علماء الشيعة في السعودية يتبرأون من الجماعات المسلحة

الشيخ جعفر آل ربح (يمين) و الشيخ حسن الصفار
الشيخ جعفر آل ربح (يمين) و الشيخ حسن الصفار
TT

علماء الشيعة في السعودية يتبرأون من الجماعات المسلحة

الشيخ جعفر آل ربح (يمين) و الشيخ حسن الصفار
الشيخ جعفر آل ربح (يمين) و الشيخ حسن الصفار

أصدرت مجموعة من علماء الطائفة الشيعية في محافظتي القطيف والأحساء (شرق السعودية) أمس بيانا أدانوا فيه استخدام السلاح ضد الدولة أو المجتمع، محذرين الشباب من الانجراف خلف توجهات العنف والتطرف في البلاد.
وأشار الموقعون على البيان وعددهم عشرة من علماء المحافظتين إلى أن التطرف لا يحل مشكلة ولا يحقق مطلبا، «بل يزيد المشكلات تعقيدا ويحقق مآرب الأعداء الطامعين».
وجاء في بيان علماء الطائفة الشيعية: «لقد بليت مجتمعات الأمة في هذا العصر بجماعات وتيارات متطرفة تمارس الإرهاب والعنف تحت عناوين دينية وسياسية والدين بريء من الإرهاب والعنف السياسي يدمر الأوطان».
وقال الشيخ جعفر آل ربح، وهو أحد الموقعين على البيان، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشايخ والعلماء الذين وقعوا على البيان لم يدفعهم قانون (نظام) مكافحة الإرهاب أو بيان وزارة الداخلية الأخير، وإنما طرحت الفكرة قبل نحو عامين، ولكن بعد الحادث الأخير الذي وقع في بلدة العوامية جرى تجديد المبادرة وكان لها قبول اجتماعي.
يشار إلى أن بلدة العوامية شهدت يوم 20 فبراير (شباط) الماضي مقتل اثنين من رجال الأمن واثنين من المطلوبين أمنيا.
وأكد الشيخ آل ربح أن الفكرة والمبادرة نابعة من قناعة أبناء الطائفة الشيعية، ووعي علماء الطائفة بأن هذه الفترة في حياة الأمة فترة حرجة وأن الوطن مستهدف. وأضاف: «لهذا كان لا بد من أن نتدارك الوضع ونحن جزء من هذا الوطن الكبير، نفخر بقيادته ونعتز بالولاء له، ونقف مع أبناء وطننا في خندق واحد للدفاع عنه وعن أمنه».
بدوره، أكد الشيخ حسن الصفار، وهو أحد الموقعين، أن البيان لا يعبر عن موقف جديد في وسط علماء الشيعة في السعودية، إذ سبق أن أعلنوا انحيازهم للوطن في جميع المنعطفات وتجاه كل التحديات التي استهدفت الوطن، ومنها البيان الذي أصدره علماء ومشايخ الطائفة في 20 أغسطس (آب) من عام 2012. وقال: «تحدث عدد من علماء الشيعة السعوديين في خطبهم كثيرا ضد العنف والتطرف والإرهاب في مختلف المناسبات، ولي شخصيا عدة محاضرات وكتابات بهذا الاتجاه». وأضاف: «إن المجتمع في محافظة القطيف عانى منذ سنوات من وجود عصابات إجرامية تسرق وتنهب وتخطف، وطالب رجال المجتمع الدولة بوضع حد لها، وكان هناك لقاءات مع المسؤولين حول هذا الموضوع قبل نحو خمس سنوات».
ولفت الصفار إلى أن علماء الشيعة لا يقبلون بأن يستخدم أحد من أبنائهم العنف ضد الدولة أو المجتمع تحت عنوان ديني أو سياسي، لأن العنف والتطرف «يسيء لأي قضية يرتبط بها وإن كانت عادلة، ولذلك أصدروا هذا البيان استمرارا لنهجهم الوطني».
