* الأسبرين والوقاية من السرطان
في الوقت الذي تدور فيه مناقشات حول جدوى تناول أقراص الأسبرين من قبل المرضى المهددين بالجلطات الدموية بأنواعها، يقوم عدد من العلماء الأميركيون بتحديد مسار كيميائي جديد لعمل الأسبرين، لم يكن معروفا في السابق، يؤدي من خلاله الأسبرين دورا جديدا في الوقاية من السرطان. فالأسبرين يبدو أنه يقوم بمنع إنتاج وتصنيع إحدى المواد الهامة الضرورية oncometabolite لإتمام العملية الأيضية (أي التمثيل الغذائي) للخلايا السرطانية. وقد نشرت نتائج الدراسة التي يقوم بها هؤلاء العلماء في العدد الأخير من مجلة «وبائيات السرطان، المؤشرات الحيوية والوقاية Cancer Epidemiology، Biomarkers & Prevention».
وفي هذه الدراسة، قام باحثون من جامعة ولاية يوتا في سولت لايك سيتي the University of Utah in Salt Lake City بتحليل الشخصية الأيضية الاستقلابية لـ40 شخصا سبق لهم أخذ أقراص الأسبرين لمدة 60 يوما. تمت الدراسة مع كل مشارك على مرحلتين، إحداهما مع تناول الأسبرين والثانية من دون أخذ الدواء، وذلك من أجل مقارنة الفرق الكل على حدة. في المجموع، تم إدراج أكثر من 360 مستقلبا أيضيا metabolites في هذا التحليل.
وبالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في العملية الأيضية للأسبرين، فقد وجد الأطباء الباحثون تغييرات كبيرة في عملية التمثيل الأيضي وتحديدا في إنتاج أحد مواد الاستقلاب التي سبق أن ارتبطت بتطور الخلايا السرطانية وتكاثرها وهي مادة «2 - هايدروكسي غلوتاريت 2 - hydroxyglutarate» فقد حدث خفض في كمية إنتاجها بنحو 12 في المائة.
قام الباحثون باستخدام مؤشر سرطاني معروف من السابق وهو خاص بخلايا سرطان القولون والمستقيم، مستفيدين من التأثير الوقائي للأسبرين من الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. وبالفعل تم استخدام هذا المؤشر في دراسة النتائج في المختبر. وبعد العلاج بالأسبرين، أظهر فحص الخلايا انخفاض في مستوى إنتاج مادة المستقلب «2 - هايدروكسي غلوتاريت» وصلت نسبة انخفاضه إلى 34 في المائة. وعلاوة على ذلك، اكتشف الباحثون أيضا أن المستقلب الرئيسي للأسبرين، وهو الساليسيلات salicylate، أنه أيضا يحول دون إنتاج الإنزيم HOT (Hydroxyacidic - Oxoacid Transhydrogenase) المسؤول عن إنتاج المستقلب السرطاني «2 - هايدروكسي جلوتاريت».
وصرح رئيس فريق البحث في هذه الدراسة البروفسور كورنيليا أولريتش Cornelia Ulrich أن المعروف، حتى الآن، أن التأثير الوقائي للأسبرين من الإصابة بالسرطان لا يزال مرتبطا بدور الأسبرين المضاد للالتهابات وكذلك المضاد للتخثر، ولكن الأمر يبدو أنه أبعد من ذلك بكثير، فهناك مزيد من الآليات التي يقوم الأسبرين من خلالها بدوره الوقائي من السرطان. ومن المثير هنا المسار الجديد الذي استطاع الباحثون في هذه الدراسة من اكتشافه وإثبات دوره في تعطيل نمو الخلايا السرطانية في الأورام من خلال تعطيل عمل الإنزيم الخاص بإنتاج المستقلب الذي تحتاجه الخلايا السرطانية لنموها وتكاثرها.
* العناية بالسكري لتقليل بتر الأطراف
إن أكثر معاناة مرضى السكري تكمن في المضاعفات التي تلحق بهم جراء الإهمال وعدم العناية الجيدة بوسائل الوقاية والعلاج، وأخطر تلك المضاعفات الاضطرار إلى الخضوع لعمليات بتر الأطراف.
إن من أهم إيجابيات تحسن الخدمات الصحية في مجال داء السكري الانخفاض الكبير في أعداد بتر الأطراف، القدم والساق، بسبب داء السكري الذي لوحظ منذ منتصف 1990، وهو ما شد انتباه الباحثين والمهتمين بالسكري والوقاية من مضاعفاته.
لقد أوضحت ذلك دراسة دنماركية نشرت في العدد الأخير من دورية السكري Diabetologia تمثل نتائجها تطور الوضع الصحي والتحسينات في الرعاية الصحية في الدنمارك وغيرها من البلدان ذات الدخل المرتفع وانعكاس ذلك على مرضى السكري.
أجريت الدراسة في مستشفى جامعة أودنسي the University Hospital Odense، وامتدت في الفترة من 1996 - 2011، وتمت الاستعانة فيها بقواعد البيانات والسجلات الوطنية في منطقة فينين Funen region. قام الباحثون في الدراسة بالرجوع إلى تحاليل معدل السكري وبتر الأطراف خلال فترة الدراسة. وجد أنه أجريت 2832 عملية بتر خلال تلك الفترة، منها 1285 عملية بتر لمرضى يعانون من داء السكري.
وكان احتمال الاضطرار إلى الخضوع لعملية البتر لا يزال أعلى بكثير لدى مرضى السكري من غير المصابين بالسكري. وكانت نسبة البتر لما تحت منطقة الكاحل بالأطراف السفلى أعلى بـ11 مرة، ونسبة عمليات البتر تحت الركبة أكثر سبع مرات، والبتر فوق الركبة أكثر احتمالا أربع مرات بين المرضى الذين يعانون من داء السكري عن غيرهم.
ومع ذلك، أشارت النتائج إلى وجود اتجاه إيجابي، وهو انخفاض عدد عمليات البتر بين مرضى السكري باستمرار منذ عام 1996. فلقد وجد أن معدل البتر تحت الكاحل أخذ ينخفض بنسبة عشرة في المائة سنويا، والبتر تحت الركبة بنسبة 15 في المائة. أما النسبة المئوية لأولئك الذين اضطروا إلى الخضوع لعمليات بتر فوق الركبة فقد انخفضت بنسبة 3 في المائة، إلا أن هذه النسبة الأخيرة لم يعتد بها إحصائيا في هذه الدراسة.
ووفقا للباحثين، فإن هذا الانخفاض يعزى أساسا إلى التحسن في إدارة مرض السكري ومضاعفاته، مثل التحسن في تطور ونوعية الأدوية والفحوصات والتقدم في مجال الرعاية الذاتية من تقرحات القدم. أما عن التقدم الذي طرأ على جراحة الأوعية الدموية والتقنيات الجراحية الحديثة فلم يكن ضمن العوامل التي ساهمت وأدت إلى هذا التحسن والانخفاض في معدلات البتر، لأن هذه الدراسة طبقت في الناس المصابين بالسكري وغير المصابين به، ولم يكن هناك أي تغير في معدل بتر الأطراف بين غير المصابين بالسكري خلال فترة الدراسة نفسها.
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة

