«الحرمان من الطبيعة» يؤدي إلى مزيد من الإجهاد والتوتر

حياة المدن ترتبط بالقلق واضطرابات المزاج

«الحرمان من الطبيعة» يؤدي إلى مزيد من الإجهاد والتوتر
TT

«الحرمان من الطبيعة» يؤدي إلى مزيد من الإجهاد والتوتر

«الحرمان من الطبيعة» يؤدي إلى مزيد من الإجهاد والتوتر

إنها ظاهرة صحية أن يشعر المرء بحنين داخل نفسه، أو أن يسمع صوتًا خفيًا يدعوه للارتماء من وقت لآخر بين أحضان الطبيعة الخضراء، فصحة الدماغ والجسم مرتبطة إلى حد كبير مع قوانين الطبيعة - شروق وغروب الشمس، تغيير فصول السنة، استنشاق الهواء النقي المشبع بالأكسجين - أكثر من ارتباطها بعالم المدنية المعقد والعمل المتواصل. ولا عجب أن نتوجه بأجسامنا وحواسنا إلى الطبيعة، ونحن في أفضل حالاتنا، كي نقوم بعملية تشبه الصيانة الدورية للجسم والدماغ معًا.
إن 70 في المائة من سكان العالم سيعيشون في المناطق الحضرية، وبالفعل فقد حصل ذلك بحلول عام 2015، حيث سكنها أكثر من نصف العدد المتوقع، وهذا يحتم علينا أن نفهم أكثر أهمية وجود المساحات الخضراء في الطبيعة في حياتنا، وأن نتوقع كذلك ما سيحدث إذا حُرمنا منها.
* اضطرابات المزاج والتوتر
ويكون سكان المدن عرضة للمعاناة من اضطرابات المزاج، ومن القلق وحتى الفصام، أكثر من أولئك الذين يعيشون في الريف، وفقًا لإحدى الدراسات العلمية. وقامت مجموعة من الباحثين من معهد جامعة دوغلاس للصحة النفسية (Douglas Mental Health University Institute) في جامعة ماكجيل (McGill University) في كندا، بدراسة لتحديد ما إذا كانت التغيرات التي تطرأ على العمليات العصبية لدى الإنسان، مسؤولة عن هذه النتائج أم لا.
واستخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لمراقبة أدمغة 32 من البالغين الأصحاء، بعد أن طلب منهم استكمال حل مشكلات صعبة في الرياضيات، في حين يجري توقيتها وسماع ردودهم اللفظية.
وقد وجد أن أولئك الذين يعيشون في بيئات حضرية، كانت لديهم زيادة نشاط في منطقة أميغدالا (amygdala area) من الدماغ، وهي المنطقة التي تشارك في العواطف مثل الخوف والتوتر والاستجابات للتهديدات. أما أولئك الذين عاشوا في المدن الريفية خلال السنوات الـ15 الأولى من حياتهم، فقد كانت لديهم أيضًا زيادة نشاط، ولكن في منطقة أخرى، هي بريجينوال (pregenual) من القشرة الحزامية الأمامية للدماغ، وهي المنطقة التي تساعد على تنظيم عمل أميغدالا (amygdala). وباختصار، وجد أن أولئك الذين نشأوا في بيئة حضرية كان لديهم حساسية أكبر للإجهاد والتوتر.
تقول د. دانيال كينيدي Daniel Kennedy)) ود. رالف أدولف (Ralph Adolphs)، وكلاهما من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، إن من المرجح أن تؤثر الحياة في المدينة على الجميع بشكل مختلف ومتفاوت، وقد تلعب دورًا في كيفية الاستجابة للتوتر والإجهاد.
ويقول المتخصصون في علم النفس إن هناك اختلافات واسعة في خصائص الأفراد، وقدرتهم على التعامل. وقد وجدوا أن هناك عاملاً كبيرًا وراء هذا التباين، وهو درجة السيطرة والتحكم التي يمتلكها كل شخص، كما أن التهديدات الاجتماعية وعدم وجود السيطرة والتحكم والتبعية كلها لها أدوار في تأثيرات حياة المدينة على شخصية الفرد.
* الطبيعة والصحة
* الوفاة المبكرة وأمراض الكلى والجهاز التنفسي. في دراسة تمت فيها متابعة أحوال أكثر من 100 ألف امرأة، كن يعشن بالقرب من مسطحات من النباتات الخضراء، وجد الباحثون لديهن انخفاضًا بمعدل 12 في المائة في الوفاة المبكرة، باستثناء الحوادث، مقارنة بأولئك اللاتي عشن بعيدًا عن هذه المسطحات. وعلى وجه التحديد، وُجد لديهن أيضًا انخفاض مقداره 41 في المائة في معدل الوفيات بأمراض الكلى، وانخفاض 34 في المائة في معدل الوفيات بأمراض الجهاز التنفسي، وانخفاض 13 في المائة في معدل الوفيات بالسرطان. وأرجع الباحثون 30 في المائة من أسباب طول العمر لدى أولئك النساء إلى تأثير الطبيعة على الصحة العقلية والنفسية، من خلال تشجيعهن على زيادة النشاط البدني والمشاركة الاجتماعية، وكذلك خفض التعرض لتلوث الهواء.