من ناحيته، قال المهندس نبيه آل إبراهيم عضو المجلس البلدي السابق في محافظة القطيف، وأحد أبناء بلدة العوامية: «إن الحالة المؤسفة التي بلغها الوضع الأمني في محافظة القطيف والعوامية على وجه الخصوص هو ما دفع الزعامات الدينية الشيعية في محافظتي القطيف والأحساء إلى التحرك لإنهاء هذه الظاهر الخطيرة».
وأضاف آل إبراهيم أن «ظاهرة العنف وحمل السلاح تعد ظاهرة طارئة على أبناء القطيف، وعلى المجتمع السعودي بشكل عام، لأن المجتمع في مناطق السعودية عامة، والمنطقة الشرقية خصوصا، مجتمع مسالم، يجنح للسلم والحوار الهادئ في حل مشكلاته».
وشدد آل إبراهيم على أن الاحتكام إلى السلاح يعني في ما يعنيه أن هناك خللا ثقافيا ومجتمعيا كبيرا وواجب الزعامات الدينية أو الاجتماعية وجميع النخب مساعدة الدولة في تقويم هذا الخلل، وقال: «لا نعمم هذه الظاهرة على أبناء المنطقة بمن فيهم أهالي العوامية الكرام، فهم في عمومهم مسالمون، لكن ما حدث أن مجموعة من أبناء المجتمع قررت اللجوء إلى العنف واستخدمت السلاح ضد الدولة وضد أنفسهم».
وتابع المهندس آل إبراهيم: «على ضوء هذا تنادى المشايخ لحل هذه الأزمة وإيجاد طرق للحل للعنف الذي تسبب في وضع مأساوي في القطيف والعوامية على وجه الخصوص، وكان من طرق الحل نزع الغطاء الديني والشرعي عن هذه الظاهرة الخطيرة».
وعد المهندس نبيه آل إبراهيم أن المزاج الشيعي الحقيقي لم يتغير، فهو بطبعه هادئ ولا يحتكم في حل مشكلاته إلى العنف والسلاح، وما زاد عن ذلك فهو طارئ ومستورد وليس من طبيعة المجتمع الأصيل في المنطقة الشرقية.
وفي ما يلي نص البيان.
نص بيان علماء الطائفة الشيعية:
«بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين. لا شك أن أعظم مقصد للدين وأهم مطلب للمجتمع هو بسط الأمن والاستقرار في البلاد.
وقد بليت مجتمعات الأمة في هذا العصر بجماعات وتيارات متطرفة تمارس الإرهاب والعنف تحت عناوين دينية وسياسية والدين بريء من الإرهاب، والعنف السياسي يدمر الأوطان، وما نعرفه من سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام ومن توجيهاتهم الهادية أنهم يؤكدون على حفظ وحدة الأمة ورعاية المصلحة العامة، ورفض أي احتراب داخلي حماية للسلم والأمن في مجتمع المسلمين، وذلك هو نهج مراجعنا وفقهائنا الكرام. لذا نحذر أبناءنا وشبابنا الأعزاء من الانجراف خلف توجهات العنف والتطرف، فهو لا يحل مشكلة ولا يحقق مطلبا، بل يزيد المشكلات تعقيدا ويحقق مآرب الأعداء الطامعين، ونؤكد أن أي استخدام للسلاح والعنف في وجه الدولة أو المجتمع مدان ومرفوض من قبل علماء المذهب وعموم المجتمع ولا يحظى بأي غطاء ديني أو سياسي.
حفظ الله بلادنا ومجتمعنا من الفتن والمكاره ومتعنا بنعمة الأمن والاستقرار.
الموقعون:
الشيخ عبد الله الخنيزي، السيد علي الناصر، الشيخ عبد الكريم الحبيل، الشيخ حسن الصفار، الشيخ جعفر الربح، الشيخ يوسف المهدي، الشيخ حسين البيات، الشيخ حسين العايش، الشيخ عادل بو خمسين، السيد كامل الحسن».



