دليلك إلى «أمعاء سعيدة»

الطب الوظيفي يركز على النظام الغذائي ونمط حياة المصابين باضطرابات الجهاز الهضمي

د. فنسنت بيدر و غلاف الكتاب
د. فنسنت بيدر و غلاف الكتاب
TT

دليلك إلى «أمعاء سعيدة»

د. فنسنت بيدر و غلاف الكتاب
د. فنسنت بيدر و غلاف الكتاب

على مدى جزء كبير من حياته، عانى الدكتور فنسنت بيدر (Vincent Pedre)، اختصاصي الطب الباطني في مدينة نيويورك، من مشكلات بالهضم، ما خلق لديه شعورًا مستمرًا بالوهن وألمًا بالأمعاء. وعندما وصل البلوغ، أدرك أنه يعاني من «متلازمة القولون المتهيج» (irritable bowel syndrome I.B.S)، وهو اضطراب مزمن بالأمعاء يعاني منه ما يصل إلى 10 في المائة من الأميركيين.

اضطرابات الهضم

وبمرور الوقت، اكتشف د. بيدر أن نظامه الغذائي مصدر الجزء الأكبر من محنته. وبالفعل، نجح من خلال تقليص كميات الألبان، والدقيق، في التخلص من الكثير من الأعراض. وكان من شأن استعاضته عن الأغذية المعالجة صناعيًا، بلحوم عضوية وخضراوات طازجة وأغذية متخمرة، شعوره بمزيد من الطاقة واستقرار حالة معدته الحساسة.
وعليه، شرع د. بيدر، الذي يلقي محاضرات طبية بكلية ماونت سيناي للطب، في تشجيع الكثير من مرضاه ممن يعانون من اضطرابات في الهضم على فعل المثل، بجانب تقديمه العون لهم في تحديد مثيرات الحساسية في الأطعمة التي يتناولونها والأطعمة التي يمكن أن تثير مشكلات هضمية لديهم. كما حث مرضاه على محاولة تجريب اليوغا والتأمل للحد من التوتر المزمن الذي قد يفاقم بدوره مشكلات الهضم.
حاليًا، تخصص د. بيدر في الاضطرابات المعدية المعوية، وقد ألف كتابًا جديدًا بعنوان «أمعاء سعيدة» (Happy Gut). وفي ثنايا الكتاب، يعرب د. بيدر عن اعتقاده أن بعض المشكلات الصحية يمكن اقتفاء أثرها إلى اضطرابات بالجهاز الهضمي. ويمكن التخلص من هذه الاضطرابات عبر تغيير مجموعة متنوعة من الإجراءات المرتبطة بأسلوب الحياة وأنماط السلوك اليومي التي تتسبب في ظهور جراثيم داخل الأمعاء.
ومؤخرًا التقينا د. بيدر للحديث حول ما يرى أنه يضمن تمتع المرء بـ«أمعاء سعيدة»، وكيف يمكن تجنب بعض المثيرات الشائعة للمشكلات الهضمية، ولماذا ينبغي أن تكون الأطعمة المختمرة جزءًا من نظامنا الغذائي. وفيما يلي مقتطفات من المقابلة:

حوار طبي

> كيف انتهيت في مسيرتك الطبية إلى التركيز على اضطرابات الجهاز الهضمي؟
- بدأ الأمر بمعاناتي شخصيًا من جهاز هضمي حساس، الأمر الذي خلق تحديات جمة أمامي. إلا أنني لم أدرك تحديدًا ما يدور داخل معدتي وأمعائي إلا بعدما التحقت بكلية الطب وتعرفت على الطب الوظيفي. وبالفعل، سعيت نحو تغيير نظام غذائي وجربت المعينات الحيوية (البروبايوتيك probiotics) وشرعت في علاج نفسي بنفسي.
في البداية، كنت أقوم بذلك لأن المعدة والأمعاء من الأماكن التي يمكنك من خلق اختلاف هائل بها بالنسبة للمرضى، وكنت أرى نتائج سريعة. وبدأ مرضاي في نصح أصدقاء لهم بالمجيء إلي، قبل أن أدرك أن هذا الجزء من ممارساتي الطبية شهد تقدمًا كبيرًا.
> تقول إن الطب الوظيفي كان مصدر إلهامك بخصوص صحة الأمعاء، فما الطب الوظيفي؟
- الطب الوظيفي (functional medicine) فرع من فروع الطب ينظر إلى الجسم كمنظومة، ومحور تركيزه المريض، وليس المرض. في إطار الطب الوظيفي، نقضي وقتًا أطول مع المرضى، حيث ننصت إلى أحاديثهم عما مضى من حياتهم سعيًا وراء إيجاد نقاط تفاعل بين عوامل جينية وبيئية وذهنية وأخرى متعلقة بأسلوب الحياة بمقدورها التأثير على مسار الأمراض التي يعانون منها. واعتقد أن هذا النمط من الطب الأمثل للتعامل مع الظروف الآخذة في التعقيد المستمر المحيطة بالأعراض التي يعانيها المرضى ويلجأون للأطباء بسببها.

«أمعاء سعيدة»

> ما هي «الأمعاء السعيدة»؟
- الأمعاء السعيدة هي تلك التي تملك القدرة على القيام بجميع مهام الهضم، وهي تتميز بميكروبيوم (وسط ميكروبي) صحي، بجانب تميزها بالقدرة على استخلاص جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم من الطعام من دون التسبب في أي ألم أو عدم ارتياح أو انتفاخ. كما أنها قادرة على خلق حركة أمعاء مرة واحدة على الأقل يوميًا.
> لماذا ألفت هذا الكتاب؟
- وددت مساعدة أعداد أكبر من الأفراد ممن يمكنني الوصول إليهم لعلاجهم. وكنت أتولى بالفعل معالجة مرضى من مشكلات بالمعدة والأمعاء. ومن خلال ذلك، أدركت الدور المحوري الذي تلعبه المعدة والأمعاء في الكثير من الجوانب الصحية.
> ما مدى شيوع مشكلات الهضم داخل الولايات المتحدة؟
- تشير التقديرات إلى أن نحو 70 مليون أميركي يعانون من مشكلة ما بالأمعاء، بما في ذلك متلازمة القولون المتهيج. وأعتقد أنه حال توسيع نطاق العينة لتشمل من يعانون من مشكلات متقطعة في الأمعاء، فإن الرقم قد يصبح أكبر بكثير. كما أن هناك الكثير من الأفراد الذين ربما لا يدركون أن لديهم مشكلة بالأمعاء رغم معاناتهم من مشكلات صحية متعلقة بهذا الأمر.
> ما أكثر مشكلات الأمعاء شيوعًا التي عاينتها؟
- متلازمة القولون المتهيج، وبعده قد يأتي غياب التوازن الجرثومي، بمعنى وجود عدم توازن بين الجرثومات النافعة والأخرى الضارة داخل الأمعاء.
> ما الأسباب الأخرى الشائعة وراء بعض مشكلات الأمعاء؟
- ترتبط الغالبية العظمى بعاملين: النظام الغذائي والبيئة. وفي هذا الإطار، تتسم البيئة بتعريف واسع النطاق. ويعتبر الإفراط في تناول المضادات الحيوية من المشكلات الكبرى. وقد خلصت دراسة أجريت مؤخرًا إلى أن جرعة واحدة من المضادات الحيوية قد تغير التوازن الجرثومي المعوي بالأمعاء لمدة تصل إلى 12 شهرًا. وقد ركزت الدراسة على مضاد حيوي واحد بعينه، «سيبرو»، الذي عادة ما نستخدمه في علاج الأمراض المتعلقة بمجرى البول والإسهال والتسمم الغذائي.

الغذاء والأمعاء

> هل يمكن أن تمدنا بمزيد من المعلومات عن الجانب المتعلق بالنظام الغذائي؟ وما هي العناصر الشائعة المسببة لاضطرابات الأمعاء؟
- هناك مجموعة متنوعة من الأمور. على سبيل المثال، يعاني الكثيرون من حساسية تجاه القمح والدقيق وفول الصويا ومنتجات الألبان. وأحيانا يكون مثير الاضطرابات المعوية بروتينًا واحدًا معينًا مرتبطًا بمنتجات الألبان. المعروف أن الإنسان يفتقر إلى إنزيم محدد قادر على تكسير بروتين الكازين (casein) (يوجد بالحليب). إلا أن بعض الأفراد أكثر عرضة للتضرر منه عن الآخرين. ومن الممكن أن يتسبب هذا البروتين في حساسيات غذائية. بالنسبة للبعض، قد تتركز المشكلة في المواد الإضافية، مثل المواد الحافظة والمحليات والألوان الصناعية. وبالنسبة للبعض الآخر، قد تكمن المشكلة في نقص إنزيمي.
> ما النظام الغذائي الذي تؤيده بوجه عام؟
- أعتقد ينبغي صياغة النظام الغذائي على نحو يتوافق مع الاحتياجات المختلفة من فرد لآخر. إلا أنه بوجه عام أنصح مرضاي بتناول أطعمة تتكون في معظمها من نباتات. بوجه عام، فإنني أتبع مزيجًا من حمية باليو (Paleo) والنظام الغذائي النباتي البحت. وأؤيد دومًا تناول الكثير من الخضراوات، بحيث يجري تكميلها باللحوم. وينبغي أن يسعى المرء لاختيار اللحوم العضوية الخالية من الهرمونات، ومنها تلك التي تغذت على العشب. كما أؤيد تناول كمية صحية من الدهون مثل «أوميغا3» من ثمار أفوكادو والأسماك الدهنية المنتمية لمياه باردة، والبندق.
> كما أنك تدعو للأغذية المتخمرة، أليس كذلك؟
- تعد الأغذية المتخمرة من التقاليد الغذائية القديمة. وإذا رجعت إلى التاريخ، ستجد أن التخمير كان واحدة من سبل إطالة عمر الغذاء وحفظه. إضافة لذلك، فإن الأطعمة المتخمرة تساعد في بناء توازن جرثومي معوي جيد داخل الأمعاء. الأمر المؤكد أن التوازن الجرثومي المعوي يمكن أن يتبدل سريعًا للغاية حسب النظام الغذائي المتبع. وأعتقد أن الإنسان بوجه عام بحاجة لدعم مستمر من قبل الأغذية المتخمرة.
> مم يتكون نظامك الغذائي؟
- إنه يشبه إلى حد كبير النظام الغذائي الوارد في كتابي «الأمعاء السعيدة». بوجه عام، أحاول أن يكون الجزء الأكبر من نظامي الغذائي من أطباق السلطة والخضراوات الخضراء والخضراوات المطهية بالبخار. كما اعمل على تناول دهون صحية من خلال تناول البندق والبذور. كما أحرص على تناول الأطعمة المتخمرة وجعلها جزءا أساسيا من نظامي الغذائي.
> ما الذي تتوقع أن يستفيد الناس به من هذا الكتاب؟
- آمل أن يتمكن من يعانون من اضطرابات معوية ومشكلات أخرى بالأمعاء والمعدة من العثور خلال صفحات الكتاب على وسيلة للتمتع بصحة جيدة وتغيير أنظمتهم الغذائية وأسلوب حياتهم نحو الأفضل. وآمل أن يعي الناس أن الأمر أكبر من مجرد أسلوب حياة، وإنما ينبغي إحداث تغيير جذري في كيفية معايشتنا للحياة، بجانب ضرورة التعامل مع الضغوط بشكل متوازن.

