بعد تحريرها من «داعش».. الرمادي تواجه خطر تفشي الطاعون

مجلس الأنبار: بيئة المدينة ملوثة بالكامل بسبب الجثث

القوات الحكومية تطلق صاروخا خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» شرق الرمادي أول من أمس (أ.ف.ب)
القوات الحكومية تطلق صاروخا خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» شرق الرمادي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد تحريرها من «داعش».. الرمادي تواجه خطر تفشي الطاعون

القوات الحكومية تطلق صاروخا خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» شرق الرمادي أول من أمس (أ.ف.ب)
القوات الحكومية تطلق صاروخا خلال مواجهات مع مسلحي «داعش» شرق الرمادي أول من أمس (أ.ف.ب)

بينما تستعد حكومة الأنبار ومجلسها المحلي لمواجهة التحدي الأكبر المتمثل في مرحلة إعمار ما دمره تنظيم داعش والعمليات العسكرية التي شهدتها مناطق مدينة الرمادي، مركز المحافظة، أثناء تطهيرها من سيطرة المسلحين، فإن المشهد في المدينة المحررة يوحي بصعوبة عودة الحياة إلى سابقها.
فالدمار شمل كل شيء في المدنية، وقدّرت لجان اقتصادية مختصة حجم الدمار نحو أكثر من 85 في المائة وهذه النسبة تحتاج في المقابل لميزانية ضخمة من أجل إعادة الإعمار وتعويض المتضررين في وقت تعاني فيه الحكومة المركزية من عجز مالي أصاب ميزانية الدولة بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط. وفي الوقت الذي ينتظر ويتأمل فيه أكثر من 600 ألف نازح من أهالي الرمادي العودة إلى ديارهم أعلن المجلس المحلي في المدينة عن تلوث بيئة المدينة بالكامل بسبب انتشار جثث عناصر تنظيم داعش وتفسخها مما تسبب في انتشار مرض الطاعون.
وقال عضو المجلس المحلي لقضاء الرمادي إبراهيم العوسج في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن نسبة التلوث «وصلت إلى أكثر من 40 في المائة في مناطق الحوز وحي البكر وأجزاء من حي الضباط فيما وصلت إلى ضعف ذلك في أحياء التأميم والمناطق الجنوبية، ولا تزال هناك الكثير من جثث عناصر التنظيم تحت الأنقاض وفي الشوارع، وقسم كبير منها قد نهشتها الكلاب». وأشار العوسج إلى أن «هناك تخوفا كبيرا من تفشي مرض الطاعون وأمراض وبائية أخرى، حيث تشير المعلومات إلى انتشار تلك الأمراض والروائح الكريهة الناتجة عن جثث عناصر التنظيم في تلك المناطق بينما وصلت ذروتها في منطقة الحوز». وأكد العوسج أن «الحكومة المحلية في محافظة الأنبار شرعت بتشكيل لجان مختصة من الدوائر الصحية والبيئية لتحديد نسبة الدمار ومناطق التلوث لمعالجتها بشكل عاجل قبل عودة النازحين إلى مناطقهم».
من جانب آخر، أكد مجلس عشائر الأنبار، أن عمليات تطهير مدن الأنبار التي يسيطر عليها تنظيم داعش لن يكتب لها النجاح إلا بعد إحكام السيطرة من قبل القوات الأمنية على كامل الحدود مع سوريا، من أجل إيقاف عمليات تدفق عناصر تنظيم داعش إلى العراق، وقطع خطوط التمويل لهم وشل حركتهم بالكامل، مطالبين القوات العراقية والأميركية بمسك الحدود والسيطرة عليها. وقال عضو المجلس الشيخ تركي العايد، إن «عمليات تدريب قادة وعناصر تنظيم داعش كلها تتم في معسكرات خاصة في سوريا ومن ثم يتم تسليحهم وتجهيزهم ونقلهم إلى العراق عبر أراضي محافظة الأنبار، وهذا الأمر يشكل خطرًا كبيرًا على مدن المحافظة بما فيها المناطق التي تم تحريرها والمناطق التي لم تخضع لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي كقضاء حديثة وناحية البغدادي والخالدية ومناطق أخرى».
وأضاف العابد أن «نجاح معارك التطهير في الأنبار يعتمد على مسك الحدود العراقية السورية من قبل القوات الأميركية والعراقية بعد تطهير قضاء القائم والرطبة وتأمين المناطق الحدودية بالكامل والقضاء على حركة تمويل تنظيم داعش من سوريا إلى العراق عبر الأنبار». وأشار العابد إلى أن «تسلل عناصر تنظيم داعش إلى مدينة الرمادي ووارد جدًا كون عملية وصولهم إلى المدينة والمناطق المحررة سهلة مع عدم ضبط الحدود، وهناك أنباء عن تسلل بعض المسلحين فعلا إلى المدينة ويقومون بتنفيذ عمليات انتحارية».
ميدانيًا، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، عن تطهير منطقة البوريشة شمال مدينة الرمادي. وقال المحلاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية نجحت في تحرير منطقة البوريشة شمال مدينة الرمادي بالكامل، وتعد المنطقة المحررة نقطة ارتكاز مهمة لمسلحي تنظيم داعش الإرهابي، حيث تم قتل العشرات من عناصر التنظيم خلال العملية بينهم عدد من القادة». وأشار المحلاوي إلى أن قوات قيادة عمليات الأنبار «ستقوم خلال الساعات المقبلة باقتحام مناطق أخرى في القاطع الشمالي للمدينة، وإخراج أكبر عدد من المدنيين المحاصرين».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.