سباق بين سلالات حاكمة تاريخية على عرش إيران

أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

سباق بين سلالات حاكمة تاريخية على عرش إيران

أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)
أنصار شاه إيران السابق يرفعون صورته وصورة نجله خلال مشاركتهم في مظاهرة للمعارضة أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ الأسبوع الماضي (أ.ب)

وسط غابة خضراء في مكان مجهول، وقف رجل سبعيني ليخاطب الإيرانيين بالفيديو باقتباسات من كبار الشعراء الفارسيين، معلناً أنه «شاه عباس سلجوقي، ملك الملوك وإمبراطور إيران، آخر المتبقين من سلالة السلاجقة، ومن الأتراك الإيرانيين».
قد تبدو مزاعم الرجل في حكم إيران مثار تندر، نظراً إلى أن إمبراطورية السلالة السلجوقية التي يدعي التحدر منها أفلت قبل أكثر من ثمانية قرون. لكنه مجرد متسابق بين كثيرين يحاولون طرح أنفسهم بديلاً للنظام الحالي، في ظل تزايد السخط الشعبي على أدائه.

وتداولت فيديوهات لأشخاص يزعمون انتسابهم إلى السلاسات التي حكمت إيران بعد سقوط الصفوية في القرن الثامن عشر، وبعضهم يرشح نفسه لاستعادة عرش أجداده.
وأصبح الشغل الشاغل للإيرانيين على شبكات التواصل الاجتماعي تتبع أخبار من يتحدرون من السلالات التاريخية التي حكمت بلادهم قبل قرون، عبر فيديوهات مزاعم حق العرش التي تثير دهشتهم أو منشورات ساخرة.

صراع على تركة القاجار

ونشر شخص يدعي بابك ميرزا قاجار يقول إنه يتحدر من السلالة القاجارية التي حكمت البلاد من 1794 حتى 1925، قبل إطاحة آخر ملوكها أحمد شاه قاجار، على يد رئيس وزرائه رضا خان بهلوي الذي جلس على العرش وأسس الحكم البهلوي.
وقبل أيام، أعادت قناة «تي آرتي» التركية في خدمتها الفارسية التذكير بتقرير نشر في عام 2016 يزعم وجود أحد أحفاد السلسلة القاجارية في إسطنبول. ونقلت عمن وصفته بأنه «بابك ميرزا أحد الباقين من سلالة القاجار الإيرانية»: «في هذا التوقيت المضطرب، أرى تقارباً في العلاقة بين تركيا وإيران... أنا قادم من إيران وأتحدث التركية، وأكثر من نصف الإيرانيين قادرون على فهم اللغة التركية».

وتداول مغردون بياناً لـ«رابطة قاجار»، ومقرها جنيف وتقول إنها تمثل أبناء السلالة القاجارية، نفى أي صلة بين بابك ميرزا والقاجار. وقالت الرابطة: «اطلعنا على مزاعم شخص يدعى بابك بيتر بادار ويدعي وراثة العرش والتاج الملكي للقاجاريين، وينوي بهذه الأوهام القيام بأنشطة سياسية. هذا الشخص غير معروف للرابطة وأطلعت على وجوده عبر وسائل الإعلام».
وأضاف بيان الرابطة: «نحن كأسرة القاجار نقف إلى جانب الشعب الإيراني، ونطرد أي شخص يحاول انتحال هوية مزيفة للوصول إلى مصالح شخصية واستغلال الأوضاع الصعبة».

«دار المجانين»

وبينما انشغل الإيرانيون بمتابعة صور وفيديوهات بابك ميرزا، ظهر فيديو الرجل السبعيني الذي وقف في الغابة معلناً أنه «شاه عباس سلجوقي ملك الملوك وإمبراطور إيران».
وكتب مغرد يدعى فريد خان: «بعد بابك ميرزا قاجار، ظهر أمير سلجوقي هو الأمير عباس سلجوقي كبير أسرة السلاجقة ومن دعاة إعادة تأسيس النظام الشاهي في إيران... البلاد تحولت إلى دار المجانين».
وقال مغرد آخر: «الأمير عباس سلجوقي مستعد للتنافس مع أربعة مرشحين من السلالة الصفوية والأفشارية والقاجارية والبلهوية الذين أعلنوا استعدادهم مسبقاً لإعادة تأسيس النظام الشاهي».
وكتبت مغردة تدعى شرارة: «في سباق العودة التاريخي، ظهر أمير سلجوقي... على أمراء السلاسات الأخرى الإسراع لأن الغفلة تؤدي إلى الندم، على رضا بهلوي الانتحار لأن منافسيه يزدادون».
ورضا بهلوي هو نجل شاه إيران السابق الذي يلتف حوله أنصار والده وبعض المشاهير، لطرح بديل لنظام الجمهورية الإسلامية في إيران. لكن نجل الشاه يواجه معارضة من شريحة واسعة بين أبناء الشعوب غير الفارسية، مثل الأكراد والعرب والأتراك والبلوش.
وتأتي الظاهرة الجديدة بينما تحاول السلطات الإيرانية إخماد الاحتجاجات بأساليب من بينها التوسع في عقوبة الإعدام وتنفيذها حتى الآن في أربعة متظاهرين.
وكان لافتاً خلال الأيام الأخيرة نشر فيديوهات من قنوات «الحرس الثوري» تشبه النظام الحالي بالحكم الصفوي الذي حاول منافسة العثمانيين على حكم العالم الإسلامي.