* اليقظة والعمل وجودة النوم. وفي دراسة أخرى أجريت على 2600 طفل تراوحت أعمارهم بين 7 و10 أعوام، كانوا يتعرضون للمساحات الخضراء على الأقل أثناء الدوام المدرسي ذهابًا وعودة، وُجد لديهم تحسن ملحوظ في عمل الذاكرة مع اليقظة والانتباه. وهنا عزا الباحثون الفوائد (20 – 65 في المائة) إلى الانخفاض في التعرض لتلوث الهواء نتيجة وجود المساحات الخضراء، وأيضًا تغذية الدماغ ونموه الجيد.
وفي دراسة أجريت عام 2014 ونشرت في مجلة بلوس ون (PLOS One October 13، 2014)، وجد كذلك أن الأطفال الذين يدرسون في مدارس تقع ضمن غطاء نباتي كثيف، سجلوا نتائج أعلى في الاختبارات الأكاديمية لمادتي اللغة الإنجليزية والرياضيات. ناهيك بكبار السن الذين يقضون مزيدًا من الوقت في الهواء الطلق، فقد كانوا أقل شكوى من الألم، وأكثر قدرة على العمل وينامون بشكل أفضل.
* فوائد الطبيعة الخضراء
وقد أثبت كثير من الدراسات أن أولئك الذين يعيشون في بيئة أكثر اخضرارًا، سواء كانت حدائق عامة في المدينة أو مناطق زراعية أو غابات، وغيرها، هم الأقل في المعاناة من المشكلات الصحية والأفضل في الصحة العقلية والنفسية والأكثر انخفاضًا في جميع أسباب الوفاة. وعليه، لا تبخل على نفسك بقضاء ولو بضع دقائق يوميًا في أحضان الطبيعة، فإنك حتمًا سوف تجني فوائد كثيرة، وفقًا للموقع الإلكتروني الشهير للدكتور ميركولا، أهمها:
* تحسين قوة التركيز، فقد ثبت أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة وقلة التركيز (ADHD)، تحسنت حالتهم من حيث التركيز، ونالوا درجات أعلى في اختبارات التركيز عندما قضوا بعض الوقت في الطبيعة.
وذكر د. ريتشارد لوف (Richard Louv) في كتابه «الطفل الأخير في وودز» (Last Child in the Woods) مدى تأثير الطبيعة على صحة الأطفال واستخدم مصطلح «اضطراب الحرمان من الطبيعة» (nature - deficit disorder) لوصف المشكلات السلوكية عند الأطفال المحرومين من الطبيعة، ويعتبر هذا الكتاب أحد المنشورات الصحية لجامعة هارفارد لعام 2010.
* دعم الإبداع وتنشيطه، فقد وجد في نتائج إحدى الدراسات أن المشي قد زاد من قوة الإبداع بمعدل 81 في المائة بين المشاركين، وأن المشي في الطبيعة وفي الهواء الطلق كان مردوده أعلى وجودته أفضل.
* تحسين الإنتاج في العمل، فقد وجد في نتائج تحليل تلوي (meta – analysis)، نشر في مجلة التقنية والعلوم والبيئة، لنحو 10 دراسات، أن النشاط البدني في الهواء الطلق لمدة 5 دقائق يوميًا يؤدي إلى تحسينات قياسية في المزاج والثقة بالنفس واحترام الذات. وقد عُزي ذلك إلى الانخفاض في مستويات هرمون التوتر، وهو الكورتيزول، عند ممارسة التمارين البدنية في الهواء خلافًا لممارستها في داخل المنزل أو النوادي المغلقة.
* تحسين جودة النوم وخفض مستوى الشعور بالألم، فقد وجد أن كبار السن الذين يقضون مزيدًا من الوقت في الهواء الطلق، يكونون أقل شكوى من الألم وينامون بشكل أفضل وتكون لديهم قدرة أكبر لتحمل أعباء القيام بالعمل وأداء النشاطات اليومية، وفقًا لبحث نشر في مجلة الطب النفسي الاجتماعي عام 2012.
وينصح د. ميركولا بأن يسعى كل فرد من سكان العالم لقضاء بعض الوقت في الطبيعة الخضراء يوميًا. ويمكن أن يكون ذلك مثلاً بالمشي في شارع اصطفت على جانبيه الأشجار، أو الجلوس في حديقة الفناء الخلفي للمنزل، أو بتناول الغداء مثلاً في الهواء الطلق في الحديقة العامة للمدينة. وعندما يسمح الوقت، عليك بقضاء وقت أطول في أحضان الطبيعة من خلال الذهاب للريف أو التجديف في النهر مثلاً، أو حتى التخييم في الهواء الطلق في عطلة نهاية الأسبوع.
وجسمك هو من يملي عليك مدى حاجتك للطبيعة، لكي تعيد شحن طاقتك وحيويتك وراحة نفسيتك بشكل كامل، فأصغِ إليه ولبِّ نداءه.



