بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* اضطرابات القلق بين الشباب
لا يخلو شخص من أن يكون قد تعرض لإحدى صور اضطرابات القلق في فترة من حياته سواء الهلع أو الرهاب الاجتماعي والخوف والاضطرابات التي تلي الحوادث.. إلخ، فالقلق يمثل أكثر الاضطرابات العقلية شيوعًا في العالم ويؤثر بشكل مباشر على الأداء المدرسي للمصاب إن كان طالبًا، وعلى عمله وحياته العائلية.
وتشيع اضطرابات القلق بين المراهقين والمراحل المبكرة للبلوغ وبين النساء بشكل ملحوظ. ويُعد العامل الرئيسي المُسبب لاضطراب القلق مجهولاً إلا أنه يُعتقد بارتباطه بتفاعل عدد من العوامل كالتغيرات الدماغية والإجهاد البيئي. وما زالت الدراسات مستمرة للتعرف أكثر عن القلق واضطراباته. وقد نشرت حديثًا نتائج مراجعة منهجية في يوم 5 يونيو (حزيران) 2016 في الموقع الطبي يونيفاديز univadis، قام بها علماء بريطانيون بعنوان «المخ والسلوك» Brain and Behaviour لتحديد نسبة انتشار اضطرابات القلق بين أفراد المجتمع. ووجدت هذه الدراسة أن الخلفية الثقافية أيضًا تلعب دورًا في ذلك.
أجرى الباحثون من جامعة كمبردج هذه المراجعة المنهجية على أكثر من 1200 دراسة سبق أن أجريت حول نفس هذا الموضوع، ونُشِرت بين عامي 1990 و2010، وتم اختيار 48 دراسة منها مما تطابق المعايير والشروط الخاصة بدراستهم.
وأظهرت النتائج أن نسبة الأشخاص المصابين بالقلق، الذين ظلوا يعانون منه لفترة طويلة، كانت نحو أربعة في كل 100 مصاب بالقلق. ومع ذلك، فهناك خلافات كبيرة بشأن الخلفية الثقافية للفرد المصاب: ففي أميركا الشمالية كانت نسبة الذين يعانون من القلق 8 أشخاص في كل 100 شخص، في حين أن النسبة كانت منخفضة إلى ثلاثة أشخاص فقط في كل 100 شخص في شرق آسيا. ووجد أيضًا أن النساء يعانين من اضطرابات القلق بنسبة الضعف مقارنة بمعاناة الرجال، وإن إصابة الأفراد الشباب من كلا الجنسين تحت سن 35 هي أعلى وأكثر من كبار السن.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض أخرى أيضًا كانوا أكثر عرضة للمعاناة من القلق، فعلى سبيل المثال كان هناك واحد من كل عشرة بالغين من المصابين بمرض القلب والأوعية الدموية، في الدول الغربية، يعاني من اضطرابات القلق، وثلث (33.3 في المائة) المرضى الذين يعانون من مرض التصلب اللويحي المتعدد multiple sclerosis يشكون من اضطربات القلق. في حين أن مرضى اضطراب الوسواس القهري، كان شخص واحد فقط من كل مائة مريض منهم يعاني من القلق، وكانت النسبة مرتفعة إلى الضعف في النساء الحوامل، وتستمر في الارتفاع لأكثر من الضعف بعد الولادة.
وعلقت على هذه النتائج رئيسة فريق البحث في هذه الدراسة الدكتورة لويز لافورتون Louise Lafortune بأن اضطرابات القلق تؤثر على الكثير من الناس، ويمكن أن تؤدي إلى الضعف والعجز، بل أيضًا إلى خطر الانتحار. وأضافت أن هذا المجال بحاجة إلى دراسات أخرى مستقبلية تتطرق إلى بيانات أخرى مهمة أيضًا في هذا المجال، خصوصًا بيانات تخص المجتمعات المهمشة، مثل الشعوب الأصلية في أستراليا وأميركا الشمالية، وكذلك بالنسبة للأشخاص العاملين في مجال الجنس، والأشخاص مثليي الجنس، ومتعاطي المخدرات.
* سوء التغذية.. مشكلة عالمية
لقد أصبحت مشكلات زيادة الوزن وسوء التغذية من أوائل هموم المسؤولين والمخططين لتطوير الخدمات الصحية الوقائية في جميع أنحاء العالم نظرا لتزايد أعداد المصابين ومن هم في طريقهم للإصابة بهما، وفقا لـ«تقرير التغذية العالمي» (Global Nutrition Report)، فلقد قام المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI) بتحليل بيانات من 129 بلدا من العالم، ووجد أن 44 في المائة (57 بلدا) يعاني سكانها من مستويات «خطيرة جدا» من نقص التغذية أو زيادة الوزن. ووفقًا لهذا لتقرير الذي نُشِر في الصين، فإن ما يقرب من ملياري شخص يعانون من السمنة المفرطة، وأن كل شخص «الثاني عشر» يعاني من مرض السكري، وأن سوء التغذية هو المسؤول الأول عما يقرب من نصف وفيات الأطفال دون سن الخامسة.
وأوضح الدكتور لورانس حداد الرئيس المشارك لفريق الخبراء من المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية أننا «نستطيع القول إننا نعيش الآن في عالم يعاني سكانه من سوء التغذية، كون أن واحدا من كل ثلاثة أشخاص أصبح يعاني من شكل من أشكال سوء التغذية. ومع الأسف، فإن هذا الوضع الجديد أصبح لدى الكثيرين وضعا طبيعيا».
وعلى الرغم من التكاليف الاقتصادية والاجتماعية المذهلة الناتجة عن سوء التغذية، فإن الأموال التي يتم استثمارها حتى الآن لا تكفي في برامج الوقاية، ففي أفريقيا وآسيا وحدهما، يتم فقدان أحد عشر في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب سوء التغذية، وهي من منظور عالمي، تعتبر خسارة أكبر من خسارة الأزمة المالية العالمية خلال 2008 - 2010. وبالتالي فإن الوضع الراهن «غير مقبول تمامًا» ويحتاج إلى تكثيف الجهود للتعريف بمشكلات سوء التغذية والمضاعفات الصحية التي تخلفها.

استشاري في طب المجتمع
[email protected]
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».