الأطفال.. و«المشروبات الرياضية»

تناولها لا يؤدي إلى أي فوائد صحية

الأطفال.. و«المشروبات الرياضية»
TT

الأطفال.. و«المشروبات الرياضية»

الأطفال.. و«المشروبات الرياضية»

في الآونة الأخيرة بدا لفظ «المشروبات الرياضية» (sports drinks) في الانتشار بين الشباب والمراهقين، يشير إلى مشروب يمكن تناوله من دون مخاطر المشروبات الأخرى مثل المشروبات الكحولية، خصوصًا أن الأمر المتداول في أوساط المراهقين أن هذه المشروبات قد تساعد في إعطاء طاقة تساعد في الأداء الرياضي.
وقد يكون لفظ آخر هو «مشروبات الطاقة» أكثر انتشارًا بين عامة الناس، حسب الإعلانات التجارية. وعلى الرغم من أن هذه المشروبات تتقارب في شكل الدعاية، فإن الحقيقة أن هناك فروقًا طفيفة واختلافات بين المشروبات الرياضية ومشروبات الطاقة، فبينما يعتبر الكافيين هو المكون الأساسي في مشروبات الطاقة، تعتبر الكربوهيدرات والسكريات المكون الرئيسي في المشروبات الرياضية، إذ إنها تحتوى على السوائل والمعادن والأملاح التي تفقد من الجسم أثناء التمرينات الرياضية. وبعض مشروبات الطاقة في بعض الأحيان لا تحتوي على أي سكريات (Sugar - free energy drinks)، بخلاف المشروبات الرياضية.
* مشروبات «رياضية»
هناك بالطبع كثير من الدراسات التي تناقش آثار تناول هذه المشروبات ومدى صحة الإكثار منها. وأشارت أحدث دراسة تناولت هذه المشروبات إلى أن الأطفال والمراهقين خصوصًا الذين دون الخامسة عشرة في الأغلب لا يحتاجون هذه المشروبات، فهي لا تؤدي إلى فوائد صحية خلافًا لتوقعات الآباء أو المراهقين أنفسهم. وكانت الدراسة التي نشرت في شهر يوليو (تموز) الحالي في مجلة «طب الأسنان الإنجليزية» (British Dental Journal) قد أشارت إلى أن تناول الأطفال من عمر 12 وحتى 14 عامًا المشروبات الرياضية سوف يؤدي إلى إصابتهم بالبدانة، فضلاً على تسوس الأسنان من دون فوائد ملحوظة.
وأوضحت الدراسة التي شملت 160 طفلاً من 4 مدارس في جنوب ويلز بالمملكة المتحدة، أن الأطفال يقبلون على المشروبات الرياضية بسبب مذاقها الطيب، فضلاً على رخص ثمنها، خصوصًا أن معظم الآباء لا يعرفون أن مثل هذه المشروبات غير مخصصة للأطفال. والمعروف أن المشروبات الرياضية تحتوي على الكربوهيدرات والأملاح والمعادن مثل البوتاسيوم والمغنسيوم والصوديوم والكالسيوم، لتعويض الجسم هذه المواد التي تفقد أثناء التمرينات الرياضية من خلال العرق.
وفي إحصائيات إقبال الأطفال على شراء هذه المشروبات من عدة نواحٍ، أجاب على سبيل المثال 90 في المائة من الأطفال بأن الهدف الأساسي من تناولهم هذه المشروبات هو المذاق الطيب لها بغض النظر عن تأثيرها. وبين من شملتهم العينة كان هناك 18 في المائة منهم فقط ممن تناولوا هذه المشروبات لتحسين أدائهم الرياضي وإمدادهم بالطاقة اللازمة، لاستكمال المباريات بنفس الكفاءة. وأيضًا كان عامل السعر واحدًا من أهم عوامل الإقبال على هذه المشروبات وتوفرها في مراكز الشباب والأماكن الترويحية. ومن المعروف أن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال قد حذرت من تناول الأطفال دون سن الـ18 لهذه المشروبات، حتى الذين يمارسون الرياضة، بل يمكنهم أن يستعينوا بشرب كميات كافية من الماء بعد التمارين، مع تناول العصائر الطازجة وضرورة نيل قسط كافٍ من النوم.
* أضرار السكريات
وأوضحت الدراسة أن الكمية الكبيرة من السكريات لها أثر بالغ الضرر على أسنان الأطفال وإصابتها بالتسوس، خصوصًا أن معظم من تناولوا هذه المشروبات لم يكونوا رياضيين. وشددت الدراسة على أطباء الأسنان بوضع هذه المشروبات نصب الأذهان كواحد من العوامل التي يمكن أن تكون السبب في تدهور أسنان الأطفال وتحذير الآباء منها.
وأوصت الدراسة بضرورة وضع ضوابط حول السعر وطريقة عرض هذه المشروبات وأماكن وجودها بالقرب من المدارس، خصوصًا أن هذه المشروبات مخصصة للرياضيين الذين يمارسون رياضات عنيفة ويبذلون مجهودًا كبيرًا في التمرينات، ويحتاجون إلى تعويض يتطلب شربهم هذه المشروبات، (وحتى هؤلاء يعانون من مشكلات في الأسنان، بسبب هذه المشروبات نظرًا لاحتوائها على كميات كبيرة من السكريات).
ونصحت الآباء بأن الطفل الذي يعتبر حجم نشاطه عاديًا، عليه أن يكتفي بالماء أو اللبن لتعويض السوائل التي تفقد من جسمه من خلال العرق، خصوصًا أن الأكاديمية الأميركية للطب الرياضي أشارت إلى أنه ليس هناك فارق في الأداء بين من يتناولون هذه المشروبات وبين من يشربون مياهًا فقط، إذا كانت هذه التمرينات أو المباريات أقل من ساعة. وأضافت الدراسة أن هذه المشروبات لا تعد خيارًا صحيًا بالنسبة للأطفال أو عموم البشر، وقد يكون الرياضيون الذين يمارسون رياضات تنافسية فقط هم من في حاجة إليها.
وبالنسبة للأنشطة الرياضية فيمكن ممارستها بشكل طبيعي دون خوف أن يتعرض الطفل لفقدان السوائل من خلال شرب الماء قبل وبعد وأيضًا أثناء المباريات، ويفترض أن تكون هناك فترات توقف في المباريات التنافسية لتناول الماء كل 15 أو 20 دقيقة. ويجب على المدارس أن تراعي هذه الأمور ولا تسمح بوجود هذه المشروبات في المدارس ظنًا أن هذه المشروبات أقل خطرًا من المشروبات الغازية خلافًا للحقيقة. ويجب أيضًا أن يكون المدربون الرياضيون على دراية بهذه المعلومات، إذ إن كثيرًا من الأطفال أو الرياضيين عمومًا يتناولون عقاقير أو مشروبات قد تكون مضرة للصحة، بناء على تعليمات من مدربيهم حتى يحققوا نتائج أفضل، وهو الأمر الذي يمكن أن ينعكس بالسلب عليهم لاحقًا.

* استشاري طب الأطفال



ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»