* خدمة «نيويورك تايمز»



فيتامين «د» يخفض ضغط الدم لدى المسنين

مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
TT

فيتامين «د» يخفض ضغط الدم لدى المسنين

مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)
مكملات فيتامين «د» تساعد على خفض ضغط الدم (رويترز)

أظهرت دراسة دولية أن تناول مكملات فيتامين «د» قد يساعد في خفض ضغط الدم لدى كبار السن المصابين بالسمنة.

وأوضح الباحثون أن نتائج الدراسة تقدم خياراً علاجياً آمناً وبسيطاً مقارنةً بأدوية ضغط الدم التقليدية، ونشرت النتائج، الثلاثاء، في دورية «Journal of the Endocrine Society».

ويعاني كبار السن المصابون بالسمنة من ارتفاع ضغط الدم نتيجةً لتأثير الوزن الزائد على صحة القلب والأوعية الدموية، حيث يزيد تراكم الدهون من الضغط على الأوعية الدموية ويؤدي إلى زيادة المقاومة التي يواجهها الدم في أثناء تدفقه.

ويضع هذا الوضع عبئاً إضافياً على القلب لضخ الدم بكفاءة، ما يرفع ضغط الدم تدريجياً. كما أن السمنة قد تساهم في الالتهابات والتغيرات الهرمونية التي تزيد من مخاطر ارتفاع ضغط الدم، مما يجعل كبار السن عرضةً لمشاكل صحية أخرى مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية، وفقاً للباحثين.

ويوصي معهد الطب الأميركي بتناول 600 وحدة دولية يومياً من مكملات فيتامين «د» لعلاج نقص هذا الفيتامين، وهو أمر شائع عالمياً ويرتبط بأمراض القلب، وأمراض المناعة، والالتهابات، وحتى بعض أنواع السرطان.

وقد أظهرت دراسات سابقة ارتباط نقص فيتامين «د» بارتفاع ضغط الدم، لكن الأدلة على تأثير مكملات فيتامين «د» في خفض ضغط الدم كانت غير حاسمة.

وأجرى فريق من الباحثين من المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت، بالتعاون مع باحثين من جامعة ولاية بنسلفانيا الأمريكية وجامعة الفيصل السعودية، دراسة شملت 221 شخصاً من كبار السن المصابين بالسمنة. وتم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين؛ تناولت المجموعة الأولى 600 وحدة دولية يومياً من فيتامين «د»، بينما تناولت المجموعة الثانية 3750 وحدة دولية يومياً لمدة عام كامل. وأظهرت النتائج انخفاضاً في ضغط الدم لدى المشاركين، إلا أن الجرعات العالية لم تُظهر فوائد إضافية.

وبناءً على هذه النتائج، أشار الباحثون إلى أن الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين «د» قد تكون كافيةً لتحقيق الفائدة المطلوبة دون الحاجة إلى الجرعات العالية، مما يساعد في تجنب الآثار الجانبية المحتملة للجرعات الزائدة.

وأضافوا أن هذه النتائج تقدم توجيهات جديدة للأطباء في إدارة ضغط الدم، خصوصاً لدى المرضى كبار السن المصابين بالسمنة أو الذين يعانون من نقص فيتامين «د»، ما يقلل من الحاجة لاستخدام الأدوية الخافضة للضغط، ويعزز من دور المكملات الغذائية كإجراء وقائي بسيط وفعّال.