دواء يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان الرئة

من المتوقع تشخيص أكثر من 234 ألف حالة جديدة من سرطان الرئة في الولايات المتحدة خلال 2024 (جامعة فلوريدا)
من المتوقع تشخيص أكثر من 234 ألف حالة جديدة من سرطان الرئة في الولايات المتحدة خلال 2024 (جامعة فلوريدا)
TT

دواء يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان الرئة

من المتوقع تشخيص أكثر من 234 ألف حالة جديدة من سرطان الرئة في الولايات المتحدة خلال 2024 (جامعة فلوريدا)
من المتوقع تشخيص أكثر من 234 ألف حالة جديدة من سرطان الرئة في الولايات المتحدة خلال 2024 (جامعة فلوريدا)

أظهرت دراسة سريرية أميركية أن دواءً معتمداً من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أظهر نتائج واعدة في تقليص الأورام لدى مرضى سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة.

وأوضح الباحثون في مركز هارولد سيمونز الشامل للسرطان بجامعة تكساس، أن النتائج التي نشرت، الاثنين، بدورية «Clinical Cancer Research» تفتح آفاقاً لعلاجات جديدة لعدد كبير من مرضى سرطان الرئة.

وتشير إحصاءات جمعية السرطان الأميركية إلى أنه سيجري تشخيص أكثر من 234 ألف حالة جديدة من سرطان الرئة بالولايات المتحدة هذا العام؛ إذ يُمثل سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة نحو 85 في المائة من الحالات.

ويُعتقد أن نحو ربع مرضى هذا النوع من السرطان لديهم طفرات في جين «KRAS»، وهو أمر شائع في عدد من أنواع السرطان، مثل سرطان القولون والمستقيم، وسرطان البنكرياس، وسرطانات الدم.

وتؤدي هذه الطفرات إلى تغيير في إشارات الخلية، ما يُعزز النمو غير المنضبط للخلايا السرطانية. وعلى الرغم من الاعتراف طويل الأمد بالطفرات في هذا الجين ضمن سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، فلم تكن هناك علاجات مستهدفة لهذه الطفرات حتى وقت قريب.

وحالياً، يجري استخدام علاجات مثل «سوتوراسيب» (Sotorasib)، الذي تمت الموافقة عليها من قِبل إدارة الغذاء والدواء في 2021. ومع ذلك، فإن هذا العلاج يُسيطر على المرض لمدة نحو 6 أشهر فقط، ويُستخدم في 30 في المائة فقط من الحالات.

وخلال الدراسة، راقب الباحثون 40 مريضاً بسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، مع طفرات في جين «KRAS»، وكان هؤلاء المرضى قد تلقّوا عدة أنواع من العلاجات الكيميائية والمناعية والمستهدفة، إلا أن أورامهم استمرت في النمو.

واستخدم الباحثون دواء «سيلينيكسور» (Selinexor)، المعتمد في الأساس لعلاج «المايلوما المتعددة»، وهو نوع من السرطان الذي يصيب خلايا الدم البيضاء. وبدأ المرضى تناول جرعة أسبوعية من «سيلينيكسور»، بالتزامن مع دواء «دوستاتكسيل» (Docetaxel)، وهو علاج كيميائي شائع لسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة.

وأظهرت النتائج أن العلاج المشترك كان فعالاً في التحكم بالسرطان لنحو 80 في المائة من الحالات، وهي نسبة أعلى مما هو متوقع باستخدام «دوستاتكسيل» وحده. كما أظهر «سيلينيكسور» تأثيرات مضادة للأورام حتى قبل بدء العلاج بـ«دوستاتكسيل»، ما يشير إلى إمكانات إضافية لهذا الدواء مستقبلاً.

وقال الدكتور ديفيد جيربر، الأستاذ في كلية الطب بجامعة تكساس والباحث الرئيس في الدراسة: «إن هذا العلاج الجديد سيكون واعداً بشكل كبير في علاج أحد أكثر أنواع سرطان الرئة شيوعاً وصعوبة في المعالجة».

وأضاف عبر موقع الجامعة أن «نتائج هذه الدراسة قد توفر أملاً جديداً لمرضى سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة»، مشيراً إلى أن «سيلينيكسور» قد يكون إضافة مفيدة لخيارات علاج سرطان الرئة.