعات / يوم) مرتبطا مع انخفاض خطر الوفاة.
وعلقت الباحثة المشاركة في هذه الدراسة، رئيسة الفريق، البروفسور جانيت كيد Professor Janet Cade، بأن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن التململ قد يقلل من خطر جميع أسباب الوفيات المرتبطة بالجلوس المفرط لساعات طويلة. وأضافت أنه ينبغي إجراء دراسات أخرى لتحديد تدابير أكثر تفصيلا حول هذه الظاهرة.



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال